عامان على اغتياله
عامان على اغتياله
لهذه الاسباب قتل نظام بشار رفيق الحريري
كتب حسن صبرا
انتـزع معاوية بن ابي سفيان البيعة لولده يزيد في حياته، ضماناً لاستمرار حكم وراثي ملكي استحدثه الخليفة الذي قضى على حكم الشورى في الاسلام، بعد اغتيال آخر الخلفاء الراشدين الإمام علي بن ابي طالب ليصبح ثالث خلفاء المسلمين المختارين بالشورى يقتل بعد الفاروق عمر بن الخطاب وذي النورين عثمان بن عفان.
الذين اعترضوا على بيعة يزيد في حياة معاوية قتلوا أو نفوا أو انتهت أدوارهم السياسية، والموافقون نالوا جزاءهم ايضاً.
كان هذا في بلاد الشام حيث نقل اليها معاوية ادارة الحكم الاسلامي التي انطلقت من المدينة المنورة في عهد الرسول العربي الاكرم محمد بن عبدالله عليه افضل الصلاة والسلام.
وفي بلاد الشام ايضاً انتـزع حافظ الاسد بعد نحو 1400 سنة البيعة لولده بشار في حياته ضماناً لاستمرار حكم وراثي لأسرة الأسد، بعد ان عاشت سوريا قبله مرحلة من الحكم الجمهوري جرى فيها تداول السلطة عبر الانتخابات النيابية التي جسدت ارادة الشعب السوري في من يحكمه.. والمعترضون على هذا التوريث عزلوا او نفوا او عوقبوا والذين وافقوا نالوا جزاءهم ايضاً.
كانت جريمة اغتيال سيد شهداء أهل الجنة الإمام الحسين بن علي في معركة كربلاء، لطخة العار البارزة في جبين يزيد، ولم يعد التاريخ ليذكر أي أمر آخر سيئاً او ايجابياً من عهد هذا الخليفة الاول بالوراثة..
وكانت جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري في بيروت في 14/2/2005، لطخة العار الابرز في جبين بشار الاسد.. ولن يذكر له التاريخ أي امر آخر اكثر سوءاً او حتى ايجابياً من عهد هذا الوارث بالإكراه حكم سوريا.
1400 سنة والمسلمون يحيون مراسم عاشوراء كل على طريقته واجتهاداته وأسلوبه، وقد دخل الى هذه الطرق والاساليب غرائب الشعوب واستهدافات حكامها خاصة غير المسلمين لتسعير الفتنة بين المسلمين.
سنتان على استشهاد رفيق الحريري والسؤال لم يعد من قتل رفيق الحريري.. بل لماذا قتل النظام السوري هذا الرجل الذي كان من أوفى الاوفياء لسوريا نظاماً وشعباً ودولة ومجتمعاً ومصالح.
من هنا نبدأ
كان لرفيق الحريري مكانة خاصة في عقل الرئيس الراحل حافظ الاسد.. ولا نقول في قلبه.. فحافظ الاسد لم يحكم يوماً على الناس بقلبه.. ويقولون انك لو كنت فتحت صدر الرجل لما وجدت فؤاداً في داخله..
حافظ الاسد كان يحكم الشعب السوري وفيما بعد الشعب اللبناني بعقله، وكان يحكم على من معه ومن يلتحق به ايضاً بعقله.. هكذا حكم على رفيق الحريري وقد وجد فيه حاجة سورية ولبنانية ملحة في مرحلة تحول كادت ان تدخلها المنطقة في تشرين الاول/اكتوبر 1991 بعد عدة اشهر من تحرير الكويت وبدء المرحلة الثانية من التفويض الاميركي لسوريا بالوصاية على لبنان ثمناً لمشاركة نظام الاسد الأب في اخراج الجيش العراقي من الكويت بإرسال 15 الف جندي سوري وضعوا تحت القيادة الاميركية في المملكة العربية السعودية عام 1990.
تسلم رفيق الحريري رئاسة حكومة لبنان في اكتوبر/ تشرين الاول 1992، بعد انتخابات نيابية جرت تحت اشراف الوصاية السورية، وشكل ثلاث حكومات متتالية حتى عام 1998 حين اشتد المرض على حافظ الاسد، وبدء تسلم نجله بشار السلطة تدريجياً وأولها الملف اللبناني منتـزعاً اياه من الثالوث المعروف المشكَّل من نائب الرئيس عبدالحليم خدام، وقائد الاركان العماد اول حكمت الشهابي ورئيس جهاز الامن والاستطلاع في لبنان اللواء غازي كنعان.
