Thursday, May 29, 2008

رفاق خليل عكّاوي يستعيدون تجربته في باب التبّانة

رفاق خليل عكّاوي يستعيدون تجربته في باب التبّانة
عربي يتأهّب للعمل السياسي ولجنة المتابعة على المحكّ

عربي عكاويرغم مضي أكثر من 22 سنة على اغتياله في 9 شباط 1986، لا تزال صور مؤسّس «المقاومة الشعبية» خليل عكّاوي، «أبو عربي»، تتصدّر غالبية المنازل في منطقة باب التبّانة بطرابلس، المعقل الرئيسي لانطلاقته، وكذلك محالها التجارية وجدران شوارعها وأزقتها

طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
رغم أنّ صور كثير من الشخصيات السياسية ارتفعت ثم ما لبثت أن اختفت من منطقة باب التبانة، فإنّ صور أبو عربي وحدها بقيت مكانها، على نحو أثار تساؤلات عن سرّ تمسّك أهل المنطقة به، حتى إنّهم يقسمون بحياته لتأكيد صدقيتهم، فضلاً عن اعتبارهم له رمزاً لم يخبُ وهجه عندهم رغم مرور السنوات على غيابه، فضلاً عن تساؤل آخر يدور حول مصير الإرث السياسي والاجتماعي الذي خلّفه، لانتشال باب التبّانة من الحالة المزرية التي لا تزال تعانيها، والتي كانت الهم الرئيسي لأبو عربي ومحور نشاطاته، إضافة إلى ميوله العربية والقومية، ودفاعه عن القضية الفلسطينية الذي ترجمه بانتسابه وهو يافع إلى حركة «فتح»، قبل تأسيس «حركة التوحيد الإسلامي» بالتعاون مع الشيخ سعيد شعبان وغيره.
أبو عربي (أرشيف)وإذا كان عكّاوي قد تسلّم دفة القيادة من شقيقه الأكبر علي، الذي قاد عام 1968 حركة تمرّد وعصيان على الدولة «دفاعاً عن المظلومين» في منطقته، وأسهم في انتفاضة فلّاحي عكّار، قبل أن يعتقل ويتوفى في سجنه عام 1972، فإنّ أحداً لم يحمل راية أبو عربي إثر اغتياله، ولا بعد نفيه أو اعتقاله في السجون السورية. أغلب الكوادر الذين تحلّقوا حوله، تركوا منذ ذلك الحين منطقة باب التبّانة ونظيراتها من المناطق الشعبية والمحرومة في طرابلس على قارعة الإهمال والحرمان، ودخلوا في غياهب النسيان التام، أللهم إلا عند بروز حادث أمني كان يتمثل في اشتباك عسكري أمسى معتاداً بين التبانة وجبل محسن، أو عند أيّ استحقاق انتخابي.
لكنّ الأعوام القليلة الماضية حفلت بتطوّرات حملت دلالات، وتمثّلت في ما شهدته باب التبّانة من عودة مجموعة من رموز حركة خليل عكاوي إلى الظهور فيها، مستغلّين خروج القوّات السورية من لبنان في 26 نيسان 2005، ومن قبله الإفراج عن بعضهم من السجون السورية، أو العودة من منافيهم وإنهاء اعتكافهم، ليباشروا حضورهم الشعبي فيها، وسعيهم لاستعادة زمن مجد صنعوه في حارات باب التبانة وأزقتها، كانوا فيه أمراءها، من غير أن يتجاهلوا المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الكبيرة التي طرأت على المنطقة وطرابلس خصوصاً، والشمال ولبنان عموماً، منذ ذلك الحين حتى الآن.
فبعد الاشتباكات الأخيرة التي دارت بين باب التبّانة وجبل محسن، إثر إضراب 7 أيّار، تداعى وجهاء باب التبّانة إلى اجتماع واسع ألّفوا على أثره لجنة متابعة مكوّنة من شخصياتٍ عدة (خضر ملص، محمود الأسود، سمير الحسن، مصطفى خالد وعزيز علوش)، معروفة بأنّها كانت بجميع أفرادها تمثّل ذراعاً رئيسياً لأبو عربي، مما عدّه البعض محاولة لإعادة إحياء حركته.
وكان قد سبق هذه الأجواء ورافقها، شروع نجل خليل عكاوي البكر عربي (31 سنة)، في التحرّك بين أبناء منطقته، وساعده في ذلك عمله في سنترال باب التبّانة، كي «أبقى قريباً من نبضها وهمومها ومشاكلها»، حسب قوله، بعد انتقاله ووالدته وشقيقاته الثلاث للعيش خارجها غداة اغتيال والده.
ويقول عربي «إن روحي متعلقة بهذه المنطقة، فعندما أسير في شوارعها أحسّ بسعادة، وبانتماء كبير إليها، وخصوصاً عندما ألتقي بأهلها الذين يحيطونني بمحبتهم، ويترحّمون على والدي ويذكرونه بالخير، وهذا يجعلني أشعر بمسؤولية كبيرة تجاههم، وتحديداً بعد طلبهم مني مساعدتهم في أمور معيشية واجتماعية، فأقوم بذلك كما كان يفعل والدي، وفق الإمكانات القليلة المتوافرة لدي».
وعمّا إذا كان يزمع ممارسة العمل السياسي لاحقاً، أو استعادة دور والده وحضوره، يقول عربي إنّّ «والدي شخصية مختلفة، فضلاً عن الظروف التي واجهته. فقد ترك وراءه أثراً وإرثاً كبيرين، رغم أنّه توفي وهو في مقتبل العمر، إذ كان يوم اغتياله في الثانية والثلاثين. أمّا بخصوص مسعاي لتأدية دور سياسي معين مستقبلاً، فإنّني أنتظر الظروف المناسبة لذلك، مع حرصي على البقاء مستقلاً، بعيداً عن التحاقي بهذا الطرف أو ذاك، وإقامتي علاقات جيدة مع الجميع، لأنّ هدفي هو رفع المعاناة عن أهل منطقتي».
في موازاة ذلك، أوضح عضو اللجنة الرقيب خضر ملص أنّ تأليف اللجنة «كان لتوحيد المنطقة وضبطها في زمن الأزمات، وتجنيبها صراعاً لا علاقة لها به، ونجحنا في ذلك عبر توصلنا إلى اتفاق لوقف إطلاق النّار بين الجبل والتبّانة». أمّا زميله الآخر في اللجنة محمود الأسود فقال: «إنّنا نعيد اليوم تجربة أبو عربي، على الأقل من الناحية الاجتماعية، كما لدينا تجربتنا السياسية والاجتماعية والعسكرية التي نستفيد منها لتهدئة الأمور وضبطها والتواصل مع النّاس».
وأكد الأسود أنّ «إرث ابو عربي يساعدنا في عملنا بلا شك. فالجيل الحالي الذي سمع به ولم يعرفه، يحبّه، فكيف بمن عايشه ورافقه، لأنّه دافع عن المنطقة والمدينة، عدا أنّه كان متواضعاً وناكراً لذاته، في مسكنه ومعيشته، ومقدّماً هموم الناس ومطالبهم على همومه ومطالبه».
إلا أنّ مصادر متابعة أكّدت أنّ أعضاء اللجنة «وضعوا أنفسهم على محكّ التجربة الفعلي، وأنّه لمعرفة حظوظ نجاح خطوتهم أو فشلها، لا بدّ من التنبّه إلى أمرين: الأول يتعلق بما إذا كانت القيادة الجماعية يمكنها أن تعيش في مجتمع يتّسم بطابع العمل الفردي. والآخر يرتبط بالعلاقة التي أقامها أعضاء اللجنة مع شخصيات وقوى سياسية خارج المنطقة، واحتمال أن يؤدي ذلك عند تضارب مصالحها إلى تعثر عملها».



--------------------------------------------------------------------------------

المقاومة الشعبية

أطلق خليل عكّاوي حركة «المقاومة الشعبية» في عاصمة الشّمال بالتزامن مع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، مرتكزاً في أسسها الفكرية وعناوين تحرّكها على خلفية يسارية أقرب إلى الماركسية الماوية، ورافعاً شعارات المقاومة ووحدة الشعب والوحدة العربية ودعم الثورة الفلسطينية. وكان واضحاً تأثر الحركة بالمدّ القومي والناصري، وفي ما بعد تأثرها بثورة الخميني في إيران بعد عام 1979، وهو ما دفع «المقاومة الشعبية» برئاسة عكاوي إلى السعي لإقامة حركة واسعة على مستوى لبنان كله، لا في باب التبّانة أو طرابلس وحدهما، فأنشأت لهذه الغاية صلات وثيقة مع أفرقاء عديدين في أكثر من منطقة لبنانية. وتعدّ حركة التوحيد الإطار الأوسع الذي شكّل تجمعاً للعديد من القوى، وكان عكاوي عمودها الفقري المقاتل.

Saturday, February 23, 2008

"الصلاة في مسجد سعد الصغير جائزة لكن أمواله حرام"

"الصلاة في مسجد سعد الصغير جائزة لكن أمواله حرام"
د.سعاد صالح: لهذه الأسباب طالبت بجلد "أصغر أم" في مصر



"كنت ضد ترقيع البكارة"
النقاب "عادة" وليس "عبادة"





دبي- العربية.نت

أكدت أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر د. سعاد صالح أنها طالبت بجلد الفتاة هند التي وصفتها وسائل إعلام بأنها أصغر أم في مصر بعد حملها سفاحا من شاب زعمت أنه اغتصبها بالإكراه، كما شددت على أن الصلاة في المسجد الذي بناه المغني سعد الصغير جائزة رغم اعتقادها بأنه بني من "مال حرام"، واعتبرت أنه يجوز للفتاة أن ترقع غشاء بكارتها إذا تابت لوجه الله، مشددة على الإسلام يأمر بالستر، وجددت تصريحاتها حول أن الكثير من المنقبات "غشاشات".


وقالت د. سعاد صالح إنها بالفعل دعت إلى جلد الفتاة هند، مبررة ذلك بأن تلك الفتاة "ادعت على الولد بأنه اغتصبها، وبعد تحليل الـDNA اكتشفنا أنه بريء، ومن يقذف محصنا يجب أن يقام عليه الحد، وهند لم تكن طفلة لأن الطب الشرعي أثبت أن عمرها 16 سنة"، وهنا يشار إلى أن تقارير صحفية سابقة كانت قد ذكرت أن هند كانت في الحادية عشرة من عمرها عندما حملت بطفلتها.

وفي حديثها لمجلة "المرأة اليوم" الإماراتية ذكرت صالح أنها قبلت الذهاب إلى مسجد المغني الشعبي سعد الصغير لأنها رغبة في المحاولة لتأكيد "فكرة الفصل بين الأموال التي بني بها هذا المسجد وهي أموال من وجهه نظري حرام، حرام، لأنها أموال جاءت عن طريق فن هابط وبين الصلاة في المسجد نفسه. فقد قال البعض إن الصلاة في مسجد سعد الصغير لا تجوز، وباطلة، وغير مقبولة، وأنا لست مع هذا الرأي فأنا أنظر لعموم الآيات التي جاءت في شأن المساجد ومنها (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ واليوم الآخر)، وأنا أرى أن الصلاة في هذا المسجد صحيحة، فمثلا ما ذنب الشخص الذي يصلي في هذا المسجد وهو لا يعلم أنه مسجد سعد الصغير، وقد اتفق الفقهاء على أن الصلاة في مسجد الكافر صحيحة، ولكن هذا الكافر لا يأخذ الثواب".

وأضافت متسائلة "ثم أيهما أفضل أن تتحول هذه الأرض على يد سعد الصغير إلى مسجد أم ملهى ليلي؟ والله سبحانه وتعالى يقول (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها)".


"كنت ضد ترقيع البكارة"

واعترفت صالح أنها كانت ضد عمليات ترقيع غشاء البكارة بشكل نهائي، لأنها كانت تعتبر ذلك نوعا من الغش والتدليس، ولكن اتصال فتاة بها جعلها تغير رأيها، وفي هذا الصدد تقول "اتصلت بي فتاة وأخبرتني أنها أخطأت في حق نفسها، لكنها ندمت وتابت، لكنها لا تستطيع أن تتزوج وتجد من يسترها لأنها كلما صارحت شخصا بحقيقة أمرها تركها، قلت لها: سأستشير وأرد عليك، وبالفعل قمت بمناقشة الموضوع مع علماء أجلاء منهم الدكتور أحمد عمر هاشم ووجدته مع الستر، وناقشت الموضوع مع الدكتور عبد المعطي بيومي ووجدته مع الستر، وكذلك الدكتور رأفت عثمان، وكل هؤلاء أتوا لي بأدلة من السنة النبوية كلها مع الستر، ولهذا تراجعت عن رأيي وأخذت برأي أساتذتي لكنهم تركوا كل أساتذتي وهاجموني".

وفيما إذا كانت مثل هذه الفتوى تساعد على الانحلال، أجابت صالح "أنا لست مسؤولة عن تصرفات الناس"، وتابعت "الإسلام يحض على ستر الناس لأن الستر يفتح باب التوبة، ويفتح باب المغفرة"، مشيرة إلى أنه هناك فرق جلي بين التضارب في الفتوى وبين الاختلاف المشروع، "نحن أحيانا نحار في أي الآراء نسمع وأي الآراء نتبع.. استفت قلبك، لأن هذا الرأي جائز طالما يقوم على دليل، والرأي الآخر جائز طالما يقدم دليلا آخر، وبالتالي في هذه الحالة عليك أن تختار ما ترضى عنه نفسك".


النقاب "عادة" وليس "عبادة"

وفي موضوع آخر، ولدى سؤالها فيما إذا كانت صرحت سابقا بأن 90% من المتنقبات غشاشات، أوضحت "قلت إن كثيرات من المتنقبات لا تتطابق أفعالهن وتصرفاتهن مع النقاب، بدليل أنني من خلال عملي أستاذة جامعية ضبطت كثيرا من حالات الغش من المتنقبات مع أن النقاب من المفروض أن يجعل الإنسانة التي ترتديه في حالة سمو، ويهذب النفس ولا يكون مجرد شكل".

وشددت صالح على أن النقاب ليس فرضا وليس من الإسلام، هو عادة وليس عبادة، "وقد اتفق معي في ذلك شيخ الأزهر والمفتي، ورئيس جامعة الأزهر وكل هؤلاء من العلماء، النقاب عادة متصلة بالبيئة ولا يوجد له نص شرعي، الأمر الآخر الذي قلته إن النقاب لا يكشف عن شخصية الإنسان بمعنى أنني لا أعرف إذا كان رجلا أو امرأة، وإذا كانت امرأة فمن هي، ومن تكون، خاصة أن البعض أصبح يستخدم النقاب كوسيلة للتستر على جرائمه، وأنا أرى أن في هذا إساءة للنقاب نفسه".

ودافعت أستاذة الفقه عن رأيها في الفنانة المصرية يسرا بعد دورها في مسلسل "قضية رأي عام" الذي ناقش قضية الاغتصاب في مصر، وقالت "أنا أرى أن الدور الذي قدمته في مسلسل (قضية رأي عام) كان هادفا وصادقا وناقش مشاكل مهمة، فأنا لم أتكلم مثلا عن ملابس يسرا، لكنني تكلمت عن مضمون الدراما، وأنا ليس لي علاقة بتصرفات يسرا وحياتها الشخصية فهذه أشياء محسوبة عليها ولا دخل لي بها".

كما أيدت صالح الفنانات المعتزلات في نشر الدعوة ولكنها رفضت في الوقت عينه ترفض أن يتحولن إلى مجال الإفتاء لأنهن بحسب رأيها لا يملكن القدرة ولا العلم لأداء هذه المهمة، لكن أهلا بهن في الدعوة إلى الأخلاق.

http://www.alarabiya.net/articles/2008/02/14/45641.html

فتوى استتابة ضد أستاذة أزهرية بسبب يسرا وسعد الصغير

بعد بلاغ للنيابة العامة حول آرائها في المنقبات
فتوى استتابة ضد أستاذة أزهرية بسبب يسرا وسعد الصغير

قالت: لن أرد
مسجد سعد الصغير والطلاق
خطبتها في المسجد
وقوع طلاق الموبايل




صالح امتدحت الممثلة وحاضرت بحامع المغني الشعبي

القاهرة - فراج اسماعيل

أصدر داعية مصري شهير فتوى تطالب أستاذة معروفة للفقه بجامعة الأزهر بالتوبة العلنية عبر التلفزيون، على خلفية آراء أدلت بها بخصوص الممثلة يسرا، وزيارتها مسجد المطرب الشعبي سعد الصغير وإلقائها درسا فيه، وكذلك إصدارها فتوى تبطل وقوع الطلاق من خلال رسائل الموبايل.


وقال الشيخ يوسف البدري مشيرا إلى أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر د. سعاد ابراهيم صالح "لكونها داعية ودكتورة محسوبة على الأزهر يثق العوام فى كلامها، فإننا نتوجه إليها بطلب التوبة عما قالت والرجوع عنه وإعلان ذلك علانية فى نفس البرنامج كما صدر منها علانية".

وكان البدري، قدم في وقت سابق بلاغاً للنائب العام، ضد صالح، يتهمها بالتحقير من شأن النساء المنقبات وإهانتهن بإعلانها على شاشة التلفزيون أنها تشمئز من النقاب، لكنها علقت في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام "رفضي للنقاب جاء تعليقاً على تفشى ظاهرة معينة، ولم أقصد الإساءة لنساء بعينهن".

وتابعت "أنا لست ضد النقاب ولا أقود حرب ضد المنقبات، ولكنني قلت إنه ليس له أصل في الدين وأنه عادة وليس عبادة، وهناك فارق كبير بين الاثنين، فلا يصح أن يقول أحد انه فرض على المرأة، أما إن كان مجرد رغبات شخصيه فأنا لا أقف ضد رغبة أحد، وإن كنت أشدد على أن المرأة التي ترتدي النقاب لابد أن تلتزم بآدابه تقربا إلى الله".


قالت: لن أرد

وفيما اعتبر مراقبون أن الفتوى التي أصدرها الشيخ البدري، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، الثلاثاء 5-2-2008 استمرارا لحملة استهدفت صالح منذ افتتاحها لمسجد سعد الصغير، رفضت صالح التعليق وقالت لـ(العربية.نت) "اعتذر فأنا لن أرد على البدري ولا على هؤلاء من طائفة السلفيين"، مؤكدة أنها أفتت أن الطلاق لا يقع إذا طلق زوج زوجته عبر رسالة "الموبايل".

