عبدالله بو حبيب: أخطاء سورية الاستراتيجية في العلاقة مع واشنطن
برر الرئيس الدكتور بشار الأسد في خطابه إلى مجلس الشعب السوري في الخامس من آذار (مارس) الماضي تدهور الوضع السياسي في لبنان بالاقرار بأن أخطاء ارتكبت خلال سنوات الوجود السوري في لبنان، من دون ان يفصح عن طبيعة هذه الأخطاء، التي وصفتها الصحافة اللبنانية بأنها متعلقة بالفساد السياسي والمالي لحلفاء سورية اللبنانيين والمسؤولين السوريين الذي تعاطوا في قضايا لبنان السياسية والأمنية والعسكرية.
ومن دون التقليل من أهمية ما ذكرته هذه الصحف اللبنانية، الا اننا نعتقد أن أخطاء سورية التي أوصلت الحال الى ما هي عليه كانت في معظمها استراتيجية ومميتة، وكانت نتيجة رفض دمشق الاعتراف بالمتغيرات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة وعدم رغبتها في تفهم الاجندة الاميركية بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 مما أدى الى تدهور علاقاتها مع واشنطن. وفي الحقيقة، وكما يدّعي السوريون، فإن التغيير في السياسة الاميركية تجاه سورية ساهم إلى درجة كبيرة في قرار «أصدقائهم» اللبنانيين تبديل مواقفهم.
واشنطن بعد 11 أيلول
إرتكبت الأخطاء السورية الاستراتيجية في زمن تغيير جذري في سياسة أميركا الدولية والشرق أوسطية. اذ باتت واشنطن مدركة أكثر بعد أحداث 11 أيلول 2001 بعظمتها وبقوتها الاقتصادية والعسكرية، فهي «أقوى وأعظم ما أفرزته الكرة الأرضية في التاريخ». وأصبحت واشنطن مقتنعة أكثر من أي وقت مضى بأهمية استخدام جبروتها عند اللزوم من اجل حماية أرضها ومواطنيها ودعم مصالحها الاقتصادية والايديولوجية في العالم.
تغيرت سياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط تدريجاً من قوة تحافظ على الوضع القائم (status quo) إلى عامل تغيير وإصلاح. وتخلت واشنطن عن اقتناع تاريخي شارك فيه العرب وأصدقاؤهم في الخارجية الاميركية، وهو ان إسرائيل هي سبب قيام الإرهاب الإسلامي والعربي. وباتت واشنطن تعتقد بأن الأنظمة العربية نفسها هي سبب النمو في الحركات الإرهابية التي ولّدت إرهابيين أمثال أسامة بن لادن، وإن انعدام الديمقراطية والحرية في هذه البلدان، هو سبب امتداد الحركات الأصولية والإرهابية مثل «تنظيم القاعدة»، وإن طبيعة الانظمة العربية التعسفية تولد المشاكل لأميركا في المنطقة وحول العالم. كما ان حماية واشنطن لهذه الأنظمة الصديقة تولد مناخاً معادياً لواشنطن في العالمين العربي والإسلامي.
وأنهت المبادىء الجديدة لإدارة الرئيس جورج بوش سياسة «العصا والجزرة» التي اعتمدتها الإدارات السابقة واصبح العالم مع جورج بوش «ابيض أو اسود»، وعلى دول العالم وقياداته إما أن تكون إلى جانب أميركا أو ضدها، وأن تلتزم الدول العربية الصديقة لواشنطن إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وأن تحترم حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الأقليات والحرية الدينية وتشملها في برامجها الاصلاحية.
بكلام آخر، أصبحت المبادئ والعقائد السياسية التي دعا إليها المحافظون الجدد منذ سنوات وسخرت منها الإدارات السابقة السياسة الرسمية للولايات المتحدة اليوم. واعتقد المحافظون والليبراليون الذين رسموا السياسة الخارجية الاميركية في العقود السابقة بأن إدارة بوش الثانية قد تشهد اعتدالاً في السياسة الخارجية، لكنهم أخطأوا في ظنهم ان المحافظين الجدد في إدارته هم الذين يرسمون سياسته الخارجية. اذ أصبح ظاهراً إن بوش نفسه هو قائد المحافظين الجدد، وليس نائب الرئيس ديك تشيني أو وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وأزال تعيين كوندوليزا رايس في وزارة الخارجية القلعة الأخيرة للواقعية (realpolitic) في السياسة الخارجية الاميركية، كما إن تعيين جون بولتون لرئاسة البعثة الاميركية إلى الأمم المتحدة وبول وولفوويتز لرئاسة البنك الدولي إشارة واضحة إلى العالم باستمرار سياسة «معنا أو ضدنا». ولكن من خلال الديبلوماسية والاقتصاد عوض التهديد بالحرب.
