Friday, October 13, 2006

جنرال مستعار في مهرجان مستعار

جنرال مستعار في مهرجان مستعار
المستقبل - السبت 14 تشرين الأول 2006 - العدد 2416 - الصفحة الأولى - صفحة 1
بول شاوول
ماذا يمكن أن يقول ميشال عون غداً في المهرجان الذي سيُقام له في ذكرى "نكسته"، في حربه المرتجلة، والحمقاء، وغير المحسوبة، مع الجيش السوري وملحقاته عندنا؟ ماذا يمكن أن يقول "غضنفر" بعبدا السابق، و"غضنفر" الرابية الحالي، في ذكرى استشهاد الجنود وكل هؤلاء الناس الذين سقطوا في مغامرته "التحريرية" (وما أسهل المغامرات التحريرية التي تجر الويلات على البلاد عندما تكون لغير التحرير ولغير البلد)، المتوأمة ومغامرته "الالغائية" مع "القوات اللبنانية".ماذا يمكن أن يقول، بعدما نقل "الجفت" من كتف الى كتف؟ بعدما انتقل من محاربة الوصاية السورية لرفض الرئيس السابق حافظ الأسد رئيساً للجمهورية، الى الأذرع المستوصية اليوم، وصار جزءاً من "مشروعها"، أو على الأقل "وعداً" بأن يكون جزءاً من مشروعها الانقلابي الذي ينتظر هذا "الرؤيوي" أن "يقتعده" مظفراً في كرسي بعبدا!بل ماذا يمكن أن يقول بعدما صار "أداة" طيّعة في أيدي بعض أفرقاء 8 آذار، وقد تنصل من ثورة 14 آذار ومن كل إنجازاتها السيادية والاستقلالية والديموقراطية، ومن جمهورها، ومن "طائفها"، ومن همومها، الى المنقلب الآخر. ذلك المنقلب الذي قلبه رأساً على عقب، في حربه السخيفة المدمرة مع الجيش السوري؟عندما عاد "جنراله" من المنفى لم يخبر اللبنانيين إلا بالتكتم المتواطئ، لم يقل لنا لا مَنْ نفاه، ولا مَنْ قصفه ولا طرح حتى مساءَلة لا عن حربه الدونكيشوتية، ولا عن عودته، ولا عن مشروعه، ولا عن علاقته الجديدة "بأعدائه" السابقين، ولا عن أي "صفقة". عاد "مزمجراً" الى أرض الوطن. ثم لم يحك شيئاً. فالصفقة تقول أن "يزمجر" وألا يحكي شيئاً. والصفقة تقول بوجوب أن يخرج من بيئته "المفترضة"، الى البيئة السياسية المعادية. كأن شيئاً لم يكن؟ يا ليت! لعب لعبة النسيان. فالذاكرة مؤلمة. لعب لعبة طي الصفحة مع مَنْ نفاه، وأسقطه ودمَّر بعبدا على رأسه وحمله على الفرار "بالبيجاما" الى السفارة الفرنسية (إنما يهاجم اليوم الفرنسيين!) واختار تتمات الصفحات الوصائية، بقناع طائفي وإن بادعاء "علماني"، وفي ظروف ملتبسة، عاد نجم الجنرال وارتفع في البيئة المسيحية. صار "الزعيم الأوحد". في مقابل الزعماء الأوحدين! 70 بالمئة من المسيحيين من رعاياه، ومن قطعانه، لكي لا نقول من سباياه. وهكذا "اكتسح" في الانتخابات الماضية الساحة المسيحية! براو، لكن بشعارات مضللة منها أنه الزعيم المسيحي الوحيد الذي يمكن أن يواجه زعماء الطوائف الاسلامية! إذاً جاء "المخلص". جاء الراعي الأوحد في وجه "الرعاة" الآخرين في ذهنية الجمهور الكانتوني ـ القطيع! وهذا الزعيم "الأوحد" (المستوحد) ألغى كل مَنْ حواليه من رموز سياسية بمن فيهم البطريرك صفير وسائر "بطاركة" الموارنة، ولا ننسى، حرب الالغاء السابقة مع القوات. ولقي، ضمن ظروف معينة، تأييد "الجماهير" التي رأت فيه "عنيداً" و"قوياً" ومواجهاً... رد الاعتبار للمجتمع المسيحي، وللمسيحيين، ووضعهم في "مصاف" الطوائف الأخرى! براو! ومثل السحر والشعوذة والكذب تربع عون بطريركاً سياسياً. وشعر مَنْ شعر من أهل بيئته الطائفية "بالقوة"، و"التميّز"، والند بالند، وهماً وخيالاً ذلك أن الجنرال (ككل جنرال بحمده تعالى) لا بد أن يكون شرساً، لا بقوة أفكاره، ولا بقناعاته، ولا بمشاريعه، ولا بتصوراته، وإنما، هكذا بعزم "حذفه الله" والقديسون والأولياء في الصدر. وهكذا صار عون "القائد الملهم" و"الأخ الأكبر" في طائفة "ساهمت بتنوعها" بالنهضة العربية والمعاصرة والحداثة والانفتاح، كمثل طائفة أخرى كريمة بانتمائها الى زعيمها الأوحد!