هل هناك علاقة بين اغتيال اللواء مصطفى التاجر واغتيال رفيق الحريري !!؟؟
هل هناك علاقة بين اغتيال اللواء مصطفى التاجر واغتيال رفيق الحريري !!؟؟
المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية general-secretariat@syria-nationalcouncil.org الحوار المتمدن - العدد: 1303 - 2005 / 8 / 31 4.8 / 5 Rate this article More from same author -->
30.8.2005قبل عامين من اليوم ، وتحديدا في 2 أيلول / سبتمبر 2003 ، كشف " المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية " عن أن اللواء مصطفى التاجر ، نائب رئيس المخابرات العسكرية ( آنذاك ) ، قد جرت تصفيته بمادة سمية قاتلة هي الـAconitum يوم الخميس 28 آب / أغسطس 2005 بينما كان في مزرعته الخاصة ( مزرعة المنصورة ) بالقرب من مدينة حلب شمالي سورية . وعلى الفور رد مصدر رسمي سوري على على هذا الخبر ، عبر مراسلي بعض الصحف العربية في دمشق ، مدعيا أن " اللواء التاجر توفي بجلطة قلبية " ! وكان المعارض السوري نزار نيوف قد اتهم في مقابلة مطولة مع " إيلاف " في آذار / مارس الماضي مسؤولا أمنيا سوريا كبيرا بالوقوف وراء دس المادة السمية عن طريق أحد حراس التاجر ، والذي كان يعمل لحساب المسؤول المشار إليه . وذلك على خلفية " اتهام هذا المسؤول للواء التاجر بتقديم معلومات للإدارة الأميركية حول تهريب أموال صدام حسين إلى لبنان وسورية من قبل مسؤولين أمنيين سوريين وساسة لبنانيين يعملون لحساب هؤلاء ويشاركونهم أعمالهم المافيوية في لبنان والمنطقة " .اليوم ، وبعد سنتين من " اغتيال " اللواء التاجر وأكثر من ستة أشهر على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ، وفيما قطع التحقيق الدولي شوطا كبيرا باتجاه الكشف عن هوية الفاعلين ، تثور في أروقة بعض الدوائر الأمنية تساؤلات عن " العلاقة " بين عمليتي الاغتيال لجهة هوية الفاعلين و القضية التي قد يكون المغدوران كلاهما قد ذهبا ضحية لها و سقطا في شراكها المحلية وخيوطها الإقليمية والدولية ؟ أموال صدام وخلفية القضية :قبل اجتياح بغداد على أيدي قوات التحالف بحوالي شهرين ، قام ثلاثة سياسيين لبنانيين يعملون مع ضباط استخبارات سوريين ، وبتسهيلات لوجستية من هؤلاء ، بزيارة عدي صدام حسين في بغداد بصفته " رئيس اللجنة الأولمبية العراقية " . وبالاتفاق والتنسيق مع هذا الأخير ، قام الساسة المشار إليهم بشحن كميات كبيرة من أرصدة البنك المركزي العراقي بالعملات الصعبة و المعادن الثمينة ( أونصات ذهب ، وذهب أبيض ـ بلاتين .. إلخ ) إلى لبنان حيث جرى تبييضها في " بنك المدينة " الذي انفجرت فضيحته بعد ذلك ، وإلى بعض المصارف السورية التي أصبحت " موجوداتها العراقية المسروقة " أحد المصادر الرئيسية لتمويل الإرهاب والأنشطة الإجرامية التي تقوم بها فلول النظام العراقي وبقايا أجهزته الأمنية داخل العراق وخارجه . وقد أثير في أروقة عدد من الأجهزة الأمنية الإقليمية والدولية اسما اللواء غازي كنعان ( وزير الداخلية السوري الحالي ورئيس جهاز الاستحبارات في لبنان سابقا ) والعميد رستم الغزالي ، خليفته على رأس هذا الجهاز ، بصفتهما " بطلي عملية تهريب الأموال " المشار إليها و " المخططين الفعليين لها ، والمستفيدين الأساسيين منها " . إثر اجتياح قوات التحالف للعراق ، وإسقاط نظامه الفاشي ، بدا الأمر للعديد من رموز " مراكز القوى " في النظام السوري ، وربما لم يزل الأمر كذلك رغم التعثر الأميركي في العراق ، أن " قطار التغيير " الأميركي انطلق من محطته العراقية ولن يتوقف