العلاقات الاميركية - السورية
كان الرسميون السوريون يدّعون باستمرار امام اصدقائهم اللبنانيين وغيرهم بأن العلاقات السورية - الاميركية «هي أحسن من الظاهر». وكان بعض أصدقاء سورية في لبنان يرددون هذه الادعاءات بوجود اقنية سرية بين دمشق وواشنطن ويصفون بحماسة حاجة أميركا الى سورية إذا أرادت واشنطن أن تنجح في المنطقة.
ولم ينقطع ً الديبلوماسيون السوريون يوماً عن وصف العلاقات بين البلدين بأنها «عادية» حتى عندما كان يملي الاميركيون على دمشق ما الذي عليها ان تقوم به إذا أرادت تجنب غضب أميركا. وأغضب ديبلوماسيون سوريون زملاءهم الاميركيين عندما وصفوا اجتماع مسؤولين اميركيين بالرئيس بشار الأسد بـ»الودي والمثمر» فيما كان الاميركيون يصفونه بالصعب «وعلينا أن ننتظر ونرى ماذا سيحدث.»
وعندما اعتبرت واشنطن في الربيع الماضي أن دمشق غير قادرة او غير راغبة في ان تفهم السياسة والأجندة الأميركية في المنطقة، قبلت مستشارة الأمن القومي يومذاك، كوندوليزا رايس، دعوة السفارة اللبنانية في واشنطن لحضور تكريم وزير الطاقة الاميركي من اصل لبناني وقرأت بياناً رسمياً تحدى سورية التدخل في الانتخابات الرئاسية اللبنانية. كانت الزيارة تعبيراً عن تغيير في سياسة واشنطن ورسالة إلى دمشق بأن أميركا لن تتسامح بعد اليوم مع التدخل السوري في لبنان الذي استمر ثلاثة عقود. بكلام آخر، كانت واشنطن تنبه سورية الى تغيير سياستها في لبنان من «ضوء اصفر» إلى «ضوء احمر». ودل قيام رايس شخصياً بتسليم الرسالة على التزام بوش هذا التغيير في سياسة أميركا تجاه لبنان وسورية.
كان من المستحسن لو استدرك الديبلوماسيون السوريون (واللبنانيون) في واشنطن حال التدهور في العلاقات بين البلدين خصوصاً بعدما وافق الكونغرس الاميركي على «قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان» في ربيع 2003. كان عليهم ان ينقلوا إلى دمشق ان ليس هناك أصدقاء لدمشق في واشنطن وان انتقاد سورية في العاصمة الاميركية هي سياسة رابحة. ولكن يبدو ان هؤلاء الديبلوماسيين اغفلوا رسائل الإنذار التي كانت واشنطن تبثها الى دمشق، فاغضبوا زملاءهم في الخارجية الاميركية وخسروا دورهم كوسيلة لنقل رسائل ديبلوماسية.
الاخطاء السورية
وقبل البدء بتعداد الأخطاء التي ساهمت في تدهور العلاقات بين البلدين، من المهم أن نتذكر بعض الوقائع السابقة لعهدي الرئيسين جورج بوش وبشار الأسد والتي هيأت المناخ لخسارة سورية موقعها المفضل عند واشنطن بعدما وصل بوش إلى الرئاسة الاميركية في 20 كانون الثاني (يناير) 2001.
