Monday, April 25, 2005

إقصاء رموز النظام الأمني وإزالة آثارهيمثّل البوصلة الرئيسية للمتغيرات في طرابلس

إقصاء رموز النظام الأمني وإزالة آثارهيمثّل البوصلة الرئيسية للمتغيرات في طرابلس
المستقبل - الاثنين 25 نيسان 2005 - العدد 1901 - شؤون لبنانية - صفحة 6
أحمد الأيوبي
مع دخول الرئيس نجيب ميقاتي نادي رؤساء الوزارة في لبنان، تشكّلت على الفور خريطة سياسية جديدة، تأتي في إطار المتغيرات والتداعيات المتواصلة لزلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما تلاه من تطورات بدأت تفرض نفسها على الواقع السياسي في كل لبنان.وقد ترافق تشكيل الرئيس ميقاتي حكومة من غير المرشحين بتعهّده بعدم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، وهذا الموقف بدأ أهل طرابلس باستيعابه تدريجاً نظراً لأن قراراً بهذه الجرأة يستوجب ارتباطه بمعطيات منها ما هو متوافر ومنها ما بات يرجعه كثيرون من أبناء طرابلس إلى التفاهمات الكبيرة التي باتت حديث الشارع اليوم.وقد جاءت ردات الفعل على قرار الرئيس ميقاتي بعدم الترشح على نوعين: ردّات فعل الحلفاء والمؤيدين الذين رأوا في هذه الخطوة مبادرة وطنية إنقاذية متعالية على المصالح الشخصية.. ومواقف الخصوم الذين اعتبروا أن ما جرى جاء بمثابة إنقاذ لميقاتي من مأزق التحالفات المحتدم وموقعه في هذه التحالفات في ظل التحالف القائم بين "التكتل الطرابلسي" والوزير السابق سمير الجسر (تيار المستقبل) والنائب مصباح الأحدب، مع تواصل الخلاف بين ميقاتي وكرامي، وما يعنيه كل ذلك في المعادلة الانتخابية.إلا أن المتابعين يرون أن الظروف التي جاء فيها ميقاتي إلى رئاسة الحكومة مكّنته من تجاوز "الحالة الطرابلسية" ليتحرك بأفق وطني وعربي ودولي، ما يؤسس لمستقبل سياسي واعد للرجل.وفي هذا السياق تداولت أوساط متابعة أحاديث عن احتمال وجود مرشح من آل ميقاتي يتم تحضيره لخوض الاستحقاق الانتخابي الداهم.مطالب طرابلسلكن أبناء طرابلس ينتظرون من الرئيس ميقاتي بعض الخطوات السريعة والضرورية، والمتمثلة في الفك السريع للحصار المالي الذي فرضه الرئيس كرامي على بلديات الفيحاء، وبلدية طرابلس تحديداً بعد خروجها عن نطاق سيطرته وإعادة وصل شرايين الحياة إليها، والنظر بجدية إلى الواقع الأمني في المدينة، والعمل لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق رموز النظام الأمني في المدينة الذين حوّلوا الأمن خلال الفترة الماضية إلى مادة للابتزاز السياسي، كان هو (أي ميقاتي) أحد المستهدفين فيها، كما استهدفوا غيره من السياسيين والتجؤوا أخيراً إلى الرئيس كرامي ليؤمن لهم الغطاء السياسي المطلوب.ومن الطبيعي القول إن بقاء هؤلاء لا يستقيم معه حياة سياسية ولا انتخابات نيابية حرة، لأن أهل طرابلس لا يزالون يذكرون ماذا فعل هؤلاء في الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة.كرامي: بين الانسحاب والهزيمة في المقابل، يبدو أننا أمام انسحاب من نوع آخر من الحياة السياسية في طرابلس، حيث ترجّح أوساط متابعة أن يعمد الرئيس عمر كرامي إلى الاعتزال وعدم خوض الانتخابات النيابية المقبلة، وقد بدأ يعطي إشارات إلى ذلك من خلال تساؤله عن "الجدوى من العمل السياسي إذا كانت السياسة قد أصبحت غدراً وطعناً وكذباً وخناجر وأحقاداً"، مبدياً عتبه على دمشق التي "لم تأتمنه على كلمة السر" وكان وجوده في الحكومة لتقطيع الوقت تمهيداً لمجيء ميقاتي..، معلناً أنه لن يتكلم إلا بعد شهر (ربما لهذا التاريخ علاقة بإتمام الانسحاب السوري وذيوله) لأنه بصدد اتخاذ قرارات حاسمة يمكن أن تقلب مجرى حياته السياسية وتؤدي إلى إحداث تغيير في الخارطة.ولكن المراقبين يؤكدون أنه قد فات الأوان على اتخاذ مبادرات تقلب اتجاهات الرأي العام، حتى ولو كان انقلاب "الأفندي" على كل حلفائه وعلى سوريا وفي جميع الاتجاهات، فإن هذا الموقف لن يفسره الناس إلا أنه ناجم من تخلي حلفائه عنه، وبالتالي فإن أي موقف يتخذه كرامي لا يلغي المأزق الكبير الذي يتخبّط به نظراً لاعتبارات كثيرة أهمها:ـ إن كرامي فشل في إقناع الرأي العام اللبناني بأنه ليس جزءاً من التركيبة الأمنية التي أمسكت بزمام الأمور، وبشكل خاص لدى توليه رئاسة الحكومة.