Friday, October 13, 2006

براهين على علاقة ايران بـ ((القاعدة))

براهين على علاقة ايران بـ ((القاعدة))
*ايران سهلت عمل عملاء القاعدة بعدم وضع الاختام على جوازات سفرهم اثناء عبورهم الحدود الايرانية
*الاستخبارات الاميركية ذكرت ان طهران عينت عماد مغنية وسيطاً في الاتصالات مع رجال ابن لادن
*خامنئي ارسل الى القاعدة مليون فرنك سويسري عبر ابو مصعب الزرقاوي الذي كان يدير العلاقات بين ايران والقاعدة
*استمر النظام الايراني بتمويل الزرقاوي في العراق وكلما كان الاميركيون يدنون من مكانه يهرب ببساطة الى ايران
*وزير ايراني سابق ابلغ نائب جمهوري اميركي ان ابن لادن خضع للعلاج في ايران تحت حماية خامنئي الشخصية

في ما يلي حلقة ثانية وأخيرة من كتاب ((العد العكسي للازمة – المواجهة النووية المقبلة مع ايران)) للمؤلف كينيث آر.تيمرمان وهو يتحدث في هذا الفصل عن علاقة النظام الايراني ولا سيما مرشد الثورة علي خامنئي بـ((القاعدة)) بالوقائع ولكن طبعاً حسب مؤلف الكتاب.

قبل اسبوع واحد من وضع برنامج لجنة 11/9 بهدف ارسال التقرير الاخير الى الطباعة في يوليو/تموز 2004، جمع مدير طاقم الموظفين في اللجنة فيليب د. زيليكوف الاعضاء في جلسة توجيه غير اعتيادية.
ووفقاً لما قاله، كشف الاعضاء عن مستند صادر عن وكالة الاستخبارات المركزية يصف بالتفصيل صلة ايران بالقاعدة، وتخلل الجلسة ايضاً تداول في عدد ضخم من المستندات الهامة المتعلقة بمواضيع اخرى احيلت الى غرفة القراءة في الامن العالي الخاص في مكان لم يكشف عنه في واشنطن.
كان المستند عبارة عن تلخيص لتقارير اولية خاصة بالاستخبارات جمعت من خلال رسائل معترضة ووسائل اخرى، ولم يكشف عنه عندما قام قراء الطاقم - المعينون من مختلف وكالات الاستخبارات - يقلبون الصخور قبل ارسال التقرير الى الطباعة، حرصاً على عدم تسرب اية معلومة، ويتذكر رئيس المحللين انه حين كان يلقي نظرة على المراجع في اسفل التقرير، فكر في قرارة نفسه ان ((هناك مشاكل في ريفر سيتي))، وكان المستند يحوي 75 مصدراً مختلفاً اشير اليها من الـ ((أ)) (A) لغاية (اس اس اس) (sss).
كان اعضاء اللجنة يدركون انه في حال نشر تقريرهم وتسربت كلمة واحدة عن المستندات المفقودة، فان تحقيقهم سينقض بكامله، لذا امروا الطاقم بالهروب في اللحظة الاخيرة، اتصل زيليكوف بمدير وكالة الاستخبارات الذي اعد الموجز وطلب منه ان يأتي بالمستندات الخمسة والسبعين كافة، فقد اراد ان يرسل الموظفين التابعين له كي يقرأوا تلك المستندات شخصياً في اليوم التالي عند الساعة السابعة والنصف، لم يكن يأبه بأن ذاك اليوم كان يوم عطلة، لقد كان من الضروري ان يرى الموظفون المستندات على الفور.
كان رئيس الفريق محللاً سابقاً في الـ (سي آي أيه)) وكان قد امضى عشرات السنين يحلل اشارات استخباراتية معترَضة هامة جداً، ولقد اختارته اللجنة لشهاداته الامنية العالمية ولاتساع آفاق معرفته في ما يتعلق بالمعلومات الضخمة والوفيرة التي تم جمعها وتمحيصها وتحليلها على يد الاستخبارات الاميركية.
وكانت المشكلة في المفهوم، فكل المعلومات التي كانت تعطيها الـ (سي آي أيه) للجنة حتى ذلك الحين كانت غير كاملة تماماً: لم يكن هناك أي صلة بين القاعدة وايران، ولا أي صلة ولا أي رابط على الاطلاق، قال لي احد اعضاء اللجنة عندما سألته عن الامر: ((لقد وجدنا موقف وكالة الاستخبارات المركزية محيراً)) كما عبر عنه بول بيلار في كتابه قائلاً انه ((ما من رابط هام بين القاعدة وايران)).
من جهة اخرى بينت المستندات التي باشر الفريق قراءتها ذاك الاحد عكس ذلك، وبعد الكثير من المفاوضات، اتفق اعضاء اللجنة على موجز يشرح ما اكتشفه طاقم الموظفين، وهو موجود في الصفحتين 240 و241 من التقرير النهائي.
لكن التلخيص المذكور لا يعطي أي فكرة لا عن اطار الامور التي كانت الـ (سي آي ايه)) تنظر فيها، ولا عن عدد تقارير الاستخبارات الكامل، وكانت هذه هي المرة الاولى التي تنشر فيها هذه المعلومات.
لقد اكتشف قائد الفريق صباح ذاك الاحد سجلاً موثقاً كاملاً عن الروابط العملية بين ايران والقاعدة في الاشهر الحرجة التي سبقت أحداث 11 سبتمبر/ايلول، وقال لي قائد الفريق: ((تبين لنا بحسب المستندات ان ايران كانت تسهل سفر عملاء القاعدة، فتأمر المفتشين عند الحدود الايرانية بألا يطبعوا الاختام على جوازات سفرهم، وبالتالي تبقى مستندات سفرهم خالية من أي ختم، كان الايرانيون يدركون تماماً انهم كانوا يساعدون عملاء تابعين لمنظمة تعد اعتداءات على الولايات المتحدة)).