تتعلق الحادثة الاولى بعرض بيل كلينتون وايهود باراك في ربيع 2000 في جنيف اعادة مرتفعات الجولان (ما عدا اقل من 100 متر مربع حول بحيرة طبرية) الى سورية في مقابل السلام. وقد فشل الاجتماع لأن الرئيس الراحل حافظ الاسد رفض العرض من دون ان يعطي عرضاً آخر للوصول الى سلام دائم بين سورية وإسرائيل، فاعتبرت إدارة كلينتون، ومن بعدها ادارة بوش، ان هذا التصرف يعني ان سورية لا تكترث لعودة مرتفعات الجولان وللسلام مع اسرائيل. وبقي هذا الانطباع مخيماً على إشارات السلام التي أطلقها الدكتور بشار الأسد خلال العامين السابقين.
والحادثة السلبية الثانية تتعلق بسحب السفير السوري وليد المعلم من واشنطن. اذ كان المعلم، بعد حوالى عقد من المفاوضات مع فريق الرئيس كلينتون، صديقاً حميماً لهذا الفريق الذي كان يتألف من دنيس روس ومارتين انديك وآرون ميلر. وعلى رغم ان المتعارف عليه ان إعادة سفير ما إلى بلده شأن وطني وداخلي، الا أن الإشاعات التي أحاطت بنقل المعلم إلى دمشق عزت هذا القرار إلى صداقته الحميمة مع الاميركيين الثلاثة وجميعهم ينتمون إلى الطائفة اليهودية.
اما الأخطاء الاستراتيجية التي حصلت مع إدارة بوش، فيعود أولها إلى زيارة كولن باول إلى دمشق في ربيع 2001 لبحث قضية العراق مع الرئيس السوري. اذ إن حرب العراق لم تنته مع هدنة 1991، بل استمرت مع إدارة كلينتون الذي استعمل في الشهور الاخيرة لعهده سلاح الجوي لضرب مراكز عسكرية في العراق بعدما تجرأ صدام واطلق قذائف مضادة للطائرات على دورية اميركية جوية.
وكان بوش بدأ بالاهتمام بالعراق منذ بداية عهده، ولذلك كانت زيارة باول لدمشق تهدف إلى اقناع سورية بالوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في حربها المستمرة على العراق. وكان باول يهدف إلى تكرار ما حققه سلفه جيمس بايكر (وزير خارجية بوش الاب) الذي نجح عام 1990 في إقناع الرئيس حافظ الأسد بالتحالف مع واشنطن في الحرب ضد صدام. وكان باول ايضاً يحتاط من صقور إدارة بوش الذين اعتبروا ان سورية سيئة مثل العراق.
اجتمع باول بالرئيس السوري بشار الأسد وطلب منه أن تتوقف سورية عن استيراد النفط العراقي خارج برنامج «النفط مقابل الغذاء» الذي تديره الامم المتحدة. وكان شاع ان دمشق تشتري من بغداد بحسم كبير نحو 200 ألف برميل من النفط يومياً للاستهلاك الداخلي وتبيع كمية مماثلة من إنتاجها بسعر السوق. وكانت واشنطن تهدف إلى وقف وصول العملات الصعبة إلى صدام حسين.
اعتبر باول ان الاجتماع كان جيداً اذ وعده الأسد بوقف استيراد النفط العراقي. ولما كان ذلك سيؤدي إلى خسارة سورية مالية كبيرة تراجعت دمشق لاحقاً عن قبول الطلب الاميركي وطلبت معاملتها مثل الأردن وتركيا اللذين يشتريان النفط العراقي للاستهلاك الداخلي خارج برنامج الأمم المتحدة. لكن واشنطن لم تقبل هذا التبرير واعتبرت ان الرئيس الأسد، عكس والده الراحل، لم يعط الأولوية لمصلحة نظامه وإنما للأقوياء في نظامه الذين يستفيدون من العمليات التجارية مع العراق.
الى ذلك، فان منافسي باول في البيت الأبيض ووزارة الدفاع (المحافظون الجدد) هزأوا منه واتهموه بتكرار اخطاء ورن كريستوفر (وزير خارجية كلينتون في إدارته الأولى) الذي قام بزيارات عدة غير مثمرة لدمشق. اذ إن المحافظين الجدد كانوا (وما زالوا) يعتقدون بأن زيارة دمشق مضيعة للوقت. وعلى رغم التعاون الايجابي بعد 11 أيلول 2001 بين أجهزة استخبارات البلدين، إلا إن الزيارات اللاحقة لباول وغيره من الرسميين الاميركيين لدمشق كانت لإملاء مطالب اميركية وليس للتحاور مع القادة السوريين، ولذلك لم ينجح أي منها.