ـ إن الكيدية السياسية الجامحة التي تعاطى بها فريق كرامي مع أهل طرابلس، ولّدت موجة واسعة من النقمة، ومما يزيد من الصعوبات في وجه كرامي هو أن المتضررين من قراراته الكيدية في مختلف المجالات التربوية والإعلامية والإدارية، شكلوا لجنة للمتابعة سوف تحصي كل من أصابه ظلم في عهد كرامي وتعمل للمطالبة بتصحيح أوضاعه، ولا يخفي القائمون على هذه اللجنة رغبتهم في تكثيف تحرّكهم في فترة الانتخابات النيابية المقبلة.ومن الواضح أن رفض الناس لممارسات فريق كرامي قد بلغ مرحلة متقدمة، اضطر معها نجله فيصل إلى تغيير طاقم مساعديه ومحاولة تشكيل مجموعة جديدة تكون أقل استفزازاً للناس، ما يجعل خيار التنحي هو الأسلم لدى كرامي من أن يخوض تجربة تهدّده بسقوط انتخابي خطير.جبهة للتوحيد وفي مساحة أخرى يرصد المتابعون تحركاً لبعض القوى ذات العناوين الإسلامية لم تتضح معالمه بعد، ولكن يمكن تلخيصه بمحورين:ـ المحور الأول: الانتهاء من التركيبة الجديدة لـ"حركة التوحيد الإسلامي" ورسوّ الرأي على تكوين تحالف جبهوي يحفظ للأجنحة ورؤسائها هامشاً واسعاً من الحركة، ويدخل في سياقها بعض الذين لم يشاؤوا الانضواء تحت سلطة أي من هذه الأجنحة عندما كانت في وضعية الاختلاف.وهكذا فإن كلاً من الشيخ هاشم منقارة والشيخ بلال شعبان والشيخ كنعان ناجي سيبقون في مواقعهم القيادية من دون أن يضطر أحدهم للتنازل للآخر.ـ أما المحور الثاني فيرشح من خلاله أن هناك مسعى لتشكيل قائمة موحدة تتخذ الصفة الإسلامية من أجل خوض الانتخابات النيابية.وهذا المسعى يتحدث عنه بعض المحسوبين على أجواء "حركة التوحيد" والبعض الآخر من "التيار السلفي" وكوادر من "الجماعة الإسلامية" محسوبين على خط القيادة المحلية في طرابلس.والعاملون لاستحداث مثل هذا التحالف يبدون في كامل الجدية حيث يتحدثون عن قائمة تحالفية على امتداد الساحة اللبنانية من دون أن يكون هناك أي تحضيرات موازية للاعتبارات وللخطاب الانتخابي وتفاصيله وأبعاده الوطنية وكيفية مواكبتها.تحالف "التكتل" و"المستقبل" و الأحدب في هذه الأجواء يبدو تحالف النواب: محمد الصفدي، محمد كبارة وموريس فاضل (التكتل الطرابلسي) والوزير السابق سمير الجسر (تيار المستقبل) والنائب مصباح الأحدب، من دون منافسين جديين على الساحة الطرابلسية في حال استمرار التحالف بينهم.أما المقعد السني الخامس فيجري التداول في احتمال أن يشغله واحد من اثنين: إما النائب السابق أحمد كرامي في حال واصل الرئيس عمر كرامي ترشحه، وإما الدكتور صفوح يكن الذي يتم التداول باسمه كمرشح إسلامي مستقل ومنفتح وصاحب تجربة ناجحة في التعاطي الشعبي والسياسي على حد سواء.وفي السياق الانتخابي ايضاً، يبدو أن من بين الأسماء الآفلة النائب أحمد حبوس الذي انحاز في الآونة الأخيرة إلى الرئيس عمر كرامي باعتبار أن الدفة السورية كانت عنده، ويبدو أن قراءة حبوس كانت على قدر واضح من السطحية بحيث أضاع المواطنون في طرابلس موقعه واتجاهه، وهو الذي لم يكن له خلال السنوات الأربع الماضية إلا المواقف المرتبطة بالسلطة وبنظامها الأمني والسياسي المتحكم.في المقابل يبرز عن المقعد العلوي اسم عضو مجلس بلدية طرابلس ليلى شحود التي حازت تأييدا واسعا في طرابلس، وهي آتية من دائرة المجتمع المدني ومنخرطة في مجمل فاعليات العمل الاجتماعي في المدينة، وقد ترشحت في الانتخابات البلدية الماضية على "لائحة آن الأوان" التي أحدثت أول تغيير من نوعه في بلدية طرابلس، وقد مثلت شحود إرادة الناخب العلوي في التمرد على التحالف بين الاقطاعيين السياسيين في كل من طرابلس و"جبل محسن". أما النائب جان عبيد، فإنه "يبدو" مطمئناً إلى وضعه، فهو عانى خلال تسلمه وزارة الخارجية من محاولة تحويل الوزارة إلى ما يشبه المفرزة الأمنية ورفض دفعه إلى تجاوز الأصول الديبلوماسية، خصوصاً في مجال التعاطي مع الأمم المتحدة، بالإضافة إلى انه كان من بين القلة القليلة التي واجهت بصمت وحزم قرار التمديد لرئيس الجمهورية، كما أن عبيد يعتبر من الوجوه الحوارية والقادرة على التواصل الدائم مع أهل طرابلس وإن كان يمارس هذا التواصل بطريقته الخاصة.متغيرات كثيرة يتوقع أن تبرز في خلال المرحلة المقبلة، لكن بوصلتها الرئيسية تبقى إقصاء رموز النظام الأمني وإزالة آثاره السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home