وكانت الاستخبارات الاميركية مدركة ايضاً للمساعدة التي كانت تقدمها ايران لرجال ابن لادن، لكن المحللين كانوا مسيرين نظرياً فقللوا من اهمية تلك العلاقة في كثير من الاحيان.
((روابط المدرسة القديمة)) هو العنوان الرافض للتقرير التحليلي الذي تلا احداث 11/9 والذي اصدره مركز مكافحة الارهاب التابع لوكالة الاستخبارات المركزية، وهو يلخص اول ايام التعاون بين ابن لادن وايران، كما يتضمن بيانات عن مقابلاته في السودان مع الضباط الايرانيين في اواخر 1991 – 1992 بالاضافة الى الجلسات التنظيمية بين مجلس الشورى الاسلامي التابع لإبن لادن ومنظمة التحرير الفلسطينية وحماس، وحزب الله، وهي جلسات توسط فيها حسن الترابي، القائد الاسلامي السوداني، وهناك ايضاً تقارير اخرى تعود الى يناير/كانون الثاني 1997 تشرح بالتفصيل رحلات عملاء ابن لادن الى ايران ومعلومات عن مخيمات حزب الله في لبنان المخصصة لتدريب الارهابيين، حيث طلب ابن لادن منهم تعلم اسرار اختصاص حزب الله: كيفية تفخيخ الشاحنات. (بحسب ما استخلصته الـ ((سي آي أيه)) تكرم الايرانيون بهذا التدريب ووفروه). وذكر قائد الفريق: ((في اواخر الـ 1993، واوائل الـ 1994 وضع ابن لادن يده بيد ايران لقد وضع كل يده بيد الآخر وتعاونا في تنفيذ العمليات)).
راجعت اللجنة ايضاً التوثيق الذي قامت به الـ ((سي آي أيه)) حول صلة القاعدة بوحيدي وشيرافي واحمد المغسل في الإعداد لتفجير ابراج الخبر، ظاهرياً كانت المعلومات جد حساسة لابلاغها لمدير ألـ (اف بي آي)) لويس فريه، الذي اخبر المقررين بعد ان ادلى بشهادته في محكمة المقاطعة الاميركية القضية المرتبطة بعدم تأدية القاعدة أي دور في الهجوم.
وقد اكتشف الفريق المزيد من المشاكل عند قراءته المستندات الـ 75 صباح ذاك الاحد من يوليو/تموز، وتتلخص في وجود العديد العديد من التقارير عن عميل الاستخبارات الايرانية عماد مغنية الذي اطلق عليه اسم ((العميل الرئيسي في حزب الله)) في تقرير اللجنة الخاص بأحداث 11/9. ولقد بين التقرير الضخم أنه قبل احداث 11 سبتمبر/ايلول بفترة طويلة علمت الولايات المتحدة بواسطة استخباراتها ان نظام طهران عين مغنية وسيطاً في الاتصالات العملية برجال ابن لادن وقد تزامن ذلك مع المعلومات التي وفرها ذاكري لوكالة الاستخبارات المركزية في باكو قبل اربعة اشهر من الاعتداء.
وان مما اكتشفه جامعو الاستخبارات الاميركيون، ان عماد مغنية كان قبل احداث 11 سبتمبر/ايلول الارهابي الذي تسبب بمقتل اكبر عدد من الاميركيين، ان الجمع بين مغنية وابن لادن اشبه برمي شرارة على خرق ملطخة بالنفط. ولكن أي جرس انذار لم يرن حينها، ولم يذكر اسم مغنية حتى في تقرير اللجنة النهائي.
وتظهر تقارير المصدر ان مغنية نسق سفر ما بين 8 و10 من ((خاطفي الطائرات)) بين السعودية وبيروت وايران في اكتوبر/تشرين الاول ونوفمبر/تشرين الثاني 2000، وقد كشفت هذه التقارير ان مغنية سافر بنفسه الى السعودية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المذكور، ثم رافق الخاطف احمد الغامدي في الطائرة الى بيروت ليكمل رحلته الى ايران، بعد هذه الرحلة الناجحة، سافر ثلاثة من الخاطفين الى بيروت ثم انطلقوا منها كمجموعة الى ايران يرافقهم احد رجال مغنية.
وبعد ان أُحبط صائغو الفصل السابع من تقرير اللجنة الخاص بأحداث 11 ايلول من جراء اكتشافهم المتأخر للمستندات، وهذا ما منعهم من اجراء المزيد من التحقيقات، لجأوا الى السخرية. كان من الممكن دائماً ان يكون ذلك التنسيق ((مصادفة ملحوظة)) وان يكون ((حزب الله في الواقع مركزاً على بعض المجموعات الاخرى من الافراد المسافرين من السعودية خلال الفترة عينها بدلاً من التركيز على الخاطفين المستقبليين)).
حتى في التقرير الذي تلا احداث 11 سبتمبر/ايلول، والذي حاول تينيت منع اللجنة من مراجعته، اعتبرت الـ ((سي آي ايه)) ان المختطفين كانوا يسافرون عبر ايران لا اليها، وذلك بحسب مصادر اللجنة كان ذلك المفهوم يظهر مجدداً(*) لم تدرك السلطات المعنية مطلقاً ان مغنية اصبح ((عميل سفريات)) للقاعدة، وقال لي احد اعضاء اللجنة: ((كل مرة كانوا يأتون فيها ببينة حاسمة كان المحللون يعيدون القول: نعم، الامر مسل، لكنه لا يصلح لاقامة دعوى)). لقد كان ذلك الانتقاد الاعنف.
