Friday, December 08, 2006

The General's Hour


ساعة الجنرال
غسان شربل الحياة - 09/12/06//
ترسم تركيبة لبنان حدوداً لقدرة البلد على الاحتمال. عدم الالتفات الى حدود هذه القدرة يضع البلد في دائرة الخطر. الإصرار على عدم الالتفات يفتح طريق الهاوية. ثم ان لبنان موصول بشرايين المنطقة. لهذا لا يصح عدم التنبه الى المناخات القائمة فيها. وبهذا المعنى، على اي معركة كبرى في بيروت ان تأخذ في الاعتبار التوتر الذي تضخه في عروق المنطقة الحرب الاهلية التي يعيشها العراق.
لم يكن سراً في الشهور الماضية ان «حزب الله» يطالب بما يفوق قدرته على الاحتمال. فعلى الصعيد العملي شكل القرار 1701 عقاباً شديداً للحزب. إذ حرمه من أهم أوراقه وهي القدرة على المرابطة على خط التماس مع اسرائيل والقدرة على تحريك الجبهة هناك. من دون هاتين القدرتين يجد الحزب نفسه في موقف صعب لجهة تبرير احتفاظه بترسانته. القرار نفسه كان عقاباًَ شديداً لإيران وسورية اللتين خسرتا القدرة على المرابطة بالواسطة في جبهة الجنوب وتحريكها. يمكن قول الشيء نفسه تقريباً بالنسبة الى المحكمة ذات الطابع الدولي.
في المقابل طلب «حزب الله» من الأكثرية النيابية ما لا قدرة لها على تقديمه وهو اعطاء الحزب وحلفائه الثلث المعطل أو الضامن في الحكومة. أي اعطاء أصحاب هذا الثلث حق النقض على اي قرار كبير وحق حرمان الحكومة من القدرة على الاجتماع وحق اسقاطها.
في التركيبة اللبنانية لا يصح تناسي حسابات الطوائف والمذاهب. فحين يقال ان اسقاط رئيس الجمهورية الماروني تحت وطأة الشارع محظور أو مرفوض لا بد من تطبيق القاعدة على رئيس الوزراء السني. هذا هو لبنان. ورد الفعل في المناطق السنية على الدعوات الى اسقاط حكومة السنيورة يؤكد ما تقدم. يؤكده أيضاً اعتبار مفتي الجمهورية اسقاط الحكومة خطاً أحمر غير مسموح تجاوزه. لهذا بدا خطاب السيد حسن نصرالله أكبر من قدرة التركيبة على الاحتمال.
لا يمكن إنكار حق المعارضة في تنظيم احتجاجات شعبية. لكن كان على قيادتها التنبه الى احتمال انزلاق المواجهة نحو الفتنة حتى ولو لم يردها أحد. ثم أن تركيبة لبنان نفسها لا تجيز الرهان على انتصارات بالضربة القاضية، خصوصاً حين تمتلك الحكومة أكثرية في مجلس النواب.
وبكلام أوضح. اعتبرت الأكثرية مطلب المعارضة محاولة لإفراغ المحكمة ذات الطابع الدولي من مضمونها أو لمنع قيامها ومحاولة للتحايل على القرار 1701. اعتبرته محاولة لشطب كل الوضع الذي قام غداة اغتيال رفيق الحريري. اعتبرته انقلاباً. واعتبرت غالبية الطائفة السنية الثلث المعطل محاولة لتطويق رئيس الوزراء وإضعافاً لدوره وحصة طائفته في القرار.
يمشي لبنان مسرعاً نحو الفتنة. الاتهامات بالغة الخطورة والمطالب أكبر من القدرة على الاحتمال والمشاعر ملتهبة. لا بد من صيغة لتوزيع المهدئات والتطمينات مقدمة لبلورة إرادة وفاقية تقدم حسابات الانقاذ على هاجس الانتصار. ليس من حق أحد التسبب في انهيار لبنان كائناً ما كانت مطالبه وهواجسه. لا بد من الالتقاء في منتصف الطريق أو في أقرب نقطة إليه.
يجب أن يخرج صوت مساعد. أفكر في الجنرال ميشال عون شرط أن يطلّق حلم الرئاسة. فالفتنة اذا استشرت ستضيع الجمهورية والبلد والقصر والاختام. عليه توظيف علاقاته الجيدة مع «حزب الله» للبحث عن مخرج. عليه معاودة الحوار مع الأكثرية على قاعدة بيان مجلس المطارنة. عليه أن يفكر بسلة لإنقاذ الوطن. الوضع أكثر تعقيداً من ملفات الفساد التي شغل نفسه فيها لتفادي المواضيع الحقيقية. فليترك جانباً نصائح بعض المستشارين و «فتيان التيار». بقاء الجمهورية أهم من توليه رئاسة الجمهورية. أيها الجنرال التفت الى ساعتك. نرفض الاعتقاد ان هذا الدور أكبر من قدرتك على الاحتمال.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home