لكن ما يبنى على الباطل والتضليل هش. فبدلاً من أن يرسخ وجوده "الطاغي" بالانضمام الى مواكب السيادة، والاستقلال، والحرية، والديموقراطية ها هو يحاول أن "يجر" "قطيعه" الخاص الى المواقع الأخرى. الموقع النقيض. فمن ضفة 14 آذار الى ضفة 8 آذار. ومن شراسة ضد الوصاية الى طفل وديع من أطفالها. ومن "مقاوم" شرس ضد الذين هزموه الى مقاوم شرس ضد الذين آزروه على امتداد فترة نفيه، ومن مقاوم "للنظام الأمني" المشترك الى منخرط في صفوفه. ومن مدافع عن السيادة الى أداة في يد أهل الوصاية! انتقل من الأقصى الى الأقصى. من ديك "يصيح" الى دجاجة تقوق. تنكر لكل "تاريخه" (المزعوم أصلاً)، ولكل مواقفه، ولكل ادعاءاته السابقة. فمن رجل "يواجه" باسم البيئة كلها، الى رجل ـ أداة في أيدي أهل الوصاية. خان ميشال عون كل شيء، في سياق "الصفقة" الرئاسية؟ كل شيء؟ وتحديداً "جمهوره" وجماهير 14 آذار، انقلب على نفسه. (وهو انقلابي بامتياز). لم يصدق الناس الذين هيّصوا في أول الأمر بل راحوا يختلقون له "الأعذار"، أو "التبريرات" لكن عرفوا في النهاية أنه تاجر بهم. وتاجر بالشهداء. والمقموعين. والحلفاء. لم يصدقوا وهم يكتشفون أن وراء كل تلك الأقنعة "الوطنية" التحريرية، وجهاً ينضح بالعبودية، والانتهازية، شعر الناس أنهم "مخدوعون" شعروا أن هذا "الزعيم الأوحد" ضللهم، وساقهم بالجملة والمفرق الى حيث لا يريدون أن يساقوا! شعر "المسيحيون" تحديداً أنه شحنهم كالماشية والعبيد وقادهم الى سوق النخاسة. شعروا في البداية. ثم وعوا الأمور. راحوا يزيلون كل الماكياجات والتبرج والبودرة عن سحنته، ليظهر على حقيقته! رجلاً مهووساً بالرئاسة مستعداً لبيع الوطن والناس، وإعادة أي وصاية الى لبنان، إذا تأمن له الوصول الى هاجسه "الأبدي": الرئاسة؟من "عملاق" الى قزم! هذا ما تبدى لقواعده المكتسبة "بالتضليل". من "استقلالي" الى استغلالي. (وهنا نذكر بعضهم علاقته بصدام حسين والمساعدات المالية والعسكرية التي وفرها له إبان مواجهة النظام البعثي في لبنان. أين هي أموال صدام يا أبو الميش!). وهكذا بدأ الجزر بعد المد. و"الانفرنقاع" عنه بعد الالتفاف حول "شخصه الفذ" (والفظ)، بدأ مشوار الانحسار "الجماهيري" عنه تراجيدياً. فالجمهور قد يضلل ويصير قطيعاً. لكن الى حين! (وهذه أمثولة على سواه من حلفائه القطيعيين أن يعتبروها) ومن الـ70 بالمئة من المسيحيين الى 70 بالمئة ضده. فكما انضموا إليه باستقطابات واسعة غادروه باستقطابات أوسع. ما أخذه بالضلال من الناس استردوه بالعقل. وما صادره بالخداع، استردوه بالوعي. حتى صار تقريباً وحده. بدَّد كل ما جمعه (أو استجمع له). صار الجنرال وحيداً. لا رئاسة (موعودة) بانقلاب مرفوض وفتنة، ولا جمهور... وطبعاً لا أفكار (الجنرالات عندنا "أنبياء" لا مفكرون! و"الأنبياء" الإلهيون جنرالات أيضاً! يا للمصادفة الفاشية!). الجنرال يبقى وحيداً... ولا يندم (بالاذن من الصديق الروائي الياس الديري). وحيداً ينقرض، وحيداً يتآكل. وحيداً يجعر. وحيداً يزبد ويرغي. وحيداً يستثمر "علاقته" الجديدة بالمساعدات "العينية" المادية والمعنوية.