وقال البدري في بيانه الذي أرسل لـ"العربية.نت" نسخة منه إنه تلقى سؤالا موقعا من مجموعة من المسلمين أن صالح أدلت بمجموعة من الأراء والفتاوى في برنامج "عم يتساءلون" الذى يذاع على قناة "دريم 2" المصرية الفضائية، أعلنت فيها "أنها تشمئز من النقاب والمنتقبات، ووصفت جموع المنتقبات بأنهن غشاشات وجاهلات، وطالبت بمنع النقاب، وأثنت على بعض الأعمال الفنية المليئة بالمخالفات الشرعية والمنكرات، وعلى من يؤدين مشاهد العري والإغراء".

وأضاف السؤال المقدم للبدري حسب نص بيانه أن صالح وصفت الممثلة المشهورة يسرا، "بالعظيمة يسرا" ولما انتقدها البعض، قالت إنها تقصد أن الممثلة كانت عظيمة فى دورها فى مسلسل "قضية رأي عام" الذي عرضته بعض القنوات الفضائية في رمضان الماضي ويتناول حوادث الاغتصاب.

وأضاف أن صالح "استقبلت اتصالاً هاتفياً مرتباً على الهواء مباشرة من الممثلة يسرا، شكرتها وهنأتها ومدحت دورها فى المسلسل وقالت لها فى سخرية واستهزاء من منتقديها لما تؤديه من مشاهد عارية "بس ابقى البسيلهم كويس واحتشميلهم".. فردت عليها الممثلة أن الملابس يحكمها الدور، فأجابتها مع مقدم البرلنامج بقولهما "انت صح يا يسرا".


مسجد سعد الصغير والطلاق

وأشار البيان أيضا إلى أنها "ذهبت إلى مسجد المغنى والممثل سعد الصغير وألقت محاضرة فى قبلته أمام جموع الرجال المصلين، ولما أنكر عليها ذلك د. محمد أحمد المسير (الاستاذ بجامعة الأزهر) أصرت على موقفها وعلى فعلتها ورفضت أن تتراجع أو تعتذر عنها".

كما تناولت فتوى لها "بأن الرسالة المرسلة بواسطة التلفون المحمول من زوج لزوجته يكتب لها فيه باللفظ الصريح "انت طالق"، وإقراره بصدور هذه الرسالة منه، لا توقع الطلاق حفاظا على بيوت المسلمين والتيسير عليهم، بالمخالفة لما أجمعت عليه الأمة".

وقال إن "الشيخ فرحات المنجي (داعية إسلامي مصري) أنكر عليها مردداً قوله (يا دكتورة هذا الزوج أقر بصدور الرسالة منه) وقصده ايقاع الطلاق، لكنها أصرت على رأيها".


وفي جوابه قال الشيخ يوسف البدري إن ما يعلنه دائما أهل الفن أن "المشهد ولو كان فيه فاحشة من الفواحش ولو كان فيه عري ومشاهد فاضحة ولو كان فيه إظهار لعورات الممثلة التى يحرم على المسلمة أن تبديها لغير زوجها فإنه يجوز تأديته وتصويره وعرضه ما دام يحتاجه ما يسمى بالبناء الدرامى للعمل الفنى ويستلزمه الدور".

وعقب بقوله "لا يكاد يخلو فيلم أو مسلسل أو مسرحية أو أي عمل درامي من ممثلات يظهرن من أجسادهن ما أمر الله بستره ومن مناظر ومشاهد تجمعهن مع أجانب عنهن من الرجال فيها لمسات وقبلات وأحضان بين الممثلة ومن يؤدي دور زوجها أو أبيها أو ابنها أو قريبها، بل وقد تصل إلى ارتكاب الفاحشة علناً فى العمل الفني كمشهد الاغتصاب الذي أدته الممثلة يسرا في مسلسل قضية رأي عام الذي أثنت عليه الدكتورة (سعاد صالح)".

واعتبر البدري في فتواه أن "من يؤدي هذه الأدوار والمشاهد من النساء والرجال بلا شك يرتكبون منكرات وفواحش هي من أكبر الكبائر شرعاً ويجاهرون بالمعصية علناً ويشيعون الفاحشة في المجتمع المسلم ويجرئون الناس على فعلها ويعرضون أنفسهم لغضب الله وعذابه، وعليه فيجب نصحهم بالكف عن ارتكابها والتوبة عنها فإن أبوا فإن الواجب على كل مسلم -فضلاً عن الداعية والعالم- نبذهم ومقاطعتهم ومقاطعة أعمالهم وليس الثناء عليهم أو ابداء الاعجاب بهم وبأدوارهم".


خطبتها في المسجد

وانتقد زيارتها لمسجد سعد الصغير وإلقائها محاضرة فيه قائلا "الواقع المقطوع به أنه لم يحدث فى أمة الإسلام على مدى العصور والأزمنة أن أمرأة مهما بلغ علمها ومكانتها وورعها وتقواها تبوأت قبلة احد المساجد وخطبت في الرجال ولا اعلم عالماً واحداً من الثقات أجاز لها ذلك".

وأضاف الشيخ البدري: بالرغم من أن الامام السيوطى تلقى علماً عن 90 شيخة فإنه -اتباعاً لما أجمعت عليه الأمة- لم يفت بجواز ذلك للنساء لآن أمرهن مبني على الستر، ولو كان ذلك جائزاً في شريعة الاسلام لوقفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مقام النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد بعد لحوقه بالرفيق الأعلى، وخطبت فى المصلين وألقت دروس العلم لهم وأجازها على ذلك الصحابة".

وقال إن "ما أتت به الدكتورة (سعاد) من دخولها مسجد المغنى سعد الصغير والقائها درساً أو خطبة في صحن المسجد، وفي القبلة أمام الرجال سابقة شنيعة من منكرات العصر ويعد بدعة وضلالة يجب ان تتوب عنها وتستغفر الله تعالى منها".


وقوع طلاق الموبايل

وعن فتوى الطلاق بالموبايل قال يوسف البدري "أجمع علماء الأمة قديماً وحديثاً على أن لفظ الطلاق ما دام صدر من الزوج وحده، أو أمام جماعة وأبلغ بها أحداً من الناس،- زوجته كانت أو غيرها، بالصيغة الصريحة لفظاً أو كتابة أو إشارة فإنه طلاق واقع، وعليه فإن رسائل المحمول المسماة بالـ sms هي وسيلة مكتوبة معتبرة شرعاً".

وتابع "ما دام الزوج قد أقر بأن الرسالة التى أرسلها لزوجته بهذه الوسيلة بالصيغة الصريحة "أنت طالق" فإن الطلاق يعد واقعاً لا محالة، ذلك أنه من المقرر شرعاً أن الأخرس يقع طلاقه بالإشارة، فالأولى أن الطلاق يقع برسالة محمول أقر الزوج أنه أوقعها –ولم نجد في السلف أو الخلف من يقول خلاف ذلك- إلا هذه الدكتورة المذكورة بشذوذ فتواها الغريب، وعليه فإن هذه الرسالة تعد طلقة، واذا كانت الثالثة للزوج فإن امرأته تحرم عليه فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره فإن استمر الرجل فى معاشرة زوجته يعدا زانيين".

وختم البدري بيانه أن "آراء الدكتورة الخاطئة قد كثرت ووقعت كثيراً فى مخالفات خالفت فيها صريح القرآن وصحيح السنة المطهرة وإجماع العلماء بحجة أنها حاصلة على درجة الدكتوراه فى الفقه وعليه فإنه لا يجوز لمسلم أن يأخذ الفتوى عنها إلا باحتراز شديد ومراجعة العلماء الأثبات فى كلامها".

وفي تصريحات نشرتها (العربية.نت) في وقت سابق، قالت صالح حول الضجة التي أثارتها زيارتها لمسجد سعد الصغير إن "ما قام به المطرب مدعاة للاستحسان وليس للذم، وينبغي أن نأخذ سعد وأمثاله باللين والحسنى لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال بشروا ولا تنفروا".

من جهته، عبر سعد الصغير عن أسفه الشديد من الفتاوي التي تحذر المصلين من الاقتراب من مسجده واعتبرها متشددة، ودعا أصحابها إلى أن يتقوا الله في المسلمين وألا يقدموا على رميهم بالاتهامات بغير دليل معتبرا ما قام به من بناء المسجد قاصدا وجه الله عز وجل".

وقال الكاتب والمفكر الاسلامي جمال البنا إن أموال الفنانين ليست حراما بل ينطبق عليها ما ينطبق على أموال جميع العاملين في مهن مختلفة فإذا أحسنوا واتقوا الله فيما يقدمون فإن أموالهم حلال وطيبة وإذا كانت عكس ذلك اعتبرت مصادر أموالهم مشبوهة.


http://www.alarabiya.net/articles/2008/02/05/45216.html

جدل في مصر حول فتوى تبيح للمرأة ارضاع زميل العمل:رضاع الكبير لا يحرم الزواج

جدل في مصر حول فتوى تبيح للمرأة ارضاع زميل العمل:رضاع الكبير لا يحرم الزواج

القراءة : 74137
التعليقات 0
تاريخ النشر : Thursday, 17 May 2007







غزة-دنيا الوطن
احتدم جدل بين علماء دين في مصر ووصل إلى البرلمان بعد فتوى لرئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر، تبيح "إرضاع الكبير"، في وقت انتقدت عدة صحف تدريس كتاب في هذا القسم يؤكد أن الارضاع يحلل الخلوة بين رجل وإمرأة غريبة عنه في مكاتب العمل المغلقة.

وقال عضو مجلس الشعب عن كتلة الاخوان المسلمين صبري خلف الله إن نحو 50 نائبا في البرلمان تدارسوا هذا الموضوع مساء الأربعاء وأعربوا عن قلقهم من انتشار هذه الفتوى اعلاميا، واقترح بعضهم تقديم طلبات احاطة، لكنهم اتفقوا على ارجاء ذلك، واعطاء فرصة للأزهر والاعلام لوقف الخوض في هذا الموضوع الذي أثار حالة من اللغط الشديد في الشارع المصري خصوصا في أماكن العمل التي تضم موظفين وموظفات، وعندها قد يمتنعون عن طلبات الاحاطة منعا لحدوث زوبعة برلمانية قد تساهم في تضخيم المسألة وتضر بالاسلام.

كان د.عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر فجر مفاجأة حيث أباح للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسط أحدهما.

واكد عطية لـ"العربية.نت" أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات وهو يبيح الخلوة ولا يحرم الزواج، وان المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالباً توثيق هذا الإرضاع كتابة ورسميًا ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلانًا.

وفي تصريحات لـ"العربية.نت" قال عضو مجلس الشعب خلف الله: أن الخطأ في هذا الموضوع أنه لم يتم تناوله بطريقة علمية أو أكاديمية، فلو حدث ذلك لاختلفت المسألة، لكنها أثيرت اعلاميا بطريقة ساخرة كأن هناك من يحبون أن تشيع الفاحشة.

إلا أن الشيخ السيد عسكر الوكيل الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، وهي أعلى هيئة فقهية بالأزهر والنائب عن جماعة الإخوان المسلمين بالبرلمان، رفض هذا الرأي مؤكداً انه خروج على إجماع علماء الأمة، ولا يجوز القياس علي حالة خاصة، ومطالباً بالتصدي لذلك لأنه يسهم في نشر الرذيلة بين المسلمين

المشكلة في التطبيق

وقال د.عزت عطية ل"العربية.نت" إن بعض الناس قد نظر إلى رضاع الكبير نظرة جنسية بحتة وتساءلوا: كيف يجوز لشاب أو لرجل أن يرضع من امرأة غريبة عنه، وفاتهم إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي رخص في ذلك. وأن من ينفذ أمراً شرعياً أو رخصة شرعية يقوم بعمل ديني في إتباع الشرع، وفي الأعمال الدينية يستشعر المؤمن عبوديته وخشوعه لله فتنمحي النواحي الشيطانية، وحينما يقوم الكبير بذلك للحصول على رخصة شرعية فإنه يتنزل منزلة الصغير في حالة الرضاعة، وإلا كان متلاعباً بالدين يستغله لأغراض خسيسة ويجرم في حقه.

وأضاف: إن أحدا من دارسي الحديث وعلمائه لا يمكنه أن يشك في أن حديث إرضاع الكبير حديث ثابت وصحيح، أما المشكلة في تطبيقه فهي التي انتشرت في كتب الشروح، وكانت خاصة بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي التي يحرم نكاحها على أي مسلم لقوله تعالي "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم" وقوله "وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا".

ويشرح ذلك بقوله: مع حرمة النكاح من السيدة عائشة شرعاً، فإن دخول الأجنبي عليها ممنوع وقد استخدمت رخصة الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت تأمر بنات أخيها وبنات أخوتها بإرضاع من تحوج الظروف إلي دخوله عليها ليكون محرماً لها من جهة الرضاعة، وما فعلته عائشة رضي الله عنها استثمرت به رخصة الرسول في دخول سالم مولى أبي حذيفة بعد رضاعه وهو كبير من زوجة أبي حذيفة وهذه الرخصة مقيدة بالحاجة أو الضرورة، وشرعها الرسول صلى الله عليه وسلم لإباحة دخول من ترغب الأسرة في دخوله بغير تحرج شرعي.

رضاع الكبير لا يحرم الزواج

وأكد د. عزت عطية أنه لو كان رضاع الكبير فيه أدني شك لعاتب الله نبيه في تشريعه أو تقريره، ولثار الصحابة جميعاً على عائشة رضي الله عنها لمخالفتها الشرع واستباحتها الخلوة بهذا الرضاع، أما أمهات المؤمنين فيما عدا حفصة فقد رأين عدم الحاجة لاستعمال الرخصة وهذا أمر متروك للمسلم أو المسلمة فيما بينهما وبين الله، في تقرير الحاجة إلى الخلوة، مع عدم وجود ما يبيح الخلوة من النكاح أو الرضاعة في الصغر.

وأضاف أن رضاع الكبير يبيح الخلوة ولا يحرم النكاح وذلك تبعا لرأي الليث بن سعد، مؤكدا إن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته وهذه هي الحكمة من إرضاع الكبير، فالعورات الخفيفة مثل الشعر والوجه والذارعين يمكن كشفها، أما العورات الغليظة فلا يجوز كشفها على الإطلاق.

إلا أن الدكتور سيد عسكر الوكيل الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة قال إن حديث إرضاع الكبير صحيح ولا يجوز إنكاره، لكن جمهور العلماء اختلف في إعطاء الواقعة حكما عاما أم خاصا، والرأي الراجح أن هذه حالة خاصة ولا يمكن القياس عليها، وإباحة رضاع الكبير بهذا الشكل هو اجتهاد خاطئ وخروج على الإجماع ويفتح الباب لانتشار الرذيلة في المجتمع، فليس من المعقول أن نتحدث عن رضاع للكبير في مجتمعنا الحديث. إن هذه واقعة متعلقة بأمهات المؤمنين وما يتعلق بهن لا يرتبط ببقية النساء.

الإباحة للضرورة فقط

لكن د.عزت عطية رد بأن إرضاع الكبير يكون لإباحة الدخول والخلوة بين رجل وامرأة ليس بينهما صلة قرابة النسب ولا صلة الرضاع في حال الصغر، ويكون الإرضاع للضرورة فقط.
وحذر من "التوسع في استخدام الضرورة فيتصور الناس أن جميع الموظفين والموظفات في العمل يجب عليهم إرضاع الكبير، لأن هذا تصور خاطئ، ولكنني أقصد أن الإرضاع يباح لمن ينفرد بزميلة في العمل داخل الغرفة المغلقة ولا يدخلها أحد إلا بإذن من أحدهما".

سألته عمن يطيل اليوم مع زميلة داخل غرفة واحدة ولا يدخل عليهما أحد إلا بإذن منهما، فقال إن هذه خلوة محرمة شرعا، وعليك أن ترضع منها حتى تختلي بها بهذا الشكل المحرم، موضحا أن الخلوة تتحقق بإغلاق باب الحجرة علي رجل وامرأة، وعدم إمكانية رؤية من بداخل المكان.

وأكد أن الإرضاع يكون بالتقام الثدي مباشرة وذلك لأن سالم الذي رضع كان كبيرا وله لحية، والحديث صحيح ومن يعترض عليه فيكون اعتراضه علي رسول الله.
وحول القول بأن الواقعة التي تحدث عنها مرتبطة بزمان ومكان وعصر غير الذي نعيش فيه والفتوى تتغير بتغير العصور والأزمة، قال إن أحكام الإسلام ترتبط بذات الإنسان عبر الأزمان والأماكن، وذات الإنسان لم تتغير منذ وجد على ظهر الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأضاف: من أرذل الرذائل استقباح أو النفور من أمر يسر الرسول صلي الله عليه وسلم على الأمة به بدعوى المدنية أو بدعوى الحرص على الحرمات أكثر منه أو من الإسلام، فالله أدرى بمصالح عباده، والشرع إلزام بما ألزم الله به لا بما يريده الناس لأهوائهم.

توثيق الإرضاع هو الحل

كان د.عزت عطية صرح لجريدة "الوطني اليوم" الناطقة باسم الحزب الحاكم الذي يهيمن أعضاؤه على مجلس الشعب، إن إرضاع الكبير "يضع حلا لمشكلة الخلوة لأن حماية الأعراض من المقاصد الأصيلة للشريعة ويبني عليها كثير من الأحكام. مطالبا بتوثيق الإرضاع كتابة ورسميًا، ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلانًا ونشهد الله علي ذلك ونحن من الشاهدين". ثم كرر ذلك في لقاء مع قناة النيل الثقافية التابعة للدولة.

وحول خطورة الإرضاع في نشر الرذيلة قال عطية: الحكمة من الرضاع أن تصبح المرأة قريبة وليست غريبة علي الرجل والعكس وحرمة الرضاع كحرمة النسب وفي ذلك صيانة للحرمات، والحكمة من إرضاع الكبير هي تحويل العلاقة البهيمية عن الإنسان إلي علاقة دينية تقوم علي الحقوق.

وقال د.عطية إن أي حكم إسلامي يراد تطبيقه يحتاج إلي تحديد دقيق فالرضاع في الصغر أمر غير مستحب في الإسلام، والأصل فيه الضرورة لتضييق دائرة المحارم فيما يتصل بالزواج، والرضاع في الكبر أشد تضييقاً لأن الحاجة إليه نادرة جداً.

وطالب د.عطية المسلمين علماء أو غير علماء بتحديد دائرة التطبيق بحسب الحاجة الاجتماعية الفردية، فإذا توسع الناس في الرضاع بحيث يتعثر تطبيق حكم الشرع في النكاح اتجهت الدعوة الشرعية إلي ترك الرضاع إلا عند الحاجة الماسة إليه في الصغر، وكذلك إذا وجدت الوسائل القاطعة للخلوة كعدم إغلاق الأبواب أو وضع حوائط زجاجية أو وجود كاميرا تليفزيونية فلا حاجة لإرضاع الكبير.

