Sunday, September 04, 2005

لماذا كل هذه العنصرية العربية الإسلامية؟


لماذا كل هذه العنصرية العربية الإسلامية؟
GMT 14:30:00 2005 السبت 3 سبتمبر
د. كامل النجار
العنصرية وامتلاك العبيد لم تكن وقفاً على العرب وحدهم، فقد استعبد الرومان الملايين واستغلوهم أبشع استغلال عندما كانوا يربطونهم بالسلاسل على مجاديف مراكبهم الحربية حتى لا يهربوا وقت القتال. وامتلك الرجل الأبيض السود وباعهم كما كان يبيع الثيران في أسواق الحيوانات. وما زال الرجل الأبيض، في الغالبية، يضطهد الملونين سواءً أكانوا صينيين أو هنوداً أو عرباً أو أفارقة. والعرب لم يختلفوا في هذا المضمار منذ أيام ما قبل الإسلام. ولكن ما يميّز العرب عن غيرهم هو افتخار العربي بجنسه علناً حتى في القرن الحادي والعشرين، وافتخاره بتاريخه الاستعماري وحنينه إلى أيام استعباد الأندلس وصقلية. والعربي لا يقنع بأنه يملك غيره ويستعبده، وبالتالي هو خير منه، فهو يصر كذلك على أن قبيلته أفضل قبيلة عربية وغيره من العرب، وإن كانوا أسياداً، إلا أنهم أقل منه مرتبةً في السؤددِ، ولذلك يحق له إن هزمهم في الحرب أن يستعبدهم. فقد استعبد حكيم بن خويلد الأسدي مئات العرب وأعتق في الجاهلية مائة رقبة وفي الإسلام مائة وصيف (شذرات الذهب للدمشقي، ج1، ص 60). وقد افتخر العرب قديماً بأنهم:
خير من ركب المطايا ** وأندى العالمين بطون راحِ
وقالوا كذلك:نشرب إن وردنا الماء صفوا ** ويشرب غيرنا كدراً وطينا
فالعربي لا يكفيه أن يشرب الماء صفواً، فلا بد أن يشرب غيره كدراً وطيناً. وبظهور الإسلام ازدادت العنصرية العربية التي جعلت من قريش أفضل الناس، ومن بني هاشم أفضل قريش، وأهل البيت أفضل بني هاشم. وياتساع رقعة الدولة الإسلامية ازداد عدد السبي من رجال ونساء وامتلأت جزيرة العرب بالرجال والنساء من حضارات وقوميات أخرى كانت أكثر تقدماً من العرب، ولكن العرب ظلوا متعالين عليهم وسموهم "الموالي" و"العجم" وغيره من الكلمات التي تدل على انحطاط المكانة الاجتماعية. ومن شدة اضطهاد المسلمين للأعاجم كانوا إذا غزوا واشترك معهم الموالي في الغزوات، لا يسهمون لهم في الفئ. قال الأحوذي: "حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا بِشْرُ بن المُفَضّلِ عن محمدِ بن زَيْدٍ عن عُمَيْرٍ مَوْلَى أبِي اللّحْمِ، قال: "شَهِدْتُ خَيْبَرَ مع سَادَتي فكلّمُوا فيّ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم وكَلمُوهُ أنّي مَمْلُوكٌ. قال: فأَمَرَني فَقُلّدْتُ السّيْفَ فإذا أنا أَجُرّهُ فأَمَرَ لي بِشَيْءٍ من خرثى المتَاعِ. " وخرثي المتاع ما تبقى منه. وقال ابنِ عباسٍ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، والعملُ على هذا عندَ بعضِ أهلِ العلمِ أن لا يُسْهَمَ لِلْمَمْلُوكِ، ولكن يُرْضَخُ له بِشَيْءٍ، وهو قَوْلُ الثّوْرِيّ والشافعيّ وأحمدَ وإسحاقَ (تحفة الأحوذي: 1054). وأهل الذمة كذلك لا يُسهم لهم، والعملُ على هذا عندَ بعضِ أهلِ العلمِ، قالوا: لا يُسْهَمُ لأَهْلِ الذّمّةِ وإنْ قاتَلُوا مع المُسْلِمِينَ الْعَدُوّ. (تحفة الأحوذي: 1055).