Monday, February 26, 2007

دعوة السنَّة والشيعة إلى التجرّد للحق وتصحيح الموروث

دعوة السنَّة والشيعة إلى التجرّد للحق وتصحيح الموروث
GMT 3:15:00 2007 السبت 24 فبراير
المدينة السعودية


من عقلاء الشيعة إلى مراجعهم - 2

د. سعد البريك

أشكر أخي الشيخ حسن الصفار على استجابته وبيانه لما طرحته من تساؤلات في ملحق الرسالة ( ولو كان في نظري المتواضع لا يكفي جواباً ) لما سألته عنه وسرني خلقه النبيل وعبارته المفعمة باللطف والأدب والحرص على الوحدة ونبذ الكراهية وإشاعة الحوار ونبذ التقليد الأعمى واحترام العقل ، ولست اليوم بصدد مناقشة رده على ما كتبتُ حيث لا زلت بانتظار رفع الحجب الموجود على بعض روابط المواقع التابعة للمرجع السيستاني المتضمنة لفتاواه حول الإمامة والأحكام المتعلقة بها ، مع أنها لم تكن محجوبة من قبل ، وإن كان هذا لن يضيف جديداً من حيث ثبوت الفتوى عن المرجع السيستاني على موقعه الرسمي حيث تليت بعد تحديث موقعه وأبرزت على الشاشة في السجال المباشر على فضائية المستقلة بين د / محمد السيد الدغيم ود /الموسوي ، فلم ينكرها الموسوي وإنما تأولها وفسرها بفهم منه لا يتفق مع فهم عموم المشاهدين والقراء ، وعلى أية حال سأنشر حواري مع أخي حسن الصفار مفصلاً على حلقات متسلسلة على منبر الرسالة في العدد القادم إن شاء الله .

وقبل أن أفيض في موضوع اليوم أمازح أخي الشيخ حسن الصفار حيال اعتذاره عن استمرار السجال مذكراً بقول الشاعر :

وحلفت ألا أبتديك مودعاً حتى أهيئ موعداً للقاء

ولن أرضى منه بكفارة المجلس قبل الدخول فيه فلا بد من الحوار ولو طال، متجردين للحق في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم .

وأدلف إلى موضوع الزاوية اليوم مستهلاً بكلمة المرجع الشيعي أحد الموصوفين بالاعتدال آية الله العظمى محمد حسين فضل الله حيث يقول : (لا بد من الخروج من أقبية الذات والخصوصيات و الحسابات الضيقة وعلينا أن نواجه قضايانا وأفكارنا وحتى عقيدتنا بالنقد والشجاعة والجرأة قبل أن ينتقدها الآخرون . لأننا نملك كـَمّـاً غير قليل من الموروث الذي تركه لنا الأقدمون ، والذي ينبغي النظر إليه بعين النقد والتحليل حتى لا نكون مصداقاً للآية الكريمة : (إنا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم مقتدون) .

آية الله العظمي محمد حسين فضل الله والكلمة له منقولة من كتاب أعلام التصحيح والاعتدال مناهجهم و آراؤهم ، تأليف الشيخ الفاضل خالد بن محمد البديوي صفحة 382 .الطبعة الأولى 1427هـ ـ 2006م

لقد وقفتُ غيرَ مرَّة قبل كتابة هذه الكلمات، انتظارَ كلماتٍ طيباتٍ استفتح الحديث بها وأوجّه عبرها هذا النداء بعد الحمد والثناء على الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ؛ و وُفِقـْـتُ إلى هذه الكلمات من هذا المرجع المعروف والتي تدعم عنوان هذه الدعوة المخلصة :

« إلى عقلاء الشيعة و مراجعها ... دعوة إلى التصحيح و الاعتدال « ولكني أضيف إليها « والنقد والتجرد والجرأة والمواجهة» ، وأقول : إن الآخرين لا ينتقدون في أوهام الاعتقاد والأفكار والموروث إلا لأنهم يؤمنون بأن هناك من يحمل عقلاً يفكر ويدعوا إلى التصحيح.

إننا نجدُ في الموروث عند الشيعة : القولَ بعصمة علي رضي الله عنه ونجد كذلك في المقابل أن هذا الإمام المعصوم ـ علي رضي الله عنه وأرضاه ـ :» يزوج ابنته أمَّ كلثوم شقيقة الحسن والحسين -رضي الله عنهما- من عمر بن الخطاب رضي الله عنه « . (الكليني في الكافي في الفروع المجلد السادس ص 115وتهذيب الأحكام للطوسي والاسبتصار) .