على الرغم من المرافعة الخاصة التي قام بها مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جورج تينيت، لكي يوفر أي مساعدة ممكنة ويقلب الملفات كلها، لم تعط الوكالة يوماً للجنة أي معلومات عن تنبيه ذاكري المباشر قبل 11/9 ووفقاً لمصادري لم يكن تينيت على علم بكل بساطة لان ما من احد فكر في إخباره.
بدت الـ (اف بي آي) وكأنه قد تأثرت بنسبة اقل نظرياً، على الاقل خلال تحقيقاتها لما بعد 11/9 لقد ارسلت فرقاء من العملاء الخاصين الى الشرق الاوسط وأوروبا وحصلت على البيانات الاصلية بأسماء الركاب التابعة للرحلات التي قام بها الخاطفون برفقة مغنية.
علم المحققون الاميركيون اولاً بالمساعدة التي تقدمت بها إيران عبر تسهيل سفر عملاء القاعدة المتورطين في مؤامرة 11/9 من المخطط لدى القاعدة خالد شيخ محمد، وضابط الوصل رمزي بن الشيبة، و((خلاد)) (توفيق بن عطاش). وقد اعتقلت الولايات المتحدة هؤلاء الثلاثة بعد اعتداءات 11 ايلول، حاول خلاد الحصول على تأشيرة دخول اميركية ليشارك في العملية، ولكن سلطات الهجرة الاميركية رفضت طلبه، الا انه ساهم في عملية تفجير سفينة ((يو اس اس كول)) الحربية الاميركية في اليمن في اكتوبر/تشرين الاول عام 2000.

التعاون التام مع الايرانيين
قلق طارق الشرابي عندما طلب منه ((مسهّل)) اسفار القاعدة ان يستخدم خط الجرذ عبر ايران، وطمأنه المسهل قائلاً ان القاعدة ((تتعاون بشكل تام مع الايرانيين)) وان لها منظمتها الخاصة في ايران وهي ((تهتم بمساعدة الاخوان المجاهدين على عبور الحدود)). وقد راقبت الشرطة الايطالية المحاضرة التي القياها في 10 مارس/آذار 2001 والتي قدمت في محكمة ميلانو في العام التالي، وقد ساهمت هذه المعلومات في ادانة الشرابي وثلاثة تونسيين آخرين بتوفير دعم لوجستي للقاعدة في اوروبا.
قال المسهل ان القاعدة لم تعد تستخدم باكستان كنقطة للعبور، لانه ((في الاعوام الاخيرة باتت هناك خدمات سرية كثيرة)) تلقى الشرابي تعليمات بالتوجه الى السفارة الايرانية في لندن لطلب تأشيرة دخول ((لانها ممهدة للطريق وبذلك يصبح كل شيء منظماً تماماً استعداداً للذهاب الى مخيمات التدريب)).
في هامبورغ المانيا تباهى احد الاخوان المسلمين السوري الاصل ويدعى محمد حيدر زمار،بأنه كان وظف الربانين اللذين تسببا باحداث 11/9 وهما محمد عطا وزياد الجراح وشجعهما على الانضمام الى مجاهدي ابن لادن في افغانستان، وعندما تباهى زمار الذي يزن 300 باوند، لم يتمكن الاشخاص من حوله سوىملاحظة ذلك كانت الـ (سي آي ايه)) على علم برحلات زمار المتعددة الى ايران وبصلته بخلية القاعدة في هامبورغ قبل احداث 11/9 في اواخر التسعينيات، طلبت السلطات الالمانية من عميل لدى الـ (سي آي ايه) يدعى توم اف مغادرة البلاد سراً لمحاولته استخدام زمار وزميل له يدعى مأمون دركنـزنلي وكانا قد حصلات على الجنسية الالمانية في تاريخه.
حقق المسؤول السابق في البنتاغون مايك مالوف مع زمار ودركنـزنلي معتقداً ان وكالة الاستخبارات المركزية طمست تقريرها حول الروابط القائمة بين ايران والقاعدة من اجل اخفاء سبلها وبحسب اقواله، ((طورت مصادرها لما بعد الحرب الباردة ولم تشأ دفعها)) في بعض الحالات كانت كل من الـ ((سي آي ايه)) والقاعدة وايران توفر دعماً عملياً للاشخاص نفسهم وللقضايا ذاتها ثم اضاف: ((هذا ما حصل في البوسنة وفي كوسوفو)) مع جيش تحرير كوسوفو.
عثر مالوف على طرق التسلل السرية التي استخدمتها القاعدة في القوقاز عام 2000، حين كانت تعمل هناك بالمشاركة مع سلطات الجمارك في جمهورية جورجيا السوفياتية السابقة. ((لقد نقلت ما كنت اعلمه الى وكالة الاستخبارات المركزية، ولكنها اكتفت بالتعجب))، وتبين لاحقاً انها تؤوي مجاهدين افغانيين في الشيشان ليذهبوا بعد ذلك الى البوسنة ومقدونيا، وكان الايرانيون مشاركون في ذلك كما كانوا اول من سلك خط الجرذ.