ورغم أن معظم أهل السير وأهل الحديث وأهل الطب والعلوم، مثل الزمخشري والطبري وابن سينا و الرازي وابن سيرين والخوارزمي والسجستاني والبيروني وابن النفيس، وغيرهم كثيرون، كانوا من قوميات غير عربية، ولولاهم لما كان للعرب شأن يذكر، فقد اعتبرهم العرب أقل منهم حسباً ونسباً وقالوا: إذا كان الاسم عجمياً فالعب به. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لما مات العبادلة عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي. فقيه مكة عطاء وفقيه اليمن طاووس وفقيه اليمامة يحي بن أبي كثير وفقيه البصرة الحسن البصري وفقيه الكوفة إبراهيم النخعي وفقيه الشام مكحول وفقيه خراسان عطاء الخراساني إلا بالمدينة فإن الله تعالى حرسها بقرشي فقيه غير مدافع، سعيد بن المسيب." (شذرات الذهب، ج1، ص 103). فلأن المدينة لم يكن فقيها من الموالي اعتبروا أن الله قد حرسها وولى بها فقيهاً قرشياً. ولما غلب مصعب بن الزبير المختار وقتله، نزل أصحاب المختار الذين كانوا متحصنين في حصنهم، فأراد مصعب قتل الموالي وتسريح العرب (الكامل في التاريخ للمبرد، ج4، ص 66). فالعرب تُغفر لهم ثورتهم لأنهم عرب أشراف، أما الموالي فيقتلون.وتظهر هذه العنصرية جلياً في الزوبعة التي أثارها الإسلامويون في لندن إثر اعتزام الشابة العراقية سارة مندلي خوض مسابقة ملكة جمال إنكلترا المزمع عقدها اليوم (الجمعة 3 سبتمبر). وقالت تقارير نشرت في الصحف البريطانية كافة اليوم أن زعماء إسلاميين وجهوا دعوات لسارة مندلي بضرورة الانسحاب من مسابقة ملكات الجمال التي تقام في مدينة ليفربول. وفي دعواتهم المتشددة لسارة مندلي بالانسحاب قال هؤلاء الإسلامويون "المشاركة في مسابقات ملكات الجمال أمر يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية". والفتاة العراقية ذات الثلاثة والعشرين ربيعا من بين عدد من الفتيات المسلمات اللواتي يخضن تجربة مسابقات ملكات الجمال في إنكلترا. و وجـهت إليها اتهامات من دعاة وأئمة بـ "الردة" حيث هي ستعرض أجزاء من جسدها في حفل مسابقات الجمال (إيلاف 2 سبتمبر 2005).والشابة سارة مندلي ذات الثلاثة وعشرين ربيعاً والتي تحمل شهادة البكالوريوس بمرتبة الشرف في الكيمياء العضوية، التي لم يسمع بها من هدد بإخراجها من الملة، لم تكن المسلمة الوحيدة من بين المتنافسات على اللقب، فهناك ثلاث فتيات مسلمات هن: حماسة كوهيستينا (18 عاما) وديلي توبوزغولا (19 عاما) وسونيا حسينيان (21 عاما). ورغم أن هاشم سليمان من معهد الدراسات الإسلامية بلفربول قد قال: " الشريعة الإسلامية تقتضي بحظر أي فتاة إسلامية في مسابقة من هذا النوع، فهي تعتبر خروجا على العقيدة، فمن يشاركن في هذه المسابقات يظهرن في شكل غير لائق خاصة لجهة أزيائهن " فهو كان يقصد الفتاة العراقية بالذات، إذ قال فيما بعد: " أنا ادعو سارة مندلي أن تنسحب من المسابقة فورا، ولا أدري ما الذي دعاها للمشاركة في مسابقة كهذه منذ بداية الأمر. " ولم يدع هاشم سليمان الفتيات الأخريات إلى الإنسحاب من المسابقة، رغم أنهن مسلمات والشريعة تحرّم عليهن إبداء عوراتهن للرجال، وحتى النساء، الغرباء. والسبب في هذه الدعوة طبعاً هو الشرف العربي الذي هو شرفٌ أهم من الشرف الإسلامي عامةً. فقد كان الشرف العربي منذ الأزل، لا يسلم حتى يُراق على جوانبه الدمُ. فقد قيل أن السبب الحقيقي وراء أمر الرسول قتل كعب بن زهير بن أبي سُلمى وقطع لسانه هو أنه كان قد تشبب بأم هانىء بنت أبي طالب (الكامل في التاريخ، ج2، ص 148). وقيل كذلك أن الرسول أمر بقتل كعب بن الأشرف اليهودي لأنه كان قد شبب بنساء مكة عندما ذهب إليها ليؤلبها على محمد.