Wednesday, December 07, 2005

مسؤول وقف أرض المقابر الجماعية


مسؤول وقف أرض المقابر الجماعية
في عنجر كشف لـ"السياسة" هول المأساة
الشيخ بديع العجمي: اكتشفنا عشرات الهياكل
العظمية وجثثا بلحومها مكبلة بالحديد عام 97
بيروت - من صبحي الدبيسي:خطفت أخبار المقابر الجماعية التي اكتشفت في عنجر في حرم جامع العزير, الذي كان مقرا لقيادة القوات السورية في لبنان حتى العام ,1994 الأضواء على سيناريو مسلسل مواقف وتصريحات مسؤولي »حزب الله« وحركة »أمل« بخصوص تشكيل محكمة دولية, للنظر في متابعة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, التي استعرت شرارتها في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة, مع تسجيل اعتراض وزراء الحزب والحركة على مطالبة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بالموافقة على هذا المطلب لمقتضيات لها ما يبررها تتعلق بالتحقيق. ومع هول ما جرى اكتشافه أخيراً في عنجر واعتبارها من أفظع الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية.. رفات طُمرت هنا وهناك, وهياكل عظمية بالجملة والمفرق, وجثث تناثرت دون وازع ولا رحمة ولا شفقة بحق أشخاص عزل قادهم مصيرهم الأسود إلى هذه النهاية المفجعة. وفيما أصابع الإتهام بارتكاب هذه الجرائم تشير إلى تورط المسؤولين الأمنيين السوريين الذين تعاقبوا على تسلم مسؤوليات الأمن في لبنان, بارتكاب هذه الجرائم, وسوق هؤلاء الضحايا إلى عنجر لملاقاة قدرهم المحتوم, إما بالموت قهراً وتحت التعذيب أو بنقلهم إلى السجون في الداخل السوري ممن أسعفهم حظهم من الإفلات من أيدي أحد ضباط المخابرات الملقب »بالنبي يوسف« الموصوف بإجرامه وشراسته في تعذيب ضحاياه.مسلسل التعذيب هذا قيل عنه الكثير ونسجت حوله حكايات مؤلمة تدمي القلوب وتقشعر له الأبدان, لا سيما وأن شهوده من المعتقلين المُفرج عنهم ما زالوا أحياء, بالرغم من ممارسات التعذيب التي لا يقبلها عقل ولا يقرها منطق.. وفيما كانت »السياسة« سلطت الضوء على موضوع المعتقلين في أوقات سابقة, فإن اكتشاف المقابر بجوار جامع العزير على أيدي القوات السورية التي تولت حفظ الأمن في لبنان منذ العام 1976 كانت قد استخدمت الأرض التي شيد عليها الجامع مقراً لقيادتها العسكرية منذ العام ,1975 فيما تولى المسؤوليات الأمنية فيها قيادات عسكرية عدة كان من بينهم اللواء علي دوبا واللواء غازي كنعان وخليفته رستم غزالي. عنجر التي قيل عنها الكثير أضحت منذ إقرار وثيقة »الطائف« العاصمة الإدارية للبنان منها تخرج القرارات وإليها تعود, وفيها تنتهي المواقف ومن داخل جدرانها توزع الأدوار تعلي من تشاء وتقصي من تشاء, ولا أحد يستطيع الرفض أو المنافسة, على الجميع إطاعة الأوامر وبمقدار الرضا توزع الخلع على هذا وذاك, وبذلك تكون البلدة الصغيرة الوادعة الواقعة في سفح سلسلة جبال لبنان الشرقية المتاخمة للحدود اللبنانية السورية, قد دخلت التاريخ من بابه الواسع وساهمت بتحديد سياسة لبنان في حاضره وماضيه, فمنها أكد الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير استقلالية القرار