وبناء على تقارير الاستخبارات الالمانية التي قدمت للجنة 11/9 تبين ان زمار قد استخدم ايضاً رمزي بن الشيبة، وان ابن الشيبة الذي عرّف به عضو اللجنة على انه ((منسق)) مؤامرة 11/9، قد قابل مرات متكررة الخاطف محمد عطا في مدن أوروبية عدة، ثم سافر إلى أفغانستان كي يرسل تفاصيل العملية لإبن لادن ونائبه، أيمن الظواهري. وفي طريقه، كان يُعرج دائماً على إيران، حيث شكل الظواهري فريق وصل للعمليات، وذلك قبل مقابلاته التي أجراها في يونيو/حزيران 2001 مع المسؤولين في الحكومة الإيرانية. لسبب أو لآخر، لم يذكر تقرير لجنة 11/9 رحلات إبن الشيبة إلى إيران على الرغم من أن التقرير يرجع إلى تقارير الاستخبارات المتعلقة بنشاطات إبن الشيبة في ألمانيا والتي وفّرتها الشرطة الجزائية الفدرالية الألمانية. ويظهر أحد التقارير التي راجعتها في ألمانيا ان إبن الشيبة قد سافر إلى إيران بجواز سفره الخاص بعد أن حصل على تأشيرة دخول من السفارة الإيرانية في برلين.
قبل أسبوعين من ذهاب حميد رضا ذاكري إلى السفارة الأميركية في باكو (في 26 يوليو/تموز 2001) سافر إبن الشيبة إلى إسبانيا ليقابل محمد عطا وجهاً لوجه للمرة الأخيرة. في البداية، خطط عطا لتنفيذ الاعتداء خلال الصيف لكنه اضطر لتأجيل الموعد لأنه لم يحظ بالعدد الكافي من الربانية. بحسب المحققين، أبلغ عطا إبن الشيبة في هذه المقابلة تاريخ الاعتداء النهائي. وفي النهاية سافر أبن الشيبة إلى إيران، ثم إلى أفغانستان. وفي الوقت عينه، سافر الظواهري إلى إيران بحسب ذاكري.
من الصعب أن نصدق أن وجود مخطط كبير لأحداث 11/9 وهو اليد اليمنى لإبن لادن في إيران قبل شهرين من أحداث 11 أيلول/سبتمبر كان مجرد صدفة.

20 شاهريفار
عصر اليوم الذي سبق أحداث 11/9، تلقى ذاكري اتصالاً هاتفياً مقلقاً من باكو. كان المتصل يتكلم الإيرانية بلهجة أميركية.
((إنه العاشر من سبتمبر/أيلول)) قال المتصل، ((والآن أيمكنك أن تخبرني ما الذي سيحصل))؟
ظن ذاكري ان المتصل هو المسؤول في الـ((سي آي ايه)) الذي يتكلم الإيرانية والذي رفض الاستجابة لمطالبه قبل خمسة أسابيع. كان يريد أن يتلاعب به، وهذا ما يفعله رجال الاستخبارات: يتلاعبون بعقلك.
لم يتحقق ذاكري مطلقاً من الروزنامة للتأكد من التاريخ. حتى ذلك اليوم، كان يظن ان قائده السابق في إيران قد أخذ إجازته قبل يوم واحد.
في الواقع، كان جورج، وهو عميل لحساب وكالة الاستخبارات المركزية، من ارتكب خطأ. فالتاريخ الذي أعطاه ذاكري للوكالة – 20 شاهريفار – كان يوافق 11 سبتمبر/أيلول.

القاعدة تنتقل إلى إيران
بعد 20 يوماً من بدء الولايات المتحدة قصف أفغانستان في شهر اكتوبر/تشرين الأول 2001، توقف موكب من سيارات اللاند كروزر تويوتا ذات الطراز الأحدث عند حدود دورغهارون للعبور إلى إيران. كانت نقطة الحدود الخاصة بالجمارك مقفلة فعلياً منذ أعوام، ولم تكن في الجوار أية بلدة. لكن حراس الحدود كانوا ينتظرون بعض الزوار بناء على أوامر رئيس استخبارات حرس الثورة، مرتضى رضائي.
على الرغم من انهم كانوا لاجئين من النوع الرديء، إلا أنهم لم يكونوا يهجرون أفغانستان وبحوزتهم فرش، ومواقد رخيصة، وشراشف للأسرّة مربوطة ترتفع إلى السقف. فالآليات الرباعية الدفع القوية كانت موضبة بشكل جيد. لقد جلب الرجال العرب التسعة عشر معهم بعض الحقائب، والأسلحة، والنقود، والماس غير المشذّب، وكان برفقتهم تسعة أشخاص من النساء والأطفال.
كان تسعة من الرجال المذكورين أعضاء رفيعي الشأن في القاعدة، من بينهم سيف العدل، المصري الجنسية، الذي كان المخطط العسكري الأعلى لدى إبن لادن ومتخصصاً هاماً في الكمبيوتر. وقد اصطحبهم الضباط في حرس الثورة إلى مجمع ((المهدي)) السكني الواقع في لاشكاراك، شمالي شرقي طهران، وأُنزلوا في مساكن العائلات في مبنى الشهيد ((حاج همت))، المخصص لضيوف حرس الثورة. وظلوا في ذلك المكان لغاية فبراير/شباط 2003 حين تسربت معلومات عن وجودهم هناك.
كان سعد ابن لادن – الابن البكر – وأحد أبناء أخيه معهم. كان الإيرانيون ينادون العرب بـ((طالبان)) عندما كانوا يتكلمون في ما بينهم.