لم يكن هذا الثالوث الداعم الاول
هذا الثالوث الذي كان الداعم الاول لرفيق الحريري في وجه خصومه داخل سوريا وعلى رأسهم اللواء محمد ناصيف، وداخل لبنان وهي مجموعة ناصيف اللبنانية سواء داخل السلطة او في المعارضة. كان ينسجم مع الحريري في رفضه المجيء بقائد الجيش اميل لحود رئيساً للجمهورية خلفاً للرئيس يومها الياس الهراوي.. فعمد هذا الثالوث بالاتفاق مع الحريري الى التمديد للهراوي عندما انتهت مدته الدستورية (1989 – 1995) لمدة ثلاث سنوات، فلما اشرفت المدة الجديدة على الانتهاء 1998 كان بشار قد تسلم كلياً الملف اللبناني.. فبدأ الصدام مع الحريري.. وكان بدأ قبلاً مع الثالوث السوري خدام – الشهابي – كنعان.
كان الحريري يخشى وصول عسكري الى رئاسة الجمهورية في لبنان ويشاركه هذه الخشية الزعيم اللبناني وليد جنبلاط وكل المرشحين المدنيين لرئاسة الجمهورية.
لكن اميل لحود كان يلقى الدعم المطلق من بشار الاسد ومن حلفاء او أتباع اللواء ناصيف في لبنان.
كان ناصيف هو الذي اشرف على تربية اولاد حافظ الاسد باسل وبشار وماهر ومجد وبشرى.. وكان يصطحبهم الى الخارج للتسوق والزيارات، فقد كان الرجل عازباً متفرغاً للعمل مع حافظ الاسد وأسرته.. وكان الاسد يوليه الشأن الشيعي في لبنان تحديداً (قبل أن يوسع اختصاصه نحو شيعة المنطقة).
كان الود مفقوداً بين ناصيف ورفيق الحريري، وقد عمل ناصيف على نقل هذه المشاعر المليئة بالكراهية ضد الحريري الى اولاد حافظ الاسد باسل (قتل في حادث سير عام 1994) وبشار ثم ماهر وهما الآن يتوليان السلطة بالمشاركة مع صهرهما آصف شوكت في سوريا.
الى ذلك كان الود ايضاً مفقوداً بين ناصيف والثالوث السوري الذي يتولى الملف اللبناني خدام – الشهابي – كنعان، وانتقلت مشاعر الكراهية ايضاً الى اولاد الاسد ضد هذا الثالوث.
اذن
كان الاختبار الاول لقدرة ناصيف على التأثير في اولاد الاسد وفي الملف اللبناني هي في المجيء بإميل لحود رئيساً للجمهورية في لبنان قسراً ونكاية بالحريري وأصدقائه في سوريا خدام والشهابي وكنعان.
أمر آخر لا بد من الاشارة اليه وهو ان حافظ الاسد كان يوصي رفيق الحريري دائماً بالاهتمام بنجله بشار، خاصة بعد مقتل باسل الذي كان يعده لخلافته.. لكن الحريري وبإيعاز من الشهابي وخدام تحديداً كان يتجاهل بشار الاسد ولا يلتقي به عندما يزور سوريا..
وهنا يبرر الحريري سوء العلاقة منذ البداية مع بشار بأنه حاول اكثر من مرة الاتصال ببشار الاسد لزيارته بناءً على نصائح حافظ الاسد.. ورغم عدم تشجيع الشهابي وخدام الا ان بشار لم يكن يجيب على هاتف الحريري وطلبه أي موعد منه.. حتى اذا رد على اتصاله الهاتفي في احدى المرات وعده بلقاء قريب في بيروت.. لكن العكس هو الذي حصل..
كيف؟
جاء بشار الاسد الى لبنان عدة مرات، وكان في كل مرة يلتقي رئيس الجمهورية الياس الهراوي، او رئيس مجلس النواب نبيه بري، او الوزير سليمان فرنجية او الوزير طلال ارسلان، ويتعمد ألا يزور رئيس الوزراء رفيق الحريري.
