Thursday, October 19, 2006

الأكاديمي اللبناني طالب بإعادة النظر في ستراتيجيات المواجهة مع الدولة العبرية

الأكاديمي اللبناني طالب بإعادة النظر في ستراتيجيات المواجهة مع الدولة العبرية
محمد علي مقلد لـ "السياسة": "حزب الله" أدخل لبنان في مغامرة خاسرة.. وحربه شقت الصفوف
الدكتور محمد علي مقلد
بيروت- من صبحي الدبيسي:السياسة 20/20/2006
رأى أستاذ الحضارة والقضايا العربية المعاصرة في الجامعة اللبنانية, الدكتور محمد علي مقلد.. أن المقاومة لم تحظَ بالإجماع اللبناني والعربي اعتراضاً على البرنامج السياسي الذي اتبعته في مواجهة إسرائيل وأثبت فشله من أيام صواريخ »ميس ميس« لأن لغة الصواريخ غير مجدية والمواجهة الناجحة هي المواجهة بالسلاح الأبيض المباشر لا بالطيران ولا بالدبابات التي لا نملكها وهي التي غيرت موازين القوى...
كلام الدكتور مقلد أتى في سياق حوار أجرته معه "السياسة", طالب فيه بإعادة النظر في ستراتيجيات المواجهة مع العدو, وأن يكون »حزب الله« قائداً لحركة التحرر في الوطن العربي لا أن يكون جزءاً منها بقيادة سورية, لأن النهج السوري لم يكن ناجحاً لا في الجولان ولا في لبنان. كاشفاً أن سورية منعت الحزب الشيوعي من المقاومة, لأنه رفض الانخراط في المعركة ضد المخيمات الفلسطينية ما عرضه لمجموعة من الاغتيالات طالت عدداً من قياداته.
ورأى أنه بعد هذه الحرب أصبح من الصعب على »حزب الله« القيام بعملية عسكرية في المدى المنظور, لأن هذا الحزب أدخل لبنان في مغامرة خاسرة شاء ذلك أم أبى وهذه المغامرة دمرت »حزب الله« قبل سواه ولا يمكن أن نسمي الأسلوب الذي استخدمه بالانتصار بمعزل عن النقاش الدائر, لأن إسرائيل لا تزال تحتل أراضينا وتخرق حرمة أجوائنا ومياهنا.
الدكتور مقلد, أشار إلى أن الحرب لم تحقق شيئاً بيننا وبين إسرائيل, لكنها في لبنان أقامت شرخاً بين اللبنانيين لم يكن موجوداً قبل الألفين. ومن المؤسف أن القوى السياسية اللبنانية لا تتعلم الدرس إلا بعد أثمان باهظة, مطالباً بإعادة النظر في المواقف الإيجابية لكل من وليد جنبلاط وسمير جعجع وسعد الحريري. وإن الأفرقاء السياسيين لم يكونوا صادقين على طاولة الحوار بدليل تنصل البعض من النقاط التي اتفقوا عليها. متسائلاً كيف نفاخر بالنقاشات والنقد الذاتي الذي يجري داخل إسرائيل ولماذا يحاول »حزب الله« أن يقنعنا بما لا يمكن أن نقتنع به?
وفي مايلي نص الحوار:
بصفتك مدرس مادة الحضارة العربية نود أن نسألك ماذا بقي من هذه المغامرة, وهل من خطر عليها?
بقي من الحضارة العربية, كل ما أنجزته هذه الحضارة, لم يندثر منها شيء, لكن, كل الحضارات في التاريخ لها حدودها التاريخية وأحياناً الحضارة تتجاوز البعض ولكن لا تلغي البعض. إنها تعتمد على بعضها البعض كسباق البدوي, كل واحد يحمل الراية, وراء الآخر, فأنجزت الحضارة العربية كما أنجزت الحضارة اليونانية, والحضارة الرومانية, والحضارة الفارسية, وكل الحضارات في التاريخ ولا يستطيع أحد أن يلغي حضارة أحد.. وقد نستفيد منها. ولكننا من الناس الذين لم يستفيدوا من حضارتهم القديمة, لأننا ضيعنا حضارتنا وجعلناها تندثر, لأننا لم نستطع أن نبني عليها لنجددها وأفضل طريقة للاستفادة من حضارتنا, هي أن نبني فوق المدماك الذي بنته أجيال قديمة من شعوبنا, يعني أن نجدد هذه الحضارة وهذا ما لم نفعله.