حتى يمر عبر محطات المنطقة كلها وفي مقدمتها دمشق . وتولدت نظرية لدى بعض أقطاب " مراكز القوى " تلك ، في مقدمتهم ماهر الأسد ومصطفى التاجر ورامي مخلوف ، مفادها أن القفز إلى إحدى عربات هذا القطار ، سواء أكانت عربة أمنية أم اقتصادية أم سياسية ، هي الوسيلة الوحيدة المتبقية لتفادي السحق تحت عجلاته . فقفز رامي مخلوف إلى العربة الاقتصادية واحتكر تزويد القوات الأميركية في العراق بالبنزين السوري ومشتقات نفطية أخرى ، فيما قفز ماهر الأسد إلى العربة السياسية وفر إلى الأردن نهاية شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2003 مع زميليه العميدين في الحرس الجمهوري بشير قره فلاح ومحمد سليمان ، دون أن يكون عمه رفعت خارج الصورة ، عارضا على الملك عبد الله الثاني أن يتوسط له لدى الإدارة الأميركية باعتباره " بديلا قويا لشقيقه الضعيف غير القادر على اتخاذ القرارات الشجاعة على صعيد السلام مع إسرائيل " . وقد عاد ماهر الأسد وزميلاه بخفي حنين بعد حوالي الشهر حين أبلغت الإدارة الأميركية الملك الأردني بأن " ماهر الأسد رجل غير جدير بالثقة ، وربما كانت خطوته هذه لذر الرماد في العيون الأميركية وإرغامها على التغاضي عن دوره المشبوه مع شريكه بهجت سليمان على الساحة العراقية " ! هذا فيما قفز آصف شوكت ليس إلى القطار الأميركي ، بل إلى " البيجو " الفرنسية الأقل سرعة ! فزار باريس سرا عدة مرات لطرحه نفسه بديلا عن " التيار الأميركي في النظام السوري " ، كان أهمها الزيارة التي حصلت بعد اغتيال الرئيس الحريري بخمسة أيام ، أي في التاسع عشر من شباط / فبراير الماضي ودامت ثلاثة أيام !قبل ذلك بعدة أشهر ( نعني صيف العام 2003 ) كان اللواء التاجر قد طار سرا إلى واشنطن عارضا هو الآخر بضاعته في سوق " النخاسة السياسية " الأميركية . فقدم للمخابرات العسكرية الأميركية ملفا كاملا عن قصة تهريب أموال صدام إلى سورية ولبنان ، وجداول بأسماء أبطالها وحصص كل منهم ، بدءا بغازي كنعان وانتهاء برنا قليلات ( الميرة التنفيذية لبنك المدينة اللبناني ـ ماكينة غسيل الأموال ) وشقيقها طه ، مرورا برستم الغزالي و كريم بقرادوني وإميل إميل لحود ( نجل الرئيس ) وجميل السيد وآخرين . وبعد عودته إلى دمشق استمر في متابعة التنسيق حول القضية وتبعاتها مع ضابط الأمن الإقليمي في السفارة الأميركية بدمشق ميشيل ماك ( Michael Mack ) الذي كان يزور التاجر في مكتبه على نحو منتظم باعتباره " ضابط الارتباط الرسمي والتنسيق الأمني في مكافحة الإرهاب بين سورية وواشنطن " ، وهو أمر لم يكن يسمح بإثارة الشبهات لدى الأقطاب المنافسين في " مراكز قوى " النظام ، وبشكل خاص غازي كنعان الذي وضع رنا قليلات تحت حمايته المباشرة ( عبر وكيله رستم الغزالي ) ، حتى وهي رهن الاعتقال ، قبل أن يدبر تهريبها إلى مصر عبر يخت تعود ملكيته لأحد المتنفذين اللبنانيين من عملائه ! بعد شهر من ذلك ، وتحديدا في آب / أغسطس 2003 ، كان الخلاف بين البنتاغون وديك تشيني من جهة ، ووكالة المخابرات المركزية الأميركية ووزارة الخارجية من جهة أخرى ، قد قطع شوطا كبيرا على طريق تكريس " القطيعة " بين رؤية كل منهما للملف العراقي وللتغيير في سورية وعلاقة كل منهما بالآخر . وفيما كان الطرف الأول يصعّد ويضغط باتجاه التعجيل بتكنيس النظام السوري وإلحاقه بشقيقه على الضفة الأخرى من الفرات ، كان الطرف الثاني يرمي بثقله كله لحماية النظام السوري وإحاطته بدرع أميركي واق محاججا بأن النظام السوري " لم يزل يلعب دورا هاما جدا على صعيد مكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان ، ولا بديل له سوى الفوضى التي زرعتموها أنتم ( تيار المحافظين والصقور ) في العراق " ! ولم تكن تصريحات الوزيرة السورية بثينة شعبان ، المشيدة " بتفهم وكالة المخابرات الأميركية للدور الإيجابي الذي تلعبه سورية في مكافحة الإرهاب " غير ذي معنى ومغزى في هذا السياق ! الأخطر من ذلك ، أن هذا التيار الثاني ( الخارجية والسي آي إيه ) كان قد بدأ يضع أيديه على مؤشرات ومعطيات فعلية حول ما يقوم به تيار ديك تشيني والمحافظين من وراء الكواليس ، وبشكل خاص الاتصالات مع اللواء التاجر والعماد أول حكمت الشهابي المقيم في الولايات المتحدة عند ابنه الدكتور حازم . ولقطع الطريق أمام أي " مغامرة طائشة " قامت السي آي إيه بإخبار غازي كنعان بكل التفاصيل المتعلقة بهذه الاتصالات أواخر آب / أغسطس 2003 . وفي 28 منه التحق التاجر ، أو أُلحِق ، بالرفيق الأعلى ! رفيق الحريري ـ شاهد الحقيقة الذي " يجب أن يرحل "كان معلوما جيدا لدى السي آي إيه والخارجية الأميركية أن وزير الدفاع اللبناني الأسبق محسن دلول ( ابنه نزار متزوج من ابنة الحريري ) هو أحد الأصدقاء المقربين جدا من اللواء التاجر واللواء كنعان ، بل و "شريكهما في تجارة المخدرات إلى جانب النائب اللبناني السابق يحي محمد شمص ( من منطقة البقاع ) الذي زج به في السجن في النصف الأول من التسعينيات الماضية لمدة خمس سنوات بأمر من غازي كنعان الذي كان أوعز لأزلامه في كتلة نبيه بري وغيرهم بتجريده من حصانته النيابية " كما أكد لنا مصدر أميركي شبه ديبلوماسي سبق له أن عمل في بيروت . وكان دلول دائم التواصل مع التاجر ، حيث تعود علاقتهما إلى سنوات بعيدة . وقد صادف أن رآه كاتب هذه السطور في مكتب التاجر ، بمحض المصادفة ، ظهر يوم السبت 7 آب / أغسطس 1993 !! ومن المعلوم أن يحي شمص لم يجرد من حصانته ويعتقل إلا بعد أن أطلق تصريحات هدد خلالها بأنه سيكشف عن جميع المعلومات الخاصة بهذا الملف إذا جرى اعتقاله ، مشيرا بالتحديد إلى ضباط مخابرات سوريين كبار في لبنان . ( في ذلك الوقت لم يكن كنعان والتاجر في خندقين متواجهين ، بل في حلف واحد مع " العشرة المبشرين بجنة حافظ الأسد " ، وعلى رأسهم علي دوبا ) . وبحسب المعطيات المتوفرة من مصادر موثوقة فإن محسن دلول ، أحد أبرز رجالات وليد جنبلاط والمخابرات السورية أيضا ، نقل إلى غازي كنعان والغزالي " حقيقة أن الرئيس رفيق الحريري على علم تام بدور ضباط سوريين في تهريب أموال النظام العراقي إلى سورية ولبنان وبنوكه ، وبشكل خاص بنك المدينة ، وبتورطهم في دعم فلول النظام العراقي بالمال والسلاح والتسهيلات اللوجستية لتجنيد وعبور الإرهابيين " . كما أن دلول ، ودائما حسب المصدر ، " أخبر أسياده السوريين بأن رفيق الحريري أطلع الرئيس شيراك ومسؤولين أميركيين كبار على ذلك عبر رجل أعمال مقرب من نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني التقاه في جنيف أكثر من مرة ، وأنه سيقوم بفتح كل هذه الملفات حين يعود مرة أخرى إلى رئاسة الحكومة بفضل ما سيفرزه القرار 1559 من معطيات جديدة " . وعلق المصدر على ذلك بالقول " إن الحريري كان آخر من يعلم بأن المخابرات السورية زرعت في وسطه العائلي مخبرا كان ولم يزل عاجزا عن رؤية أي شيء في العالم إلى من تحت أحذية النظام السوري " !الأميركيون ينكرون مسؤوليتهم عن مقتل التاجر ويبرئون النظام السوري من دمه و يهاجمون الحريري !