اللبناني بعد انتصاره على حملة الوالي العثماني أحمد الكجك باشا, في معركة مجدل عنجر سنة 1923 وإليها وفد آلاف المواطنين الأرمن بعد كارثة أرمينيا في نهاية الحرب العالمية الأولى في أيام حكم كمال أتاتورك وبها جرى ترسيم حدود دولة لبنان الكبير سنة ,1926 أيام الانتداب الفرنسي وضم الأقضية الأربعة إلى إمارة جبل لبنان وبذلك تكون عنجر قد اكتسبت أهمية مفصلية في حياة لبنان وبعد اكتشاف هذه المقابر بقيت عنجر بالنسبة للبنانيين العاصمة المحورية, التي لم ينتهِ الحديث عنها بانسحاب السوريين منها بل على العكس فإن اكتشاف مقابر جماعية لمواطنين لبنانيين وعسكريين دفنوا فيها, سلط الأضواء مجدداً على هذه البلدة التي ما زال أهلها يتوقون لفجر جديد من الراحة والأمان, بعد أن كادت المؤامرة أن تفجر فيها حرباً ضروساً من حروب المذاهب والطائفية التي انتهت بزوال المحتل عنها. أما قلعتها التاريخية فهي ما زالت شاهدة على أهمية المكان والزمان فيما نبعها الرقراق ينساب بين بساتينها وكأن كل ما يجري من حوله لا يعنيه, فما زال يعطي عنجر نفحاً من عذوبته, على الرغم من كل المآسي التي شهدتها هذه البلدة منذ نشأتها حتى اليوم. »السياسة« وفي محاولة منها للاطلاع على آخر المستجدات والمقابر الجماعية التي اكتشفت أخيراً, قصدت المكان وفيما جالت كاميرا »السياسة« لالتقاط الصور الحية على الأعمال والحفريات التي انتشلت منها الجثث, كان مع مسؤول الوقف فيها الشيخ بديع العجمي الحوار التالي:منذ متى اكتشفت موضوع الجثث والمقابر الجماعية لأول مرة?سنة 1997 دخلنا إلى هذا الموقع من قبل دار الفتوى كمسؤول عن الأوقاف وكان المقام بحالة مزرية والأرض خربة والطريق صعباً لا تدخله سوى الجرافات, وبعد ترميم المقام زرعنا بعض الأشجار ووجدت هيكلاً عظمياً كاملاً لرجل طمره التراب, وعندما وجدت جثة ثانية توقفت عن الحفر نهائياً, وأبلغت أحد المسؤولين في ذلك الوقت, فقال لي: لا تخبر أحداً بالموضوع وتوقفت عن الحفر واستمررنا بترميم المقام. في سنة 1999 قررنا زرع بعض الأشجار فوجدنا تربة غريبة, فتبين لنا أن هناك جثثا مطمورة ومغطاة بأتربة سوداء من غير الأتربة الموجودة في المنطقة, وكانت الجماجم موضوعة بنفس الاتجاه وعددها ,25 جثث تعود لرجال والذي يقول بأنها للأطفال لا صحة لأقواله, عندها دفنا الجماجم بالتراب. ومن العلامات الملفتة وجود رأس بلحمه وهيكل عظمي مقيد بكنزة عسكرية, وجثة أخرى بلحمها وثياب عسكرية, وجثة أخرى مكبلة بالحديد, وكل الجثث كانت بالثياب الداخلية, ما يعني أن الهياكل كانت كاملة وهي 30 جثة وجدت ضمن مجموعة واحدة وجثث أخرى كانت شبه مغطاة. هل أخبرت أحداً من المسؤولين ?لقد أخبرت أحد الضباط اللبنانيين فقال لي: »لا تخبر أحداً ولا تتحدث في الموضوع إطلاقاً«.هل تكتمت عن هذا الأمر نهائياً?في العام 2002 أبلغت ضابطاً أمنياً كبيراً فقال لي: »لا تخبر أحداً, وأنت وضعك خطير«, وبعد يومين فُجر المسجد, وفي ذلك الوقت كنت بحالة صحية صعبة وخضعت لعملية قلب مفتوح وبقيت مدة سنة بعيداً عن المقام. إلى متى يعود تاريخ بناء المقام وهل ترجح وجود مقابر أخرى في المنطقة?