اما الرسالة الاقسى التي وجهها بشار للحريري فجاءت يوم 12/5/1997 بعد 24 ساعة من مغادرة البابا يوحنا بولس الثاني لبنان الذي زاره بناءً لدعوة من الحريري شخصياً، وهي الزيارة التي حظيت بأوسع اهتمام شعبي وسياسي واعلامي في لبنان فضلاً عن نقلها المباشر في عدد من فضائيات العالم.
تلقى الحريري الذي كان يحق له ان يفخر بإنجازه بزيارة البابا سياسياً ومسيحياً وشعبياً واعلامياً، اتصالاً هاتفياً صباح الاثنين في 12/5/1997 من اللواء غازي كنعان يدعوه فيه الى غداء عنده في عنجر حيث الضيف الاساسي هو د. بشار الاسد.. ذهب الحريري وفي قلبه غصة.. فقد كان يظن ان الواجب يقتضي تهنئته على النجاح في ترتيب وتحقيق زيارة البابا.. وان يزوره بشار في منـزله كما وعده لا ان يستدعى الى غداء على شرفه في مقر الاستخبارات السورية في لبنان.
كان بشار يريد اذلال الحريري في محاولة لرسم حجمه وفق ما يريده هو لا كما برز بعد زيارة البابا.
كان هذا هو سلوك بشار الاسد وفق تربية وتوجيه محمد ناصيف ضد رفيق الحريري، وكان ناصيف قد اوغر صدر بشار واخوانه بالحديث دائماً عن ثالوث سني يحكم سوريا ولبنان وقد شجعه على هذا التوصيف ايضاً كلام قصده الياس الهراوي وردده امام حافظ الاسد ثم بشار الاسد فيما بعد.
فرض بشار الاسد اميل لحود رئيساً للجمهورية عام 1998، نكاية بالحريري وخدام والشهابي وكنعان، وبدأت مرحلة العذاب ضد الحريري في لبنان طيلة سنتي 1999 – 2000 .. دخل فيها العديد من الاداريين الشرفاء المحسوبين على الحريري السجن بتهم ملفقة، دبرتها اجهزة استخبارات النظام الامني السوري وتابعه اللبناني (جميل السيد، ريمون عازار..).
كان اميل لحود يريد ادخال فؤاد السنيورة السجن خلال هذه الفترة وكان قبلها وزيراً للمالية.. ويعترف احد اتباع سوريا في لبنان يومها ميشال المر انه كلف من اميل لحود بتدبير وضع يسمح بإدخال السنيورة السجن، من خلال قضية ملفقة.. كان وضع السنيورة فيها وهو وزير للمالية منتصراً للقانون ومتسلحاً بموقف داخل مجلس الوزراء يرفض تمرير هذه القضية..
لكن لحود كان مصراً على ادخال السنيورة السجن.. ولم يفلح بسبب ترتيب أعده غازي كنعان ألزم لحود على التراجع.
هدف لحود كان السنيورة اولاً تمهيداً لإدخال رفيق الحريري السجن اساساً..
وبالمقابل كان بشار الاسد وبعد تسلمه السلطة خلفاً لوالده يردد امام اصدقائه المقربين جداً انه يريد ان يدخل خدام والشهابي السجن لانهم يسرقون الشعب السوري.. وعندما كانوا يقولون له ان اللصوص الحقيقيين في سوريا هم من عائلة الاسد ومخلوف اولاد خالك كان يصمت ليردد بعد الصمت خدام والشهابي يقبضون المال من الحريري ويجب ان يعاقبوا جميعاً.
وفي عز الحملة على الحريري في لبنان.. سربت مصادر سورية رسمية معلومات عن توجيه تهمة الفساد والافساد لرئيس الاركان العماد اول حكمت الشهابي وأولاده، وكان الرجل يعالج في الولايات المتحدة من مرض البروستات.. حيث يعمل ابنه الكبير طبيباً في أحد مستشفيات اميركا.
كان الربط حاسماً في عقل بشار وناصيف بين الحريري والثالوث خدام – الشهابي – كنعان.