بعد فترة وجيزة، بدأ محاربو القاعدة يعبرون الحدود. ووفق مصادري الإيرانية، أتى 900 منهم إلى إيران برفقة عائلاتهم، وذلك بعد بضعة أسابيع. وكان العديد منهم منتسبين لجماعة تدعى ((أنصار الإسلام)) وقد ذهبوا لمحاربة القوات الأميركية في العراق. اصطحب بعض المحاربين إلى مخيمات قرب ماريفان التي تقع في كردستان الإيرانية، بيد أن السعوديين لازموا مكانهم لأنهم كانوا يتركون لحيتهم طويلة ويحلقون شواربهم، ولأن السراويل الأفغانية التي كانوا يرتدونها كانت قصيرة جداً.
لقد اكتشفت الولايات المتحدة أيضاً أمر انتقال القاعدة إلى إيران. قال لي أحد عملاء الاستخبارات الأميركيين: ((لم يتم ذلك عبر البرّ فحسب، بل رأينا طوافات وطائرات ذات أجنحة ثابتة أُرسلت إلى هرات (أفغانستان) لإقلال محاربي القاعدة وعائلاتهم)). كان ذلك موضوع التقرير الذي تلا أحداث 11/9 والذي استخلصه جورج تينيت تحديداً من المستندات التي سُلمت إلى لجنة 11/9. وتبين تلك المعلومات بوضوح وجود علاقة وثيقة ما تزال قائمة بين إيران والقاعدة من حيث تنفيذ العمليات. كان ذلك بالتحديد نموذجاً للتفاصيل التي كان الملاحقون الفدراليون يستخدمونها من أجل كشف التآمر، وقد ساعدت في القيام ببعض التحركات.
بعد شهرين من أحداث 11 سبتمبر/أيلول، بعث مكتب القائد الأعلى علي خامنئي رسالة إلى شريك قريب من نائب إبن لادن، أيمن الظواهري، وهو الرجل الذي ((يدير)) العلاقات بين إيران والقاعدة. كانت الرسالة تُعلم المتلقي بأن خامنئي قد حوّل مليون فرنك سويسري إلى حسابه المصرفي في سويسرا ((متابعة للعلاقات بين الطرفين)).
لقد رأيت نسخة عن هذه الرسالة من مصدر كان قادراً على الوصول شخصياً إلى مكتب خامنئي. وكان المتلقي حينها أردنياً غير معروف، والداه فلسطينيان، واسمه أبو مصعب الزرقاوي. ويستمر النظام الإيراني في تمويل الزرقاوي ورجاله الذين باتوا يعرفون بعمليات الاختطاف وقطع الرؤوس الرهيبة التي تسجل على أشرطة فيديو، والتي يقع ضحيتها سائقو الشاحنات الأجانب والعاملون على مساعدة العراق. وكل مرة استطاعت فيها القوات الأميركية الدنوّ من مكان وجوده في العراق، كان الزرقاوي يهرب بكل بساطة عبر الحدود إلى إيران، حيث تواصل وحدات حرس الثورة تأمين الحماية، والمال، والأسلحة له*.
بعد أن ظل وزير الشؤون الخارجية كمال خرازي ينفي وجود عملاء للقاعدة في إيران لـ18 شهراً، اعترف هذا الأخير في 21 فبراير/شباط 2003 ان السلطات قد أوقفت أكثر من 400 عضو من القاعدة وسجنتهم.
لكن سيف العدل وسعد إبن لادن وعائلتيهما لم يدخلوا قط السجن في إيران، بل تم نقلهم إلى ((بستاني بستان)) وهو نُزل أكثر أماناً تديره مخابرات حرس الثورة، وذلك وفقاً لأحد المنشقين عن جهاز حرس الثورة الإسلامية الكولونيل بي. وإن النُزل، الذي عرفه محللو المخابرات الأميركيون كموقع سابق لتدريب الجيش، يقع تماماً قبل طريق شيتغار بارك الجانبية على طريق كراج، أي على بعد 10 كلم شمالي طهران. ثم تابع سيف العدل وسعد ابن لادن تنفيذ عمليات القاعدة من دون أن يمنعهما من القيام بذلك أي عائق.

البرهان
كان من الممكن أن تعترض الولايات المتحدة الاتصالات بين سيف العدل الموجود في مشهد وبين فرق القاعدة في السعودية قبيل اعتدائهم على ثلاثة مجمعات سكنية في 12 مايو/أيار 2003 في الرياض. وقد لاقى أكثر من 92 شخصاً حتفهم في القتال المسلّح، الذي صدم العائلة الملكية السعودية حاثاً على اتخاذ إجراءات صارمة وجدية للمرة الأولى ضد القاعدة ومن يدعمها في المملكة.

كاشف الكذب
بعد فترة وجيزة من الاعتداءات على الرياض، سافر سبعة من عملاء الاستخبارات الأميركية إلى لاهاي. وبعد وقوع تلك الأحداث، قرروا الاتصال بحميد رضا ذاكري. وهذه المرة كانوا يخططون للقيام بالأمور على النحو ((الصحيح)).
عاد عميل وكالة الاستخبارات المركزية جورج يرافقه عدة ضباط آخرين، من بينهم بيتر ودكتور بيل والعميل الخاص الأكبر في الـ((أف بي آي)). (((إنهم يحبون أن يطلقوا على أنفسهم لقب ((دكتور)) فذلك يزيدهم جاذبية))، هذا ما قاله لي ضابط سري سابق). لقد أرادوا أن يكتشفوا الحقيقة من كلام ذاكري.
علّق الدكتور بيل المحساسات المختلفة على جسم ذاكري وبدأ بالعملية الروتينية بمساعدة مترجم. في البداية، سأله عن اسمه. كان ((ذاكري)) بالطبع اسماً مستعاراً، ففعلياً، كان جميع موظفي الحكومة الإيرانية يستعملون أسماء مزيفة، بدءاً من وزراء الحكومة وصولاً إلى ضباط الأمن الصغيري الشأن. كانت الإبر الموضوعة في آلة الدكتور بيل تُسجل حيل ذاكري، ثم راح استجوابه يصبح أعنف.