غداً ميشال عون، جنرال مستعار. وزعيم مستعار. في مهرجان مستعار. وجمهور مستعار! كل شيء غداً مستعار. المواقف مستعارة. الهتاف مستعار. الأحلاف مستعارة. فماذا يمكن أن يقول "جنرال" صار مستعاراً لجمهور استؤجر له ، كما تستأجر الكراسي في الأعراس والمآتم والمهرجانات، لتعاد بعدها إلى أصحابها. كراسٍ مستعارة، بأفواه مستعارة، بقضايا مستعارة، بأهداف مستعارة... وبمؤامرات مستعارة!كل ذلك يدل على أن عون لم يعد وحيداً فقط، وانما وبقوة "وحدته" صار مجرد اداة. أداة صغيرة بأيد اكبر منه (نتذكر هنا رسالته الشهيرة الى الرئيس الراحل حافظ الاسد والتي نشرتها "السفير" في التسعينيات ويقول فيها للأسد "أنا جندي صغير في جيشك الكبير" هذا قبل أن يعلن حرب التحرير على النظام السوري!) اداة باتت من شدة عزلتها خطرة على بيئتها. وعلى البلد. وعلى الكيان. وعلى الأمن وعلى الديموقراطية. وعلى الدولة نفسها. (ألم يؤلف حكومة تقسيمية من لون واحد عندما "اغتصب السلطة في التسعينات واحتل قصر بعبدا ورفع شعار "القصر أو القبر"؟).فالجنرال عون (الذي صار شاويشاً في نظام الوصاية السابق) غدا في مكان وجمهوره في مكان آخر. سيحكي غداً بلغة الاستبداديين، وبلغة أصحاب الفتن والممولين بحروب أهلية، والمهددين باحراق البلد، ومروعي المجتمع ولن يكون "مختلفاً" (وهو أصلاً ليس مختلفاً!) والداعين إلى الخروج على الدولة والدستور والديموقراطية والحرية والسيادة! غداً عون في مكانه الذي صار "طبيعياً" والناس في مكان آخر... جمهوره (السالف) الذي حافظ على رسالات "البداية" وقناعاته الأصلية في مكانه الطبيعي أيضاً: مع أهل السيادة والاستقرار والاستقلال والمجتمع المدني! فكل الذين صنعوا "مجده" ذات يوم... ها هم يصنعون سقوطه! وهم، بعد التضليل، يتلون أفعال الندامة والتوبة! ذلك أن "جنرالهم" لم يعد جنرالاً! وقائدهم "الأوحد صار مقوداً" وحلمهم صار مجرد برغي صغير في الماكينة المخابراتية الوصائية.ماذا سيقول عون غداً في مهرجان سواه: هل سيهاجم الذين دمروا قصر بعبدا على رأسه، وماذا سيكون رد فعل جمهور ميشال المر وسليمان فرنجية وحزب الله: هل ترى سيصفقون للنظام السوري الذي دمر قصر بعبدا على رأس حليفهم "الخلنج".هل سيهاجم الذين اغتالوا الجنود اللبنانيين بعد استلامهم ودفنوهم في قصر بعبدا، وهل سيصفق الحاضرون الجدد لمن صفى جنود الجيش اللبناني بدم بارد! هل يهاجم الذين اجبروه على الفرار بالبيجاما الى السفارة الفرنسية، ومن ثم "وافقوا" على "نفيه" وهل سيصفق الجمهور المستعار لمن نفى حليفه 15 عاماً؟ وهل سيهاجم غداً اميل لحود الذي يعتبره "عميلاً سورياً" وغير شرعي... وهل سيصفق الحاضرون للذي كان يعتبره "جنرالهم ـ الشاويش" عميلاً سورياً! وهل سيجرؤ ويقول غداً (بالطبع لا) انه مع كشف حقيقة من اغتال الحريري ومع تأليف محكمة دولية كما كان يردد، ام انه سيردد اسطوانة بتوع الوصاية... باتهام اسرائيل لتبرئة ساحة المشتبه بهم فعلياً؟ وهل سيهاجم عون هذا الجنرال الذي رُقي الى رتبة شاويش مَنْ قمع جمهوره في 7 آب، ام انه سيحمل "الأكثرية" هذه المسؤولية؟ فيصفق له الحضور ويهتف بحناجر مستعارة وبأكف مستعارة! هل سيهاجم غداً كل الذين خوّنوه في الماضي واتهموه بالعمالة لاسرائيل والاتصال بالعدو وباختلاس الأموا ل العامة وباغتصاب السلطة! (ما دام يريد فتح ملف الفساد فليبدأ بهذا الملف الشخصي الخاص). هل سيخبرنا غداً من سرق بنك المدينة؟ من كان يفرض خوّة على الكازينو، وعلى المرافئ والمرافق والمشاريع، وعلى الخليوي والكهرباء. فهذه معطيات جديرة أيضاَ بالفتح يا أبو الميش يا أبا الطهارة! .هل سيتصدى (وهو الغضنفر) والرئبال والديك الرومي (المنتوف) لبعض الحاضرين ممن خوهنوه، ومنعوه من العودة... وقمعوا مناصريه (من كان وزير الداخلية آنئذ. ومن كان وزير الدفاع. ومن كان كبير القضاة.. ومن كان رئيس الجمهورية يا أبو الميش؟)...ماذا سيقول عن الذين افرنقعوا عنه بعدما تخلى عن المواقف والأفكار التي ربطتهم به؟ هل يقول لهم إنه "يتكتك" لبلوغ الرئاسة وبعدها سيحقق كل افكاره (قلت افكاره) ويعود الى مواقعه السيادية؟ماذا يمكن أن يقول "جنرال" الهزائم وشاويش النصر "الالهي" (باعتباره هو أيضاً من صنف الهي ونبوئي وغير آدمي، هل تذكرون هذا الكلام السياسي المفعم بالتواضع والدين والايمان الذي يرفع بعضه نفسه به إلى مصاف الانبياء و"الكائنات" الألوهية؟... براو!) ماذا يقول غداً؟ ربما كل ما يخطر بباله ولا يخطر ببال أحد، وربما كل ما أملي عليه ولم يعد يمليي على أحد. بل ربما ينقل الصراع ويلفق التهم الى جماعة 14 آذار، فيقول وبالفم الملآن (وفمه دائماً ملآن بما ينضح داخله به) انهم هم الذين نفوه، وهم الذين قمعوا مؤيديه. وهم الذين اغتالوا الجنود والضباط بعد استسلامهم. وهم الذين يملأون الدنيا فساداً. هم الذين سرقوا بنك المدينة وهم الذين استولوا على الكهرباء والخلوي... وهم بتوع الصندوق الأسود في الكازينو؟ وهم رستم غزالي... وهم جامع جامع... وهم الذين اتهموه بسرقة الأموال العامة. هم الذين خونوه وهم الذين وصفوه بالعميل الصهيوني. وهم الذين اتهموه باغتصاب السلطة! قد ينطق بكل ذلك. ذلك انه لم يعد الناطق باسم نفسه، ولا أهله، ولا جمهوره (السابق) ولا باسم مواقفه. قد يقول ما هو أدهى: ان 14 آذار هم الذين يحضرون لحروب ولفتن ولكانتونات (مع أن كانتون حلفائه جاهز جهوزية عالية وإلهية!) وهم الذين اغتالوا الشهيد رفيق الحريري وقبله كمال جنبلاط ورينيه معوض وجبران تويني وجورج حاوي وسمير قصير (الجنرال متخصص بالقراءة العميقة لا سيما بقراءة الشهيد سمير قصير. ألا يتهم الآخرين بالأمية وهو المكتظ بالثقافة العميمة!؟)، وهم الذين يسعون إلى التقسيم والدليل انهم يرفضون حكومة الوحدة الوطنية! اي حكومة تستولي عليها الوصاية، لإفشال قيام المحكمة الدولية، وتعطيل الدولة ودستورها واستحقاقاتها!قد يقول الشاويش الحاضر والجنرال السابق كل شيء. ما هو منتظر وما هو غير منتظر. بل قد يقول اشياء لا يعرفها جيداً. ذلك انه من الطبيعي أن يقول الشاويش الحاضر ميشال عون (وأبو صخر السابق عندما كان بأمرة بشير الجميل والقوات اللبنانية) أي شيء، وكل شيء، وربما قد يجعر، هنا، ويرغي ويزبد هناك، لكن كل هذا طبيعي لأن الجنرال قد نظمت له قوى 8 آذار مهرجاناً مستعاراً، ليلقي خطبة مستعارة... بعدما صار هو جنرالاً مستعاراً.بول شاوول

0 Comments:

Post a Comment

<< Home