التحريض على الحريري مستمر في لبنان وسوريا، اسقاطات ضده انه يبيع لبنان لأميركا.. اسقاطات بأنه يريد ان يوطِّن الفلسطينيين في لبنان مقابل الغاء الديون عن الدولة اللبنانية، اسقاطات حول علاقته بالرئيس الفرنسي جاك شيراك، تطاول على الحريري لانه نجح في اقامة علاقات ممتازة سياسية وقومية مع كبار المسؤولين والرؤساء العرب: حسني مبارك في مصر، الملك فهد ثم الملك عبدالله (كان ولياً للعهد) في المملكة العربية السعودية، الملك عبدالله الثاني في الاردن، المسؤولون في الكويت وفي المغرب والجزائر واليمن والامارات ودولة قطر وسلطنة عمان.
وفي الوقت نفسه تهميش لادوار الثلاثي السوري خدام – الشهابي – كنعان.
تم قبول استقالة الشهابي بسبب مرضه، توقف بشار عن استقبال خدام او الاستماع الى نصائحه، تم نقل غازي كنعان من لبنان ليعين وزيراً للداخلية بعد فترة في رئاسة جهاز الامن السياسي بعيداً عن مكانته كضابط استخبارات عسكرية..
التمديد للحود
كان التمديد القسري من قبل بشار الاسد لإميل لحود في رئاسة الجمهورية رغم فشله الذريع في كل شيء في الداخل وطاعته العمياء لتعليمات بشار، وتدهور الاوضاع في كل المجالات في لبنان من حيث انهيار المؤسسات جميعها عسكرية وأمنية ودستورية وحكومية وادارية وقضائية بخضوعها الكامل الشامل لارادة الاستخبارات ومخبريها وصبيانها ممن عينهم نظام دمشق رؤساء ووزراء ونواباً ومدراء عامين وقضاة.. هو القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة مع بشار الاسد.
كان بشار الاسد قد وعد الدنيا كلها علناً وعبر الاعلام وعبر الرسائل والاحاديث الشخصية مع قادة العالم الذين التقوه او هاتفوه او ارسلوا مبعوثين له بأنه لن يمدد لإميل لحود.. وكان العالم يصدق بشار ويعده بالمقابل الا يصدر القرار الذي كان يعد وحمل فيما بعد الرقم 1559 والقاضي بإخراج القوات السورية من لبنان، وحل الميليشيات واجراء انتخابات رئاسية حرة، والتطبيق الكامل لوثيقة الوفاق الوطني المعروفة بإتفاق الطائف الذي اصبحت مواده جزءاً من الدستور اللبناني.
لكن بشار لم يف بأي من وعوده وفرض التمديد على الشعب اللبناني بالقوة وبالتهديد للنواب يوم 2/9/2004 رغم اعتراض 29 نائباً في مجلس النواب اصبحوا على لائحة الكرامة والارادة الوطنية.. وهي لائحة حولها بشار الاسد الى لائحة الاغتيال.
بدأ بمحاولة قتل مروان حماده يوم 1/10/2004 أي بعد 28 يوماً على رفضه التمديد للحود.. وهي رسالة لقتله ومحاولة قتل وليد جنبلاط ايضاً ورفيق الحريري الذي ارغم على التوقيع على التمديد للحود رغم قوله في اكثر من مرة انه سيكسر يده ولا يوقع على هذا القرار.
لماذا وقّع الحريري؟
في 26 آب/اغسطس أي قبل اسبوع واحد من جلسة التمديد القسري لإميل لحود استقبل بشار الاسد رفيق الحريري في قصره في دمشق ليبلغه ان هناك خياراً واحداً امام الحريري، إما التمديد للحود وإما الوقوف في وجه بشار الأسد.
قال الحريري: يا سيادة الرئيس نحن لا نريد ان نقف ضدك ولكن دعنا نناقش الامر.
رد بشار رافضاً لا نقاش معي: اميل لحود هو بشار الاسد وعليك ان تختار بين سوريا وبين اسرائيل.
حاول الحريري ان يهدىء الاسد وان يناقش المسألة من زاوية اخرى هي مصلحة لبنان ومصلحة سوريا.. لكن الاسد زاد انفعالاً وهو يهدد الحريري مباشرة: ((اذا كنت تظن ان شيراك سينفعك، فأنا سأكسر لبنان فوق رأسك ورأس شيراك، ورأس جنبلاط ثم خرج من القاعة ليخرج الحريري في حال من اليأس والإحباط والخوف..