وقال د.عزت عطية إن هذه الفتوى تختص بأي رجل يخلو بامرأة في غرفة مغلقة لا يدخل عليهما أحد، ولا يختص الأمر بالموظفين والموظفات فقط فهذا يؤدي الى تشويش في الموضوع، لأن القضية تخص أي رجل وامرأة غريبة عنه تغلق عليهما غرفة خاصة ولا تفتح إلا بإذن أحدهما، لكن لو كان هناك أكثر من اثنين من الموظفين والموظفات في حجرة فلا يعتبر ذلك خلوة.

وأضاف أن الذين قالوا إن هذه الفتوى تنطبق على كل الموظفين والموظفات في أماكن العمل أرادوا فقط التشويش عليها لأنه لا توجد خلوة بهذا الوضع، لكن لو رضع كل الناس من بعضهم فهذا فائدة للاسلام لأن كل رجل سيحترم المرأة ولن يؤذيها دون أن يؤثر ذلك في تحريم النكاح "أي الزواج بينهما".

وحول أن ذلك يستغل في الاساءة للاسلام قال د.عطية إن الاستغلال يحصل عندما يكون الفهم خاطئا لحديث الرسول عن الرضاع من الكبير، لكن بعد التوضيح لا يمكن ذلك.
وبشأن من يقول إن هذا الحديث ينطبق على حادثة حذيفة فقط الخاصة بالتبني تساءل: لماذا اذن استخدمته السيدة عائشة رضي الله عنها، ولم يكن ذلك اجتهادا منها، لأن من يطبق النص لا يكون مجتهدا، أما من يعارضه فليأت بالدليل، فلا يوجد أي حكم شرعي ورد خاصا أو استثنائيا لشخص معين، فالحكم الشرعي هو حكم عام، ومن يأت لنا بدليل غير ذلك فنحن على استعداد لمقابلته.

وحول معارضة أمهات المؤمنين لما قالته عائشة قال لأنهن رأين أنهن لا يحتاجن للخلوة، أي أنها ليست ضرورة لهن، كما أن سبب الاشكال كله في هذه الناحية أنه لا يوجد في الفقه كله باب اسمه الخلوة، بل باب اسمه "النكاح" ومن خلاله ذكروا أن رضاع الكبير لا يؤثر فيه، ولم يتحدث واحد منهم بأن هذا الرضاع لا يجيز الخلوة.
وأضاف أن امهات المؤمنين أقررن السيدة عائشة على الفعل، لكنهن لم يفعلن مثلها، فيما عدا السيدة حفصة التي بعثت ابن أخيها سالم بن عبدالله بن عمر يرضع من اخت السيدة عائشة حتى يدخل عليها، فرضع ثلاث مرات وتعبت ولم يتم خمس رضعات فلم تدخله السيدة عائشة وماتت قبل ان يحدث ذلك.

وأوضح أن هذا الجدل كان قد بدأ عندما أثار البعض بأن حديث رضاع الكبير ليس صحيحا وأن كل المحدثين الذين أوردوه كذابون، فقاموا قبل ثلاثة اسابيع بحملة ضد الأزهر واتهموه بأنه يقوم تدريس ما يخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحاربها، وطعنوا في قسم الحديث الذي أرأسه وفي أساتذته وفي كلية أصول الدين وجامعة الأزهر وفي شيخه الامام الأكبر د.محمد سيد طنطاوي، وقالوا إنهم يطالبون بالغاء كل هذه الأحاديث حماية للرسول.

كتاب "دفع الشبهات"

وأضاف أنهم هاجموا كتابا وضعه د. عبدالمهدى عبدالقادر عبدالهادى أستاذ الحديث بكلية أصول الدين عنوانه "دفع الشبهات عن السنة النبوية" وقالوا إنه يقوم بتدريسه لطلاب الفرقة الثالثة، ويثبت فيه أن موضوع الرضاع من الكبير حديث صحيح، ولكن الكتاب لم يوضح الأمور جيدا، وتناول القضية باختصار حيث كان يأتي بالشبهة ثم يرد عليها فقط، لكنني عندما رددت على هؤلاء اتيت بنموذج من الأحاديث التي يعترضون عليها ومنها هذا الحديث بالدليل والتفصيل لكي يفهمه الناس، ثم قلنا باختصار إن الدراسة العلمية لا ينبغي اثارتها في وسائل الاعلام لأن هذه الوسائل لا تعطي سوى النتيجة النهائية مما يستعصي فهمه على العامة، ولذلك فموضوع الرضاع من الكبير مثلا يحتاج لشرح في محاضرة عامة كبيرة.

وتابع د.عزت عطية: بعد أن فندنا اعتراضهم بالدليل القاطع على حديث رضاع الكبير، أتوا بشبهاتهم فيما يختص برضاع الصغير وقالوا إنه يحرم النكاح "الزواج" لكنه لا يجيز الخلوة مع أن هذا فيه نصا أيضا عندما دخل شخص على عائشة فمنعته فقال الرسول "ليلج عليك أنه عمك" وعندما قلنا لهم ذلك وصفوا الأزهر بالكذب.

وقال إن كتاب د.عبدالمهدي عبدالقادر الذي يهاجمونه عبارة عن دراسة عملها في وقت مبكر من حياته العلمية، وعندما يقوم هو شخصيا الآن بتدريس بعض الشبهات والرد عليها، لا يورد ما في الكتاب باللفظ وإنما يحضر له ويقدم الأدلة ويشرحها شرحا علميا مبسطا للطلاب يفهمون منه المقصود تماما، ويطلب منهم تصحيح بعض الأمور التي يرى أنها في حاجة لتصحيح أو شرح.

وأوضح: خدمنا الكتاب وخدمنا صاحبه وبينا أن ما ينكرونه هو أصل من السنة، لكن حتى الآن لا توجد مادة مستقلة في المنهج العلمي بقسم الحديث اسمها "رد الشبهات" وهو عنوان الكتاب، لكننا قررنا أن يتم تدريس هذه المادة من العام الدراسي القادم. وحتى الآن فاننا نختار أحاديث عليها شبهات ونقوم بشرحها والرد عليها، ولم يكن حديث "رضاع الكبير" ضمن تلك الأحاديث.

وقال إن د.عبدالمهدي عبدالقادر له كتب كثيرة غير هذا الكتاب وهو من أساتذة الأزهر المجتهدين ولا قيود على الاجتهاد القائم على علم ودراسة.

في صحيحي البخاري ومسلم

أما الشيخ أشرف عبدالمقصود المتخصص في التراث الاسلامي والدفاع عن الأحاديث النبوية وصاحب دار نشر الامام البخاري فقال: إن اثارة هذا الموضوع ليس بغرض الاثارة بل للطعن في الاسلام نفسه، فحديث رضاع الكبير وارد في صحيحي البخاري ومسلم، وقصة الحديث تدور حول شخص اسمه أبو حذيفة كان له ولد بالتبني، وعندما ابطل الاسلام التبني، حصلت مشكلة، فكيف يرى هذا الولد واسمه "سالم" زوجة أبي حذيفة التي ربته وكان يدخل عليها بصورة طبيعية كأنها أمه، وعندما ذهبا للرسول قال لها "أرضعيه تحرمي عليه". هناك من العلماء من رأى أن هذا الحديث خاص بسالم مولى أبي حذيفة، وهناك من قال إن هذه القاعدة على أي شخص في مكانة سالم، وهناك طرف ثالث قال إنه حكم منسوخ. والخلاصة تتمثل في الرأي الذي تفرد به الشيخ محمد بن صالح العثيمين فهو يقول في كتاب "الشرح الممتع على زاد المستنقع في الفقه الحنبلي" الجزء 13 صفحة 435 و436: بعد انتهاء التبني لا يجوز ارضاع الكبير ولا يؤثر ارضاع الكبير.. أي أنه في الأصل محرم ولا يؤثر، لأن الرضاع لابد أن يكون في الحولين وقبل الفطام..

وأضاف الشيخ عبدالمقصود: من يستدل بقصة سالم فليأت بها من جميع الوجوه وبنفس حالة سالم ويقوم بتطبيقها ونحن نوافقه على ذلك، وهذا غير ممكن لأن قصة سالم جاءت مباشرة بعد حظر التبني وبالتالي فهي قصة نادرة لن تتكرر مرة أخرى، وبالتالي لما انتفى الحال انتفى الحكم، يدل على ذلك حديث الرسول الوارد في البخاري "الحمو الموت".. والحمو هو أخ الزوج وفي حاجة لأن يدخل بيته، فلماذا لم يقل الرسول لمنع حرمة خلوته بزوجة أخيه في البيت، إن عليها أن ترضعه؟.. هنا يقول الشيخ ابن عثيمين إن هذا يدل أن مطلق الحاجة لا يبيح رضاع الكبير، لأننا لو قلنا بهذا لكان فيه مفسدة عظيمة. أي أن تأتي امرأة لزوجها بمن تقول إنه رضع منها وهنا تحصل مشكلة كبيرة جدا، فلو أبحناها للموظفين والموظفات فلماذا لا نبيحها لأخ الزوج مثلا.

من ناحيته يقول المفكر الاسلامي جمال البنا إن مسألة ارضاع الكبير لم تكن ذات حساسية عند الاسلاف، لكن الفهم الآن اختلف وتغير مع اختلاف الزمن والبيئات، أي أن المسألة كلها اختلاف في الفهم واختلاف في الحساسية، ومن ثم نادينا بتنقية التراث، فهناك عشرة آلاف حديث صحيح لم يقبل منهم البخاري مثلا سوى خمسة أو سبعة آلاف حديث، وبالتالي ننادي دائما بتنقية التراث من مثل هذه الأحاديث التي اختلفت الظروف والحساسيات ومستوى الفهم الذي جاءت فيه عما هو في زمننا الحالي.

ويضيف أن أن هناك قضية رفعت مؤخرا ضد شيخ الأزهر يطالبه بتنقية التراث لأن هذا من المهام المكلف بها بالقرار الوزاري في تشكيل مجمع البحوث الاسلامية، واستندت على كتابي "نحو فقه جديد" وعلى رأي لوزير الأوقاف الأسبق د.عبدالمنعم النمر أدلى به عام 1969.

وتابع أننا نقصد هنا تنقية التراث من الأشياء التي لم ير الاوائل والمتقدمون غضاضة من ذكرها، لكنها تعد بالمستويات الحالية بمثابة خدش للحياء.

وقال الداعية الاسلامي والنائب الإخواني الشيخ ماهر عقل إن فتوى رضاع الكبير من جانب د.عزت عطية جانبها الصواب، فابن القيم رضي الله عنه عندما ذكر هذا الحديث بين أنها فتوى خاصة بسالم مولى أبي حذيفة، لأن الرضاع مدته عامين ولا رضاع بعد ذلك، ومن شروطه أن ينبت اللحم ويقوي العظم، ورضاع الكبير لا يؤدي إلى ذلك بل يثير الشهوات، لأن كشف المرأة ثديها لغير زوجها يعتبر كشفا لعورة.

Moroccan jailed for 3 yrs over Facebook “gag”

Charged with 'spoofing' prince
Moroccan jailed for 3 yrs over Facebook “gag”

RABAT (Reuters)

A Moroccan court sentenced a computer engineer to three years in prison late on Friday for setting up a Facebook account in the name of King Mohammed's brother.

Despite an appeal to Prince Moulay Rachid for clemency, the court found 26-year-old Fouad Mortada guilty of falsifying data and imitating the prince without his consent. It also fined him 10,000 dirhams ($1,304), Mortada's lawyer Ali Ammar said.

"The importance of the personality at the heart of this affair clearly influenced how the case was handled," said Ammar.

Mortada said he set up the account on the social networking site in mid-January out of admiration for the 37-year-old prince, who is second in line to the throne.


"It was just a joke, a gag," Fouad was quoted as saying on a website set up by his supporters. "I regret my gesture and beg forgiveness from my whole family for the harm that I have caused them."

He added that he was arrested on Feb. 5, blindfolded and taken to an unknown building where he was beaten and insulted, according to the website.

His supporters said the police wanted to establish if there was a relationship between Fouad and terrorist groups seeking to harm the royal family but found no such link. A source close to the Moroccan security services denied Mortada was tortured.

Mortada's brother Ilyas said the family would appeal the sentence.

Ilyas Mortada added that thousands of people had set up accounts on Facebook and other sites in the names of celebrities.

الإفتاء" المصرية تسعى لإصدار 3 آلاف فتوى يومياً عبر خدمة الهاتف

الجمعة 15 صفر 1429هـ - 22 فبراير2008م


الخدمة التي بدأت قبل عامين ترد على ألف استفسار في اليوم بأربع لغات
"الإفتاء" المصرية تسعى لإصدار 3 آلاف فتوى يومياً عبر خدمة الهاتف


http://www.alarabiya.net/articles/2008/02/22/45981.html

القاهرة- رويترز

تسعى دار الإفتاء المصري إلى تعزيز العمل بخدمة "الفتوى الهاتفية" التي أطلقتها قبل عامين، لتسهيل الرد على الاستفسارات الدينية، حيث يصدر مركز الاتصالات التابع للدار مئات الفتاوى يوميا، بأربع لغات مختلفة.

ويشير مدير مركز الإعلام بدار الإفتاء إبراهيم نجم إلى أن المركز يصدر حاليا نحو ألف فتوى عبر الهاتف يوميا، من بينها مائة باللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية، آملا أن يصل المركز إلى إصدار نحو ثلاثة آلاف فتوى في المستقبل القريب، حيث يفترض أن تمتد خدمة الإفتاء الهاتفي إلى 24 ساعة يوميا.



وكان مركز الاتصال تأسس قبل عامين، وتحديدًا في مارس 2006، بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص الباحثين عن رأي الدين، سواء داخل مصر أو خارجها، وفق ما يقول مدير مكتب مفتي الديار المصري أشرف فهمي. ويشرح أن الفكرة نشأت بعد ملاحظة أن عديدا من الناس يأتون من محافظات بعيدة، سواء من أسوان أو سوهاج، حتى أن البعض يأتي من بلاد أخرى، كالإمارات وسوريا وأمريكا، بحثًا عن فتوى في موضوع معين. وأشار إلى أن الدار التفت إلى المشقة الكبيرة التي يتحملها هؤلاء، وهو ما دفع المفتي لتنفيذ برنامج الخدمة الهاتفية، وفق ما يشير فهمي.

ويقول القائمون على مركز الاتصالات أن خدمته المجانية، التي تتيح للأشخاص من جميع أنحاء العالم الاتصال لطلب الفتوى، خفضت عدد الفتاوى التي تصدر وجها لوجه من 500 إلى 300 يوميًا. وتقول كوثر سعيد، التي تستخدم خدمة الهاتف أنها جعلت الأمور أسهل بكثير بالنسبة لها. وتصفها بأنها "خدمة جميلة، أسهل على الواحد من الذهاب إلى دار الإفتاء في آخر الدنيا"، "وتضيف "يعني أنا في الهرم، بآخد كل معلوماتي من 107 (رقم مركز الاتصالات)، بدل ما أروح الدراسة".

ويشير نجم إلى أن الدار تعتزم توسيع تلك الخدمة. ويقول "عندنا الآن مركز الاتصالات والموقع الإلكتروني فيه أربع لغات. وعندنا خطة طموحة لزيادتها إلى 14 لغة".

ومع التزايد المضطرد في عدد الاتصالات، نجحت دار الإفتاء في تسريع وتيرة الرد. فقد كان الرد يستغرق في البداية 48 ساعة، لكن ما إن يتصل الآن أي شخص من داخل مصر بالرقم المخصص، وبتكلفة المكالمة العادية، فليس عليه سوى أن يسجل استفساره، ليعاود الاتصال بعد ساعة، وإدخال رقم معين ليستمع إلى الفتوى مسجلة.

ويشير الموظف بالمركز محمد عمر إلى أن بعض الاستفسارات تكون أيسر من الأخرى. ويتحدث عن "مشكلة المعاكسات" الهاتفية من الأطفال، إلى جانب مشكلة أخرى، تتمثل في التعامل مع مجموعات من ثقافات مختلفة. ويقول: "فيه بعض الأفراد بتبقى الخدمة سهلة عليهم، وفيه بعض الأفراد بتبقى فيه صعوبة أكبر بالنسبة لهم. بنحاول معاهم مرة واتنين وتلاتة، وممكن ندخل معاهم على الخدمة الصوتية ونسجل لهم".

لكن، وعلى الرغم من تأييد البعض لاستخدام لتكنولوجيا الحديثة في معالجة قضايا دينية، إلا أن آخرين يرون أنها لا تغني عن طلب الفتوى وجها لوجه. إذ يعتبر سعيد إبراهيم أن "المواجهة أفضل"، لكون الهاتف يمنعه من التعرف عمن يتحدث إليه، مشيرًا إلى أن الرؤية المباشرة تساعده على فهم الفتوى بشكل أفضل.

السعودية .. سائقو سيارات السيدات يبحثون عن أعمال بديلة

ر 1429هـ - 23 فبراير2008م

قبل أن يدهمهم قرار السماح للنساء بالقيادة
السعودية .. سائقو سيارات السيدات يبحثون عن أعمال بديلة

http://www.alaswaq.net/articles/2008/02/23/14151.html
الرياض – عمر عبد العزيز

أثارت إرهاصات بشأن توجه المملكة العربية السعودية لمنح المرأة حق قيادة السيارة، وأنباء ترددت بأن قرارا بهذا الصدد قد يصدر العام الحالي، حالة من القلق لدى السائقين الأجانب العاملين لدى الأسر السعودية، خشية الاستغناء عنهم، بل إن بعضهم بدأ في ترتيب أموره لمرحلة ما بعد صدور القرار، وراح يبحث عن عمل بديل قبل أن يدهمه القرار بشكل مفاجئ.

وعلى الرغم من حالة القلق النسبي التي رصدها موقع "الأسواق نت" خلال حديثه مع عدد من السائقين الخاصين، إلا أن بعضهم رأى أن مثل تلك الخطوة تتطلب سنوات لتطبيقها، وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك بالسعي إلى تأمين عمل بديل سواء في السعودية، أو في بلدانهم الأصلية.


العودة للوطن

وفي المقابل، تسير عملية استقدام السائقين الخاصين على وتيرتها ولم تتأثر بعد، غير أن التوقعات تشير إلى أن صدور مثل هذا القرار سيؤثر بشكل لافت على استقدام تلك الفئة.

ويقول السائق السوداني عبد القيوم الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملا: إن قرارا سيصدر ـ إن عاجلا أو آجلا ـ يسمح للمرأة بقيادة السيارة، وأن عليه أن يرتب نفسه لذلك اليوم.

