ماذا سيفعل البعث من اجل سوريا؟
ماذا سيفعل البعث من اجل سوريا؟
احتفال السوريين بذكرى الاستقلال
يتزامن مع هواجس واسئلة قلقة
دمشق – من شعبان عبود:
في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل السوريون بعيد الاستقلال. و كانت العادة منذ نحو ستة عقود ( عام 1946 استقلت سوريا) أن تقام احتفالات شعبية كبيرة منظمة يشرف عليها حزب البعث الحاكم. وكانت تقام مهرجانات خطابية في المدارس وعلى مدرجات الجامعات.
في تلك الاحتفالات غالباً ما يتم إحضار المجاهدين الذين شاركوا في الثورة السورية ومقاومة فرنسا، من أجل تكريمهم. وكانت الذكرى مناسبة يتم فيها التذكير بالمنجزات الكبيرة التي حققها حزب البعث للشعب السوري بعد وصوله إلى السلطة عام 1963 وبمنجزات "الاستقرار" التي تحققت مع الحركة التصحيحية التي وصل بموجبها الرئيس حافظ الأسد الى الحكم مطلع السبعينات من القرن الماضي.
لكن الذكرى هذه السنة تبدو مختلفة عن كل السنوات السابقة، فهي تحل على السوريين وبلدهم يواجه ضغوطاً خارجية كبيرة، بعد متغيرات إقليمية تركت تداعيات كبيرة على مكانة دمشق ودورها الإقليمي، مثل الاحتلال الأميركي للعراق، وانسحاب القوات السورية من لبنان نزولاً عند متطلبات القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن، وبعدما وصلت العلاقة مع الولايات المتحدة الى مرحلة يبدو فيها أن "شعرة معاوية" قد قطعت .
هذه الظروف بمجملها جعلت السوريين، بكل مستوياتهم وفئاتهم الاجتماعية والاقتصادية، يتساءلون بقلق عن المستقبل، وما ستسفر عنه تلك الضغوط الأميركية، حتى أن جزءا كبيراً منهم بات يعتقد أن الولايات المتحدة تعد مخططاً كبيراً ضد نظامهم السياسي.
هذه الأجواء القلقة التي تخيم على عموم السوريين اليوم، تضع ذكرى الاستقلال في اطار باهت، فالأنظار تتوجه نحو ما تخبئه الأيام والاشهر المقبلة، وما حصل من مقاومة في عشرينات القرن الماضي وحتى منتصف اربعيناته، صار اليوم مجرد ذكرى بعيدة جداً.
هذه الأيام، جزء كبير من السوريين صار على اقتناع أن على حزب البعث الذي قاد البلاد طوال أكثر من 40 عاماً، أن يفعل شيئاً لينقذها، أن يضحي مثلاً، كما فعل في الخمسينات عندما حل ذاته من أجل الوحدة مع مصر، ونزولاً عند طلب الرئيس جمال عبد الناصر.
وكتبت مجلة "أبيض وأسود" التي يعود ترخيصها الى نجل وزير الدفاع السوري: "البعث الذي حل ذاته من أجل الوحدة، ماذا سيفعل من أجل سوريا؟"، وتساءلت في عددها الأخير: "هل يستطيع المؤتمر القطري المقبل، أو في شكل أدق هل يستطيع الحزب الذي قدم تضحيات كبيرة في تاريخه، أن يقدم تضحيات جديدة في لحظة تاريخية مفصلية كهذه التي نعيشها؟ سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة".
حتى صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم، وجهت انتقادات شديدة الى البعثيين عكست بوضوح حجم القلق الذي يعيشه السوريون، وعكست قبل ذلك نوعاً من تحميل المسؤولية للحزب الذي أوصل البلاد الى هذه الظروف الحرجة. وشنت في عددها ليوم 7/4 الفائت، أي في ذكرى ميلاد البعث ، هجوماً حاداً على بعض قادة الحزب الحاكم واتهمتهم بالاساءة الى توجهاته و"ترك نقاط سوداء في صفحته"، ولوحت بـ "حركة تصحيحية داخل الحزب"، مؤكدة ان "الذين وجدوا مصالحهم بالانتماء الى الحزب لن يكون لهم مكان في المستقبل”. ورأت ان "أفق الحزب لم يتراجع إلا في فترة انغمس فيها البعض في مباهج الحياة ومفاسدها، حيث انعكس ذلك على الاداء والسمعة العامة".
وكتبت ان "بعض عناصر السلطة، سواء أكانت بعثية او لا، اصبحت امام استغلال الاسم والاساءة الى المشروع الذي يحمله البعث في توجهاته، وساعد على ذلك احيانا التماهي بين المواقع الحزبية والادارية، الامر الذي ترك نقاطاً سوداء في صفحة الحزب".
بكل تأكيد ما كان ممكنا لهذه الانتقادات أن تظهر لولا المتغيرات التي تشهدها المنطقة وسوريا في قلبها، والالحاح على عقلنة النظرة الى المستقبل في ضوء الضغوط التي تواجهها سوريا والتي تستهدف دفعها في طريق الاصلاح الديموقراطي. والكل ينتظر المؤتمر القطري العاشر للبعث الذي يقول البعض أنه سيكون حاسماً وتاريخياً... فيما البعض الاخر ينظر اليه بأعصاب باردة على اساس ان لا شيء "يصلح ما افسده الدهر" و"التغيير الحقيقي لا يحتاج الى مؤتمرات بمقدار ما يحتاج الى مؤمنين".
