ضباط في دمشق يتدربون على الإجابات أمام ميليس
إيلي الحاج من بيروت : سيحتاج اللبنانيون إلى وقت طويل ليصدقوا أن الضباط الأربعة الذين لعلعت وسائل الإعلام بأسمائهم أمس يقبعون في زنزانات جُهزت خصيصاً لهم في طبقة تحت الأرض (عفوا، تتحدثون عن جميل السيد و… أو عن سمير جعجع؟).
أبرز "عزيز قوم قد ذل" بينهم هو جميل السيد . يروي لإيلاف أحد الذين شاركوا في دهم منزله – مشترطاً عدم ذكر اسمه- أن المحققين الدوليين كادوا يأخذونه إلى مقرهم في محلة المونتيفردي بثياب نومه . فبعدما أيقظه حرس منزله في محلة بئر حسن في بيروت نحو الخامسة فجراً واجه السيد قائد القوة الأمنية التي أرادت تفتيش منزله بالسؤال هل يحمل مذكرة قضائية تخوله ذلك؟ أجابه نعم وأبرز المذكرة. كان رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس أيقظ مدعي عام التمييز سعيد ميرزا الساعة الثانية فجراً طالبا إصدار مذكرات التفتيش والإحضار، الذي سمي "اصطحاباً"احتراماً للمقامات. أيام جميل السيد، نائباً لمدير مخابرات الجيش ومديراً عاماً للأمن العام، كان رجال الأمن أو "زوار الفجر"، يضعون في جيوبهم الواسعة عشرات من مذكرات مماثلة موقعة من القضاة المعنيين، لكن خاناتها تبقى بيضاء ليعبئها رجل الأمن لاحقاً بالأسماء والتهم المناسبة إذا دعت الضرورة. تغيّرت الأيام . وكان السيّد يحاول إقناع قائد القوة بأن وضعه الشخصي لا يسمح له بمغادرة منزله بغير سيارته المصفحة ومرافقيه . قال له حددوا إلى أين تريدونني أن أذهب فأذهب . أو يلحق موكبي موكبكم - شدد على هذه النقطة لأن الشكليات مهمة في مثل هذه الأوضاع ، فالنيات تفضحها طريقة التعامل – لكن المحققين الدوليين كانت لهم الإمرة ورفضوا. أقصى ما قبلوا به في النهاية بعدما كاد صبرهم ينفد أن يستقل سيارته المصفحة بدون أي مرافقين ويقود السيارة أحد عناصر قوة الدهم التابعة الموضوعة بتصرف المحققين الدوليين . وتحوط السيارة من الأمام والخلف، اليمين واليسار، أربع سيارات تقود الموكب ولا يكون للسيد رأي في الطريق. وهكذا كان. جميل السيد؟ كان اللبنانيون يلفظون إسمه همساً عند ذكره. ومثله رفاقه مصطفى حمدان (الحرس الجمهوري) ، ريمون عازار(مخابرات الجيش) ، علي الحاج (قوى الأمن الداخلي) ، الذين أمضوا والنائب السابق ناصر قنديل نهاراً وليلاً خاضعين إلى استجوابات المحققين الدوليين. ليخلى سبيل قنديل فجراً ويساق الأربعة مخفورين كل منهم إلى زنزانته الإنفرادية في المقر العام لقوى الأمن الداخلي في محلة الأشرفية في بيروت. زنزانات تبين أنها جهزت منذ نحو أسبوع، وعديدة تستوعب موقوفين كثيرين في القضية.طلبنا من مسؤول أمني وصفاً لها ، فاكتفى بالقول: "إنها كقاعات انتظار في مطار. من يمكث فيها يصل إلى لاهاي". ويبدو انطباعه في محله ، فالأجواء في بيروت تجمع على أن المحاكمة في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورفاقه لن تجري في بيروت، خصوصاً أن المتهمين سيكون بينهم لا محالة ضباط غير لبنانيين. وفي السياق يروي سياسي لبناني عائد من باريس أن مسؤولين فرنسيين على علم بأن دمشق تدرِّب ضباطاً أمنيين خدموا في لبنان على الإجابة على أسئلة ميليس وأعضاء فريقه عندما يقومون بالتحقيق معهم. لئلا تتضارب إفاداتهم ويقعوافي مأزق ، ومعهم نظام بلادهم . وبالعودة إلى بيروت ، دهم المحققون الدوليون مع قوة أمنية لبنانية شقتين في محلتي خلدة على مدخل المدينة الجنوبي وحي معوض في الضاحية الجنوبية في ضوء معلومات عن أنهما استُخدمتا غرفتي عمليات لتنفيذ جريمة اغتيال الحريري . كما ضبطوا سيارتين استخدمتا في المراقبة وأدوات اتصال. ورفع رجال الأدلة الجنائية بصمات وأدلة من الشقتين والسيارتين ، لكن كل هذه المعلومات تبقى معلقة في انتظار إصدار المحققين الدوليين أو قوى الأمن بياناً رسمياً يؤكدها اليوم. وسيق الضباط الأربعة إلى قصر العدل في بيروت حيث استمع قاضي التحقيق اللبناني في القضية الياس عيد إلى إفاداتهم وأعيدوا إلى زنزاناتهم بدون إحالتهم على النيابة العامة أو إخلاء سبيلهم . ويحق للقضاء في إبقائهم محتجزين بصفة مشبوهين 48 ساعة، أي إلى صباح الخميس. وفي هذا الوقت يقول المسؤول الأمني إن الزنزانات ستمتلىء قريباً.
0 Comments:
Post a Comment
<< Home