وقال: إن ما أثير مؤخرا حول السماح للمرأة بالقيادة دفعه إلى التفكير في ما بعد صدور القرار، وإنه بدأ يرتب أموره في العاصمة السودانية الخرطوم، " فمن خلال عملي في المملكة أكثر من 10 سنوات استطعت تكوين مبلغ مالي جيد، وأسعى إلى استغلاله في إنشاء مشروع هناك".

وأضاف إنني تحدثت مع أحد الأصدقاء في السودان في هذا الصدد، وطلبت منه البحث عن مشروع يدر علينا دخلا جيدا، وخاصة أن بلدنا بدأ يشهد تنمية، مشيرا إلى أنه عندما كان في إجازة في الصيف الماضي، بدأت فكرة العودة تراوده.

وأضاف إننى لن أعود إلى السودان حاليا، ما لم يستغن عني كفيلي، حيث أقود السيارة لزوجة كفيلي وأولاده في المراحل التعليمية المختلفة.

وقال السائق الإندونيسي أوبالا جوناسيكير: إن صدور قرار منح المرأة السعودية حق القيادة يثير نوعا من القلق بين السائقين الأجانب للأسر السعودية، ولكن هذا القلق ليس كبيرا في الفترة الحالية؛ لأننا نسمع عن هذا الموضوع منذ عدة سنوات ولم يحدث جديد.

وأشار إلى أنه ليس في حاجة إلى البحث عن عمل في الفترة الحالية، أو على الأقل خلال العامين المقبلين في حالة السماح للمرأة العام الحالي بالقيادة؛ لأن ذلك سيتطلب وقتا حتى تصبح المرأة قادرة على القيادة.


عمل بديل


كثيرا من السيدات السعوديات لا يفضلن القيادة، لأنهن غير راغبات في إزعاج أنفسهن بالقيادة وتكبد عنائها وبخاصة مع تهور الكثير من السعوديين في القيادة
أوبالا جوناسيكير

أما عثمان الشيخ (سوداني) وهو سائق لأسرة سعودية فلم يبد قلقا كبيرا لصدور مثل هذا القرار، وأوضح أنه سمع أنه سيصدر قرار يتيح للمرأة قيادة سيارتها، وأنه تحدث مع أخيه الذي يملك باصا في السعودية خاصا بنقل طلاب المدارس للعمل عليه في حالة الاستغناء عنه من جانب كفيله.

ولفت إلى أن السودانيين ـ عموما ـ غير قلقين من ناحية الاستغناء عنهم، خاصة أن هناك تجمعات سودانية كبيرة في معظم مناطق ومدن المملكة لا سيما الرياض، وتحرص هذه التجمعات على توفير الدعم لكل السودانيين، والبحث عن عمل لهم في حال الاستغناء عنهم.

واتفق الشيخ مع السائق الإندونيسي جوناسيكير، في أن إصدار قرار يسمح للمرأة بالقيادة لا يعني الاستغناء عن السائقين مباشرة، لأن ذلك سيتطلب وقتا، كما أن كثيرا من السيدات السعوديات لا يفضلن القيادة، لأنهن غير راغبات في إزعاج أنفسهن بالقيادة وتكبد عنائها وبخاصة مع تهور الكثير من السعوديين في القيادة.

وأشار إلى أنه لا يستطيع أن يبحث عن عمل بديل حاليا؛ لأن كفيله لن يستغني عنه، فالكفالة تقف عائقا أمامه.

من جهته، قال السائق الفلبيني روبير تارونجوي، الذي يعمل سائقا لأسرة سعودية وزوجته تعمل خادمة للأسرة نفسها: إنه قرأ عن توجه بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة، وشعر بالقلق لأنه يخطط وزوجته للعمل في السعودية عدة سنوات، وخاصة أنه ترك عمله في شركة خاصة في بلاده.

وأضاف أنه قدم للسعودية منذ عامين وحرص عند التعاقد أن تكون زوجته معه للعمل في منزل كفيله؛ لأنه يخطط للبقاء عدة سنوات في المملكة.

وأشار إلى أنه تحدث مع زوجة كفيله في هذا الصدد وأنها طمأنته بأنه حتى في حالة صدور مثل هذا القرار فإنه باق وزوجته؛ لأن أولادها في مراحل تعليمية مختلفة ومن الصعب عليها القيام هي بتوصيلهم إلى المدارس في الصباح الباكر ثم إحضارهم بعد الظهر، إضافة إلى الذهاب للتسوق والزيارات والأماكن الأخرى.


استقدام السائقين


الأسر السعودية لن تستغني عن السائق على المدى البعيد، وخاصة أن الأخير يقوم بدور كبير في قضاء أغراض الأسر
صالح الشهيبي

ويقول مدير مكتب الأندلس للاستقدام صالح الشهيبي: إن عملية استقدام السائقين الخاصين تسير على وتيرتها العادية، فلم يصدر قرار يسمح للمرأة السعودية بقيادة سيارتها بعد.

وتوقع الشهيبي في حديثه لموقعنا أن تتراجع معدلات الاستقدام بشكل لافت في حال السماح للمرأة بقيادة السيارة، خاصة مع وجود عدد كبير من السيدات يجدن القيادة، ونرى ذلك واضحا عندما يسافرن خارج البلاد.

وأوضح أن الأسر السعودية لن تستغني عن السائق على المدى البعيد، خاصة أن الأخير يقوم بدور كبير في قضاء أغراض الأسر.

وأشار إلى أنه توجد نسبة ليست قليلة من السيدات لا يحبذن القيادة، بسبب عناء القيادة ومشاكلها والقيادة بسرعات جنونية من جانب البعض.

وعن عدد السائقين الخاصين بالبيوت السعودية، قال الشهيبي: إنه لا توجد إحصائيات رسمية حديثة في هذا الصدد، ولكن الرقم يتراوح بين 270 إلى 300 ألف سائق خاص لدى الأسر السعودية، من إجمالي قرابة مليون سائق أجنبي في المملكة.

وأشار إلى أن عدد السائقين في البيوت السعودية شهد زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة؛ بسبب النمو والطفرة الاقتصادية التي تشهدها المملكة، لدرجة أنك تجد موظفا راتبه 5 أو 6 آلاف ريال (الدولار يعادل 3.75 ريالا) يقوم باستقدام سائق خاص لأسرته.

غير أنه أوضح أن الغلاء الذي تمر به البلاد حاليا سيحد من إقبال تلك الفئات على استقدام سائقين وخادمات أيضا، مشيرا إلى أن أغلب السائقين من لدى الأسر السعودية من الفلبين، وإندونيسيا، وسريلانكا، والسودان.

يذكر أن إحصائيات المرور السعودي تشير إلى وجود أكثر من 75 ألف امرأة يملكن 120334 سيارة بنهاية 2006، وتستورد السعودية حاليا نحو 300 ألف سيارة سنويا.


مشكلات اجتماعية

وقالت الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية فوزية العيوني لـ "الأسواق.نت": إن النساء وأطفالهن تحت رحمة الابتزاز الجنسي من جانب السائقين الأجانب، ونحن نعرف حوادث كثيرة من هذه الشاكلة قد حدثت، فالأكثر أمانا بالنسبة للنساء والأنسب لهن أن يقدن بأنفسهن".

وأضافت أنه إذا كان الرافضون لقيادة المرأة للسيارة يتعللون بأن في ذلك فتحا لذريعة الفساد، ومحاذير دينية مثل الخلوة بالرجل، فماذا عن السائق الأجنبي ثقافة، أليس رجلا أيضا؟! ألا يخلو هو بالمرأة في السيارة أكثر الوقت، ألا يتحول، وهذا تعرفه كثير من السيدات إلى الآمر الناهي بحكم امتلاكه لحق القيادة؟!.

وأوضحت أن السائق يتحكم في تفاصيل كثيرة من حياة المرأة ويعرف خصوصياتها أكثر من الآخرين، لأنه معها في هذا الصندوق السيارة أغلب الوقت.

وأشارت إلى أن هناك مشاكل اجتماعية خطيرة تترتب على وجود السائقين الأجانب في البيوت السعودية، ولا بد من حماية أبنائنا، إضافة إلى المشاكل الاقتصادية ومنها زيادة معدلات البطالة بين السعوديات.

صفحـة مـن التاريـخ

صفحـة مـن التاريـخ







نارا جورج حاوي

في البداية أقدم التعازي إلى سماحة السيد حسن نصر الله، إلى قيادة حزب الله وكل مقاوم ولبناني يعرف معنى الشهادة وأبارك لهم جميعاً شهادة القائد عماد مغنية.
لقد تابعت خطاب سماحة السيد حسن نصر الله في التشييع وفي ذكرى أسبوع استشهاد القائد عماد مغنية، ولن أدخل في أي آراء سياسية بل لا يمكنني أن أسكت على أغلاط تاريخـية، على تغييب مرحلة من تاريخ المقــاومة والنــضال ضد العدو الصهــيوني. أريد أن أذكّر أنه عندما نتكلم عن مراحل المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وبالأخص مرحلة بداية الثمانينيات (1982 ـ 1985) لا يمكننا أن نغيّب جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي أطلقها القائد المناضل الشهيد جورج حاوي، والتي حررت بيروت والجبل من الاحتلال الإسرائيلي، وتابعت بمقاومة شعبية في الجنوب والبقاع الغربي المحتلين، في كل قرية دون تمييز طائفي أو فئوي. ولو لم تكن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية قد أطلقت لكانت بيروت جزءاً من حكم تل أبيب.
وتقيداً بكلام سماحة السيد حسن نصر الله، نعم المقاومة ضد العدو الإسرائيلي لم تبدأ عندما دخلت المقاومة الفلسطينية إلى لبنان، بل ابتداء من العام ,1948 ولا يمكننا أن ننسى الحــرس الشعبي الذي أطلقته الأحزاب الشيوعية العربية في سنة .1968
لا ننكر دور المقاومة الإسلامية ودور حزب الله الذي جاء ليكمل ما بدأته جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وضمنها الحزب الشيوعي اللبناني وحلفاؤه آنذاك، ودور شهدائنا وشهيدنا القائد المناضل الشهيد جورج حاوي. فلماذا يغيب تاريخنا، الذي لن أدخل في سرد تفاصيله الآن، المحتل يعرف من ساهم في تحريره والشعب اللبناني والعربي يعرف تاريخ نضالنا، وما كان ممكناً أن نفعل لو سمح لنا، وماذا يمكننا أن نفعل الآن وحتى تحرير كامل أراضينا لو يسمح لنا.
نحن قدمنا قافلة من الشهداء من أجل تحرير أراضينا وما زلنا وسنبقى جميعاً مشروع شهداء دفاعاً عن وطننا لبنان.
مبروك لنا، نحن الشعب اللبناني كل شهيد يسقط دفاعاً عن الوطن.
مبروك لنا، نحن الشعب اللبناني كل من يغذي بدمائه الطاهرة تراب الوطن الآن وكل آن وإلى أبد الآبدين، ونعدكم أن دماءكم لن تذهب هدراً.

Hamas Cartoon

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=37&article=459409&feature=1&issueno=10677

سوريا الفارسية... ودمشق لا تردُّ على الهاتف

سوريا الفارسية... ودمشق لا تردُّ على الهاتف
GMT 1:00:00 2008 السبت 23 فبراير
إيلاف



--------------------------------------------------------------------------------


معلومات ايلاف من الخليج ودمشق:
سوريا الفارسية ودمشق.. لا تردُّ على الهاتف

**سوريا بين التبشير الشيعي ومقاومة التعريب: ضياع ملامح وارتهان كامل، وما زرعه الأسدُ الاب يقتلعه الأسدُ الإبن مضاداً لأبيه عبر ثورة على المحتوى العربي.

**في الفن يتحدث فرويد عن "قتل الأب" مجازياً. في السياسة السورية الحالية ينقلب الابن على الأب ويقتله بأكثر من معنى حتى ضاعت الكينونة والهوية وبات السوريون الآن قاب قوسين من الانفجار.

**لماذا يحق للإيراني في عهد بشار الأسد أن يدخل دمشق ويشتم الأمويين علناً؟ وإذا ما جاوبه يرفض أحدهم يعاقب ابن البلد؟

**كأن الإيراني صار مانحَ إسلامٍ وصانع هوية بينما السوري في عهد الأسد الابن مجرد مواطن أقل رتبة مقابل سلالة شرف من جنس ملائكة لا يتحدثون العربية إلا لذر الرماد في العيون. هل هذه دمشق أم بغداد؟ والزمن القرن الثالث عشر ميلادية أم الألفية الثالثة؟!


زكريا شيخو مهنّا

الحدث السياسي، في سوريا، كان وما يزال يتمتع بخصوصيات معينة استُمدّت، أساساً من منشأ هذه السياسة ألا وهو الحرب الباردة. وإن كان يمكن فهم مظاهر هذه السياسة وعلاقاتها في العقود الثلاثة الماضية، فإن قراءتها الآن، بالوجه ذاته، أمرٌ يثير أكثر من استفهام، بل ما فوق السؤال ذاته إلى الاستهجان وشيء من النفور. وهي حال الوضع السياسي السوري الآن الذي بات نموذجاً غير مسبوق للتناقض والتفكك البنيوي الحاد الذي لم تشهده سوريا حتى وهي في عز صراعها مع خصومها الإيديولوجيين كالإخوان المسلمين وجماعة اليسار البلشفي. سوريا الجديدة، الآن، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبعد ثورة الاتصالات وتغير العالم هي أقرب ما تكون إلى سوريا الرخوة، حتى إلى ما قبل الراحل حافظ الأسد. فكيف يمكن فهم الأمر؟ وكيف استطاع حافظ الأسد أن يستدين من حلفائه لا أن يرهن لهم الورق السوري بالكامل حتى بدا السياسي السوري الحالي، سياسي الحكم، مجرد موظف تنفيذي للعبة تحالف جعلت من العلاقة مع إيران مثلاًً تغييبياً للخصوصية السورية ومسخاً لشخصيتها العربية إلى درجة بدا فيها الحكم السوري الجديد، بزعامة بشار الأسد، الوريث، من دون خلفية داعمة مقتنعة بأدائه وأولوياته حتى في الوسط العلوي الذي انحدر منه الأسد الابن الذي بسبب ميول تشيع معينة طلق حتى ارتباطه الطائفي وباتت الطائفة العلوية في سوريا، إلى جانب الطوائف الأخرى، تشعر بأن بشار مجرد لعبة في تحالف خسر فيه العلويون قبل السنة، والعرب قبل الكرد.

مناعة الأسد واستجابة الشبل

الراحل حافظ الأسد ترك بصمة لن ينساها تاريخ السياسة المعاصرة. فقد أدخل العلويين في العروبة من خلال "البعث" وأشركهم في التعامل مع التاريخ الإسلامي كمحتوى حضاري لهم يمنحهم الهوية والكينونة السياسية. في الحقيقة كان لهذا الأثر أن يخرج العلويين من احتمال "جيتو" مفترض، وهذا ما حدث أيام الأسد الأب. إلى درجة أنه وبعد تحالفه مع الثورة الإيرانية الخمينية لم يكن يسمح لأي أثر طائفي شيعي بالتغلغل في أوساطهم، على اعتبار أن الإسلام السائد، إسلام العروبة، هو موئل العلويين وأي أقلية عانت ظلم العثمانيين. وأبناء الطائفة العلوية يعرفون أنه بعدما تسلل بعض "المبشرين" الشيعة الإيرانيين إلى أوساط الطائفة العلوية في الثمانينات من القرن الماضي، من خلال ستار المكتبات وتمويل "منشورات آل البيت"، وخلسة عن أعين رجال الأمن الذين كانوا يحملون تعليمات صارمة وقاطعة بمنع أي وجه من وجوه التشييع، يعرف الجميع أن عدداً من هؤلاء الداعين إلى التشيع قد تم التضييق عليهم وحتى التصفية كما حصل مع أحد الأطباء من مدينة طرطوس الساحلية في آخر ثمانينات القرن الماضي. ونمتنع عن ذكر اسم الطبيب بطلب من عائلته الكريمة.

حافظ الأسد كان يتعامل مع العروبة كمخلص نهائي لإشراك أقليات الإسلام في الدولة والتاريخ العربي الحديث. ونجح نجاحاً منقطع النظير. إذا صار العلويون يعتبرون أنفسهم جزءاً من التاريخ السياسي للمنطقة وجزءاً من حراكها العربي الفاعل. وإلا كيف يمكن فهم التحالف الإيراني – السوري في الثمانينات والتسعينات وفي الوقت ذاته علاقة عربية سورية في أفضل حالاتها؟ وكان مؤتمر الطائف في المملكة العربية السعودية إعلاناً نهائياً عن إمساك الراحل الأسد بالورقة الإيرانية لا إمساكها به. فكان مثلاً ، التنسيق السوري المصري السعودي يدير لعبة السياسة الإقليمية في أعلى كفاءة. والجميع يذكر دور المملكة العربية السعودية سواء في المسألة اللبنانية أو العراقية أو الإيرانية، وكله في تفاهم عالٍ مع الأسد الأب. ذلك أنه، أي الأسد الأب، وهو العروبي، يعتبر الإسلام العربي، في مختلف مصادره، هو مولد الكينونة وحامل الشخصية السياسية الأساسي. فكان يَتحدث عن دمشق، أنذاك، بقلب للعروبة. ولم يكن في الأمر مبالغة تذكر. كل خصوم الأسد الأب لا يستطيعون إلا الاعتراف بتعريبه للسياسة السورية، ومنها مناطقيتها وأقلياتها.

التبشير الشيعي

الآن، في عهد الأسد الابن، فارقٌ مروع. حصل شيءٌ لا يُصدق. إذ إن الدكتور بشار الأسد استلم السلطة عبر غطاء عربي سريع منحه شرعية مباشرة من خلال زيارات الرئيس المصري حسني مبارك وولي العهد السعودي – أنذاك – الملك الحالي عبدالله بن عبدالعزيز، وأيضاً من خلال قراءة أميركية إيجابية له كطبيب منفتح يفترض أن تنتقل معه سوريا إلى ما بعد الحرب الباردة. ومع أن بشار الأسد استلم السلطة مترافقة مع انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني، وما يفترضه الأمر من تحول نوعي نحو المؤسسات والعمل المدني، فوجئ المراقبون كيف أن العلماني المفترض - بصفة بشار الأسد طبيب تعلم في الغرب وابن لحافظ الأسد - فوجئ المراقبون بتحول العلماني دينياً غارقاً في تحالف طائفي خلع أبواب سوريا أمام الحلف الذي بات شريكاً بحصة الأسد، وبات الأسد، ومعه الجمهورية العربية السورية، بحصة عصفور، فتقدمت إيران في سوريا وتراجعت عاصمة الأمويين إلى الخلف، وشخص السني إلى نفسه التي جُردت من كبريائها الشامية التي منحها بنو أمية كل عوامل الرفعة والإحساس بالامتلاء. وشخص العلوي إلى نفسه ليرى أن الأسد الابن أهدى الجمهورية العربية إلى الجمهورية الفارسية، والجمهورية العلمانية إلى الجمهورية الشيعية. لم يعلم الأسد الابن أن للأمر حساسية مذهبية تفوق حساسيته الطائفية، فالعلويون الذين يكفرون شيعياً باعتبارهم "منحرفين ضالين ومبتدعي كفر التجسيد" لن يتقبلوا أن يأتي مكفرهم ليهددهم تهديداً لم يتلقه العلوي حتى في زمن الدولة العثمانية. الآن يأتي "المبشر" الشيعي إلى قراهم في اللاذقية وجبلة وطرطوس ويشتمهم ويكفرهم مدعوماً من الدولة ومدعوماً بغطاء حماية التشيع للمقاومة. في عدد من قرى "جبلة" العلوية بات الناس يشتكون علناً من الاختراق الإيراني لإسلامهم العربي الذي قدمه لهم حافظ الأسد بصفته عروبة ذات أساس ديني موحد.