في ربيع العام الماضي كان ثلاثة صحفيين يعدون العدة لتهريب ضابط المخابرات السوري السابق علي فاضل ، الذي سبق له أن عمل بالقرب من غازي كنعان في بيروت ويعرف الكثير من أسراره ، فضلا عن الوثائق التي يملكها حول الممارسات المافيوية لشبكة النظام الأمني السوري ـ اللبناني . وكان دافعهم إلى ذلك إعداد أربعة أفلام وثائقية حول سورية ، أحدها يتعلق بالشبكة المشار إليها . أما الصحفيون الثلاثة فهم نزار نيوف ( الذي وضع الخطوط العامة لسيناريوهات الأفلام الأربعة ) ، و غوين روبرتس Gwynne Roberts الذي ينتج أفلاما وثائقية للقنال الرابعة في الـ BBC البريطانية ولشبكة CBS التلفزيونية الأميركية ، والذي سبق له أن أنتج أفلاما نالت جوائز عالمية حول محرقة " حلبجة " الكيماوية وغيرها ، و كريستوفر آيشام Christopher Isham رئيس قسم التحقيقات المصورة في القناة الأميركية المذكورة الذي كان قدم باسم محطته ، التي تبنت تمويل هذا المشروع واحتكار بث الأفلام الأربعة ، ما يسمى " بضمانات أمن الشاهد " . وهي ضمانات تتعلق بمستقبل الشخص المذكور وعائلته وسلامتهم .كان من الواضح أن ثلاثة أجهزة استخبارات غربية ( " متناقضة " المصالح في سورية والشرق الأوسط ؟ ) قد اشتمت رائحة هذا المشروع عبر مراقبة البريد الإلكتروني للصحفيين الثلاثة ، وأدركت أنه سيفجر عددا من القضايا والمشاكل للدول الثلاث ، وهي بغنى عنها . أما الأجهزة فهي الفرنسي والبريطاني والسي آي إيه الاميركية . وقبل تنفيذ مهمة تهريب الضابط المذكور دخلت ديبلوماسية أميركية على الخط ، على نحو مفاجيء ، طالبة لقاء نيوف في باريس . خلال اللقاء اكتشف هذا الأخير أن الأميركيين على علم بكل ما يجري و ... يراقبونه لحظة بلحظة . وفي 28 أيلول / سبتمبر 2004 ، أي قبل ساعات من مغادرة علي فاضل لسورية ، كان قد جرى اعتقاله من قبل آصف شوكت والحرس الجمهوري ، ليتوفى بعد ذلك في مشفى تشرين العسكري في ظروف غامضة . وسيتضح لاحقا أن الفرنسيين " لم يكونوا أبرياء " مما جرى حسب مصدر " إعلامي " فرنسي ، بسبب تخوفهم من وثائق قد تكون بحوزة علي فاضل تتعلق بعلاقتهم المشبوهة مع النظام السوري في " موضوع محدد " لا مجال للحديث عنه هنا ، وربما يأتي الوقت المناسب للكشف عنه . لكن ما لا يقل خطورة عن ذلك هو دفاع السيدة الديبلوماسية ، المستميت ، عن بشار الأسد ونظامه وإنكارها أن تكون واشنطن قد وشت بمصطفى التاجر لهذا النظام . وقد حدث بينها وبين نيوف مشادة كلامية حين وجه نيوف للخارجية الأميركية والسي آي إيه اتهاما مباشرا بالمسؤولية عن تصفية المذكور ( مصطفى التاجر) عبر إخبار غازي كنعان عن " القناة الخاصة " التي فتحها التاجر لحسابه الخاص مع البنتاغون وجماعة ديك تشيني .. أي تماما كما فعلوا مع الضباط العراقيين الذي حاولوا مطلع التسعينيات القيام بمحاولة انقلابية ضد صدام ، حيث أبلغوا صدام بالمحاولة فقام بذبح هؤلاء الضباط قبل إقدامهم على خطوتهم ! وكان من اللافت أيضا أن هذه الديبلوماسية شنت هجوما عنيفا على كل من مصطفى التاجر وديك تشيني ورفيق الحريري الذي اتهمته بأنه يقود لبنان إلى " مغامرة غير مأمونة العواقب مع النظام السوري لن تجر إلا المزيد من الويلات على لبنان والمنطقة " ! فهل هناك من علاقة بين " اغتيال " مصطفى التاجر واغتيال رفيق الحريري ؟ وهل كان ما جرى مجرد قتل متسلسل لمجموعة من شهود قضية ما ؟ وهل تحال قضية اغتيال الحريري إلى محكمة دولية خاصة تسمح ملفاتها بإلقاء الضوء على هذه الجرائم وجرائم غيرها لا يعرفها إلا الأبالسة ؟ ذلك غيض تساؤلات من فيض أسئلة قد تكون الإجابة عليها أقرب من طرفة عين ، وقد تبقى " ألغازا " إلى الأبد !
المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية general-secretariat@syria-nationalcouncil.org الحوار المتمدن - العدد: 1303 - 2005 / 8 / 31 4.8 / 5 Rate this article More from same author -->
30.8.2005قبل عامين من اليوم ، وتحديدا في 2 أيلول / سبتمبر 2003 ، كشف " المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية " عن أن اللواء مصطفى التاجر ، نائب رئيس المخابرات العسكرية ( آنذاك ) ، قد جرت تصفيته بمادة سمية قاتلة هي الـAconitum يوم الخميس 28 آب / أغسطس 2005 بينما كان في مزرعته الخاصة ( مزرعة المنصورة ) بالقرب من مدينة حلب شمالي سورية . وعلى الفور رد مصدر رسمي سوري على على هذا الخبر ، عبر مراسلي بعض الصحف العربية في دمشق ، مدعيا أن " اللواء التاجر توفي بجلطة قلبية " ! وكان المعارض السوري نزار نيوف قد اتهم في مقابلة مطولة مع " إيلاف " في آذار / مارس الماضي مسؤولا أمنيا سوريا كبيرا بالوقوف وراء دس المادة السمية عن طريق أحد حراس التاجر ، والذي كان يعمل لحساب المسؤول المشار إليه . وذلك على خلفية " اتهام هذا المسؤول للواء التاجر بتقديم معلومات للإدارة الأميركية حول تهريب أموال صدام حسين إلى لبنان وسورية من قبل مسؤولين أمنيين سوريين وساسة لبنانيين يعملون لحساب هؤلاء ويشاركونهم أعمالهم المافيوية في لبنان والمنطقة " .اليوم ، وبعد سنتين من " اغتيال " اللواء التاجر وأكثر من ستة أشهر على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ، وفيما قطع التحقيق الدولي شوطا كبيرا باتجاه الكشف عن هوية الفاعلين ، تثور في أروقة بعض الدوائر الأمنية تساؤلات عن " العلاقة " بين عمليتي الاغتيال لجهة هوية الفاعلين و القضية التي قد يكون المغدوران كلاهما قد ذهبا ضحية لها و سقطا في شراكها المحلية وخيوطها الإقليمية والدولية ؟ أموال صدام وخلفية القضية :قبل اجتياح بغداد على أيدي قوات التحالف بحوالي شهرين ، قام ثلاثة سياسيين لبنانيين يعملون مع ضباط استخبارات سوريين ، وبتسهيلات لوجستية من هؤلاء ، بزيارة عدي صدام حسين في بغداد بصفته " رئيس اللجنة الأولمبية العراقية " . وبالاتفاق والتنسيق مع هذا الأخير ، قام الساسة المشار إليهم بشحن كميات كبيرة من أرصدة البنك المركزي العراقي بالعملات الصعبة و المعادن الثمينة ( أونصات ذهب ، وذهب أبيض ـ بلاتين .. إلخ ) إلى لبنان حيث جرى تبييضها في " بنك المدينة " الذي انفجرت فضيحته بعد ذلك ، وإلى بعض المصارف السورية التي أصبحت " موجوداتها العراقية المسروقة " أحد المصادر الرئيسية لتمويل الإرهاب والأنشطة الإجرامية التي تقوم بها فلول النظام العراقي وبقايا أجهزته الأمنية داخل العراق وخارجه . وقد أثير في أروقة عدد من الأجهزة الأمنية الإقليمية والدولية اسما اللواء غازي كنعان ( وزير الداخلية السوري الحالي ورئيس جهاز الاستحبارات في لبنان سابقا ) والعميد رستم الغزالي ، خليفته على رأس هذا الجهاز ، بصفتهما " بطلي عملية تهريب الأموال " المشار إليها و " المخططين الفعليين لها ، والمستفيدين الأساسيين منها " . إثر اجتياح قوات التحالف للعراق ، وإسقاط نظامه الفاشي ، بدا الأمر للعديد من رموز " مراكز القوى " في النظام السوري ، وربما لم يزل الأمر كذلك رغم التعثر الأميركي في العراق ، أن " قطار التغيير " الأميركي انطلق من محطته العراقية ولن يتوقف حتى يمر عبر محطات المنطقة كلها وفي مقدمتها دمشق . وتولدت نظرية لدى بعض أقطاب " مراكز القوى " تلك ، في مقدمتهم ماهر