ونجد في الموروث : « ان عمرَ رضي الله عنه كان مرتداً كافرا «

ندعو إلى مواجهة هذا الأمر بالحجة العقلية وليس بالجدل حول كتبنا وكتبهم ؛ وهو عصمة الإمام علي رضي الله عنه و تزويجه ابنته من عمر رضي الله عنه والقول: « إن عمر كان كافراً مرتداً « ـ وحاشاه رضي الله عنه ـ ألا يدعونا هذا إلى التساؤل و البحث و التحليل و الدراسة عن أمرين اثنين لا ثالث لهما :

الأمر الأول : ان علياً رضي الله عنه غير معصوم لكونه أخطأ خطأً فادحاً لأنه زوج ابنته من كافر وهذا يتناقض مع أساسيات المذهب و العصمة ؛ و يترتب عليه نفي العصمة عن غيره من الائمة ؟.

والعصمةُ تعني عدم الوقوع في الخطأ وأي خطأ أكبر من تزويجه، ابنته أمّ كُلثوم من عمر الكافر المرتد ؟.

حاشاه أمير المؤمنين ، شهيد المحراب و ليس بمعصوم رضي الله عنه .

والأمر الثاني : إسلامُ عمرَ إذ إنَّ علياً -رضي الله عنه- رضِيَ نسبه وزوجه .

و نؤكدُ على أن علياً رضي الله عنه قد رضي دينه و خلقه وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :» إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه، فزوجوه» .

ألا يحق لهذه القضية أن تطرح بِتجرُّد وإنكار ذات، وشجاعة للوقوف عندما جاء به الأولون الأقدمون ، أن علياً رضي الله عنه لم يكن ليرمي بنته وفلذة كبده إلى رجل كافر مرتد، فلم يبق إلا أن يكون عمر مرضياً في دينه وخلقه، بل مبجلاً مجللاً بالنسب الشريف من آل البيت عليهم السلام .

قد حان الوقت لكي يجلس عقلاءُ الشيعة مع أنفسهم، ويحاوروا أنفسهم بأنفسهم، ويعرضوا ما تشابه مما ورد من الموروث القديم مع ما وافق الحقَ منه ؛ فان في موروث الشيعة الشيءَ الكثير الذي يحتاج إلى دراسته دراسةً نقدية بحجج العقل ومنطقه ، وهو لا يخرج إما أن يكون موافقاً الحقَ فيردون إليه ما خالفه ، و إما أن يكون مخالفاً العقل والذي نقول بأن في الشيعة والسُّنَّة من هو جدير بفحصه ومراجعته؛ ومن ثم رده والتبرؤ منه . كما فعل عقلاء الشيعة من قبل وتبرأوا من الأباطيل التي لا يسندها عقل ولا نقل صحيح .

فلا خوف على الأصحاب رضي الله عنهم ولا حزن مِنْ سَبِّ مَنْ سَبَهُمْ و طَعْنِ مَن لَمَزَهُم و تكفير من أخرجهم من الملة وهم الذين قامت الملة ـ بعد الله تعالى وجهاد وإبلاغ رسوله صلى الله عليه وسلم ـ على يدهم وإخلاصهم وصدقهم وليس لنا قولٌ ولا شهادةٌ بعد شهادته تعالى لهم (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَن المًُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ وَ أَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلِيْهِمْ وَ أَثَاَبَهُمْ فَتْحَاًً قَرِيباً) ( سورة الفتح : 18 ) .

فهل نكفر ونفسق ونحكم بالنفاق على من رضي الله عنهم بصريح القرآن !!.

دونكم العقل و الحكمة فأعْمِلوها في أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا سيما أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وأرضاهم، وهل يخفاه سبحانه حالهم فرضي عنهم ولم يعلم سبحانه أنهم سيرتدون بعد موت نبيه صلى الله عليه وسلم؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ، أم أن الله يعلمُ حالَهم وكفرَهم ورِدتَهم ومع ذلك يرضى عنهم وينزل الوحي فيهم بذلك ؟!! .

وإذا كان علي رضي الله عنه معصوماً، فالأمرُ ذاته يقال عند تكفير الشيعة ، لأبي بكر وعثمان رضي الله عنهم ـ ألم يكن علي رضي الله عنه معصوماً حين بايعهما ورضي بخلافتهما، وسمع وأطاع لهما، وبقي تحت إمرتهما، وجاهد وقاتل معهم (ثلاثتهم).. ألا تشفع هذه (العصمة العلوية) لأعظم الرجال وأكمل الناس إيماناً بعد نبينا صلى الله عليه وسلم حتى تطالهم سهام التكفير و الردة ؟.

ألا نرى أنه من الضروريات الملحة الإجابة على هذه المتناقضات بالبراءة منها ، إذ كيف يبقى عليٌّ ـ المعصوم ـ رضي الله عنه تحت ظل حكَّام ظلمة كفرة مرتدين ولديه من الكرامات والعصمة التي تمكنه من نزع الحكم منهم وردعهم وقتالهم وجهادهم والخروج عليهم . وأمرُ الكفر والردة أمر لا يخفي بل ظاهر للعيان فلا يمكن السكوت عليه وأقله الإنكار و الهجرة من المدينة أو أن يعتزلهم طالما هم كفّار رضي الله عنهم وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وجمعنا بهم في الجنة .

