Monday, October 16, 2006

أي رابط بين تفجيرات ما بعد 14 آذار للمناطق المسيحية

أي رابط بين تفجيرات ما بعد 14 آذار للمناطق المسيحيةوتفجيرات ما بعد الحرب الاسرائيلية للعاصمة؟ وكيف يكون المدخل الى تجاوز المؤامرة؟
الترويع الأمني غير منفصل عن دخول الأسد على الملف السنـّي
المستقبل - الثلاثاء 17 تشرين الأول 2006 - العدد 2419 - شؤون لبنانية - صفحة 2
فارس خشّان
ثمة من يحاول أن يُخفف من الأهمية السياسية للتفجيرات الترويعية التي تتنقل من شارع الى آخر في بيروت. هذا خطأ، على اعتبار ان القراءة السليمة للتصعيد الامني في لبنان متصلة جوهريًا بالواقع السياسي الداخلي.ما يحصل منذ الثامن من تشرين الاول تاريخ الاعتداء "الصوتي" على ثكنة الحلو مروراً بالحادي عشر منه تاريخ الاعتداء المماثل على ثكنة بربر الخازن وصولاً الى ما تعرضت له بناية العسيلي في وسط بيروت فجر الأحد الماضي، دخل في سياق العمل المنظم الذي لا يستهدف بالترويع ثكنتي قوى الأمن الداخلي فحسب بل المناطق السكنية المحيطة أيضاً وكذلك واحداً من أهم مراكز الاستقطاب التجارية والسياحية في البلاد.ترويع ما بعد 14 آذارانتظام "الخربطة الأمنية" يدفع الى الربط بين المشهد الحالي وبين المسلسل الذي عاشته المناطق ذات الأغلبية المسيحية، بُعيد التظاهرة التاريخية في الرابع عشر من آذار انطلاقاً من محلة نيو جديدة في المتن الشمالي.في قراءة للمسلسل الأوّل تلتقي لجنة التحقيق الدولية في مرحلة رئاسة الالماني ديتليف ميليس كما في مرحلة البلجيكي سيرج براميرتس على التأكيد أن الجهة الفاعلة كانت واحدة وأن الدوافع كانت واحدة وان الهدف كان الترويع.العبوات الناسفة التي استعملت آنذاك، على ضخامتها النسبية، استعملت وفق سلوكية لا تريد ان توقع خسائر بشرية. الاوقات كانت منتقاة بعناية فائقة. أسواق نيو جديدة والكسليك والزلقا كانت نائمة حين أيقظتها الانفجارات والمنطقة الصناعية في سد البوشرية كانت خالية حين تمّ استهدافها.الوضع المسيحي كان يومها كليًا مع حركة الرابع عشر من آذار، وكان مطلوبًا سلخه عنها. أحد زعماء الشارع المسيحي، كان بدأ يتأهب للعودة الى البلاد في سياق صفقة يُعد لها مع أتباع النظام السوري في لبنان. "مسيحيو سوريا" راحوا يندبون أمن المسيحيين مع قرار النظام السوري بالخروج من لبنان. الأمن اللبناني كان عاجزاً عن وضع حد للمسلسل، فاكتفى بتعداد التفجيرات ومسح أضرارها. المسيحيون وجدوا أنفسهم وحيدين، فتعاظمت في صفوفهم شعارات الامن الذاتي، وراحوا يبحثون عن قائد يحميهم، فجاءهم في الوقت الذي تعاظمت فيه الشكوى الطائفية من ذهاب وليد جنبلاط الى حارة حريك ومن دخوله مع "تيار المستقبل" في حكومة المرحلة الانتقالية، ومن الموافقة على اعتماد قانون الانتخابات الصادر في العام 2000 كتسوية للذهاب الى الانتخابات النيابية.الواقع السياسي في تلك المرحلة، كان واقعًا مرعبًا. حكومة عمر كرامي مستقيلة. عمر كرامي الذي أعيد تكليفه بقرار من الأكثرية النيابية المتجمعة في اطار لقاء عين التينة، عاجز عن تشكيل حكومة لا تعود فتسقط في الشارع، "الصمود السياسي" لقوى الأكثرية الشعبية كان بدأ يتخلخل بفعل الخوف على الواقع الأمني، فكانت التسوية بحكومة نجيب ميقاتي وبعدها بقانون الانتخابات.قراءة سياسية في المخطط الترويعي الحاليوثمة من يشبّه اليوم بالأمس. حتى الساعة لم يقدم أحد تحليلاً للواقع الامني الترهيبي الحالي يمكن أن يُسقط صدقية السيناريو الذي يفيد بأن قوى الرابع عشر من آذار باتت مستهدفة بركنها السني، في ظل إعادة البلاد مجدداً الى وضعية فرض التسوية فرضًا، على تخوم استحقاقات عدة بعضها وشيك كتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي ومن ثم تقديم براميرتس لأهم تقاريره على الاطلاق، وبعضها بعيد نسبيًا ولكنه أضحى استحقاقًا داهمًا على الروزنامة السياسية، كانتخاب رئيس جديد للجمهورية.