Wednesday, August 31, 2005

انقلاب مفاجىء في التحقيق حصره في القريبين من بعبدا ودمشق

انقلاب مفاجىء في التحقيق حصره في القريبين من بعبدا ودمشق
"لقاء بريستول باريسي" يبحث في ما بعد لحود:
إنتاج سلطة قوية تجسد انتفاضة 14 آذار
كتبت هيام القصيفي:
ماذا حدث منذ التقرير الاجرائي الذي تقدم به رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ديتليف ميليس الى مجلس الامن نهاية الاسبوع الماضي، حتى انكشفت كل الملفات دفعة واحدة، وأثارت ما أثارته امس من تداعيات سياسية وأمنية في بلد لا يزال مفتوحا على كل الاحتمالات؟
مساء الاثنين (أي عشية حملة التوقيفات) بدأـ بعض المعلومات المتعلقة بملف التحقيق الدولي، يتناهى الى مسامع مجموعة من القيادات اللبنانية التي باشرت على الفور عملية تقويم شاملة لما يمكن ان تحدثه اي خطوة قد يقدم عليها ميليس في اتجاه الكشف عن أسماء المتهمين باغتيال الحريري، وانعكاس هذه الخطوات عملانيا على الساحة اللبنانية. بعض هذه القيادات كان يستعد للسفر الى باريس في ما يشبه الاعداد لعقد "لقاء بريستول باريسي" من اجل التحضير لمرحلة ما بعد تقرير ميليس وهو ما عبّر عنه صراحة النائب وليد جنبلاط في حديثه امس باعتقاده ان الرئيس اميل "لحود لن يبقى رئيسا للبنان". أما البعض الآخر من القيادات فعكس توجسه ومخاوفه في لقاءات عقدها مع قريبين منه، من "اعصار كاترينا" الذي سيضرب لبنان وسوريا معا، في حال ذهاب ميليس بسرعة الى كشف حلقة المتورطين في الاغتيال من بيروت الى دمشق، قبل نهاية المهلة المحددة له منتصف الشهر الجاري.
والواقع ان المعلومات التي وصلت الى هذه القيادات على اختلاف توجهاتها السياسية المحلية، عكست سيناريوين لمرحلة ما بعد صدور التقرير، وفقا لمعلومات رشحت من التقرير وتداولتها في الساعات الاخيرة اوساط سياسية وأمنية على نطاق ضيق.
ماذا أولا في المعلومات، قبل الدخول في السيناريوين المطروحين للتداول؟
في المعلومات ان التقرير الاجرائي الذي قدم على انه شكلي، كانت فيه كمية من المعلومات بقيت طي الكتمان، وان ميليس وضع لائحة بأسماء (حدد انها على الاقل خمسون اسما) من يود التحقق من معلوماتهم بعدما تبين ان افاداتهم متناقضة. من هنا جاء توقيف الضباط الامنيين لمواجهتهم ببعضهم البعض بغية التحقق من صحة افاداتهم.
أما الشق العملاني من المعلومات المتعلقة بجريمة الاغتيال فهي بحسب ما رشح أمس من الاجتماعات التي عقدت في بيروت وعلى اكثر من مستوى، تضمنت النقاط الآتية:
-- سيارة البيك آب الميتسوبيتشي جهزت في لبنان، وليس في خارجه.
-- المتفجرات يعتقد انها ليست من نوع الـ"ت. ان. ت" السائد والمتداول. والمواد متطورة وشديدة الانفجار، وقد عرف بلد منشأها، والشركة المصنعة لها.
-- السائق الانتحاري عراقي الجنسية، وقد دلت التحقيقات ان فحص الحمض النووي مما تبقى من احدى الجثث، وهي قطع أشلاء صغيرة، ليس مطابقاً للحمض النووي لاي من الضحايا، ولا لأبي عدس، ولا حتى للعمال السوريين الذين قيل ان احدهم فقد في المكان.
وأشارت المعلومات أيضاً الى ان الانتحاري أبلغ ان عمليته تستهدف رئيس الوزراء العراقي سابقاً اياد علاوي الذي كان يعد لزيارة بيروت في تلك الفترة.
هذه المعلومات الامنية رشحت امس من متابعين لملف التحقيق قادت القيادات اللبنانية المعنية الى التعامل معها على خلفية انتظار استكمال الصورة وخصوصاً بعدما تردد ان ميليس يعقد مؤتمراً صحافياً يواكب فيه ما جرى في الساعات الاخيرة.