تاريخ المقام يعود ل¯700 سنة وهذا المنزل الموجود بقربه عمره 200 سنة ولقد كان مركزاً للقيادة السورية منذ دخولها المنطقة سنة ,1975 لكن في العام 1994 انتقلوا من حرم الجامع إلى مكان آخر, وكان يوجد سجن بالقرب من الجامع, كما وجدنا مقابر أخرى على التل ووجدنا فيها عدداً من الجثث والهياكل العظمية وكان من بينها جثة مغطى رأسها بجورب نسائي أسود اللون.هل تعتقد أن الذين جرى تعذيبهم في معمل البصل دفنوا هنا?الله أعلم..متى جرى إبلاغ الجهات الرسمية بالأمر?بعد الكشف عن مقبرة وزارة الدفاع اتصلت بي قيادة الجيش اللبناني وسألتني عن الموضوع وعندما أخبرتها بالأمر منذ شهر تقريباً حضرت الجرافات نهار الجمعة الفائت وبدأت بالحفر وانتشال الجثث. هل تعتقد أن قيادة الجيش بصدد استخدام آلات لفحص التربة والعثور على جثث أخرى?لا أعرف إذا كانت القيادة ستستخدم مثل هذه الآلات والكشف على أماكن أخرى, لكن كل من لديه معلومات عليه إبلاغ الدولة بذلك.هل جرى التحقيق معك بهذا الخصوص?بالأمس جرى استدعائي إلى المحكمة للاستماع إلى إفادتي وانتهى الأمر.ما هي نوعية الأسئلة التي جرى التركيز عليها?كل الأسئلة تمحورت في إطار الاستعلام عن الموضوع.هل تخشى أن يصيبك سوء جراء هذا الموضوع?نحن نقوم بواجبنا والله أعلم.هل حلت مشكلة الوقف مع أهالي عنجر?في الماضي منع السوريون حل هذه المسألة, فالمقام مشيد على أرض الدولة اللبنانية وهناك عبارة تقول يجب تسجيل هذا العقار لمن يثبت احقية تملكه له, ونحن من جهتنا بذلنا أقصى جهدنا لكنهم لم يبتوا بالأمر كي تبقى المسألة قائمة وعندما راجعنا رئيس الجمهورية بالموضوع قال لنا: اتصلوا برستم غزالي. والأغرب من ذلك أن أحد الضباط سألني متى ستنهون هذا الإشكال مع عنجر, واكتشفت أنه في كلامه تحريض على الأشقاء الأرمن, وهذا ما لا نقبله أبداً. وبالمناسبة أدعو المسؤولين لمعالجة هذا الموضوع بأقصى سرعة.هل لديك شيئاً تحب إضافته إلى الحوار?وفقكم الله وحماكم.. هذا ولقد توالت المواقف المنددة بالمقابر الجماعية من بعض النواب والوزراء ومنهم النائب أكرم شهيب قال: إنها فضيحة كبرى مدانة إنسانياً وقانونياً والمسؤولية تطال أولاً وأخيراً من كان يمسك بالقرار, وهذا يدل على عقل الفضيحة كما يدل على فضيحة العقل.الوزير بيار الجميل: المقابر تشكل نموذجاً صارخاً للممارسات السورية في حقبة سوداء من تاريخ لبنان.النائب وائل أبو فاعور قال إن وجود المقابر دليل آخر على المسلكية الخاطئة للممارسة غير الديمقراطية التي اتبعها المسؤولون السوريون بحق اللبنانيين.الوزيرة نائلة معوض قالت على مجلس الوزراء وضع قضية المعتقلين والمقابر الجماعية في سلم أولوياته.النائب جبران تويني قال : اطالب بمحكمة دولية ضد مرتكبي هذه المجازر ومنذ اكتشاف مقبرة وزارة الدفاع لا بد من توجيه السؤال لرئيس الجمهورية, الذي لم يحرك ساكناً عندما كان قائداً للجيش, ولماذا لم يسأل عن مصير الجنود الذين قتلوا ودفنوا بالقرب من مقره في قيادة الجيش, ومن ثم مقره في القصر الجمهوري.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home