احتفال السوريين بذكرى الاستقلال
يتزامن مع هواجس واسئلة قلقة
دمشق – من شعبان عبود:
في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل السوريون بعيد الاستقلال. و كانت العادة منذ نحو ستة عقود ( عام 1946 استقلت سوريا) أن تقام احتفالات شعبية كبيرة منظمة يشرف عليها حزب البعث الحاكم. وكانت تقام مهرجانات خطابية في المدارس وعلى مدرجات الجامعات.
في تلك الاحتفالات غالباً ما يتم إحضار المجاهدين الذين شاركوا في الثورة السورية ومقاومة فرنسا، من أجل تكريمهم. وكانت الذكرى مناسبة يتم فيها التذكير بالمنجزات الكبيرة التي حققها حزب البعث للشعب السوري بعد وصوله إلى السلطة عام 1963 وبمنجزات "الاستقرار" التي تحققت مع الحركة التصحيحية التي وصل بموجبها الرئيس حافظ الأسد الى الحكم مطلع السبعينات من القرن الماضي.
لكن الذكرى هذه السنة تبدو مختلفة عن كل السنوات السابقة، فهي تحل على السوريين وبلدهم يواجه ضغوطاً خارجية كبيرة، بعد متغيرات إقليمية تركت تداعيات كبيرة على مكانة دمشق ودورها الإقليمي، مثل الاحتلال الأميركي للعراق، وانسحاب القوات السورية من لبنان نزولاً عند متطلبات القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن، وبعدما وصلت العلاقة مع الولايات المتحدة الى مرحلة يبدو فيها أن "شعرة معاوية" قد قطعت .
هذه الظروف بمجملها جعلت السوريين، بكل مستوياتهم وفئاتهم الاجتماعية والاقتصادية، يتساءلون بقلق عن المستقبل، وما ستسفر عنه تلك الضغوط الأميركية، حتى أن جزءا كبيراً منهم بات يعتقد أن الولايات المتحدة تعد مخططاً كبيراً ضد نظامهم السياسي.
هذه الأجواء القلقة التي تخيم على عموم السوريين اليوم، تضع ذكرى الاستقلال في اطار باهت، فالأنظار تتوجه نحو ما تخبئه الأيام والاشهر المقبلة، وما حصل من مقاومة في عشرينات القرن الماضي وحتى منتصف اربعيناته، صار اليوم مجرد ذكرى بعيدة جداً.
هذه الأيام، جزء كبير من السوريين صار على اقتناع أن على حزب البعث الذي قاد البلاد طوال أكثر من 40 عاماً، أن يفعل شيئاً لينقذها، أن يضحي مثلاً، كما فعل في الخمسينات عندما حل ذاته من أجل الوحدة مع مصر، ونزولاً عند طلب الرئيس جمال عبد الناصر.
وكتبت مجلة "أبيض وأسود" التي يعود ترخيصها الى نجل وزير الدفاع السوري: "البعث الذي حل ذاته من أجل الوحدة، ماذا سيفعل من أجل سوريا؟"، وتساءلت في عددها الأخير: "هل يستطيع المؤتمر القطري المقبل، أو في شكل أدق هل يستطيع الحزب الذي قدم تضحيات كبيرة في تاريخه، أن يقدم تضحيات جديدة في لحظة تاريخية مفصلية كهذه التي نعيشها؟ سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة".
حتى صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم، وجهت انتقادات شديدة الى البعثيين عكست بوضوح حجم القلق الذي يعيشه السوريون، وعكست قبل ذلك نوعاً من تحميل المسؤولية للحزب الذي أوصل البلاد الى هذه الظروف الحرجة. وشنت في عددها ليوم 7/4 الفائت، أي في ذكرى ميلاد البعث ، هجوماً حاداً على بعض قادة الحزب الحاكم واتهمتهم بالاساءة الى توجهاته و"ترك نقاط سوداء في صفحته"، ولوحت بـ "حركة تصحيحية داخل الحزب"، مؤكدة ان "الذين وجدوا مصالحهم بالانتماء الى الحزب لن يكون لهم مكان في المستقبل”. ورأت ان "أفق الحزب لم يتراجع إلا في فترة انغمس فيها البعض في مباهج الحياة ومفاسدها، حيث انعكس ذلك على الاداء والسمعة العامة".
وكتبت ان "بعض عناصر السلطة، سواء أكانت بعثية او لا، اصبحت امام استغلال الاسم والاساءة الى المشروع الذي يحمله البعث في توجهاته، وساعد على ذلك احيانا التماهي بين المواقع الحزبية والادارية، الامر الذي ترك نقاطاً سوداء في صفحة الحزب".
بكل تأكيد ما كان ممكنا لهذه الانتقادات أن تظهر لولا المتغيرات التي تشهدها المنطقة وسوريا في قلبها، والالحاح على عقلنة النظرة الى المستقبل في ضوء الضغوط التي تواجهها سوريا والتي تستهدف دفعها في طريق الاصلاح الديموقراطي. والكل ينتظر المؤتمر القطري العاشر للبعث الذي يقول البعض أنه سيكون حاسماً وتاريخياً... فيما البعض الاخر ينظر اليه بأعصاب باردة على اساس ان لا شيء "يصلح ما افسده الدهر" و"التغيير الحقيقي لا يحتاج الى مؤتمرات بمقدار ما يحتاج الى مؤمنين".
0 Comments:
Post a Comment
<< Home