توجّه الحريري الى بيروت قاصداً منـزل حليفه الزعيم وليد جنبلاط ناقلاً له بالتفصيل ما قاله الاسد وكان مع جنبلاط في هذه الجلسة نواب كتلته مروان حماده، باسم السبع، وحضرها ايضاً فريد مكاري وهو نائب في كتلة الحريري.
قال جنبلاط للحريري: أنا أفهم وضعك ولا أستطيع منعك من التمديد للحود.. ولكنني لن أمدد له.
نقل الحريري ما دار بينه وبين الأسد إلى رؤساء وملوك الدول العربية والأجنبية، وأبلغ عائلته بالأمر وأبلغ أيضاً المقربين منه لينقلوا قراره بالتمديد للحود إلى قاعدته الشعبية.
ماذا حصل بعد التمديد؟
صدر القرار 1559، وقال عنه فاروق الشرع انه قرار تافه لا يعني سوريا، وبعد 28 يوماً حاولت جماعة سوريا في لبنان قتل مروان حماده، وبدأت حملة تحريض ضد رفيق الحريري، من هذه الجماعة متهمة إياه بأنه عميل للأميركان والصهاينة وشيراك رغم انه أيد التمديد القسري للحود.
استدعاه رئيس الاستخبارات السورية في لبنان رستم غزالة وهدده بالقتل والمسدس بين يديه وشتمه وشتم وليد جنبلاط.
كان الحريري يكظم غيظه وكان يراهن على نجاح كاسح متوقع في الانتخابات النيابية المقررة في ربيع 2005 أي بعد ثمانية أشهر من التمديد للحود..
تعاظمت شعبية الحريري وحلفائه في كل لبنان خاصة مع تعاظم الأخطاء السورية وعمليات النهب المنظم التي مارسها الضباط السوريون لمصالح وأموال الشعب اللبناني والقمع المتزايد ضد كل القوى الوطنية والشعبية المستقلة.
كان الحريري يراقب صعود نجمه شعبياً كلما غضب منه السوريون، وكانت الناس تطالبه بفضح النظام السوري علناً، وكان هو يطلب من الناس ألا تسىء ولو بكلمة ضد سوريا، قائلاً انهم اخوتنا ولا نريد الخلاف معهم.
كان الحريري يلتقي قادة ومسؤولين وحزبيين وشخصيات عربية وكان يطلب منهم أن ينقلوا إلى الاخوة في سوريا انه لو حصد 100 نائب من أصل 128 في انتخابات 2005 فإنه لن يشكل حكومة لن يرضى عنها بشار الأسد.
كان الكلام يصل إلى بشار فيعمد هذا إلى شتم الحريري أمام كل من ينقل له هذا الوعد من الحريري قائلاً: من هو هذا الحقير حتى يعطينا وعداً، أنا الذي أكلف من يكون رئيساً للوزراء في لبنان، وأنا الذي أعين الوزراء.. وأنا الذي أطلب من النواب أن يسموا فلاناً أو علاناً لرئاسة الوزراء وأنا الذي أحدد كيف يعطون الثقة لأي حكومة في لبنان.
كان الحريري يريد المشاركة في حكم لبنان مع سوريا وكان بشار يجن جنونه كلما وردته أخبار عن دعوة الحريري للمشاركة.. فلبنان مزرعة سورية هي التي تحدد من يحكمها أو من يديرها.
هذه هي الأجواء التي سبقت اغتيال رفيق الحريري في 14/2/2005.
وبعد ذلك كل ما حصل بات معروفاً ومتداولاً في الاعلام سواء من حيث محاولة إخفاء كل معالم الجريمة.. أو تضليل التحقيق أو التهجم على قاضي التحقيق أو عمليات قتل كل من ساهم في انتفاضة الاستقلال، أو الجو الانقلابي الذي يعيشه لبنان الآن عبر أتباع سوريا وفي مقدمتهم حزب الله لإلغاء تشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري.
نختمها بما قاله بشار الأسد مباشرة لمبعوث رئيس وزراء بريطانيا في آخر محاولة أوروبية لتحسين سلوك نظام الأسد في لبنان وفلسطين والعراق.
قال بشار: ((المحكمة الدولية مقصلة فوق رأسي ارفعوها وانسوا قضية رفيق الحريري وتعالوا نتحاور)).
0 Comments:
Post a Comment
<< Home