الخطأ الاستراتيجي الثاني يتعلق بزيارة البابا الراحل يوحنا بولس السادس لدمشق في ربيع 2001. عندما القى الرئيس الاسد خطاباً ترحيبياً وصف بأنه عنصري ومعاد للسامية، ولم يعط الرئيس السوري حقه لاحالة كاتب الخطاب الى التقاعد. وفي واشنطن حيث اللوبي اليهودي اقوى واكبر قوة سياسية مؤثرة في واشنطن، لا ينسى المؤثرون في سياسة اميركا الشرق اوسطية هذا الخطاب.
والخطأ الثالث يتعلق بالحرب الاميركية على العراق. كانت سورية معارضة للحرب كما فرنسا والمانيا. لكن المقارنة تنتهي هنا. ففيما للولايات المتحدة علاقات استراتيجية اخرى مع الحليفين الاوروبيين غير الصديقين، كانت سورية على لائحة الاعداء. ان قانون محاسبة سورية كان قد مرّ في الكونغرس وصدقه الرئيس بوش. كما ان سورية كانت على لائحة البلدان «الداعمة للارهاب» منذ اوائل الثمانينات. لذلك فان انتقادها لحرب واشنطن على العراق خصوصاً ما جاء في مقابلة الرئيس الاسد مع جريدة «السفير» اللبنانية في 27 آذار (مارس) 2003، لاقى الغضب الاميركي القوي. وتوقع المسؤولون السوريون بأن اميركا ستواجه في العراق مقاومة مماثلة لتلك التي واجهتها اسرائيل في لبنان بعد اجتياح عام 1982. ولما كانت دمشق حمت ودعمت المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي الطويل للبنان، فان التصريحات السورية انطوت على تهديد بدعم المقاومة العراقية. ولذلك، وعلى رغم عدم وجود أدلة دامغة على دعم سوري مؤثر للمقاومة العراقية، استمرت واشنطن باتهام دمشق بدعم هذه المقاومة وبإيواء وحماية عراقيين من نظام صدام، اضافة الى الدعم المالي الذي يصل الى المقاومة عن طريق سورية. ان محاولة دمشق لارضاء الولايات المتحدة هنا وهناك لم تعط ثماراً. كذلك قيام سورية باعتقال الأخ غير الشقيق لصدام حسين وتسليمه لم يلق اشارة شكر من واشنطن.
والنقطة الرابعة تتعلق بمزيج من علاقات دولية وشؤون لبنانية محلية. اولاً، ان علاقة سورية بأميركا كانت تتدهور باستمرار منذ بداية عهد جورج بوش. ثانياً، ان رئيس الحكومة رفيق الحريري كان صديقاً حميماً للرئيس الفرنسي جاك شيراك. لذلك، فإن ارغام رفيق الحريري على الاستقالة من رئاسة الحكومة بعد ان دعم مكرهاً تمديد ولاية رئيس الجمهورية لثلاث سنوات خطأ سوري استراتيجي.ان سورية، بعد انتهاء الحرب الباردة، ليس عندها ترف معاداة واشنطن وباريس ونفوذها الاوروبي في الوقت نفسه، ولذلك لقد كان اغتيال رفيق الحريري هدية من الله للمعادين للنظام السوري.
والخطأ الاساس الخامس ايضاً يتعلق بتجاهل سورية التوازن الجديد للقوى الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة. فلأن روسيا والصين تعطيان الاولوية لمصالحهما الاقتصادية، فإن اتفاق الدول الغربية على قضية ما، يحصل على دعم واسع من المجتمع الدولي. لذلك كان على سورية ان تبدل استراتيجيتها المتعلقة بانتخابات الرئاسة اللبنانية بعدما وصل اليها الخبر في آب (اغسطس) الماضي عن اتفاق واشنطن وباريس لمنعها من التدخل في انتخابات الرئاسة اللبنانية. لكن دمشق بررت موقفها بأن هذه القضية تتعلق فقط بلبنان وسورية بموجب معاهدة «الاخوة والتعاون والتنسيق» لعام 1991 التي حلت مكان التكليف الذي اعطته الجامعة العربية وواشنطن لدمشق عام 1976 خلال الحرب اللبنانية. ومددت واشنطن ذلك الانتداب خلال فترة الحرب العراقية 1990/1991 ليشمل كل لبنان في مقابل تحالف سورية مع واشنطن في الحرب ضد صدام حسين.
