Thursday, March 24, 2005

نظام دمشق ... حملة تنظيف السجون؟

ماحملته صور وكالات الأنباء الدولية عن مخلفات ( إنسحاب ) قوات ومخابرات الإحتلال ( العربي ) السوري من بعض بنايات العاصمة اللبنانية الجميلة قبل أيام قليلة مضت ، يثير الحزن الأسى والشجن العميق ! فلولا إستشهاد الرئيس الحريري ورفاقه ثم إندلاع الإنتفاضة الشعبية اللبنانية الشجاعة والنبيلة و المدعومة بالإرادة الدولية الحرة لما عرف الرأي العام العربي الحالم خصوصا بمدى بشاعة التصرفات السلطوية السورية وإستهانتها بأبسط مقومات وأسس السيادة الوطنية اللبنانية والتي لايخجل اليوم بعض قادة الرأي والسياسة في لبنان حتى اليوم بالدفاع عن الدور السوري السلطوي المرعب في تحطيم وتدمير كل الأسس البنيوية والمجتمعية ، والأدهى سكوت السلطة اللبنانية الطويل عن حقوق مواطنيها من الذين أغتصبت شققهم ومنازلهم ولم يخجل ( الرفاق البعثيون في الشام ) وهم راحلون إلى الأبد من سرقة حتى الأبواب والشبابيك من الشقق التي كانت محتلة ورحلوا عنها ! فهل هذا هوالتوازن الإستراتيجي البعثي الذي تحدث عنه نظام دمشق طويلا ؟ وماذا أبقينا من ممارسات لقوات الإحتلال الإسرائيلية لم تحاول ( طلائع البعث ) وحملة الرسالة البعثية الخالدة تقليدها ؟ ألا تتشابه ممارسات مخابرات وجند بعث الشام في لبنان مع ممارسات بعث بغداد النافق خلال عملية الغزو الكويتية ؟ أليست القرصنة واللصوصية وأكل حقوق الناس والدوس على كل القيم والمقدسات هي من أهم السمات المشتركة للبعثيين يمينهم ويسارهم ؟ أليس التجبر والعناد والتلاعب بالشعارات العاطفية هي ذاتها ؟ من الواضح أنه بعد ماحصل من إنتصار كبير لقوى الحرية والديمقراطية في لبنان فإن النظام السوري وحلفائه بل عملائه اللبنانيون قد دخلوا في أعمق وأشد أزمة بنيوية ومصيرية لن تنجلي نتائجها إلا عن إنتصار كبير ستحققه القوى الديمقراطية الحرة في الشام ذاتها ؟ فمهما تمسك الفاشيون ورجال المخابرات ببعض ( عمائم ) السياسة وأساطين الشعارات فإن الحقيقة قد أسفرت عن وجهها الناصع ، وبأن نهاية الطواغيت والأصنام لم يعد مجرد حلم دفعت من أجله آلاف الأرواح الشابة ثمن التخلص منه خلال مراحل وحقب الصراع الماضية ، بل سيتحقق ذلك الحلم بكل تفاصيله وأبعاده رغم إختلاط الصورة وعدم وضوحها التام ، والنظام السوري وهو يرحل راكضا بعيدا وهاربا من لبنان بعد أن شعر بجدية الموقف هذه المرة يعلم جيدا أن ثمة إستحقاقات كثيرة وخطيرة عليه مواجهتها ، فسوريه بعد الهروب ليست هي سوريه قبل الهروب ! ، وإذا أراد النظام السوري الخروج من أزمته والبدء بتسيير عجلة الإصلاح الحقيقية فالوقت لم يزل بجانبه ! ، ولعل أهم الدروس المستفادة من كل ماحصل يتمثل في نهاية دولة التجبر والقهر والتسلط التي تستعين بمفاهيم السيادة الوطنية لسلخ جلود شعوبها ؟ لم تعد الصورة كذلك ، وإنهارت وإلى الأبد دول الإستبداد القطرية ، وداست الأقدام اللبنانية الحرة على كل الأصنام التي تتصور أنها ستتمتع بالمسروقات إلى حين يبعثون !، فهروب نظام دمشق لم تتمكن كل فروع وأقسام ورموز وجنرالات المخابرات السورية من منعه أو حتى تأخيره!