التمهيد لاستهداف سنّة لبنانليس في كل ما حصل أخيرا ما يعين على نفي استهداف الطائفة السنية بالترويع. التمهيد السياسي الذي تولته الفئات المرتبطة بسوريا يكشف ذلك. حاولت هذه الفئات في حملة اعلامية ـ سياسية منتظمة أن تصور قوى الامن الداخلي وكأنها جيش السنّة في لبنان، فجاءت العمليات الامنية الترهيبية على القاعدة نفسها أي استهداف ثكنات هذه القوى في المناطق ذات الأغلبية السنية. لا يخرج وسط بيروت عن تسويق الصورة إياها، فثمة من يحاول اختصاره وكأنه ملك حصري لآل الحريري وثمة من يعتبره انه العاصمة التجارية للطائفة السنية.دور الاسدولا يأتي المخطط الترويعي من خارج سياق سياسي يتولاه النظام السوري بالذات. بشّار الأسد شخصياً يتولى الملف السني. يطلب من أحد المقربين منه ان يبادر في اتجاه تكوين تجمّع سني، فيفعل، ولو معتمداً لغة دبلوماسية هادئة تاركاً "الضرب" لغيره. ينظم استقبالات لشخصيات سياسية سنيّة محرضًا من خلالها، محليًا وعربيًا، على مرجعية "تيار المستقبل". يوفر منابر لإضفاء بعض الجدية على شخصيات لا مكانة لها في الضمير الوطني من أجل ان تسوّق لقطيعة بين الطائفة السنّية والنهج الاستقلالي المعتمد حاليًا."حكومة الوحدة الوطنية": الوعاء يحصل كل ذلك، في ظل توفير الوعاء اللازم للنتائج السياسية المرجوة من افتعال الاضطراب الامني، بحيث يرتفع فجأة شعار حكومة الوحدة الوطنية بالتزامن مع ذهاب البعض الى حد التجرؤ على ذكاء اللبنانيين من خلال القول ان الحكومة الحالية لا تعدو كونها حكومة تصريف أعمال قافزاً كليًا فوق الأدلة التي تبين ان هذه الحكومة تسير قدمًا في مسيرة تسجيل الانجازات الوطنية الكبرى وآخرها تحديد موعد لالتئام مؤتمر باريس­2 الهادف الى انقاذ الاقتصاد اللبناني من المديونية العامة التي ازدادت مخاطرها مع تداعيات الحرب الاسرائيلية الأخيرة.ويدرك الجميع ان الدفع باتجاه اسقاط الحكومة الحالية ليس سياسيًا بالنسبة للنظام السوري بل هو وجودي، على اعتبار انه لم يعد أمامه لتجنب تشكيل المحكمة الدولية سوى سقوط الحكومة اللبنانية والمجيء باخرى تتمكن بثلثها المعطل من تعطيل قيام المحكمة الدولية التي ستعطي التحقيق الدولي القدرة على انجاز آخر مراحل العمل من خلال ايجاد مرجعية حيادية قادرة على تحصين أدلة الملف في ما هي تتخذ قرار توقيف قادة امنيين سوريين تشتبه بتورطهم باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.الترويع والأهداف المرسومةوبهذا المعنى، فان المخطط الامني الجاري تنفيذه حاليًا يهدف الى تحقيق هدفين إثنين، أولهما دفع قوى الأكثرية الى الموافقة على اسقاط الحكومة الحالية لئلا يستمر الاضطراب الامني الذي بدأ يأخذ وتيرة تصعيدية وثانيهما تحضير الأرضية من اجل ان تبدأ الطائفة السنية بالبحث عن ملاذ في تعويم مرجعيات سياسية للوقوف في وجه "تيار المستقبل".ولأن المسألة بهذه الخطورة، تُصبح مفهومة خلفيات الكثير من الظواهر ومنها على سبيل المثل لا الحصر:أولاً، تحول الهجوم المركز على وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت الى خبز يومي لبعض السياسيين والمنابر الاعلامية.ثانياً، وقوف رئيس الجمهورية اميل لحود عائقًا دون تعيين وزير اصيل في الداخلية خلفًا للوزير المستقيل حسن السبع.ثالثاً، تعويق تطوير التنسيق الامني بين الأجهزة الامنية المختلفة لتصبح أقوى من الارهابيين بدل ان تكون أضعف منهم.ما الحل إذاً؟التسوية المطلوبة من شأنها خلق مزيد من الأزمات، لا بل هي تعطي النظام السوري ما يبتغيه، لذلك ثمة من ينصح بالآتي:أوّلا، أن تكون أعصاب القادة السياسيين والأمنيين متينة، بحيث يتجاوزون ما يتعرضون له من هجومات على اعتبار ان التفاعل معها يكسبها النتائج التي ترجوها.ثانيًا، إعادة الهيبة المطلوبة الى العمل الامني في لبنان، من دون خشية الاتهام بإعادة التأسيس لنظام أمني جديد، فالنظام الامني السابق كان في خدمة وصاية احتلالية وليس في خدمة الاستقرار اللبناني، وكان يتدخل بالعمل السياسي توزيراً وتنويباً وتعييناً، ولم يكن يعتمد التدابير الاستثنائية لتفويت الفرصة على مخطط ارهابي آتٍ من وراء الحدود ولو كان منفذوه هم حتمًا من داخلها.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home