اما الخطأ الاستراتيجي الاخير فيتعلق بوجود القوات السورية واستخباراتها في لبنان ما عدا الجنوب. سحب الرئيس بشار الاسد ما يزيد على 60 في المئة منها منذ استلامه الحكم في صيف 2000. لكن هذه القوات بقيت في معظم الاراضي اللبنانية بعكس ما اوصى اتفاق الطائف، فيما التعاون الوثيق بين المؤسسات الامنية والعسكرية في البلدين كان يسمح لدمشق بتطبيق الطائف من دون الخوف على امنها او امن لبنان. وعلى رغم الانزعاج المتزايد للبنانيين من التدخل السوري في تفاصيل صغيرة لشؤون بلدهم السياسية والادارية والاقتصادية، الا ان الشعور العام عند معظمهم كان متسامحاً مع وجود سوري في البقاع بحسب اتفاق الطائف وبطريقة مماثلة للوجود الاميركي في اوروبا واليابان. لكن مرة اخرى، بينما كان من مصلحة سورية العليا ان يطبق الطائف في ما يتعلق بالوجود السوري في لبنان، الا ان مصالح اصحاب النفوذ في النظام السوري املوا، كما يبدو، ان تبقى متورطة في الحياة اليومية للدولة اللبنانية.
خلاصة واستنتاج
اعلنت سورية انها ستنفذ قرار مجلس الامن 1559 قبل آخر نيسان (ابريل) الجاري. تقدمت بهذا القرار باريس وواشنطن من اجل منع سورية ومجلس النواب اللبناني من تعديل الدستور والتمديد ثلاث سنوات للرئيس اميل لحود. وفيما يبدو ان باريس مستمرة في التركيز على قضايا لبنان الداخلية، يبدو ان هدف واشنطن تبدل تدريجاً ليصبح لبنان مثالاً للتغيير الديمقراطي المنشود في العالم العربي، بعدما بدا ان التغيير الديمقراطي في العراق عملية طويلة الامد بسبب غياب الثقافة الديمقراطية ولعدم اشتراك الطائفة الاسلامية السنية في انتخابات كانون الثاني (يناير) الماضي.
ومن الافضل لسورية ان تخرج من لبنان بسرعة لتفادي خسائر اكثر. كذلك، على النظام السوري ان يعيش اربع سنوات مع اميركا بقيادة جورج بوش. ولذلك من المستحسن ان تركز دمشق على كيفية التعامل مع بقية المطالب الاميركية لان ارضاء واشنطن بتطبيق 1559 سيكون موقتاً. اميركا تريد من سورية ان توقف استضافتها ودعمها للمنظمات الفلسطينية والتعاون معها في شأن احتلالها للعراق. وعلى رغم انه سيكون من الصعب على دمشق ايديولوجياً وسياسياً التخلي عن دعم المقاومة في فلسطين والعراق، الا انه ليس من الاكيد ان انعدام الدعم السوري سيضعف المقاومة في البلدين. اضافة الى كل ذلك، على دمشق ان تبدأ بالتفكير جدياً بالاصلاحات السياسية والاقتصادية المنشودة.
ان سورية في حاجة الى ان تعالج كل هذه القضايا بخطة مدروسة تحسّن صورتها داخلياً واقليمياً ودولياً. اذ ان القبول بالضغوط الخارجية باستمرار وبصورة تدريجية يضعف النظام السوري، لذلك عليها ان تبني خطة محكمة تخرجها من حال التردد والارتباك التي سببها تراكم الاخطاء الاستراتيجية.
سفير لبنان السابق لدى الولايات المتحدة ومسؤول كبير في البنك الدولي سابقاً ومستشار نائب رئيس الحكومة اللبنانية حالياً.
0 Comments:
Post a Comment
<< Home