Saturday, March 12, 2005

تدمير لبنان.. (خيار البعث السوري الأخير)؟

داود البصري

لم يعد سرا معرفة مايدور في ذهن وتخطيط قادة العناصر الإستخبارية التي توجه وتضبط آلية عمل نظام البعث السوري الآيل للسقوط من مخططات مستقبلية وعاجلة بشأن الوضع اللبناني الذي يوشك على الإفلات تماما من هيمنة القبضة السورية وإبتزازها التاريخي، فهذا النظام الفاشل تاريخيا في كل المهام التي تصدى لها على المستويات الوطنية والقومية قد ضاقت أمامه اليوم كل هوامش المناورة، ولم يعد يجد الحضن الإقليمي والدولي الذي يمكن له توفير الحماية أو الإحتماء تحت مظلته كما كان الحال مع الراحل (الإتحاد السوفياتي)، وباتت مناورات النظام السوري اليوم محصورة بالإتجاه نحو تل أبيب ومغازلتها ورمي خيوط الوصل والإتصال معها ظنا منه بأن سلوك (طريق القدس) سيمنع المحظور!، وهو نفس التكتيك الأخرق الذي إتبعه قادة البعث العراقي النافقين في أيامهم الأخيرة! عبر مد خيوط التواصل لقادة الدولة العبرية وإرسال الإشارات التطمينية سواءا من خلال الإشارات الغامضة والمبهمة أو من خلال الوسطاء و(أولاد الحلال)! من العرب والعجم والبربر؟ وجميعها تحركات بائسة تعبر عن قصور فكري فظيع ومريع في فهم متطلبات المرحلة الراهنة، أو معرفة طبيعة إتجاهات الرياح الدولية، والأهم من ذلك الإصرار على إحتقار الشعوب وإرادتها الحرة ، وأمام ساعة الحقيقة يبدو النظام الوراثي السوري عاريا ومكشوفا تماما ومجردا حتى من ورقة التوت، ولم تعد تنفع العبارات الثورية الكلاسيكية ولا التهديدات والعنطزات البعثية المعروفة في لملمة الموقف أو التخلص من عمق المأزق التاريخي الذي يواجهه النظام اليوم وهو يفاجيء بتلك الثورة والإنتفاضة الشعبية اللبنانية الرائعة وتوحد إرادة غالبية اللبنانيين إلا قلة من العملاء والمرتشين وعناصر المخابرات السورية والمستفيدين من إستمرارية الخراب اللبناني مثل جماعة (حزب خدا) الإيراني رغم تشدقهم بشعارات المقاومة والتحرير التدليسية! كل اللبنانيين اليوم يقفون مع قادة أحزابهم الوطنية من أجل إنهاء المهزلة السورية الدائرة على الأرض اللبنانية، وكل اللبنانيين ومعهم أحرار العالم ينشدون قيامة وتألق وصعود لبنان الحر المزدهر الجديد البعيد عن الهيمنة الدكتاتورية أو التهديدات العدوانية من أي طرف كان، وكل اللبنانيين قد إتفقوا اليوم على كلمة سواء توحد وطنهم وتعيد البسمة والتآلف والتآخي لكل عناصر المجتمع اللبناني المتنوعة وإختلافاتها الجميلة، لافرق بين الماروني والمسلم ولابين السني والشيعي والأرثذوكسي والأرمني والدرزي، فجميعهم أبناء لبنان المسالم الحر الجميل ، لقد عانى الشعب اللبناني معاناة مرعبة وفظيعة لم يعانيها شعب حتى اليوم، وكان شعبا عظيما ومتألقا رغم كل الظروف وظلم الجغرافية وحساسية التاريخ وعدوانية الجوار السوري أم الإسرائيلي، وقد حارب الشعب اللبناني بكل حيويته وتدفقه كل معارك العرب وحروبهم الخاسرة، وقد جاء الوقت اليوم وفي ظل الظروف الدولية المتغيرة وهبوب رياح الحرية العاتية أن يأخذ زمام المبادرة، وأن يشق طريق المستقبل الذي كان الشهيد الحريري أحد بناته ومخططيه الفاعلين، ويسترد حريته السليبة، ويعيش حرا فوق أرضه الجميلة المباركة ، لقد إنتهى وإلى الأبد عصر المراهقة السياسية أو الوصاية الأجنبية ، وإنتهى عهد المخابرات المصرية الناصرية أو العراقية الصدامية أو الإيرانية الخامنئية أو السورية المتلفعة بألف وجه ورقم ورمز، ولم يعد أمام النظام السوري بعد رحيل الإحتلال الإسرائيلي إلا لملمة أوراقه وشحن عناصره وعملائه وأذنابه نحو دمشق وليقرر الشعب السوري هذه المرة قراره القادم القريب، وبرغم وحدة الموقف الوطني اللبناني وتضامن أحرار العالم معه إلا أن لعناصر المخابرات السورية أوراق كثيرة وثعابين أكثر يخبئونها تحت معاطفهم الثقيلة وأهمها دفع الشعب اللبناني نحو حافات الإقتتال والحرب الأهلية وخلط الصورة الإستراتيجية وهو نفس مخططهم الفاشل في العراق؟ وعلينا أن نعلم بأن فك القبضة السورية عن لبنان يعني تحديدا إنهاء التسلل الإستخباري الإيراني وعصابات الحرس الثوري الإرهابية المتحالفة تحالفا إستراتيجيا مع المخابرات السورية، وسيعني أيضا إغلاق خط ( التهريب العسكري ) بين الشام وبيروت وهو البقرة الحلوب لعناصر النظام السوري وأحد خطوط تسلل الإرهاب الدولي والطائفي للبنان الحر الجميل، لقد دخل النظام السوري للبنان وفرض إحتلاله البغيض بحجة إطفاء نيران الحرب الأهلية، واليوم لايبدو الخيار السوري المفضل سوى إعادة سيناريوهات الحرب الأهلية المدمرة، وهو خيار تلعب دمشق ببعض مفرداته من خلال عصابات البعث السوري، وعناصر إيران في حزب الله ؟ وحيث حاول حسن نصر الله في خطابه الأخير مسك العصا من النصف والدفاع الواضح عن الهيمنة الإستخبارية السورية ومن خلفها الإيرانية ولأجل مصالح معلومة خصوصا وأن حزب الله لم يتورع في أخريات أيام نظام البائد صدام عن إستقبال أحد أبشع رموزه الإجرامية وهو المجرم علي كيمياوي! قاتل الأكراد والشيعة والكويتيين وكل الأحرار، وهذه الميكافيلية السياسية لاعلاقة لها بالمبدأية الإسلامية ولكنها المصالح قاتلها الله! وأمام إنجلاء حقيقة قرب الإنعتاق اللبناني وتحرر الشعب اللبناني من أخر صنوف الهيمنة البعثية البدائية لايكون أمام النظام السوري سوى خيار تهديم المعبد على رؤوس الجميع ... (فالرفاق راحلون وسيهزمون)! ولكن الشعب اللبناني سيهزم كل مخططات الشر والعدوان، وستعود لبنان درة للشرق، والنصر للأحرار.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home