ضيوف وشتائم

أكمل الأسد الابن رحلة التحالف مع إيران، إلا أنه فقد أي مقاومة تذكر بالحفاظ على وجه سوريا العربي. لقد بات السوريون ينفرون من مئات الآلاف من الإيرانيين الذين يأتون دمشق لزيارة السيدة زينب ثم يشتمون العاصمة علناً أمام أهلها (!) ينزل الإيراني الآن من الحافلة التي تقله من المطار إلى دمشق ويقول بالحرف الواحد: "لعن الله فلان وفلان وفلان يا أهل الشام" – لم نستطع العمل بمقولة ناقل الكفر ليس بكافر إذ يمنعنا التأدب حتى من ذكر المشتومين الذين هم وحدهم بناة هذه الدولة التي دخلها الحاج الإيراني وشتم أهلها أمام أعينهم.

كل التركة العربية التي خلفها الراحل الأسد الأب بددها الأسد الابن وبات الحال، يشبه حال العرب بعيد سقوط بني أمية وطرد آخر ملوكهم ومن ثم قتله. العربي الآن في دمشق مصدر شتيمة وبغضاء. لماذا؟ لأنه ليس "مقاومة" إيرانية. ابن دمشق الآن ينتظر اعترافاً من طهران بحبه لفلسطين وللإسلام؟ في زمن الأسد الأب كانت كلمة "العربي" مجال فخر واعتزاز إنما وفي عهد بشار الأسد صار العربي درجة أدنى. من يصدق ذلك؟ صار العربي مرادفاً للتخاذل وللتخلي عن فلسطين. هكذا بسياسة استلحاق واستتباع كسا الغبار وجه سوريا وبات لا يدخلها العربي إلا مضطراً. تلك عبقرية التحالف الذي يحولك إلى ورقة ويخلعك عن باب أمتك. لو قام الأسد الأب من قبره ورأى حال سوريا على يد ابنه الرئيس لأصابه الذهول وغرقٍ في تفجع لا نهاية له لأن ما خُرب أكبر بكثير من قدرة أي بنّاء على الترميم.

خيارات العلويين في ظل سياسة بشار

وضعت الطائفة العلوية الآن في عهد الأسد الابن أمام خيارات نقوصية عالية، فإما تتنازل عن التركة العروبية التي أسسها حافظ الأسد وتعود إلى حصنها المنغلق وإما تدخل في سباق مع الكينونة وترى التشيع حلاً واسعاً؟ في زمن الأسد الأب، وبسبب التداخل المنطقي بين العروبة والإسلام، حدث نوع من "التسنن" النسبي أو الكامل لدى العديد من الأسر العلوية وبات نظام الصلاة لديهم تماماً كالمعمول به في الإسلام الأكثري، السني. وباتت العائلات العلوية التقليدية تتسابق على إظهار إسلامها الظاهري واعتناقه بحرفيته ودخلت أسماء "خالد" و "أبو بكر" إلى مسميات أبنائهم باعتبار خالد نموذج عروبة وأبي بكر خليفة شرعياً. وباتت الأصوات تعلو من داخل الطائفة العلوية بأن الكثير من معتقداتهم القروسطية صارت عبئاً على "العلوي" الجديد الذي رأى في الإسلام الظاهري، إسلام الأكثرية، وعاءً أيديولوجياً عالي القيمة. حتى أن رجال الدين كانوا يشتكون في الثمانينات من طلاب الجامعة العلويين الذين "يشعرون بالخجل" من سب وشتم الخلفاء أو عبادة القمر والشمس. وكانت النكات والطرف تتخلل المجتمع العلوي عن كل طقوس التعبد والعقائد. وهذا أمرٌ معروف للجميع وبسبب قوة الدفع العروبي الذي أسس له حافظ الأسد مما سهل على كثر من المترددين بالاتجاه إلى إسلام منفتح علني يتفق عليه الكل من حولهم.

مشكلة العلوي الآن أكبر وأكثر تعقيداً. فقد أعادهم التغلغل الإيراني والتبشير الشيعي إلى الصفر، باستغلال جهل بشار في كل هذه القضايا. إذ إن العلوي الذي تجاوز مرحلة احتقار التاريخ إلى تمجيده، وشتم الصانع إلى احترامه، دخل الآن في تردد مدمر بسب عودة ثقافة شتم العرب وشتم الإسلام الأكثري إلى ثقافته. فماذا سيفعل الآن؟ هل سيعود إلى اعتبار عمر بن الخطاب وأبي بكر وعثمان "شياطين"؟ هل سيقرأ التاريخ الإسلامي بصفته مؤامرة على عائلة مقدسة تمت تصفيتها؟ سؤال قاسٍ يقلق المتابع لوضع الطائفة العلوية التي أوصلها ضعف شخصية بشار وجهله بالمدى اللامنظور للسياسة إلى هذا الوضع الواهن الذي سبق وتجاوزته مع نهاية الستينات.

على الرغم من الحرب الدامية التي وقعت بين نظام الأسد الأب والإخوان المسلمين في الثمانينات. وللتأكيد على سعة الإسلام الأكثري مع الطائفة العلوية يجب التذكير أنه في كل تاريخ الحرب بين الأسد الأب والإخوان المسلمين لم تنفجر سيارة مفخخة واحدة في أي منطقة علوية على الإطلاق؟ فهل يحتاج اللبيب إلى أكثر من إشارة ليفهم بأن مشكلة الإسلاميين مع النظام كانت سياسية وإقليمية ولم تكن طائفية وإلا ما سرّ هذا الامتناع (ولله الحمد طبعاً) عن ضرب أي تجمع علوي في الوقت الذي كانت تنفجر فيه السيارات في دمشق وحلب؟ العلويون أدركوا هذه المسألة منذ ولادتها وانتبهوا إلى أن مدنهم وقراهم كانت أسهل للاختراق من العاصمة ورغم ذلك لم يقترب منها إخواني واحد؟ وهذا سرّ اتجاه كثير من أبناء العائلات العلوية إلى "التسنن" بعد ما لاحظوا أنه على الرغم من قسوة رد فعل النظام على الإخوان عبر قصف مدينة "حماه" كان من الممكن أن يأتي انتقام إخواني – سني منهم ورغم ذلك لم تنفجر أي سيارة أو قذيفة في بيوتهم وأحيائهم. حتى أن أهل السنة في مدينة جبلة اللاذقانية ذات الأكثرية العلوية كانوا لا يكتفون فقط بتقديم التعازي إذا قتل ضابط علوي أو مواطن علوي عادي على يد الإخوان المسلمين؟ بل كان سنة "جبلة" يشرفون على العزاء مباشرة كما لو أنهم أهل الفقيد تماماً ولا يعرف الغريب إلا أنهم أهله وليسوا ضيوفاً للتعزية. هذه هي أخلاق مدرسة الأسد الأب والذي لم نكن نظن يوماً أن نخط مقالاً في امتداحه بهذا الحجم إلا أن حال سوريا على يد ابنه جعلت الكل على الأقل يقول: رحم الله أيامك يا حافظ الأسد لمن تركت سوريا؟!.

لهذا يعرف المهتمون المراقبون أن تحولاً بنيوياً طرأ على علاقة العلوي مع محيطه أنذاك وبات، مثلاً الشيخ السني هو الذي يعقد القران في الزيجات العلوية وليس الشيخ العلوي، وكذلك امتناع أغلب الفئات الشابة والمتعلمة حتى عن مجرد تعلم الديانة العلوية. وأيضاً ازدياد ظاهرة تزويج العلويين بناتهم لرجال من السنة. وطبعاً ليس القصد الدعوة إلى أن يغير الناس عقائدهم بل الإشارة إلى الظرف والمساحة الحرة التي تسمح لهم بالاختيار العقلي.

"مقاومة" التعريب

الحالة الآن معكوسة وقد انقسم الشارع العلوي إلى فئتين أساسيتين في مرحلة الأسد الابن وهما: الأولى، وهي الشريحة التي تأثرت بالمد العروبي، ومن ثم الإسلامي، لأن العروبة تستبطن الإسلام بُنية، وتعاني الآن قلقا باديا فإما اتجاه نحو التطرف العلماني عبر الإلحاد وإما الغرق في التبشير الشيعي الذي بات يحاصر قراهم وفلاحيهم عبر جاذبية المال والنفوذ. أما الثانية، فهي الأخطر، فهي اكتشفت أن التبشير الشيعي أعادها إلى المربع الأول، ثقافة اللعن والخروج من التاريخ والانقلاب على الدولة، فانقسمت بدورها إلى خيارين اثنين، الخيار الأول عبر عودة إلى الأصول العلوية الأولى وما تشمله من ارتياب وفرقة وخروج من التاريخ، الخيار الثاني عبر التشيع. وهي الفئة التي نجح التبشير الشيعي باستمالتها من خلال جاذبية المقاومة ومعنى الحسين شهيداً حتى تداخل الأمر وبدت المقاومة كما لو أنها استعادت لشخصية الحسينية ومدلولها في اللاشعور السياسي ليصبح المقاوم – الحسيني – نضالاً بوجه الهوية، الدولة، والتي تشتم من اللحظة الأولى لدخول الإيراني على مطار دمشق علناً وأمام الناس وحادثة التعارك بالأيدي التي حصلت بين موظف جمارك وأحد السياح الدينيين الإيرانيين عام 2006 في مطار دمشق أشهر من أن تكذب إذ انبرى السائح الشيعي بشتم معاوية وبعض الخلفاء بصوت عالٍ مما حدا بموظف المطار أن يقول له "يا ابن الكلب جاي على بلدي وتشتم خلفائي" وهجم عليه وضربه وتدخل بعضٌ من السياح الإيرانيين الآخرين وحسم الأمر لصالح السائح ذاك وعوقب موظف المطار بنقله إلى فئة أقل مهنياً وعقوبات أخرى (!) هذا نموذج لعبقرية بشار الأسد بإعادة العلويين إلى العصر ما قبل الصناعي وتحويل الشوام (أهل دمشق) إلى غرباء في عاصمتهم. كل ذلك ما كان ليحصل أيام ذكاء سوريا الأب وحنكة المملكة العربية السعودية ومرونة مصر العرب. كان هذا المثلث العروبي متراساً مشرقياً قاوم الحرب الباردة وخرج بأقل الخسائر وأكبر الانتصارات: إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، وقف الدعم عن النظام العراقي السابق، إرغام أوروبا على فك عزلتها التي فرضتها وقت ذاك على النظام السوري الحافظي.

اعتقد بشار أن التركيز السياسي على اللغة العربية كما يرد في خطاباته، يستطيع أن يعيد وهج سوريا العربية. خطأ جديد. اللغة ليست قواعد إملاء وإعراب. اللغة ثقافة وطريقة تفكير وخلق ونظام حياة. ماذا سينفع السوريون إذا أدخلت العربية إلى مناهجهم بكثافة بينما هم خارج العروبة وباتوا إما ضدها وإما لا يعرفونها؟!

انقلاب الأسد الابن على "الطائف"

بينما أنهى الأسد الأب مع المملكة ومصر الحرب الأهلية اللبنانية عبر أشهر اتفاق عربي – عربي أسس له العرب وأرغم الغرب على قبوله، نجد الآن عمل الأسد الابن على تفكيك اتفاق الطائف من خلال العمل على إذكاء الحرب الأهلية اللبنانية الآن (للمصادفة!). وبعد احتواء الحرب العراقية الإيرانية يعمل بشار الآن على تصدير الانتحاريين إلى العراق (للمصادفة). وبعد أن استطاع التلاحم العربي العربي (سورياً وسعودياً ومصرياً) أن يفك العزلة السورية عن أوروبا والعالم نرى بشار الآن أغرق سوريا في مستنقع عزلة لا مثيل له (وهو الآخر بالمصادفة). كما لو أن بشار يمثل ثورة على والده، فأبوه أخرج المساجين في التسعينات، وبشار أعادهم إليه في الألفية الثالثة (الآن حتى طلاب الباكالوريا يدخلون السجن)، حافظ الأسد وفي عز البلشفية والاشتراكية افتتح بيده فندق الشيراتون عام 1974م ، بشار الآن يفتتح مدارس التبشير الشيعي مقدماً لها الشرعية بكل فجاجة وبلا حياء.

بانتظار الخلاص

إذا انقلبت سوريا في عهد بشار الأسد على الطائف وأذكت الحرب اللبنانية التي يعد لها الآن، وإذا خرجت سوريا من صف التضامن العربي، وإذا أسقط في يد العلويين فلم يعرفوا اتجاهاً إلا الالتفاف حول التبشير الشيعي بوجه "آل أمية" وإذا يشتم الشامي في داره فماذا يكون محصل هذه السياسة التي رهنت نفسها لمشروع الغير وباتت حتى عبئاً عليه لغياب أي مبادرة ذاتية منه. الحل بيد السوريين أنفسهم. ورثة العروبة ومنتجوها. أهلها وبيتها. هؤلاء الذين قال عنهم الشاعر اللبناني الكبير سعيد عقل: "ألحقوا الدنيا ببستان هشام". باتوا الآن ملحقين وليس ببستان، بل بثقافة مغلقة تريد أن تعيد التاريخ إلى لحظة قابيل وهو يقتل أخاه هابيل. هذا جزء بسيط من جردة سياسة الدكتور بشار الأسد الذي لم يتبق من سوريا إلا صوره هو بدون أي ابتسامة أو حتى أدنى ثقة بالنفس.

Tuesday, November 27, 2007

السيد فضل الله: لا تستسلمن لعنف أزوجكن

السيد فضل الله: لا تستسلمن لعنف أزوجكن
GMT 14:45:00 2007 الثلائاء 27 نوفمبر
إيلاف