، بل أن ممارسات وسرقات أجهزة المخابرات السورية المخجلة دليل مضاف على أزمة نظام بات يتخبط في وحل تراجعاته وهزائمه ، ومئات الآلاف من اللبنانيين الأحرار الذين زينوا عرس الحرية اللبناني الكبير قد رسموا خط النهاية لوضع نظام بائس تعبان لايبرع في شيء قدر براعته في الدجل والمناورة والإلتفاف على الإستحقاقات والعجيب أن الطرف الوحيد الذي زعل من الهروب السوري من لبنان هو الدكان الإرتزاقي البائس والمسمى ( المؤتمر القومي العربي البيروتي ) الذي وقف مع النظام العراقي حتى جاء أجله واليوم يعلن عن وقوفه مع النظام السوري كنذير شؤم؟، اليوم يقف النظام السوري عاريا حتى من ورقة التوت وهو ينفذ المطالبات الدولية دون مناقشة ولاتردد ، ويسحب عناصره ويخلي مقراته المغتصبة من أهاليها اللبنانيين ولكنه يبقي على خلاياه النائمة أو العلنية المؤطرة بعناوين المقاومة الوطنية اللبنانية التي نجلها ونحترم تضحياتها ولكن ليس على حساب حرية وسيادة وإنعتاق لبنان ، وإذا أراد النظام السوري تفعيل المقاومة حقيقة فأمامه الفرصة أكثر من سانحة في ذرى الجولان التي ضمتها إسرائيل لإراضيها منذ عام 1981!!، فلماذا الحديث عن شبعا الصغيرة والتي تقول سوريه إنها أرض سوريه!! ثم السكوت المريع والمخزي عن إغتصاب الجولان وهي الموقع الإستراتيجي الذي أضاعه البعثيون بسهولة مطلقة في هزيمتهم عام 1967؟ وعلينا أن نؤكد للذاكرة التاريخية العربية من أن البعثيين وعبر تاريخهم الحافل لم يكسبوا حربا ولم يردوا على هزيمة أو يثأروا لكرامة الأمة الجريحة والمسلوبة ... واليوم وبعد تصاعد الصراع حول لبنان وفيه يبدو أن النظام السوري قد صم أذنيه عن فتح واحد من أخطر وأهم الملفات قاطبة وهو ملف المعتقلين والمغيبين السياسيين ، وتنظيف السجون البعثية السورية الرهيبة من عشرات الآلاف من المظلومين وعلى رأسهم شيخ المعتقلين الضابط العربي السوري ( فرحان الزعبي ) الذي يبقى ملفه المفتوح والمأساوي يفتح أكثر من علامة إستفهام حول ملف ( حقول الموت السورية )! أي المقابر الجماعية السرية التي عرف بها البعثيون وتميزوا في تاريخ شعوب المنطقة المعاصر ؟ إنها الفرصة الذهبية للعناصر الطيبة في النظام السوري ( إن توفرت فعلا )؟؟ للوقفة مع الذات ومصالحة الشعب المكلوم ، وتصحيح المسيرة ، والتخلص من دولة المخابرات ، وفتح جميع الملفات الغامضة ، فلم يعد للسرية من معنى بعد إنهيار تلك الأنظمة من الداخل وهو الإنهيار الحتمي المرتبط بالحتمية التاريخية ، فمن يريد الإصلاح الحقيقي والفعلي وتجنب مصير بعث العراق المخزي فإن الفرصة أمامه أكثر من متاحة وهي ستمر لامحالة مر السحاب ، وإلا فالخيارات البديلة واضحة ومعروفة ومؤلمة ، وأولى الخطوات تنظيف السجون والمعتقلات السورية ليس على الطريقة البعثية العراقية ! ولكن وفقا لآليات عملية التوافق والمراضاة والمصالحة وطلب المغفرة من الشعب ... فالله دركم أيها اللبنانيون الأباة لقد صبرتم وعانيتم حتى رسمتم بمعاناتكم صورة فجر الحرية القادم في المشرق .

0 Comments:

Post a Comment

<< Home