Thursday, April 21, 2005

متى يعلن الأسد ثورته البيضاء?


متى يعلن الأسد ثورته البيضاء?
لانزال على كلامنا بأن الاوضاع المأزومة في سورية تشكل فرصة ذهبية للرئيس بشار الاسد كي يفعل شيئا انقاذيا, يعيد الاعتبار الى سمعة الدولة التي تناهشت مراكزها ومواردها مراكز القوى, وتتحكم بمفاصلها جهالة رجال المخابرات المتعيشين على الريبة والشكوك, والمتاجرين دائما بهواجس الرئيس, وبادعاء الحرص على النظام الحاكم وسلامته.هذه فرصة الرئيس السوري لاقامة دولة سورية حقيقية لديها على الاقل شعب حي, بدل ماهو مقتول الآن, ومجتمع حر بدل المجتمع المصادر المصاب بالرهاب اليومي وبالخشية الدائمة على الحياة.لم يعد مقبولا تعطيل عملية التطور في سورية, ومنع انتقالها من مفاهيم المنظمات السرية, وافكار الدهاليز والمؤامرات, الى آفاق القوانين ومفاهيم الحرية والديمقراطية والتعاقد الاجتماعي..سورية من دون فتح قنوات الحياة المختنقة فيها ستتحول كلها, وبشعبها ومجتمعها, الى كتلة ملغومة لابد وأن تنفجر في يوم, ذلك أن الانفجار الشعبي اللبناني كان ضد ذات السلطة التي تتحكم بحياة السوريين, وتسلبهم نعمة اعطاها الله لعباده الا وهي نعمة الحرية.. إن الانفجار الشعبي اللبناني ضد سلطة الوصاية السورية ومفاهيمها الضيقة والقمعية, هو المقدمة للانفجار الشعبي السوري الآتي في الطريق.ان كل هذه الاحتمالات الواردة بقوة الحتمية وقوة قوانين النمو والارتقاء الطبيعية, ممكن للرئيس بشار الاسد أن يحتويها باعلانه القطيعة الكاملة مع مفاهيم المنظمات السرية, وانحيازه العلني الى مفاهيم الدولة العصرية المحكومة بسيادة القانون, لا بقوة رجال المخابرات وتجاوزاتهم اللا انسانية, وتسلطهم على كل امكانات الدولة ورجالها.سهل على الرئيس السوري أن يقارب هذه اللحظة التاريخية اذا ما تحرر من ارث المنظمة الحاكمة, ومفاهيمها الكاذبة, وفسادها المشين, ومن معاييرها التسلطية والجائرة, والتي تثير احيانا الشفقة, وتوجه الاهانات لكل اصحاب العقول السليمة.الرئيس الاسد قادر على نسف هذا المنطق العصابي من جذوره اذ ليس من المعقول أن يتهم اي اصلاحي بالعمالة لأميركا ولاسرائيل لاجل اخراسه, ونحر اي آمال في الاصلاح, وهي آمال معقودة على المستقبل الافضل لسورية وشعبها.كذلك ليس من المعقول والمقبول, أن يتذرع الرئيس الأسد بالذرائع القديمة ويدعي انه منشغل بالصراع ضد أميركا وضد اسرائيل, وبالتالي لا وقت عنده لسماع اي كلام عن الاصلاح, وعن المثالب والاخطار, بل وعن الارتكابات المشينة التي تمارس في الاجهزة منذ أكثر من اربعين سنة.الصراع مع أميركا واسرائيل لايمنع المواطنين من العمل, ولايعني ارتهانهم, ولايعني امتناعهم عن المطالبة بحريتهم وبحقوقهم المدنية, ولايعني الامتناع عن محاربة الفساد, ولا يبرر سجن اصحاب الاصوات التي تنادي بأبسط متطلبات الحياة.. الصراع مع اميركا واسرائيل يتطلب استقواء الرئيس الاسد بشعبه, يتطلب انتاج شعب ليس على طلاق مع اجهزة دولته, وغير متصالح مع نظامه, والا بمن سيصارع او بمن سيحارب, او من سيصارع معه ويحارب الى جانبه?من المضحك المبكي المواظبة على هذه المعايير البالية التي تجعل كل من يطالب بالاصلاح عميلا لاميركا ولاسرائيل لمجرد أن اميركا تقترح الاصلاح وتطالب بأبسط حقوق الانسان, او أن يقال عنه إنه اميركي او اسرائيلي ويستهان به وبسمعته.بامكان الرئيس الاسد أن يصارع اميركا واسرائيل, لكن ليس بامكانه أن يتجاهل حقوق شعبه, المفروض أن يكون بكامل نشاطه وحيويته, والذي سيفخر به الرئيس مستقبلا وأن لايتسلط عليه النافذون, ويستغلون وضعه المتردي, ويتاجرون بمصالحه, وينهبون ثرواته الوطنية, وكلما رفع واحد من هذا الشعب صوته بالاعتراض سحبوه الى التحقيق في الدهاليز, ورموه في الزنازين بلا محاكمة, تلاحقه اتهامات العمالة لاميركا, وكأنهم في الاساس يملكون القدرة على مواجهة اميركا ويملكون الامكانات.يستطيع الرئيس الاسد أن يقطع دابر هذه المعزوفة المتمصلحة والناشزة, ويمنع الاصوات الصارخة عنده عن اتهام اي مواطن أن يتنفس الهواء بانه اميركي, واي مواطن يتكلم عن الفساد بانه يتعدى على آخر قلعة صمود عربي تقف شامخة في وجه العدو الاسرائيلي, بينما هي ليست قلعة , وعدوة نفسها, وفاقدة لقدرة المواجهة مع اي عدو.عبدالناصر قتلوه بهذا الادعاء, وجرته الاستخبارات الى الهزيمة المروعة, بعد أن صورت له أن لديه قوة لاتهزم, وانه قلب العروبة, وأنه القلعة عالية الاسوار التي لا يستطيع احد الاقتراب منها.انها فرصة الرئيس بشار الاسد الآن ليغادر هذه الخرافة, ولينظر الى سورية وشعبها بعيون الحقيقة, والتي وحدها ستمكنه من اشعال الثورة البيضاء التي ستفتح الآفاق امام شعبه, وتعيد الى بلاده الدولة التي افترسها رجال المنظمة السرية الحاكمة.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home