--------------------------------------------------------------------------------

إيلاف من بيروت: أصدر المرجع الشيعي العلاّمة السيّد محمد حسين فضل الله، فتوى للمرأة أجاز فيها لخا ردّ عنف الرجل الجسدي الذي يستهدفها بعنف مضادّ من باب الدفاع عن النفس، مُشيراً إلى أنّ المرأة لا تزال ضحيّة للعنف الذي يُمارَس ضدّها على مستوى العالم كلّه، داعياً إلى رفع العنف عنها، سواء أكان عنفاً جسديّاً أو اجتماعيّاً أو نفسيّاً أو تربويّاً أو داخل البيت الزوجي أو ما إلى ذلك.
وشدّد سماحته على أنّ قوامة الرجل على المرأة لا تعني سيادته عليها، بل تحميله المسؤوليّة في إدارة البيت الزوجي، مُشيراً إلى أنّ الإسلام لم يُبحْ للرجل أن يمارس أيّ عنفٍ على المرأة في حقوقها الشرعيّة أو حتّى في مسألة السبّ والشتم والكلام القاسي، مؤكّداً على احترام حقوق المرأة في العمل وفي داخل الأسرة، وعلى تقدير تضحياتها في كلّ مجال.
لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ المرأة ردّ سماحته على جُملة من الاستفتاءات والاستفسارات التي وردته ببيان شرعيّ جاء فيه:
بالرغم من كلّ التقدّم حيال النظرة الإنسانيّة للمرأة، والتكريم الذي حظيت به قياساً بما كانت عليه في أغلب المجتمعات الشرقيّة والغربيّة، وبالرغم من صعود المرأة في السلّم الاجتماعي والسياسي، حتّى تبوّأت أعلى المناصب، الحكوميّة وغيرها، وانخرطت في حركات النضال إلى جانب الرجل، وتفوّقت عليه أحياناً؛ إلا أنّ المرأة لا تزال تعاني من العنف الممارس ضدّها، والذي يأخذ أشكالاً متعدّدة، ولا يقتصر على دائرة دون أخرى، كما لا يأخذ هويّة شرقيّة بل نجده شاملاً في مستوى العالم، وإن كان قد يختلف شكل العنف وحجمه بين مكانٍ وآخر.
فلا تزال المرأة، سواء كانت أختاً أو بنتاً أو زوجة، عُرضةً لتسلّط الرجل عليها، سواء كان أخاً أو أباً أو زوجاً، ويأخذ العنف في ذلك أشكالاً متعدّدة.
فمن العنف الجسدي الذي تتعرّض فيه المرأة للضرب، وهذا ما يمثّل الرجل فيه أحطّ حالات الإنسانيّة؛ لأنّه يدلّ على فقدان الرجل للمنطق الذي يُمكن أن يفرضه على الآخر من موقع الالتزام والاقتناع؛ كما أنّه لا يدلّ على قوّة الرجل، بل على ضعفه؛ لأنّه «إنّما يحتاج إلى الظُلم الضعيف». حتّى يصل العنف ـ في هذا المجال ـ إلى أقصى مستوياته وأقساها عندما تتعرّض المرأة للاغتصاب الذي قد ينتهي بموتها.
إلى العنف الاجتماعي ضمن ما يُطلق عليه «جرائم الشرف»، الذي يكتفي فيه المجتمع القبلي أو العائليّ أو ما إلى ذلك، بالشبهة ليحكم على المرأة بالنفي أو بالإعدام، فضلاً عن أنّ المجتمع لا يملك حقّ تنفيذ الأحكام إلا من خلال القضاء وآليّاته المبيّنة من خلال الشرع الحنيف. أو العنف الاجتماعي الذي يفرض على المرأة الزواج من شخصٍ لا ترغب فيه، من خلال الذهنيّة العائليّة أو القبليّة أو غيرهما.
إلى العُنف النفسي الذي يهدّد فيه الزوج زوجته بالطلاق أو بغيره، أو عندما يتركها في زواجها كالمعلّقة، فلا تُعامل كزوجة، أو الذي يستخدم فيه الطلاق كعنصر ابتزازٍ لها في أكثر من جانبٍ، فتفقد بالتالي الاستقرار في زواجها، ممّا ينعكس ضرراً على نفسيّتها وتوازنها.
إلى العنف المعيشي الذي يمتنع فيه الزوج أو الأب من تحمّل مسؤوليّاته المادّية تجاه الزوجة والأسرة، فيحرم المرأة من حقوقها في العيش الكريم، أو عندما يضغط عليها لتتنازل عن مهرها الذي يمثّل ـ في المفهوم الإسلامي ـ هديّة رمزيّة عن المودّة والمحبّة الإنسانيّة، بعيداً عن الجانب التجاري.
إلى «العنف التربويّ» الذي تُمنع معه المرأة من حقّها في التعليم والترقّي في ميدان التخصّص العلمي، بما يرفع من مستواها الفكري والثقافي ويفتح لها آفاق التطوّر والتطوير في ميادين الحياة؛ فتبقى في دوّامة الجهل والتخلّف؛ ثمّ تحمّل مسؤوليّة الأخطاء التي تقع فيها نتيجة قلّة الخبرة والتجربة التي فرضها عليها العنف.
إلى العنف العملي الذي يُميّز بين أجر المرأة وأجر الرجل من دون حقّ، مع أنّ التساوي في العمل يقتضي التساوي في ما يترتّب عليه، علماً أنّ المجتمع بأسره قد يمارس هذا النوع من العنف عندما يسنّ قوانين العمل التي لا تراعي للمرأة أعباء الأمومة أو الحضانة أو ما إلى ذلك ممّا يختصّ بالمرأة، إضافةً إلى استغلال المدراء وأرباب العمل للموظّفات من خلال الضغط عليهنّ في أكثر من مجال.
إنّنا أمام ذلك، نؤكّد على جملة من الأمور:
أوّلاً: يشكّل الرفق منهجاً مركزيّاً في الإسلام، يكتسب الأولويّة على العنف الذي لا ينبغي أن يتحرّك إلا في حالاتٍ استثنائيّةٍ قد تقتضيها ضرورة التربية أو ردّ العدوان. قال النبيّ محمّد (ص): «إنّ الرفق لم يوضع على شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه»؛ وهذا المنهج عامٌّ لكلّ العلاقات الإنسانيّة، من دون فرقٍ بين رجلٍ وامرأة، أو صغيرٍ أو كبير.
ثانياً: إنّ قوامة الرجل على المرأة لا تعني سيادة الرجل عليها، بل تعني تحميل الرجل مسؤوليّة إدارة الأسرة التي لا بدّ أن لا يستبدّ بها، بل أن يتشارك مع الزوجة في كلّ الأمور المشتركة بينهما كزوجين.
ثالثاً: إنّ إقبال المرأة على العمل المنزلي والاضطلاع بأعبائه من خلال إنسانيّتها وعاطفتها وتضحيتها، في الوقت الذي لم يكلّفها الإسلام أيّاً من ذلك، حتّى فيما يختصّ بالحضانة وشؤونها، واحترم عملها حتّى افترض له أجراً مادّياً، لا بدّ أن يدفع الرجل إلى تقدير التضحية التي تبذلها المرأة في رعايته ورعاية الأسرة؛ فلا يدفعه ذلك إلى التعسّف والعنف في إدارة علاقته بها.
رابعاً: لقد وضع الإسلام للعلاقة بين الرجل والمرأة في الحياة الزوجيّة والأسرة عموماً قاعدةً ثابتة، وهي قاعدة «المعروف»، فقال الله تعالى في القرآن الكريم: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وقال تعالى: {فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريح بإحسان}، حيث يُمكن أن تشكّل قاعدةً شرعيّةً يُمكن أن تنفتح على أكثر من حُكمٍ شرعيّ يُنهي الزواج إذا تحوّل ضدّ «المعروف».
خامساً: اعتبر الإسلام أنّ المرأة ـ في إطار الزواج ـ كائنٌ حقوقيّ مستقلّ عن الرجل من الناحية المادّية؛ فليس للرجل أن يستولي على أموالها الخاصّة، أو أن يتدخّل في تجارتها أو مصالحها التي لا تتعلّق به كزوج، أو لا تتعلّق بالأسرة التي يتحمّل مسؤوليّة إدارتها.
سادساً: إنّ الإسلام لم يبح للرجل أن يمارس أيّ عنفًٍ على المرأة، سواء في حقوقها الشرعية التي ينشأ الالتزام بها من خلال عقد الزواج، أو في إخراجها من المنزل، وحتّى في مثل السبّ والشتم والكلام القاسي السيّئ، ويمثّل ذلك خطيئةً يُحاسب الله عليها، ويُعاقب عليها القانون الإسلامي.
سابعاً: نعتبر أنّه إذا مارس الرجل العنف الجسديّ ضدّ المرأة، ولم تستطع الدفاع عن نفسها إلا بأن تبادل عنفه بعنف مثله، فيجوز لها ذلك من باب الدفاع عن النفس. كما أنّه إذا مارس الرجل العنف الحقوقي ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيّة، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد.
ثامناً: يؤكّد الإسلام أنّه لا ولاية لأحد على المرأة إذا كانت بالغةً رشيدةً مستقلّة في إدارة شؤون نفسها، فليس لأحد أن يفرض عليها زوجاً لا تريده، والعقد من دون رضاها باطلٌ لا أثر له.
تاسعاً: في ظلّ اهتمامنا بالمحافظة على الأسرة، فإنّه ينبغي للتشريعات التي تنظّم عمل المرأة أن تلحظ المواءمة بين عملها، عندما تختاره، وبين أعبائها المتعلّقة بالأسرة، وإنّ أيّ إخلال بهذا الأمر قد يؤدّي إلى تفكّك الأسرة، ممّا يعني أن المجتمع يُمارس عنفاً مضاعفاً تجاه تركيبته الاجتماعية ونسقه القيمي.
عاشراً: لقد أكّد الإسلام على موقع المرأة إلى جانب الرجل في الإنسانيّة والعقل والمسؤوليّة ونتائجها، وأسّس الحياة الزوجيّة على أساسٍ من المودّة والرحمة، ممّا يمنح الأسرة بُعداً إنسانيّاً يتفاعل فيه أفرادها بعيداً عن المفردات الحقوقيّة القانونيّة التي تعيش الجمود والجفاف الروحي والعاطفي؛ وهذا ما يمنح الغنى الروحي والتوازن النفسي والرقيّ الثقافي والفكري للإنسان كلّه، رجلاً كان أو امرأة، فرداً كان أو مجتمعاً.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Entertainment/2007/11/283616.htm

Monday, July 23, 2007

هل كان الرسول أمياً بالفعل !؟

هل كان الرسول أمياً بالفعل !؟
GMT 4:00:00 2007 الإثنين 23 يوليو
الرياض السعودية

فهد عامر الأحمدي


قبل سنوات طويلة تحدثت بين مجموعة من الأقارب عن معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلت في نهاية كلامي: "ثم لا تنسوا أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب" ..وحينها انتفض رجل بسيط من مكانه وقال اتق الله يارجل فكلامك فيه تهمة وتقليل من مكانة النبي الكريم!
وأصدقكم القول أنني - حتى أثناء محاولتي إقناعه بأمية الرسول - لم أكن مرتاحاً لإثبات جهل نبينا بالقراءة والكتابة (كون المنطق يفرض عكس ذلك).

واليوم أصبحت أقل حماساً لإثبات هذا الأمر، وبدأت أتساءل إن كان الرسول بالفعل أمياً لا يقرأ ولا يكتب - وإن كان القول بعكس ذلك يخالف الإيمان أم يثبته!؟

.. وللأمانة يجب أن نشير الى أن وصف الرسول بالأمية جاء صراحة في آيتين كريمتين هما (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته)، (والذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل)

.. ولكن حين نعود لقواميس اللغة نجد أن "الأمية" تعني:

1- الجهل بقضية معينة ( مثل قولك أنا أمي فيما يخص الكمبيوتر).

2- الجهل بالقراءة والكتابة على وجه التحديد.

3- كما يأتي "الأمي" بمعنى الرجل العيي الجلف القليل الكلام وهي صفة ننزه نبينا الكريم عنها.

وهكذا لا يبقى أمامنا غير المعنى الأول والثاني الأمر الذي يتطلب مراجعة الآيات المعنية في القرآن الكريم.. ولو تأملنا سياق الآيات (التي تضم كلمة أمي أو أميين) ندرك أن "الأمية" أتت فيها بمعنى الجهل الديني وعدم العلم بالكتب السماوية ..فالرجل "الأمي" هو الذي لم يُنزل عليه كتاب ولم يعمل بنهج سماوي، و"الأميين" الجماعة التي لم ينزل فيها دين أو كتاب سماوي كحال العرب قبل الإسلام (حيث تقابل كلمة الأميين كلمة الكتابيين، أو أهل الكتاب، في القرآن الكريم).

.. فالعرب - من حيث الجهل بالقراءة والكتابة - لم يعانوا من الأمية المطلقة ولم يكونوا أسوأ حالاً من الأمم حولهم (بل على العكس كانت معلقات الشعراء تعلق على الكعبة، وكانت الصحف المكتوبة تتداول بسوق عكاظ، وكان تعليم الغير شرطاً لإطلاق أسرى قريش).

وبناءً عليه ليس دقيقاً وصف العرب بالأمية الكتابية (على الأقل بمطلق الكلمة) في حين يصدق وصفهم ب (الأمية الدينية) كونهم لم ينزل عليهم كتاب سماوي ولم يبعث فيهم رسول قبل محمد عليه الصلاة والسلام

.. وما يعزز هذا المفهوم ربط أمية العرب بالضلال الديني - وليس بالقراءة والكتابة - في قوله تعالى (هوَ الذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً منهم يَتلو عَلَيءهِمء آيَاتِهِ وَيُزَكيهِمء وَيُعَلِمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكءمَةَ وَإِن كَانوا مِن قَبلُ لفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) وكذلك تعامل أهل الكتاب معهم على هذا الأساس حيث قالوا ( ليءسَ عَلينا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ) وأيضاً وجود آيات تجمع الأميين والكتابيين - بنفس المستوى - مثل (وَقل للذِينَ أوتواء الكتَابَ وَالأمّيِّينَ أَأَسلمتمء فإِنء أَسلمواء فقد اهتدَوا).

.. هذا من جانب.. ومن جانب آخر أخشى أن لا يتفق القول بأمية الرسول مع آيات كثيرة تتعلق بشخصيته المباشرة . فالله أعلم بحال نبيه حين أمره بالقراءة في أول كلمة نزلت عليه (اقرأ) . وحين طلب منه جبريل ذلك رفض - من هول الموقف - وقال "ما أنا بقارئ" ولم يقل مثلاً لا أعرف أو لا أعلم ..وبعد أن توالى عليه الوحي لم يتهمه المشركون بالجهل والأمية بل على العكس اتهموه بإتقان حرفة الكتابه (وقالوا أَسَاطيرُ الأَولِين اكتتبهَا فهِي تملى عَلَيءهِ بُكرة وَأَصِيلا ) وحين أراد الله تزكيته من هذه التهمة ماذا قال؟ (رَسُولٌ مِّنَ اللهِ يتلو صُحفا مطهرة)!

.. على أي حال: لاحظ أننا نحاول إثبات أمر إيجابي لم يخرج عن الإطار اللغوي أو السياق القرآني.. ومعرفة الرسول بالقراءة والكتابة لا تتعارض مع وصفه ب (النبي الأمي) كونها تصدق على أميته الدينية وجهله بالأديان والكتب السابقة له وبالتالي تنزيهه من تهمة النقل عنها.

Wednesday, July 18, 2007

القلمون بلدة الـ 30 أستاذاً جامعياً هل تتحوّل «وزيرستان لبنان»؟

القلمون بلدة الـ 30 أستاذاً جامعياً هل تتحوّل «وزيرستان لبنان»؟
أحد جوامع البلدة (طوني أوريان)
غسان سعود ــ غريس حداد

هي «الإمارة الإسلامية» الأولى، كما يسميها أحد الصحافيين الأجانب، أو «وزيرستان لبنان»، (تيمّناً بمقاطعة وزيرستان على الحدود الباكستانية - الأفغانية حيث النفوذ القوي لحركة «طالبان»)، بحسب مسؤول دولي سابق. القلمون، التي لا يعرفها معظم أبناء «جيل الأوتوستراد» أو الطريق الجديد، يحتفظ جيلها السابق بذكريات طيبة عن «الليموناضة» وماء الزهر اللذين تشتهر بهما، ويذكر جيداً شارع العشاق المزدحم بـ«القلمونيات» اللواتي كنّ، وما زلن، يرفضن الزواج غير المسبوق بقصة حب

يتناقل صحافيون أجانب زاروا الشمال أخيراً، لتغطية أحداث نهر البارد، أخباراً مثيرة عن الملامح الأولى لـ«إمارة إسلامية» قيد النشوء في هذه المنطقة. والمفاجأة أن هؤلاء لا يتحدثون عن مناطق طرابلسية يغلب عليها الطابع الإسلامي، مثل القبّة أو أبو سمرا أو الزاهرية، بل عن القلمون، تلك البلدة الهادئة الممتدة بين دير البلمند شمالاً والبحر جنوباً، التي تعرف وسط الشماليين بـ«بلدة الـ30 أستاذاً جامعياً»، نظراً إلى صغر مساحتها وكثافة عدد المتعلّمين فيها.
للوهلة الأولى، لا تبدو البلدة، لزائرها، مختلفة عن غيرها من القرى والبلدات والمدن السنيّة في لبنان: صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله سعد في كل مكان، إلى جانب صور الرئيس العراقي السابق صدّام حسين والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. لكن التوغّل أكثر في شوارع البلدة، يكشف «صوراً» أخرى: معظم الرجال يرخون لحاهم ويرتدون اللباس الشرعي، حالهم كحال النساء. «أستغفر الله»، يردّ صاحب أحد المحال التجارية لدى سؤاله عمّا إذا كان يبيع الخمرة، علماً أن في البلدة حيّاً يعرف بـ«عين الخمّارة»، تيمّناً بخمّارة شهيرة كانت موجودة هناك قبل سنوات قليلة. عبارة الاستغفار نفسها تتردد لدى سؤال شبان مجتمعين في أحد مقاهي البلدة عمّا إذا كانت أفراحهم مختلطة، علماً أن هذه المقاهي نفسها كانت تعجّ قبل بضع سنوات بصبايا يرقصن وسط الشباب على أنغام الأغاني العاطفية، فيما الموسيقى باتت أيضاً من الأمور شبه المحظورة في هذه البلدة.
مساجد البلدة تجتذب أعداداً كبيرة من الشبان، وتبدو أشبه بخلايا نحل، يؤمّها شبان من كل الأعمار، يقرأون، ويتناقشون بصوت منخفض، فيما يصطحب آباء أبناءهم إلى إحدى الغرف المعدّة لتعليمهم مبادئ الدين الإسلامي. ويقول حسن ملاط إن سلفيّي بلدته لم يحتاجوا الى إرشاد مباشر من رجال دين غرباء بسبب سفر بعضهم الى الخليج لفترات طويلة، ولغنى مكتبات جوامعهم بالكتب والمنشورات السلفيّة.صيادو سمك على ساحل القلمون (فريد بوفرنسيس)
اهتمام الشباب المتديّن يتجاوز الاطلاع على أوامر الدين ونواهيه في مجال العبادات والمعاملات، الى متابعة أحوال المسلمين في العالم عبر أقراص مدمجة تعرض وجهة نظر السلفيّة من «القمع اللاحق بالمسلمين في شتى أنحاء العالم»، إذ إن «من أصبح وأمسى ولم يهتم بأمور المسلمين ليس منهم»، بحسب الحديث الشريف الذي يردده محدّثنا العشريني، موضحاً أن متابعته لـ«الظلم اللاحق بالمسلمين في كوسوفو عبر هذه الأقراص شجّعني على البحث عن الوسيلة الأفضل لرفع كلمة الإسلام عالياً».
بعض أبناء القلمون يتجنّبون الحديث الى الإعلام خشية تشويه صورتهم، وخصوصاً بعد اعتقال القوى الأمنية نحو عشرة شبان من البلدة، وصدور مذكرات توقيف في حق بعضهم بتهمة الانتماء إلى تنظيم «فتح الإسلام» أو تأييده. وهم يجمعون على استنكار هذه «الاعتقالات الاعتباطيّة»، مؤكدين أن المعتقلين يتصفون بـ«الأخلاق الحميدة والسلوك الحسن»، رافضين إلصاق تهمة الإرهاب بكل من يرخي لحيته، ولافتين إلى أن بعض الموقوفين منحدرون من عائلات مرموقة لها وجود تاريخي في المنطقة ومصالح تجارية في أكبر دول العالم. ويؤكد أهالي البلدة وجود قاسم مشترك لدى معظم الموقوفين: «العداء للشيعة» و«تأييد تيار المستقبل».
غير أن هذا التأييد لا يمنع من أن تكون لسلفيّي القلمون نظرة مغايرة الى الصراع الدائر بين «فتح الإسلام» والجيش، وهم أصرّوا، وفقاً لأحد شيوخ البلدة، على غسل جثة المغوار رامز حمزة الذي قضى في مواجهات البارد، «علماً أن الشهيد وفق الشرع الإسلامي لا يُغسل»، وأكثروا خلال تشييعه من الدعاء لله لكي يغفر له «قتاله المؤمنين».
كيف برز التيار السلفي ونما في هذه البلدة التي كانت، الى أمد قريب، يغلب عليها الطابع العلماني؟
العضو السابق في المجلس الأعلى للحزب القومي السوري الاجتماعي زهير حكم يعيد هذا التطور إلى «وقائع تاريخية ــــــ سياسية موضوعية»، معتبراً أن «استبداد المشايخ حتى منتصف القرن الماضي بالقلامنة دفعهم إلى النفور من التديّن والانتساب إلى الأحزاب العلمانية، وخصوصاً الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي زار مؤسسه أنطون سعادة البلدة ثلاث مرات عاميْ 1937 و1947، وقبل اغتياله عام 1949». ومن «القومي» إلى «البعث»، فـ«الناصري»، حافظ أبناء القلمون على الانتماء العلماني، ولاحقاً، مع بروز الأحزاب الفلسطينية، انتمى كثيرون منهم إلى حركة «فتح» التي لا تزال تتمتع بتنظيم فاعل في البلدة. ويضيف حكم أنه منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي، بدأت المجموعات الإسلامية بالظهور، وخرجت أولاها، «عباد الرحمن»، من القلمون إلى مختلف المناطق اللبنانية بعدما أسست في القلمون مدرسة «المنار» واهتمت بالشؤون التربوية حصراً، ما ساعدها على استقطاب الكثير من أهل البلدة الذين كان هدفهم الرئيس متابعة تحصيلهم العلمي. ومن رحم «عباد الرحمن» انبثقت «الجماعة الإسلامية» التي حازت في القلمون نسبة كبيرة جداً من المؤيدين، فيما لم تنجح «حركة التوحيد الإسلامي» التي أسسها الشيخ الراحل سعيد شعبان في اختراق الحياة الاجتماعية ـــــ السياسية في هذه البلدة، حتى في عزّ نفوذ حركته في منتصف الثمانينيات.
لكن انضباط المنضوين إلى صفوف «الجماعة» ونظامها الصارم، دفع كثيرين، بحسب المحامي رشيد كركر، إلى الخروج عن تعاليمها في مطلع التسعينيات وفتح قنوات اتصال مع المجموعات السلفية «الجهادية» المنتشرة في العالم العربي، وخصوصاً في السعوديّة. تجاهل هؤلاء القضايا السياسية التي انغمست فيها الجماعة، وركّزوا جهودهم على معالجة هواجس الأهالي والإجابة عن أسئلتهم الروحية والاجتماعية، وتقديم المساعدات الماديّة لهم، مستفيدين من تبرّعات قلامنة الخليج، ما ساعدهم على تعزيز نفوذهم.
عشية الانتخابات النيابية عام 1992، نظّم سلفيّو القلمون تحركهم العلني الأول رفضاً للمشاركة في انتخابات «في ظل نظام لا يمثل المسلمين»، وكثّفوا من نشاطاتهم، وعمدوا إلى نشر مبادئهم، بالترغيب حيناً، والترهيب أحياناً كثيرة، كرمي إصبع ديناميت قرب قاعة للأعراس، أو تمرير كلمة سر لمقاطعة كل من يبيع «منكراً» في محله، أو يفتح مطعمه أو مقهاه في أوقات الصوم في شهر رمضان.
لم يعترض علمانيّو البلدة، بجديّة، على هذه التصرفات، فيما لم تجد «الجماعة الإسلامية»، بحسب أحد المشايخ السلفيّين، في نموّهم ما يخيفها، وخصوصاً أن لا مرجعية سياسية لهم، ولا يوجد في وسطهم معادون لها. والأهم من ذلك أنهم كانوا يقترعون في الانتخابات النيابية والبلدية والنقابية وفق توجّهات قيادة الجماعة. ولفت كركر إلى أن هذه المجموعات تتبع حالياً أسلوب العمل الملتبس والمثمر نفسه مع تيار «المستقبل». ففي الانتخابات البلديّة اقترع السلفيون، وهم الأكثرية، لـ«الجماعة»، ثم جاهروا في الانتخابات النيابية بتأييدهم «المستقبل»، فاقترعوا للائحة «زي ما هيّي» كاملة من دون أي تردد، على رغم أن أكثر من 20 شاباً من البلدة قضوا، بحسب أحد القلامنة، على أيدي مسلحي «القوات اللبنانية» التي هجّرت خلال الحرب أهالي القلمون وأعدمت مسنّين رفضوا ترك أرضهم.
تتعايش في القلمون اليوم، بحسب أحد مشايخها، أربع مجموعات سلفية رئيسية تضم وجوهاً ثقافية وأكاديمية نخبويّة، وأبرز ما يجمعهم التشدد المذهبي. ويؤكد الشيخ نفسه أن القوى الأمنية عثرت على أسلحة في معظم المنازل التي دهمتها في البلدة، وتمكنت من اكتشاف «خليتين جهاديتين» من القلامنة كانتا «نائمتين» وسط الأهالي «في انتظار التعليمات».
يعتقد أحد أبناء البلدة، من الغائصين في تاريخها، أن الدور المرسوم للبلدة في تصوّر السلفيّين الجهاديين يعيدها مئات السنوات إلى الوراء، عندما نشأت بحجة علنية هي استثمار الازدهار التجاري الناشئ من مبيت القافلات المتجهة إلى طرابلس في «خان غازي» في القلمون، فيما كان «الهدف السري» حماية خاصرة طرابلس «مدينة المسلمين». ويشير المؤرخ القلموني إلى توزع أهالي البلدة التي لا يزيد عدد ناخبيها على ثلاثة آلاف، على 103 عائلات، الأمر الذي يضعف الروابط العائلية ويعزز العامل المذهبي والعصبية القلمونية. لذا يصعب على الغرباء اختراق نسيجهم أو اكتشاف ما يدور داخل جدران منازلهم. ويلفت الى وجود «ازدواجية» يصعب تفسيرها، لا تكمن في تأييد تيار «المستقبل» والتعاطف مع «فتح الإسلام» فحسب، بل في احتضانهم آثاراً مسيحية مهمة في مغارة القديسة مارينا في القلمون لعقود طويلة قبل تحطيمها ردّاً على الذبح على الهوية، تماماً كما يرسلون أبناءهم إلى مدارس المسيحيين وجامعاتهم ثم يكمن بعضهم للرهبان المتوجهين إلى دير البلمند، وتماماً كما يحظرون بيع الخمر في بلدتهم، فيما يتغاضون عن المجمعات البحرية وبيوت الدعارة الموجودة بكثافة عند أطراف البلدة!
يهزّ المؤرخ العلماني رأسه وهو يعدّد هذه الظواهر، وغيرها، قبل أن يقول إن «التجارة مع الله ربّيحة» بالنسبة إلى البعض، فلقب شيخ لخارجٍ من بيئة اجتماعية مهمّشة تجعله قادراً على صنع المستحيل.