بل إن منطق العقل لا يقبل القول أن الله جعل الأمر بعد موت نبيه صلى الله عليه وسلم في يد المرتدين والكفرة من بعده ، وأسأل نفسي وكل يسأل نفسه : لو كانوا مرتدين فما الذي حملهم على نشر الإسلام في الأرض والجهاد في سبيل الله ؟.

ونازلة أخرى :هل كانت أسماء هؤلاء الثلاثة (أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم) في قائمة أسماء المنافقين التي كانت عند حذيفة رضي الله عنه، وحذيفة هو صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم. ألا يحق أن يناقش وتطرح في مائدة المراجعة والتحليل العقلي ولو كانوا منافقين فكيف يشهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة؟ وهل كان الله عز وجل ليسلم أمر دينه إلى هؤلاء الثلاثة الذين هم مرتدون كما تقول بعض مصادر الموروث ؟!.

وكيف وصل الدين وانتشر إلى ربوع الدنيا في زمن الثلاثة رضي عنهم وهم كفار مرتدون وأين جهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهادهم لنشر الإسلام بعد موته صلى الله عليه وسلم فهل كانوا يعقدون رايات الجهاد ويغزون في سبيل الله وهم مرتدون منافقون ؟. .

لقد آن الأوان لعقلاء الشيعة و مرجعياتها أن يراجعوا موروثهم .

وهذا قول معتدل آخر يتيح الفرصة ويسن السنة الحسنة لعقلاء الشيعة ومرجعيتها ليقوموا بالإصلاح والمراجعة . يقول أحمد مير قاسم بن مير أحمد الكسروي ـ وقد قرَّرتُ كتابه «التشيع والشيعة» مرجعاً لمادة المذاهب من الفرقة في كلية المعلمين بالرياض منذ قرابة أربعة عشر عاماً ـ و هو من أسرة يعود نسبها إلى أهل البيت وبلغ مرتبة في التشيُع إلى أن صار المدعي العام في طهران و قد قتل عام 1946م على يد المخالفين له ـ يقول في رده على الإمامية في سبهم الصَّحابة رضي الله عنهم :» فإن أصحابَ النَبِّي صلى الله عليه وسلم ؛من المهاجرين والأنصار صدَّقوا النبي حين كذَّبه الآخرون ، ونصروه بأقوالهم وأنفسهم فكانوا كِراماً عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا سِيّما الشيخين الصديق والفاروق « ، و ما نسبوه إليهم من مخالفة وَصِّيةِ النبي ونزع الخلافة من يد علي وغير ذلك ، فلم يكن إلا زوراً و بُهْتاناً « التَشيُّع 137 .

ونقول إن أول الغيث قطرةٌ ، فالذي أوصل رجالاً مثل هؤلاء من الشيعة بعد تبحرهم وتبصرهم في التَشَيُّعِ ؛ ليخلُصُوا إلى القول بضرورة المراجعة ،ثم يقولون بمدح الصحابة و تبرئتهم ـ برغم ما في الموروث من هنَّات و أقوال لا تزال تحتاج إلى مراجعةٍ . ونقول : على ذات الدَّرب وعلى ذات المذهب الذي وصلوا به إلى القول بتبرئة الصحابة بما فيهم الخليفتان ؛ فليكُنِ البحثُ عن تبرئة سائر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم نتيجةً حتميَّة لا مناص لعقل ولا عاقل أن يحيد عنها أو يتناقض مع نفسه حول التسليم بها .

نعود لنقول ـ والحق يقال ـ إن في الشيعة وعلمائها ومراجعها عدداً لا يستهان به من العقلاء وكثير من الأقوال المعتدلة والشهادات الواضحة على إمكانية الوصول إلى تهذيب و(تَصْفِيةِ ) هذا المذهب وتنقيته وهو مذهب له مرجعيته التي يحترمها ويصدر عن رأيها . وهذا في حدِّ ذاته مَحْمَدةٌ ما كانت تسلم بالإذعان للوحي المعصوم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تجرداً للحق وطاعة لله ويقيناً بأن المتقدمين لا يُحَاسَبُونَ يوم القِيامة بالنيابة عن المتأخرين . .

ندعو عقلاء الشيعة ومراجعَها إلى ميزان العدل والإنصاف والسَّلامة من مقالة ِ أقوام قالوا (إنِّا وجَدْنا آباءَنا على أمَّّة و إنِّا على آثارِهِمْ مُقْتَدُون) ، كما قال المرجع محمد حسين فضل الله .

وإلى اللقاء في الجمعة القادمة مع مناقشة الأخ الكريم حسن الصفار حول ما كتبه في الجمعة الماضية . أسأل الله أن يشرح صدورنا للحق والهدى إنه سميع مجيب .

0 Comments:

Post a Comment

<< Home