سأله الدكتور بيل: ((هل تعمل لحساب وكالة استخبارات أجنبية؟)) أجاب ذاكري بالنفي. ((هل تسعى لأذية الولايات المتحدة؟)) ومن جديد، هز ذاكري برأسه نافياً. إثر إجابته على هذين السؤالين، قفزت الإبر إلى أعلى الورقة المدرجة.
في النهاية، نُزعت الأسلاك، وكان رجل الـ((أف بي آي)) قد كوّن فكرة عن الموضوع. فقال له: ((فلنتفق فحسب على أن كل ما قلته لنا حتى الآن هو كذبة. حسناً، فلنسمه مبالغة خلاقة. من الآن فصاعداً، سنقوم بالأمور على نحو مختلف)).
عندما سألت عميلاً سرياً سابقاً عن كاشف الكذب راح يجول ببصره، ثم قال: ((ظننت أننا نسينا هذا الأمر منذ عدة سنوات، فالعملاء يثبتون صدقهم من خلال أعمالهم لا من خلال كاشف الكذب. لم ينجح حتى الآن أي عربي أو إيراني في ((امتحان)) كاشف الكذب. ولكن لماذا ينجح جميع عملائنا الكوبيين دائماً في امتحانات كشف الكذب التي يقومون بها ((ثم فسر الامر بقوله انه قد تبين ان كل هؤلاء الكوبيين كانوا عملاء مزدوجين مدربين على يد قوة الامن التابعة لكاسترو على استخدام طرق نفسية لهزم الآلة، ((كانوا يدربون على الاعتقاد بوطنية اكاذيبهم – وبالتالي فهم لا يشعرون بأي ذنب عند الكذب)) وكان الامر ينجح في كل مرة.
كان ذاكري غاضباً جداً، لقد كرر المعلومات التي اعطاها للـ((سي آي آيه)) في باكو بخصوص تعلم كيفية القيام بالهجوم الضخم المخطط له بواسطة الطائرات في 20 شاهريفار، ثم شدد على ان تلك القصة ليست من تأليفه بل انه كان يقول الحقيقة))، لم يكن ذلك ما كانوا يودون سماعه.

علي ((ميم))
كان عضو الكونغرس كورت ويلدان ((الجمهوري من بنسلفانيا) شخصاً متصلب الرأي، فحين كان يحصل على شيء، لم يكن يدعه بعد ذلك ابداً وكان يظن ان اعضاء الحكومة الايرانية في الولايات المتحدة يخططون لسلسلة من الاعتداءات الارهابية الدراماتيكية التي قد تجعل من 11 سبتمبر/ايلول جحيماً، وكان من اهدافهم مصنع الطاقة النووية سيبروك في نيو هامشاير شمالي بوسطن، ولكن لم يكن أي من مدير الـ ((سي آي ايه)) جورج تينيت او رئيس العمليات ستيف كاباس لينصت له.
قال كاباس ان المشكلة كانت مصدر ويلدن، او بالاحرى احد مصادره الرئيسية، قام ويلدن بعدة رحلات الى باريس بدءاً من مستهل سنة 2003 للتكلم الى وزير سابق في الحكومة الايرانية يدعى علي م، رغم ان لديه معلومات عن إيران قد تفيد الولايات المتحدة، خلال المقابلة الاولى تلك اعلم علي ويلدن ان اسامة بن لادن كان حينذاك في إيران يخضع لعلاج طبي، وكان يقيم في منـزل آمن تابع لحرس الثورة يقع بالقرب من بلدة لاديز، في بلوشستان الايرانية، على بعد 80 كلم جنوبي شرقي زاهدان، كانت تلك المنطقة مقفرة وتقع عند الجانب الايراني من المثلث الذي تلتقي فيه ايران بباكستان وبأفغانستان، كان ابن لادن تحت حماية المرشد الاعلى الايراني آية الله خامنئي الشخصية.
لم يكن المشرّع الجمهوري النافذ واثقاً مما كان سيفعله بالمعلومات، ولكنه عزم على ارسالها الى مدير الـ ((سي.أي ايه)) جورج تينيت الذي كان يعرفه جيداً، فأعطى علي رقم فاكس خاص ووافق الايراني على ارسال المعلومات الاخيرة كما تصل اليه.
بدأت رسائل الفاكس تصل منه حتى قبل ان يعود علي الى واشنطن، لقد كتبها كلها بخط اليد وهو خط كبير وغير مرتب، وفي قليل من الوقت حصل ويلدن على رزمة ضخمة من الرسائل.
في ابريل/نيسان 2003، ارسل علي تحذيراً الى واشنطن مفاده ان ايران كانت تعمل على برنامجها الخاص بالاسلحة النووية، وانها كانت ترسل تقنيين الى كوريا الشمالية للمساعدة على إنشاء مصنع سري تحت الارض لتخصيب اليورانيوم وفي 4 مايو/ايار، توقّع ان ترفع الولايات المتحدة التحذير الى اقصى مستوياته من جراء التهديدات الإيرانية المحددة، وفي 20 مايو/ايار أي بعد ثلاثة اسابيع رفعت وزارة الأمن القومي مستوى التحذير الى حده الاقصى، ولكن من دون ان يذكر ايران.
ولاحقاً في 17 مايو/ايار حذر علي بأن الارهابيين المدعومين من الايرانيين كانوا يخططون لاحتطاف طائرات في كندا ووضعها في مفاعل نووي اميركي عند الساحل الشرقي، وبحسب مصادر علي، كان يطلق على المفاعل اسم ((سي أي ايه)) فاستنتج ويلدن انهم كانوا على الارجح يقصدون بذلك سيبروك.