واستكمال الصورة الامنية ينطلق من أمرين : أولاً ان انقلاباً مفاجئاً حصل في الساعات الاخيرة لجهة الايحاء بالجهة المخططة للاغتيال وحصرها حتى الآن بالقيادات الامنية المرتبطة برئيس الجمهورية وبسوريا، في حين ان ثمة اجواء اشيعت في الاسبوع الماضي عن مسؤولية ما لـ"حزب الله"، فيها، واضطر الامين العام للحزب الى "تسخيفها".
الامر الثاني، ان كرة الثلج التي بدأت بأسماء محددة للتحقيق معها والمقارنة بين أقوالها، قد تطول كثيرين ممن لم يخطروا على البال.
إلام أفضت هذه الأجواء أمس؟
بدا واضحاً ان كلام رئيس الوزراء فؤاد السنيورة في توجهه الى اللبنانيين مطمئناً، عكس جواً من الترقب والحذر، وخصوصاً ان انتشاراً كثيفاً وعالي المستوى للجيش سجل في بيروت، وكأنها حال طوارئ غير معلنة، في وقت كان السياسيون اللبنانيون يتابعون بدقة مجرى التطورات على خلفية الاحتمالات المطروحة لما بعد مرحلة التحقيق.
فعشية التوقيفات الأمنية، كانت الحركة من بيروت الى باريس تتكثف لعقد لقاءات تقييمية وتحديد طريق للمرحلة الجديدة، في وقت كان يستعد اكثر من قيادي للمغادرة خلال الايام المقبلة لتوسيع حلقة الاجتماعات ودرس الاحتمالات المطروحة. وفي لقاء مع بعض هؤلاء، بدا واضحاً ان ثمة جدول اعمال من بند واحد هو الاستعداد للمرحلة الجديدة عبر التحضير لانتخابات رئاسية مبكرة الامر الذي لم ينفه جنبلاط، وهو في اساس خلافه مع العماد ميشال عون.
ففريق جنبلاط لا يضع احتمالاً ولو ضئيلاً للقبول بعون رئيساً للجمهورية، وعون يعرف ذلك تماماً، وان يكن يتهم بعض الشخصيات المسيحية القريبة من جنبلاط، بانها تغذي هذا الرفض. من هنا كان البحث في لائحة مرشحين جديين للرئاسة، وطرحت اسماء اربعة منهم جدياً، اثنان من النواب الخاسرين في الانتخابات، وآخر من الفائزين، وثالث يشكل مرشحاً حزبياً. لكن هذه الاسماء عرضة للغربلة، وخصوصاً ان ثمة من يعتبر ان المطلوب حالياً رئيس لتقطيع المرحلة على غرار فترة حكم الرئيس الراحل الياس سركيس. وان الرئيس الوسط أمر غير ممكن، لأن الزمن لا يسمح بكتلة تشبه كتلة "النواب الموارنة المستقلين" التي قدمت الرئيس الياس الهراوي ورنيه معوض. ولا الزمن هو زمن الاتيان بسليمان فرنجية (الجد) حلا وسطاً بين الحلف الثلاثي والنهج الشهابي.
وتسير اجتماعات باريس على قاعدة ان تقرير ميليس سيكون اول انعكاساته المحلية تطيير النظام اللبناني الحالي، بكل ادواته، مما يسمح باعادة انتاج سلطة قوية تقوم على مبادئ انتفاضة 14 آذار، فمن اراد الالتحاق بها، فليعجل.
اما السيناريو الثاني، فيقوم على ان كرة الثلج هذه لن تتوقف في لبنان، ولن تنحصر تداعياتها المحلية بالتركيز على اسقاط الرئيس اميل لحود فحسب، بل ستطول اولاً النظام السوري ثم النظام اللبناني وكل من سيظهر متورطاً في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وفي رأي المدافعين عن هذا السيناريو، ان تقرير ميليس سيسمي مسؤولين سوريين رفيعي المستوى. اما في لبنان، فان الوضع لن يقتصر على محاولة اسقاط لحود، لان ذلك سيصبح من نوافل التفاصيل المحلية، بل ثمة متغيرات قد تودي بأكثر من فريق، من دون اغفال تجريم عناصر من "حزب الله". وهنا المفارقة، بحسب هؤلاء في تحييد الحزب كقيادة والاكتفاء بتسمية متورطين من الحزب من دون علم القادة، كخرق امني واضح المعالم. واذا حصل ذلك، فهذا يعني ان ما هو مرسوم للبنان ليس واضحاً بعد بدقة، وقد يتعدى اطار التغييرات على مستوى الاشخاص.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home