الأسد ومصطفى التاجر ورامي مخلوف ، مفادها أن القفز إلى إحدى عربات هذا القطار ، سواء أكانت عربة أمنية أم اقتصادية أم سياسية ، هي الوسيلة الوحيدة المتبقية لتفادي السحق تحت عجلاته . فقفز رامي مخلوف إلى العربة الاقتصادية واحتكر تزويد القوات الأميركية في العراق بالبنزين السوري ومشتقات نفطية أخرى ، فيما قفز ماهر الأسد إلى العربة السياسية وفر إلى الأردن نهاية شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2003 مع زميليه العميدين في الحرس الجمهوري بشير قره فلاح ومحمد سليمان ، دون أن يكون عمه رفعت خارج الصورة ، عارضا على الملك عبد الله الثاني أن يتوسط له لدى الإدارة الأميركية باعتباره " بديلا قويا لشقيقه الضعيف غير القادر على اتخاذ القرارات الشجاعة على صعيد السلام مع إسرائيل " . وقد عاد ماهر الأسد وزميلاه بخفي حنين بعد حوالي الشهر حين أبلغت الإدارة الأميركية الملك الأردني بأن " ماهر الأسد رجل غير جدير بالثقة ، وربما كانت خطوته هذه لذر الرماد في العيون الأميركية وإرغامها على التغاضي عن دوره المشبوه مع شريكه بهجت سليمان على الساحة العراقية " ! هذا فيما قفز آصف شوكت ليس إلى القطار الأميركي ، بل إلى " البيجو " الفرنسية الأقل سرعة ! فزار باريس سرا عدة مرات لطرحه نفسه بديلا عن " التيار الأميركي في النظام السوري " ، كان أهمها الزيارة التي حصلت بعد اغتيال الرئيس الحريري بخمسة أيام ، أي في التاسع عشر من شباط / فبراير الماضي ودامت ثلاثة أيام !قبل ذلك بعدة أشهر ( نعني صيف العام 2003 ) كان اللواء التاجر قد طار سرا إلى واشنطن عارضا هو الآخر بضاعته في سوق " النخاسة السياسية " الأميركية . فقدم للمخابرات العسكرية الأميركية ملفا كاملا عن قصة تهريب أموال صدام إلى سورية ولبنان ، وجداول بأسماء أبطالها وحصص كل منهم ، بدءا بغازي كنعان وانتهاء برنا قليلات ( الميرة التنفيذية لبنك المدينة اللبناني ـ ماكينة غسيل الأموال ) وشقيقها طه ، مرورا برستم الغزالي و كريم بقرادوني وإميل إميل لحود ( نجل الرئيس ) وجميل السيد وآخرين . وبعد عودته إلى دمشق استمر في متابعة التنسيق حول القضية وتبعاتها مع ضابط الأمن الإقليمي في السفارة الأميركية بدمشق ميشيل ماك ( Michael Mack ) الذي كان يزور التاجر في مكتبه على نحو منتظم باعتباره " ضابط الارتباط الرسمي والتنسيق الأمني في مكافحة الإرهاب بين سورية وواشنطن " ، وهو أمر لم يكن يسمح بإثارة الشبهات لدى الأقطاب المنافسين في " مراكز قوى " النظام ، وبشكل خاص غازي كنعان الذي وضع رنا قليلات تحت حمايته المباشرة ( عبر وكيله رستم الغزالي ) ، حتى وهي رهن الاعتقال ، قبل أن يدبر تهريبها إلى مصر عبر يخت تعود ملكيته لأحد المتنفذين اللبنانيين من عملائه ! بعد شهر من ذلك ، وتحديدا في آب / أغسطس 2003 ، كان الخلاف بين البنتاغون وديك تشيني من جهة ، ووكالة المخابرات المركزية الأميركية ووزارة الخارجية من جهة أخرى ، قد قطع شوطا كبيرا على طريق تكريس " القطيعة " بين رؤية كل منهما للملف العراقي وللتغيير في سورية وعلاقة كل منهما بالآخر . وفيما كان الطرف الأول يصعّد ويضغط باتجاه التعجيل بتكنيس النظام السوري وإلحاقه بشقيقه على الضفة الأخرى من الفرات ، كان الطرف الثاني يرمي بثقله كله لحماية النظام السوري وإحاطته بدرع أميركي واق محاججا بأن النظام السوري " لم يزل يلعب دورا هاما جدا على صعيد مكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان ، ولا بديل له سوى الفوضى التي زرعتموها أنتم ( تيار المحافظين والصقور ) في العراق " ! ولم تكن تصريحات الوزيرة السورية بثينة شعبان ، المشيدة " بتفهم وكالة المخابرات الأميركية للدور الإيجابي الذي تلعبه سورية في مكافحة الإرهاب " غير ذي معنى ومغزى في هذا السياق ! الأخطر من ذلك ، أن هذا التيار الثاني ( الخارجية والسي آي إيه ) كان قد بدأ يضع أيديه على مؤشرات ومعطيات فعلية حول ما يقوم به تيار ديك تشيني والمحافظين من وراء الكواليس ، وبشكل خاص الاتصالات مع اللواء التاجر والعماد أول حكمت الشهابي المقيم في الولايات المتحدة عند ابنه الدكتور حازم . ولقطع الطريق أمام أي " مغامرة طائشة " قامت السي آي إيه بإخبار غازي كنعان بكل التفاصيل المتعلقة بهذه الاتصالات أواخر آب / أغسطس 2003 . وفي 28 منه التحق التاجر ، أو أُلحِق ، بالرفيق الأعلى ! رفيق الحريري ـ شاهد الحقيقة الذي " يجب أن يرحل "كان معلوما جيدا لدى السي آي إيه والخارجية الأميركية أن وزير الدفاع اللبناني الأسبق محسن دلول ( ابنه نزار متزوج من ابنة الحريري ) هو أحد الأصدقاء المقربين جدا من اللواء التاجر واللواء كنعان ، بل و "شريكهما في تجارة المخدرات إلى جانب النائب اللبناني السابق يحي محمد شمص ( من منطقة البقاع ) الذي زج به في السجن في النصف الأول من التسعينيات الماضية لمدة خمس سنوات بأمر من غازي كنعان الذي كان أوعز لأزلامه في كتلة نبيه بري وغيرهم بتجريده من حصانته النيابية " كما أكد لنا مصدر أميركي شبه ديبلوماسي سبق له أن عمل في بيروت . وكان دلول دائم التواصل مع التاجر ، حيث تعود علاقتهما إلى سنوات بعيدة . وقد صادف أن رآه كاتب هذه السطور في مكتب التاجر ، بمحض المصادفة ، ظهر يوم السبت 7 آب / أغسطس 1993 !! ومن المعلوم أن يحي شمص لم يجرد من حصانته ويعتقل إلا بعد أن أطلق تصريحات هدد خلالها بأنه سيكشف عن جميع المعلومات الخاصة بهذا الملف إذا جرى اعتقاله ، مشيرا بالتحديد إلى ضباط مخابرات سوريين كبار في لبنان . ( في ذلك الوقت لم يكن كنعان والتاجر في خندقين متواجهين ، بل في حلف واحد مع " العشرة المبشرين بجنة حافظ الأسد " ، وعلى رأسهم علي دوبا ) . وبحسب المعطيات المتوفرة من مصادر موثوقة فإن محسن دلول ، أحد أبرز رجالات وليد جنبلاط والمخابرات السورية أيضا ، نقل إلى غازي كنعان والغزالي " حقيقة أن الرئيس رفيق الحريري على علم تام بدور ضباط سوريين في تهريب أموال النظام العراقي إلى سورية ولبنان وبنوكه ، وبشكل خاص بنك المدينة ، وبتورطهم في دعم فلول النظام العراقي بالمال والسلاح والتسهيلات اللوجستية لتجنيد وعبور الإرهابيين " . كما أن دلول ، ودائما حسب المصدر ، " أخبر أسياده السوريين بأن رفيق الحريري أطلع الرئيس شيراك ومسؤولين أميركيين كبار على ذلك عبر رجل أعمال مقرب من نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني التقاه في جنيف أكثر من مرة ، وأنه سيقوم بفتح كل هذه الملفات حين يعود مرة أخرى إلى رئاسة الحكومة بفضل ما سيفرزه القرار 1559 من معطيات جديدة " . وعلق المصدر على ذلك بالقول " إن الحريري كان آخر من يعلم بأن المخابرات السورية زرعت في وسطه العائلي مخبرا كان ولم يزل عاجزا عن رؤية أي شيء في العالم إلى من تحت أحذية النظام السوري " !الأميركيون ينكرون مسؤوليتهم عن مقتل التاجر ويبرئون النظام السوري من دمه و يهاجمون الحريري !