قابل ويلدن تينيت شخصياً ووصف له ما قدمه من معلومات، فقال له ان توقعات علي تحققت في حالات عدة سابقة، وقال تينيت ان الوكالة ستصل اليه، فعيّن كاباس للعمل معه.
بعد بضعة اشهر، عاد ويلدن الى باريس لرؤية علي وسأله ما اذا قابله احد من الـ((سي أي ايه)) فأجاب بالنفي متوتراً، ولكن الفرنسيين ارسلوا شخصاً من قسم مكافحة التجسس في وزارة الداخلية، الـ((دي اس تي)) ووبخوه لتكلمه مع عضو من الكونغرس الاميركي.
غضب ويلدن بشدة، ولدى عودته الى واشنطن، اتصل بتينيت الذي اقر بأن رئيس الشرطة الباريسية فضّل ان يطلب من مراجعه الفرنسية ((استجواب)) علي، كان ذلك البروتوكول متبعاً في البلدان الصديقة، فقال: ((نحن لا ندير أي عملية من دون ان نعلم القسم الضيف بما نقوم به)).
في 22 آب/اغسطس 2003، افادت تورونتو ستار ان السلطات الكندية قد اوقفت لتوها 19 ارهابياً مشتبهاً فيهم لارتكابهم مخالفات لقوانين الهجرة، كان من بينهم رجل يتعلم قيادة الطائرات وكان حلّق وحده فوق مصنع الطاقة النووية في اونتاريو، رأى ويلدن ان التوقيفات جاءت توكيداً لتحذير علي من المؤامرة المعدة للهجوم على مصنع سيبروك.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2003، ارسل ويلدن مذكرة الى رئيس لجنة الاستخبارات الدائمة في البيت الابيض، بورتو غوس الجمهوري من فلوريدا والى نظيره في مجلس الشيوخ، بات روبرتس الجمهوري من كانساس، كتب ويلدن في الرسالة: ((ابعث لكما بهذه الرسالة لتحذيركما بشأن من الاستخبارات في عملية الحدث)) وألحق بالرسالة رزمة من مذكرات علي الكثيرة جداً، مع مذكرة تلخص توقعاته، وربطها بالوقائع التي تأكدت لاحقاً في الصحافة.
ومرة اخرى، قابل تينيت وكاباس وقال لهما: ((علينا اعطاء علي بعض المال، فهو يدفع المال لمن يزوده بالمعلومات هكذا تجري الامور، علينا دفع المال لبعض الاشخاص كي يتجسسوا على بلدهم)).
قال كاباس اخيراً: ((ما علاقة رجلك بمانو شهر غوربانيفار))؟ حينها ادرك ويلدن انه يواجه مشكلة.
كان مانو شهر غوربانيفار، المتداول الايراني بالاسلحة، ضالعاً في فضيحة ايران – كونترا، وقد توقفت الوكالة عن التعامل معه بعد ان فشل في امتحان آلة كشف الكذب، كان غوربانيفار من عرّف ويلدن بعلي م.
قال لي ويلدن ((سألت غوربانيفار عن موضوع كاشف الكذب، قابلته لمدة ست ساعات، وقد اعترف بأنه فشل في امتحان الكذب الذي اجرته له الـ((سي أي ايه)) اتعلم لِمَ؟ لأن الـ((سي أي ايه)) استمرت في طرح الاسئلة عليه كي يقر بهويات مصادره في ايران، قال انه لم يكن يستطيع فعل ذلك)).
في مستهل شهر يوليو/تموز 2004، تلقى ويلدن فاكساً جديداً من علي كتب فيه: لقد اعطى مكتب المرشد الاعلى الضوء الاخضر لأعمال ارهابية كبيرة ضد الولايات المتحدة، ومن الممكن ان تقود تلك العمليات وحدة خاصة تابعة لحرس الثورة ومتخصصة في العمليات الخارجية، اعطى علي اسماء ثمانية اشخاص شاركوا في الاجتماع وتقريراً مفصلاً عما تداولوا فيه.
كان ويلدن غاضباً من عدم قيام تينيت بأي ردة فعل، ازاء ارسال علي له معلومات جديدة عن مكان وجود ابن لادن في ايران، فاتصل بمتصيّد للمكافآت في ويسكونسن، كان الرجل موظفاً متعاقداً سابقاً في الـ ((سي أي ايه)) وكان يعلم كيف يتصرف في الحالات العدائية، فوضعا خطة لتمكينه من الوصول الى ايران من أجل القبض على ابن لادن.
عندما اخبر ويلدن تينيت خطته، ذهل هذا الاخير كل الذهول، فقد كان ويلدن يخطط للسفر بنفسه الى ايران، برفقة متصيد المكافآت، قال علي ان مصادره كانت تبلغه ان الرئيس خاتمي يرغب في وضع حد لابن لادن كي يحسن موقفه الشخصي ضد المتشددين الذين كانوا يؤمنون الحماية لابن لادن وليجبر حرس الثورة على التوقف عن حمايته، اكتفى تينيت بهز رأسه وقال له: ((لا ينبغي ان تتورط في هذا النوع من العمليات)).
كان كلير جورج، مدير العمليات السابق في الـ ((سي آي ايه)) من اصدر امر عدم التعامل مع غوربانيفار، ولكنه دهش عندما سمع قصة ويلدن، ((أظن انني ما زلت محترفاً بما فيه الكفاية كي اقول، ان تدخل احدهم بلا مبالاة قائلاً: ((يمكنني ان اثبت ان ابن لادن موجود في ايران)) فسأهتم بالامر.