سكانها يستعيدون كابوس «إمارة التوحيد» بعد 22 سنة على سقوطها ... طرابلس تثير شهية «الإسلاميين» وأهلها «يقاومون» ويتمسكون بالدولة

سكانها يستعيدون كابوس «إمارة التوحيد» بعد 22 سنة على سقوطها ... طرابلس تثير شهية «الإسلاميين» وأهلها «يقاومون» ويتمسكون بالدولة
طرابلس (شمال لبنان) – باسم البكور الحياة - 18/07/07//


سوق شعبي في المدينة
يقف محمد أفيوني على شرفة منزله المطلة على قلب طرابلس من منطقة أبي سمراء. يتكئ قليلاً على «درابزون» الشرفة، ثم يسرّح نظره في تقاسيم المدينة التي نشأ في كنفها وترعرع بين أزقتها العتيقة.

يقول الرجل الستيني بعد تنهيدة عميقة: «لم تعد طرابلس كما كانت عليه قبل بضعة عقود من الزمن. إذ شوّه بعض أبنائها صورتها باسم الإسلام». ثم يشير بيمينه الى الجزء الظاهر من طلعة الرفاعية، قائلاً: «لهذا المكان قصة مع «إسلاميي» طرابلس الذين «حكموا» المدينة بين عامي 1982 و1985. كانوا ينصبون حاجزاً في آخر الطلعة بعد العاشرة ليلاً، ثم يعمدون الى توقيف السيارات بقوة السلاح، ويطلبون من سائقها فتح فمه ليشمّوا رائحته. فإن اكتشفوا انه كان في سهرة شرب خلالها الخمر... أوسعوه سباباً وشتائم وركلاً وضرباً بأعقاب بنادقهم(...) كان هؤلاء يمارسون على الأرض أفعالاً تتناقض كلياً مع أحكام الآيتين القرآنيتين الكريمتين: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» و «أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟»، ما جعل الناس ينفرون منهم ومما يدعون إليه غصباً».

يتحدث أفيوني بكثير من الألم عن تلك الفترة التي أحكمت فيها «حركة التوحيد الإسلامي» قبضتها على عاصمة الشمال اللبناني، فحكمتها بالنار والبارود، ومنعت فيها المسابح والملاهي ودور السينما. وألبست طرابلس الحجاب عنوة، معلنة إياها «إمارة إسلامية» خاضعة لأمرة «أمير الحركة» الشيخ سعيد شعبان الذي توفي في مطلع حزيران (يونيو) 1998.

ويصف غالبية الطرابلسيين حقبة إمارة التوحيد بـ «النقطة السوداء» في تاريخ المدينة، جرّت - ولا تزال – على طرابلس صورة «نمطيّة» جزئية وظالمة لا تمثل تاريخ المدينة وهويتها. وعلى رغم هزيمة «حركة التوحيد» أمام القوات السورية في المعركة الشهيرة عام 1985، إلا ان حلم «الإمارة» الإسلامية ظل يراود أميرها شعبان سنوات بعد سقوطها. ويتذكر الطرابلسيون كيف منع شعبان صاحب سينما «ريفولي» في طرابلس عرض فيلم «الإرهابي» لعادل إمام في آذار (مارس) 1994، بعدما هدّد بـ «تفجير» الصالة في حال عرض الفيلم المصري، بحجة انه «يسيء الى الإسلام ويشوّه صورة الجماعات الإسلامية في الوطن العربي».

تلك الحادثة وسواها من الممارسات المماثلة، السابقة واللاحقة، ساهمت في رسم صورة مشوّهة عن طرابلس التي باتت تصفها وسائل الإعلام المحلية والدولية بأنها «مدينة التطرّف» و «موئل التكفيريين» في لبنان، على رغم ان أهل المدينة كانوا في طليعة الرافضين لـ «إمارة التوحيد» وأكثرهم تضرراً من ممارساتها. ولا يتردد مصطفى مستو (58 سنة)، وهو مرشد تربوي، في وصف تلك الحقبة بـ «الكابوس» الذي خيّم على المدينة خلال النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي، معتبراً ان الطرابلسيين اكتشفوا ان شعار «الإسلام هو الحل» الذي رفعه إسلاميو المدينة آنذاك، كان فارغاً: «إذ وجدنا قمعاً... وليس حلولاً أو بدائل اجتماعية وثقافية. فوقعنا تحت تأثير صدمتين متتاليتين: صدمة «الإسلام هو الحل» التي طبقها هؤلاء علينا بالرعب والترهيب، بعد صدمة «العروبة» التي أصابتنا عقب هزيمة 1967». ويعزو نبيل عرابي (40 سنة)، وهو مدرّس، تلك الصدمة الى ان»الشعارات التي رفعها إسلاميو المدينة (ومنها شعار «الإسلام هو الحل») برّاقة وتضرب على وتر ديني حساس، في حين لم تكن ممارساتهم على الأرض تمت بصلة إلى التعاليم الدينية السمحة، بل كانت تطبيقات هوائية شاذة».

كابوس «إمارة التوحيد» الذي حوّل نهارات طرابلس ليالي حزينة وكئيبة بين عامي 1982 و1985، يعيش الطرابلسيون اليوم هاجسه بعدما كادت مدينتهم ان تتحوّل مرة ثانية «إمارة إسلامية» على يد شاكر العبسي هذه المرة، وتحت لواء «فتح الإسلام» بدلاً من راية «التوحيد».

لكن، يبدو ان الطرابلسيين لا يُلدغون من جحر مرتين، بعدما تذوّقوا المرّ من كأس «الإسلاميين». ولعل هذا ما دفعهم أخيراً الى الالتفاف حول الجيش اللبناني في معركته المتواصلة منذ أكثر من خمسين يوماً مع تنظيم «فتح الإسلام». «إن سرّ وقوف الطرابلسيين الأخير مع الجيش يكمن في أنهم يرون فيه «خشبة خلاص» بعد سلسلة طويلة من الخيبات المتوالية»، بحسب تعبير مستو. إنه الالتفاف الذي يعكس عطش أهالي المدينة إلى فكرة الدولة التي كانت غائبة أو مغيّبة عنهم منذ ممانعتهم الشهيرة في دخول «دولة لبنان الكبير» في مطلع أيلول (سبتمبر) 1920، ما أدى الى حرمانهم من أبسط حقوقهم كعاصمة ثانية للوطن الوليد مع استقلال الجمهورية عام 1943. لكن ما الذي يجعل من عاصمة الشمال اللبناني محط أطماع الحالمين بـ «إماراتهم» الوهمية، ومثار «شهواتهم» السلطوية؟

لا شك في ان هوية طرابلس المحافظة، باعتبارها المدينة السنية الأولى في لبنان نسبياً، شكّل جاذباً مهماً للإسلاميين، فأقاموا فيها مؤسساتهم التربوية والصحية والخيرية... وحتى التجارية، حتى باتت المدينة مركز ثقل لـ «مشاريع» هؤلاء ونشاطاتهم. وبالتالي، «اعتمد الإسلاميون على هوية طرابلس الدينية لتكون ظهرهم المحمي، من دون ان يكون هؤلاء بالضرورة ناطقين باسم المدينة»، بحسب تعبير مدير الفرع الثالث لمعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية عاطف عطية، لافتاً الى ان طرابلس ليست موقع حماية لهؤلاء، «ولكنها في موقع قبول وجودهم بسبب التوازنات الطائفية التي تحكم البلد. إذ دلّت الحوادث الأخيرة ان ثمة تفكيراً بأن تكون طرابلس «بيضة القبّان» (السنية» الموازية لـ «بيضة» الضاحية الجنوبية لبيروت (الشيعية)».
أحد الأحياء الجديدة في طرابلس (الحياة)


وعلى رغم كون طرابلس مدينة محافظة وتقليدية، «إلا أنها ليست مدينة التطرف والتكفير»، بحسب تعبير الأستاذ الجامعي والكاتب السياسي عبدالغني عماد، مفسراً سبب انجذاب إسلاميي لبنان الى طرابلس بأنها واحة من الاعتدال والتسامح، ما جعلها موئلاً أيضاًَ لتيارات أخرى، علمانية... وقومية، وليس إسلامية فحسب. «وعندما توصف المدينة بأنها محافظة وتقليدية فهذا التوصيف ليس جامداً وثابتاً، إذ له أسباب سوسيولوجية وتاريخية. فهي منذ الاستقلال حُرمت من أبسط حقوقها كعاصمة ثانية، وجرى تهميش منظم لدورها وموقعها في الجمهورية الناشئة، واستمر ذلك مع الجمهورية الثانية بعد الطائف (1989)، مضافاً إليه تسلّط مخابراتي وأمني طاول حياتها السياسية».

ويشير عماد الى ان طرابلس في الذاكرة التاريخية لأبنائها هي مدينة العلم والعلماء وقلعة العروبة والإسلام. ومع ذلك، لم تُخفِ المدينة تطلعها يوماً نحو حداثة حُرمت منها، ونحو تنمية طالبت بها، ومشاركة سلبت منها، وهي عبّرت عن هذا في مناسبات كثيرة.

وإذا كانت الصورة المتداولة إعلامياً عن طرابلس اليوم توحي بأنها «حصن منيع» للإسلاميين في لبنان، إلا ان الواقع يبيّن انه ليس للإسلاميين في هذه المدينة تلك السطوة أو الهيمنة التي يتخيّلها كثير من الإعلاميين والسياسيين. إذ خسر إسلاميو طرابلس منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، الكثير من شعبيتهم ومواقعهم ومراكز القوى لديهم. ويلاحظ عماد في هذا السياق ان هؤلاء لم يستطيعوا الحفاظ على مركز نيابي حصلوا عليه في ظروف استثنائية في الانتخابات النيابية عام 1992. ولا استطاعوا الحفاظ على حصتهم في المجلس البلدي والمجالس الاختيارية التي تدنت الى أدنى مستوى، فضلاً عن دورهم الهامشي في كل المعارك الانتخابية لنقابات المهن الحرة محامين، أطباء، مهندسين... وصيادلة)، إضافة الى ما تبقى من مؤسسات المجتمع المدني... ودورهم المتراجع على المستوى الطالبي والجامعي.

ويستطرد عماد ان ذلك لا يعني التقليل من دور إسلاميي طرابلس وحجمهم، بقدر ما هو دعوة الى عدم المبالغة وإلى الواقعية. «ومن هذا المنطلق يمكن القول ان مناطق التهميش الاقتصادي والاجتماعي في طرابلس والضنية وعكار تشكل بؤراً طبيعية لاستقطاب الشباب ولنمو دعوات التطرّف وسلوكيات العنف والانحراف الاجتماعي. وليس في هذا خصوصية طرابلسية، بقدر ما فيه من خصوصية سوسيولوجية لها علاقة بالقهر الاجتماعي والبطالة والأمية وغياب مشاريع التنمية وتكافؤ الفرص».

وإذا كانت هوية المدينة وطبيعتها المحافظة جعلتها في السنوات الأخيرة مقصداً للإسلاميين من كل التيارات، من «الأحباش»... الى السلفيين، ما شجع بعضها على فتح مراكز ومدارس كثيرة تحت شعار الدعوة ونشر «الثقافة الإسلامية»، من دون حسيب ولا رقيب على المناهج والدروس التي تلقى فيها، «فإن بعض الجمعيات والأحزاب والحركات الإسلامية تدفقت عليها الأموال الإيرانية في إطار الصراع والانقسام السياسي الدائر في لبنان، والسعي لإحداث اختراق في الساحة السنية، لكسر احتكار تمثيلها من قبل «تيار المستقبل»، بحسب رأي عماد.

ويرى بعض الطرابلسيين ان «تيار المستقبل» ساهم في إضعاف شعبية الحركات الإسلامية في المدينة، لأنه احتضن «كتيار سني» العاطفة الشعبية التي كانت تساهم بدورها في تشكيل دعم بشري أساسي لإسلاميي الشمال اللبناني عموماً. «والطريف في الأمر - يقول عماد – ان تنظيم «فتح الإسلام» أعلن انه جاء لنصرة أهل السنة في لبنان (انطلاقاً من طرابلس أو جوارها)، فوجد أشد أنواع المقاومة ممن ادعى انه جاء لنصرتهم»!


سكانها يستعيدون كابوس «إمارة التوحيد» بعد 22 سنة على سقوطها ... طرابلس تثير شهية «الإسلاميين» وأهلها «يقاومون» ويتمسكون بالدولة


طرابلس (شمال لبنان) – باسم البكور الحياة - 18/07/07//












سوق شعبي في المدينة
سوق شعبي في المدينة
يقف محمد أفيوني على شرفة منزله المطلة على قلب طرابلس من منطقة أبي سمراء. يتكئ قليلاً على «درابزون» الشرفة، ثم يسرّح نظره في تقاسيم المدينة التي نشأ في كنفها وترعرع بين أزقتها العتيقة.


يقول الرجل الستيني بعد تنهيدة عميقة: «لم تعد طرابلس كما كانت عليه قبل بضعة عقود من الزمن. إذ شوّه بعض أبنائها صورتها باسم الإسلام». ثم يشير بيمينه الى الجزء الظاهر من طلعة الرفاعية، قائلاً: «لهذا المكان قصة مع «إسلاميي» طرابلس الذين «حكموا» المدينة بين عامي 1982 و1985. كانوا ينصبون حاجزاً في آخر الطلعة بعد العاشرة ليلاً، ثم يعمدون الى توقيف السيارات بقوة السلاح، ويطلبون من سائقها فتح فمه ليشمّوا رائحته. فإن اكتشفوا انه كان في سهرة شرب خلالها الخمر... أوسعوه سباباً وشتائم وركلاً وضرباً بأعقاب بنادقهم(...) كان هؤلاء يمارسون على الأرض أفعالاً تتناقض كلياً مع أحكام الآيتين القرآنيتين الكريمتين: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» و «أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟»، ما جعل الناس ينفرون منهم ومما يدعون إليه غصباً».