في ربيع العام الماضي كان ثلاثة صحفيين يعدون العدة لتهريب ضابط المخابرات السوري السابق علي فاضل ، الذي سبق له أن عمل بالقرب من غازي كنعان في بيروت ويعرف الكثير من أسراره ، فضلا عن الوثائق التي يملكها حول الممارسات المافيوية لشبكة النظام الأمني السوري ـ اللبناني . وكان دافعهم إلى ذلك إعداد أربعة أفلام وثائقية حول سورية ، أحدها يتعلق بالشبكة المشار إليها . أما الصحفيون الثلاثة فهم نزار نيوف ( الذي وضع الخطوط العامة لسيناريوهات الأفلام الأربعة ) ، و غوين روبرتس Gwynne Roberts الذي ينتج أفلاما وثائقية للقنال الرابعة في الـ BBC البريطانية ولشبكة CBS التلفزيونية الأميركية ، والذي سبق له أن أنتج أفلاما نالت جوائز عالمية حول محرقة " حلبجة " الكيماوية وغيرها ، و كريستوفر آيشام Christopher Isham رئيس قسم التحقيقات المصورة في القناة الأميركية المذكورة الذي كان قدم باسم محطته ، التي تبنت تمويل هذا المشروع واحتكار بث الأفلام الأربعة ، ما يسمى " بضمانات أمن الشاهد " . وهي ضمانات تتعلق بمستقبل الشخص المذكور وعائلته وسلامتهم .كان من الواضح أن ثلاثة أجهزة استخبارات غربية ( " متناقضة " المصالح في سورية والشرق الأوسط ؟ ) قد اشتمت رائحة هذا المشروع عبر مراقبة البريد الإلكتروني للصحفيين الثلاثة ، وأدركت أنه سيفجر عددا من القضايا والمشاكل للدول الثلاث ، وهي بغنى عنها . أما الأجهزة فهي الفرنسي والبريطاني والسي آي إيه الاميركية . وقبل تنفيذ مهمة تهريب الضابط المذكور دخلت ديبلوماسية أميركية على الخط ، على نحو مفاجيء ، طالبة لقاء نيوف في باريس . خلال اللقاء اكتشف هذا الأخير أن الأميركيين على علم بكل ما يجري و ... يراقبونه لحظة بلحظة . وفي 28 أيلول / سبتمبر 2004 ، أي قبل ساعات من مغادرة علي فاضل لسورية ، كان قد جرى اعتقاله من قبل آصف شوكت والحرس الجمهوري ، ليتوفى بعد ذلك في مشفى تشرين العسكري في ظروف غامضة . وسيتضح لاحقا أن الفرنسيين " لم يكونوا أبرياء " مما جرى حسب مصدر " إعلامي " فرنسي ، بسبب تخوفهم من وثائق قد تكون بحوزة علي فاضل تتعلق بعلاقتهم المشبوهة مع النظام السوري في " موضوع محدد " لا مجال للحديث عنه هنا ، وربما يأتي الوقت المناسب للكشف عنه . لكن ما لا يقل خطورة عن ذلك هو دفاع السيدة الديبلوماسية ، المستميت ، عن بشار الأسد ونظامه وإنكارها أن تكون واشنطن قد وشت بمصطفى التاجر لهذا النظام . وقد حدث بينها وبين نيوف مشادة كلامية حين وجه نيوف للخارجية الأميركية والسي آي إيه اتهاما مباشرا بالمسؤولية عن تصفية المذكور ( مصطفى التاجر) عبر إخبار غازي كنعان عن " القناة الخاصة " التي فتحها التاجر لحسابه الخاص مع البنتاغون وجماعة ديك تشيني .. أي تماما كما فعلوا مع الضباط العراقيين الذي حاولوا مطلع التسعينيات القيام بمحاولة انقلابية ضد صدام ، حيث أبلغوا صدام بالمحاولة فقام بذبح هؤلاء الضباط قبل إقدامهم على خطوتهم ! وكان من اللافت أيضا أن هذه الديبلوماسية شنت هجوما عنيفا على كل من مصطفى التاجر وديك تشيني ورفيق الحريري الذي اتهمته بأنه يقود لبنان إلى " مغامرة غير مأمونة العواقب مع النظام السوري لن تجر إلا المزيد من الويلات على لبنان والمنطقة " ! فهل هناك من علاقة بين " اغتيال " مصطفى التاجر واغتيال رفيق الحريري ؟ وهل كان ما جرى مجرد قتل متسلسل لمجموعة من شهود قضية ما ؟ وهل تحال قضية اغتيال الحريري إلى محكمة دولية خاصة تسمح ملفاتها بإلقاء الضوء على هذه الجرائم وجرائم غيرها لا يعرفها إلا الأبالسة ؟ ذلك غيض تساؤلات من فيض أسئلة قد تكون الإجابة عليها أقرب من طرفة عين ، وقد تبقى " ألغازا " إلى الأبد !
0 Comments:
Post a Comment
<< Home