كان يعتقد ان المشكلة هي جورج تينيت فقد قال: ((كان تينيت شرطياً ذكياً، هو يمضي وقتاً في التكلم بود مع الرئيس بدلاً من تزويده بالوقائع، وهذا ما مكنه في النهاية من النجاح في مهامه)).

القاضي
كان قاضي مكافحة الارهاب الفرنسي جان لويس بروغيار، على اطلاع مثير للجدل على معلومات عن القاعدة اكثر من أي شخص غربي آخر، فلغاية مارس/آذار 1995 كان قد طلب من الاستخبارات الفرنسية التحقق من منازل ابن لادن الآمنة في بيشاور ومخيمات التدريب خاصته في افغانستان، لقد كان ايضاً الرجل الذي جمع احداثيات القضية القانونية ضد القادة الايرانيين الدينيين المتهمين بقتل المنشقين الايرانيين المقيمين في الخارج، وقد اظهر تحقيقه عند الحدود الفاصلة في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق شهبور بختيار عام 1991 ان المعتدين كانوا يعملون بناء لأوامر السلطات العليا في طهران، ولم يكن بروغيار يشك في تورط النظام في الارهاب.
كان لديه الكثير من المعلومات حول رحلات عملاء القاعدة الى ايران ومنها، خصوصاً بعد احداث 11/9.
وفي رأيه، كان النظام في طهران (يحاول التفكير في المشاركة)) بعمليات القاعدة، كما كان يسعى الى الاشراف على الهجمات الارهابية المحددة وليس الى ادارتها، وكان رجال الدين يريدون ((زيادة التهديدات على الولايات المتحدة واسرائيل)) كما قال لي. وهو إذ لا يشك في دور الدعم الذي أدته إيران في اعتداءات 11/9، لم يجد أي دليل على ان دورهم كان اساسياً في العملية فقال: ((انهم يحاولون الاستفادة من الوضع)).
عزم النظام على المخاطرة على الرغم مما جرى لبختيار وللمنشقين الآخرين، فهو يعتبر ان المنشقين يشكلون مشكلة محلية لا دولية، وقد اعتبر رجال الدين انه من حقهم اغتيال كل من يشكل في رأيهم خطراً على سيطرتهم على الحكم، الا ان الامر كان مختلفاً قليلاً مع القاعدة لقد اعترفوا بخطورة اغضاب النمر، ولم يودوا ان يقبض عليهم في العمليات، لذلك، اوقفوا عام 2003 و2004 بعض اعضاء القاعدة الصغيري الشأن في ايران كي يعطوا انطباعاً بأنهم قد اتخذوا الاجراءات الصارمة، ولكنهم لم يوقفوا مطلقاً عمليات القاعدة المتمركزة في ايران.
لم يلفت احد نظر بروغيار الى مفهوم الـ ((سي أي ايه)) ففي السنوات الخمس عشرة الاخيرة، كان يتوقف مرات عديدة عند عزم الايرانيين على اللجوء الى الجماعات الاسلامية السنية المتطرفة، والعكس صحيح قال: ((القاعدة لا تشكل تهديداً لإيران لأن الايرانيين لا يجدون تعارضاً بين السنة والشيعة)).
في اكتوبر/تشرين الاول 2004 بدأ بروغيار يحقق في موضوع تآمر القاعدة لتفجير كاتدرائية ستراسبورغ في فترة عيد الميلاد عام 2000، ولقد تدرب قائد المؤامرة المزعوم، وهو مغربي اسمه محمد بن زكريا المعروف باسم ميلياني في افغانستان، مع عميلين رئيسيين في القاعدة هما ابو زبيدة وأبو جعفر، ومن بين الكم الهائل من الوثائق التي ارسلها بروغيار الى المدعين، كان هناك نسخ عن جوازات سفره وسجلات سفرياته.
شأنه شأن العديد من عملاء القاعدة الآخرين، سافر إبن زكريا الى اوروبا ذهاباً وإياباً عبر إيران، وهذا ما قامت به المجموعة المغربية التي فجرت قطارات مدريد في شهر مارس/آذار 2004 بغية إخراج الجنود الاسبان من العراق.
وبحسب ما رآه بروغيار، كان الايرانيون يضعون الرهانات، ففي ذلك الحين، لم تكن الاستخبارات فاعلة في قضية تورط ايران في مؤامرة 11 ايلول/سبتمبر شأنها شأن التحذيرات التي سبقت الرحلة تي دبليو ايه 800.
ولكنها تستوجب التحرك الآن.
هامش:
*ان المعلومات التي حصلت عليها الـ((سي أي ايه)) عن الرحلات الى ايران تظهر جلية في مقالة 11/9 وسفر الارهابيين وهي دراسة نشرتها اللجنة في الوقت الذي اصدرت فيه تقريرها. تتناول الدراسة موضوع ((الهجرة المسهلة وأمن الحدود)) في ايران والمطالب التي نقلتها لـ((مهربي الاشخاص)) من أجل تنظيم السفر الى افغانستان ومنها ((عبر ايران)). راجع من بين اشياء اخرى ((اكتشاف الصلة بين مهربي الاشخاص والارهابيين)).

*تمت تصفية الزرقاوي في العام 2006 على يد قوات التحالف والشرطة العراقية وان ما يزعمه المؤلف في شأن تمويل ايران الزرقاوي ورجاله ما يزال موضع شبهة. خصوصاً ان الزرقاوي لم يكن يخفي عداءه لايران وسعيه الى محاربتها.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home