يتحدث أفيوني بكثير من الألم عن تلك الفترة التي أحكمت فيها «حركة التوحيد الإسلامي» قبضتها على عاصمة الشمال اللبناني، فحكمتها بالنار والبارود، ومنعت فيها المسابح والملاهي ودور السينما. وألبست طرابلس الحجاب عنوة، معلنة إياها «إمارة إسلامية» خاضعة لأمرة «أمير الحركة» الشيخ سعيد شعبان الذي توفي في مطلع حزيران (يونيو) 1998.


ويصف غالبية الطرابلسيين حقبة إمارة التوحيد بـ «النقطة السوداء» في تاريخ المدينة، جرّت - ولا تزال – على طرابلس صورة «نمطيّة» جزئية وظالمة لا تمثل تاريخ المدينة وهويتها. وعلى رغم هزيمة «حركة التوحيد» أمام القوات السورية في المعركة الشهيرة عام 1985، إلا ان حلم «الإمارة» الإسلامية ظل يراود أميرها شعبان سنوات بعد سقوطها. ويتذكر الطرابلسيون كيف منع شعبان صاحب سينما «ريفولي» في طرابلس عرض فيلم «الإرهابي» لعادل إمام في آذار (مارس) 1994، بعدما هدّد بـ «تفجير» الصالة في حال عرض الفيلم المصري، بحجة انه «يسيء الى الإسلام ويشوّه صورة الجماعات الإسلامية في الوطن العربي».


تلك الحادثة وسواها من الممارسات المماثلة، السابقة واللاحقة، ساهمت في رسم صورة مشوّهة عن طرابلس التي باتت تصفها وسائل الإعلام المحلية والدولية بأنها «مدينة التطرّف» و «موئل التكفيريين» في لبنان، على رغم ان أهل المدينة كانوا في طليعة الرافضين لـ «إمارة التوحيد» وأكثرهم تضرراً من ممارساتها. ولا يتردد مصطفى مستو (58 سنة)، وهو مرشد تربوي، في وصف تلك الحقبة بـ «الكابوس» الذي خيّم على المدينة خلال النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي، معتبراً ان الطرابلسيين اكتشفوا ان شعار «الإسلام هو الحل» الذي رفعه إسلاميو المدينة آنذاك، كان فارغاً: «إذ وجدنا قمعاً... وليس حلولاً أو بدائل اجتماعية وثقافية. فوقعنا تحت تأثير صدمتين متتاليتين: صدمة «الإسلام هو الحل» التي طبقها هؤلاء علينا بالرعب والترهيب، بعد صدمة «العروبة» التي أصابتنا عقب هزيمة 1967». ويعزو نبيل عرابي (40 سنة)، وهو مدرّس، تلك الصدمة الى ان»الشعارات التي رفعها إسلاميو المدينة (ومنها شعار «الإسلام هو الحل») برّاقة وتضرب على وتر ديني حساس، في حين لم تكن ممارساتهم على الأرض تمت بصلة إلى التعاليم الدينية السمحة، بل كانت تطبيقات هوائية شاذة».


كابوس «إمارة التوحيد» الذي حوّل نهارات طرابلس ليالي حزينة وكئيبة بين عامي 1982 و1985، يعيش الطرابلسيون اليوم هاجسه بعدما كادت مدينتهم ان تتحوّل مرة ثانية «إمارة إسلامية» على يد شاكر العبسي هذه المرة، وتحت لواء «فتح الإسلام» بدلاً من راية «التوحيد».


لكن، يبدو ان الطرابلسيين لا يُلدغون من جحر مرتين، بعدما تذوّقوا المرّ من كأس «الإسلاميين». ولعل هذا ما دفعهم أخيراً الى الالتفاف حول الجيش اللبناني في معركته المتواصلة منذ أكثر من خمسين يوماً مع تنظيم «فتح الإسلام». «إن سرّ وقوف الطرابلسيين الأخير مع الجيش يكمن في أنهم يرون فيه «خشبة خلاص» بعد سلسلة طويلة من الخيبات المتوالية»، بحسب تعبير مستو. إنه الالتفاف الذي يعكس عطش أهالي المدينة إلى فكرة الدولة التي كانت غائبة أو مغيّبة عنهم منذ ممانعتهم الشهيرة في دخول «دولة لبنان الكبير» في مطلع أيلول (سبتمبر) 1920، ما أدى الى حرمانهم من أبسط حقوقهم كعاصمة ثانية للوطن الوليد مع استقلال الجمهورية عام 1943. لكن ما الذي يجعل من عاصمة الشمال اللبناني محط أطماع الحالمين بـ «إماراتهم» الوهمية، ومثار «شهواتهم» السلطوية؟


لا شك في ان هوية طرابلس المحافظة، باعتبارها المدينة السنية الأولى في لبنان نسبياً، شكّل جاذباً مهماً للإسلاميين، فأقاموا فيها مؤسساتهم التربوية والصحية والخيرية... وحتى التجارية، حتى باتت المدينة مركز ثقل لـ «مشاريع» هؤلاء ونشاطاتهم. وبالتالي، «اعتمد الإسلاميون على هوية طرابلس الدينية لتكون ظهرهم المحمي، من دون ان يكون هؤلاء بالضرورة ناطقين باسم المدينة»، بحسب تعبير مدير الفرع الثالث لمعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية عاطف عطية، لافتاً الى ان طرابلس ليست موقع حماية لهؤلاء، «ولكنها في موقع قبول وجودهم بسبب التوازنات الطائفية التي تحكم البلد. إذ دلّت الحوادث الأخيرة ان ثمة تفكيراً بأن تكون طرابلس «بيضة القبّان» (السنية» الموازية لـ «بيضة» الضاحية الجنوبية لبيروت (الشيعية)».








أحد الأحياء الجديدة في طرابلس (الحياة)
أحد الأحياء الجديدة في طرابلس (الحياة)



وعلى رغم كون طرابلس مدينة محافظة وتقليدية، «إلا أنها ليست مدينة التطرف والتكفير»، بحسب تعبير الأستاذ الجامعي والكاتب السياسي عبدالغني عماد، مفسراً سبب انجذاب إسلاميي لبنان الى طرابلس بأنها واحة من الاعتدال والتسامح، ما جعلها موئلاً أيضاًَ لتيارات أخرى، علمانية... وقومية، وليس إسلامية فحسب. «وعندما توصف المدينة بأنها محافظة وتقليدية فهذا التوصيف ليس جامداً وثابتاً، إذ له أسباب سوسيولوجية وتاريخية. فهي منذ الاستقلال حُرمت من أبسط حقوقها كعاصمة ثانية، وجرى تهميش منظم لدورها وموقعها في الجمهورية الناشئة، واستمر ذلك مع الجمهورية الثانية بعد الطائف (1989)، مضافاً إليه تسلّط مخابراتي وأمني طاول حياتها السياسية».


ويشير عماد الى ان طرابلس في الذاكرة التاريخية لأبنائها هي مدينة العلم والعلماء وقلعة العروبة والإسلام. ومع ذلك، لم تُخفِ المدينة تطلعها يوماً نحو حداثة حُرمت منها، ونحو تنمية طالبت بها، ومشاركة سلبت منها، وهي عبّرت عن هذا في مناسبات كثيرة.


وإذا كانت الصورة المتداولة إعلامياً عن طرابلس اليوم توحي بأنها «حصن منيع» للإسلاميين في لبنان، إلا ان الواقع يبيّن انه ليس للإسلاميين في هذه المدينة تلك السطوة أو الهيمنة التي يتخيّلها كثير من الإعلاميين والسياسيين. إذ خسر إسلاميو طرابلس منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، الكثير من شعبيتهم ومواقعهم ومراكز القوى لديهم. ويلاحظ عماد في هذا السياق ان هؤلاء لم يستطيعوا الحفاظ على مركز نيابي حصلوا عليه في ظروف استثنائية في الانتخابات النيابية عام 1992. ولا استطاعوا الحفاظ على حصتهم في المجلس البلدي والمجالس الاختيارية التي تدنت الى أدنى مستوى، فضلاً عن دورهم الهامشي في كل المعارك الانتخابية لنقابات المهن الحرة محامين، أطباء، مهندسين... وصيادلة)، إضافة الى ما تبقى من مؤسسات المجتمع المدني... ودورهم المتراجع على المستوى الطالبي والجامعي.


ويستطرد عماد ان ذلك لا يعني التقليل من دور إسلاميي طرابلس وحجمهم، بقدر ما هو دعوة الى عدم المبالغة وإلى الواقعية. «ومن هذا المنطلق يمكن القول ان مناطق التهميش الاقتصادي والاجتماعي في طرابلس والضنية وعكار تشكل بؤراً طبيعية لاستقطاب الشباب ولنمو دعوات التطرّف وسلوكيات العنف والانحراف الاجتماعي. وليس في هذا خصوصية طرابلسية، بقدر ما فيه من خصوصية سوسيولوجية لها علاقة بالقهر الاجتماعي والبطالة والأمية وغياب مشاريع التنمية وتكافؤ الفرص».


وإذا كانت هوية المدينة وطبيعتها المحافظة جعلتها في السنوات الأخيرة مقصداً للإسلاميين من كل التيارات، من «الأحباش»... الى السلفيين، ما شجع بعضها على فتح مراكز ومدارس كثيرة تحت شعار الدعوة ونشر «الثقافة الإسلامية»، من دون حسيب ولا رقيب على المناهج والدروس التي تلقى فيها، «فإن بعض الجمعيات والأحزاب والحركات الإسلامية تدفقت عليها الأموال الإيرانية في إطار الصراع والانقسام السياسي الدائر في لبنان، والسعي لإحداث اختراق في الساحة السنية، لكسر احتكار تمثيلها من قبل «تيار المستقبل»، بحسب رأي عماد.


ويرى بعض الطرابلسيين ان «تيار المستقبل» ساهم في إضعاف شعبية الحركات الإسلامية في المدينة، لأنه احتضن «كتيار سني» العاطفة الشعبية التي كانت تساهم بدورها في تشكيل دعم بشري أساسي لإسلاميي الشمال اللبناني عموماً. «والطريف في الأمر - يقول عماد – ان تنظيم «فتح الإسلام» أعلن انه جاء لنصرة أهل السنة في لبنان (انطلاقاً من طرابلس أو جوارها)، فوجد أشد أنواع المقاومة ممن ادعى انه جاء لنصرتهم»!


Monday, July 16, 2007

العائد إلى حيفا بعد 35 عاما

العائد إلى حيفا بعد 35 عاما
محمود درويش: الشعب البطل سيعرف كيف يضع حدا لجنون أبنائه

حيفا-ا ف ب

قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش من على سفح جبل الكرمل مساء أمس الأحد 15-7-2007 إن الشعب الفلسطيني البطل الذي استعصى على أعدائه استئصاله "سيعرف كيف يضع حدا لجنون أبنائه", في إشارة إلى اقتتال الاخوة في غزة.

ووقف المواطنون العرب الذين غصت بهم قاعة "الاوديتوريوم" في حيفا عدة دقائق يصفقون معبرين عن انفعالهم وتأثرهم بلقاء الشاعر الكبير وقد حضروا من كافة قرى ومدن الجليل لحضور هذه الأمسية التي سمحت له السلطات الإسرائيلية بإحيائها بعد اشهر من الانتظار.

وقال درويش مستهلا اللقاء "سألوني ألا تخشى على حياتك في الكرمل؟ قلت لهم لا اتمنى نهاية أعلى وأجمل", ردا على ما أثير من مخاوف على حياته لحضوره إلى إسرائيل.


وقال درويش في كلمته "نجحنا في امر واحد, نجحنا الا نموت.. لعل سلاما ممكنا ان يحل على أرض سميت مجازا أرض المحبة والسلام ولم تتمتع للحظة بالسلام".

وتحدث درويش عن ألمه جراء الاقتتال الدامي بين حركة حماس والأجهزة الأمنية الفلسطينية الموالية للرئيس محمود عباس والذي سيطرت على اثره حماس على قطاع غزة, فقال ".. إلى أن صحوت من الغيبوبة على علم بلون واحد يسحق علما بأربعة الوان .. على أسرى بلباس عسكري يسوقون أسرى عراة, فيا لنا من ضحايا في زي جلادين".

وأضاف درويش "الدولة الفلسطينية واحدة من عجائب الدنيا السبع.. لأن الاحتلال يريدها هزيلة عليلة".

وهذه هي المرة الأولى منذ 35 عاما التي يعود فيها الشاعر الفلسطيني الى مدينة حيفا, شمال إسرائيل, وهو المولود في قرية البروة في الجليل, والتي لا تبعد عنها كثيرا.

وقد حضر الأمسية التي نظمت على عجل بعد أن كاد المنظمون يصابون باليأس بعد انتظار موافقة السلطات عدة أشهر, نحو الفي عربي ملأوا كل مقاعد القاعة. وللتعويض لمن لم يتسن لهم المشاركة, نصبت شاشات كبيرة في ساحات بعض القرى والمدن العربية لنقل وقائع الأمسية الشعرية.

والقى محمود درويش قصائد من شعره وسط تأثر الجمهور وتصفيقه, ومن مقتطفات ما قال:

"على هذه الأرض ما يستحق الحياة, تردد ابريل رائحة الخبز في الفجر, تعليلة امرأة للرجال, أول الحب وشم على حجر, وخوف الغزاة من الذكريات, ساعة الشمس في السجن، هتافات شعب لمن يصعدون إلى حتفهم باسلين".

"على هذه الأرض ما يستحق الحياة, على هذه الأرض سيدة الأرض أم البدايات أم النهايات كانت تسمى فلسطين, صارت تسمى فلسطين".

"سيدتي لأنك سيدتي استحق الحياة, ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا اليها سبيلا, ونسرق من دودة القز خيطا لنبني سماء لنا ونسيج الحديقة, ونزرع حيث اقمنا نباتا سريع النمو وندفن حيث اقمنا قتيلا, ونرسم فوق الممر صهيلا ونكتب اسماءنا حجرا حجرا".

"سأقطع هذا الطريق الطويل الطويل إلى آخره, وإلى آخر القلب اقطع هذا الطريق الطويل, ولم أعد أخسر سوى الغبار وما مات مني, فلتخرجوا من رحيلكم لتدخلوا في رحيلي".

والقى محمود درويش قصيدة "انا يوسف يا ابي", التي قابلها الحضور بتصفيق طويل ومنها: "يا ابي اخوتي لا يحبوني, لا يريدونني بينهم يا ابي, يعتدون علي ويرمونني بالحصى والكلام, يريدون ان اموت كي يمدحوني, وهم اوصدوا بابك عني".

ووصفت المغنية الفنانة امل مرقص مقدمة الامسية بانها "ليلة اجمل حب يمكن ان يمنحه شعب لابنه محمود درويش لعودته المؤقتة المؤثرة بين احضان اهله مثبتين ان هناك نبيا في وطنه".

واضافت امل مرقص "لقد قطعنا التذاكر بلهفة حتى نحظى بحب الوطن ولهفة نشحن فيها نفسياتنا ليزهر كل ما هو طيب وجميل فيه".

وحيت الحضور وكل المشاهدين القابعين في بيوتهم يتابعون محمود درويش عبر شاشاتهم, وقالت "هذه الليلة جئناك لنحتمي بك من شر الفرقة لعل كل واحد يجد ذاته فيك".

ومن بين الذين تحدثوا خلال الأمسية المحامي ايمن عودة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة قال "يا محمود نحن على الكرمل ضيوفك, والكرمل فينا فلا تكلف في البيت ولا تكلف بين رفاقك ومحبيك".

وعبر البروفسور رمزي سليمان من هيئة تحرير مجلة "مشارف" عن انفعاله قائلا إن "الموقف الذي اقفه يربكني فهذا المكان لا يحظى بمكانة شعرك, لكن ها نحن قد جئنا اليك ومعنا الكثيرون خارج هذا المكان بانتظار قصائدك, ما العمل وعشاق شعرك كثر".

ونظمت مجلة "مشارف" الثقافية الفصلية والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة الحفل الذي رافق محمود درويش خلاله الموسيقيان الاخوان سمير ووسام جبران, واختتمه بمقتطفات من قصيدة "احن الى خبز امي..".

ولد محمود درويش عام 1941 في قرية البروة المدمرة اليوم في الجليل, ونشأ وترعرع هناك واعتقل اكثر من مرة من قبل السلطات الإسرائيلية.

وفي عام 1972 توجه الى موسكو ومنها الى القاهرة وانتقل بعدها الى لبنان حيث ترأس مركز الابحاث الفلسطينية وشغل منصب رئيس تحرير مجلة شؤون فلسطينية. وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا على اتفاق اوسلو عام 1993.

وسمحت له السلطات الاسرائيلية بالدخول الى الاراضي الفلسطينية عام 1996 حيث اقام في رام الله.

نشر الشاعر محمود درويش آخر قصائده في 17 يونيو/حزيران الماضي بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة تحت عنوان "انت منذ الآن غيرك" انتقد فيها التقاتل الفلسطيني.

Friday, June 22, 2007

يوميات

يوميات
محمود درويش الحياة - 17/06/07//

http://www.daralhayat.com/culture/06-2007/Item-20070616-36087b13-c0a8-10ed-01b1-699684b31dc8/story.html
هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟ وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟

كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!

أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على غيرك! أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا - تلك هي دُونيّة المُتعالي، وغطرسة الوضيع!

أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ابتعدنا عنك! أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟ وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف. أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل!

الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع لا ما نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة! تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما تيسَّر له من الطرائد.. ولأنَّ جنديَّةً أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل لأمِّك، مثلهما؟

لولا الحياء والظلام، لزرتُ غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد! ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا! أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!

مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة! قلبي ليس لي... ولا لأحد. لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجراً. هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته - أخيه: «الله أكبر». أنه كافر إذ يرى الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين؟

أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه. رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل. ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين. وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة... ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد؟.

لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب بالفلسطينيين العائدين من المعركة. الدخول مجاناً! وخمرتنا... لا تُسْكِر!. لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة. لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ هكذا قال لي أستاذ جامعة!.

«أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ». هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام. من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟ بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك!. لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة. ولكن، يغيظني أنصارهم العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في التلفزيون!. سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الايطالية... لا فرق؟ قُلْتُ: لا يدافع!. وسألني: هل أنا + أنا = اثنين؟ قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد!. لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف. ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون. أنت، منذ الآن، غيرك!.