ويذكر أن الآنسة كوهستينا كانت قد فازت في السابق بعرش الجمال للجالية الآسيوية في بريطانيا، وهي عارضة أزياء وطالبة جامعية تتحدث كلا من الإنكليزية والروسية والفارسية بطلاقة. فهذه الطالبة المسلمة وعارضة الأزياء التي فازت بلقب ملكة جمال الجالية الأسيوية، لم يهتم بها أحد من المسلمين عندما دخلت المسابقة المذكورة ولا حتى عندما عرضت الأزياء مراراً. وحتماً كان السبب في تجاهل كشفها لأجزاء من جسمها هو أنها ليست عربية، فعورتها لا ترقى إلى مستوى عورة المرأة العربية المصونة. وحتى عندما ذكر العلماء الإسلاميون في لندن أن الشريعة تُحرّم على المرأة المسلمة الاشتراك في هذه المسابقات، لم يطلبوا من الآنسة الأسيوية الانسحاب من المسابقة كما طلبوا من الآنسة العراقية.وعندما سألت صحيفة التايمز اللندنية الداعية عبد الحميد، نائب رئيس مجلس المساجد في مقاطعة لانكشير صرح بالقول "إذا شاركت الآنسة مندلي في مسابقات ملكات الجمال، عليها أن تعتبر نفسها خارج دائرة الإسلام، فهي بذلك تعاند مبادئ عقيدتها الإسلامية". وقال هذا الداعية "صحيح أنها قالت انها لن ترتدي البكيني، ولكن هذا لا يمنع من أنها ستعرض أجزاء من جسدها أمام الجميع في المسابقة. " والجدير بالذكر هنا أن الداعية الإسلامي علّق فقط على الفتاة العراقية ولم يذكر الفتيات المسلمات من جنسيات أخرى.ولتأكيد أن المشايخ المسلمين لا يهتمون إلا بالمسلمات العربيات نذكر السيدة المسلمة إيمان، الصومالية عارضة الأزياء، التي تزوجت نجم "البوب" ديفيد باوي. فقد ظلت هذه المسلمة الصومالية في الأضواء منذ الثمانينات من القرن الماضي إذ أنها عارضة أزياء تعرض كل أنواع الملبوسات بما فيها الملابس الداخلية للنساء على مسارح لندن ونيويورك، ولم نسمع يوماً أن داعية إسلامي أو مجلس دعاة اعترض على عمل الآنسة إيمان أو قال إنها خرجت عن الملة. ولم يحتج ولا عالم واحد عندما تزوجت النجم الإنكليزي المسيحي، وهو محرّم في الدين الإسلامي.وفي كل عام يعرض التلفزيون مسابقة الأغنية الأوربية Eurovision Song التي تشترك فيها تركيا المسلمة. وفي كل عام نرى البنات والصبيان الأتراك المسلمين بملابس لا تختلف عن أمثالهم من المغنين الأوربيين ونراهم يرقصون بنفس الطريقة التي يرقص بها زملاؤهم الأوربيين، ولم نقرأ ولا مرة واحدة عن عالم من علماء المسلمين محتجاً على ذلك أو مهدداً المغنيين الأتراك بالخروج من ملة الإسلام.وقبل ثلاثة أو أربعة سنوات أراد منظمو مسابقة ملكة جمال العالم إقامة الحفل في نيجريا، ولم نسمع أي احتجاج من علماء المسلمين. وأخيراً بعد أن هدد علماء الإسلام النيجريين باقتحام الحفل غيرت اللجنة من كان إقامته. فلماذا يا ترى كل هذا التجاهل لمخالفات العقيدة الإسلامية عندما تحدث في البلاد غير العربية أو بين فتيات مسلمات غير عربيات. ألم يقل الحديث: "لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى"؟ أم أنها العنصرية العربية في أقبح مظاهرها؟

0 Comments:

Post a Comment

<< Home