في رأيك هل للحدود الجغرافية تأثير.. وهل الأنظمة المتعاقبة مسؤولة عن عدم الحفاظ على تلك الحضارة?
إذا كنت تعني بالسؤال ما أفضت إليه إتفاقية "سايكس بيكو" أعتقد أن الأمر يعني ذلك, لأن من يقرأ تاريخ أوروبا قبيل هذه التحولات نحو الحضارة الحديثة, يجد أن أوروبا كانت بحالة شبيهة إن لم تكن متطابقة لحالتنا, في بنيتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية, لم يبق من هذه النماذج الكبرى في أوروبا أي مملكة وأعيد تعديل جغرافيتها وحدودها أكبر مملكتين في أوروبا كانت مملكة إسبانيا ومملكة النمسا لم يبق منهما إلا حدودهما الحالية. أعيد تركيب جغرافية أوروبا استجابة لمصالح النظام الرأسمالي الجديد وبلادنا أعيد تركيبها استناداً إلى ما كان قائماً, الاستعمار لم يفعل شيئاً من لا شيء. الكيانات كانت موجودة. بلا الشام, العراق, الجزيرة العربية, ما حصل تعديلات طفيفة كانت ولاية دمشق ولاية الموصل, ولاية حلب, ولاية بيروت. الاستعمار جعل من كل ولاية جمهورية أو مجموعة ولايات جعلهم جمهورية, نحن اعتقدنا أن المشكلة الأساسية هي تأسيس جمهوريات وكان علينا أن نبني وطناً عربياً واحداً. وطبعاً الذين يطالبون بالوطن العربي الواحد حاولوا بناءه لكن الحركات القومية لم تستطع أن تحافظ على وحدة بلدانها وليس على وحدة العالم العربي.
هل هناك استحالة في تحقيق ذلك?
هناك استحالة في ظل القيادات العربية الراهنة, لكنها ليست مستحيلة, وهذه أوروبا بعد أن تقسمت عادت للتوحد مرة أخرى بصيغ بطيئة ولكنها ثابتة, هناك وحدة سياسية واقتصادية, والمجلس الأوروبي الذي اجتمع واستمع لكلمة الرئيس فؤاد السنيورة إحدى صيغ التوحيد بطيئة جداً, لكنها ثابتة. حين تترسخ القلوب عند شعب من الشعوب يصل إلى ما يريد.
التعاطف العربي مع لبنان هل تعتقد بأنه يؤسس لوحدة عربية قد تظهر في المستقبل القريب?
أعتقد ما حصل في الفترة الأخيرة ليس تعاطفاً مع المقاومة, حصل إجماع لبناني مع إجماع عربي مع إجماع دولي في الألفين عندما حررنا الجنوب اللبناني, لكن في المعركة الأخيرة لم يحصل تعاطف مع المقاومة لا في لبنان ولا في العالم العربي ولا في العالم.
لماذا?
بتقديري اعتراض هؤلاء الذين لم يجمعوا على دعم المقاومة, اعتراضاً منهم على البرنامج السياسي الذي اتبعته المقاومة في مواجهة إسرائيل وأنا واحد من الذين اعترضوا, لكن المقاومة في النهاية مهما أخطأت تبقى أولى بالاحتضان ونحن مطالبون شئنا ذلك أم أبينا بأن نقف ضد العدوان الإسرائيلي, لأن إسرائيل عدو وبعد أن انتهت الحرب علينا مناقشة هذه الحرب, لأن هذه السياسة في مواجهة العدو أثبتت فشلها من أيام ما كنا نقول في لبنان "صواريخ ميس ميس". يعني مواجهة بالصواريخ وصولاً إلى صواريخ لبنان حيفا. لغة الصواريخ من بعيد غير مجدية, أثبتت المواجهة مع إسرائيل منذ الثمانينات حتى اليوم المواجهة الناجحة هي المواجهة بالسلاح الأبيض المباشر لا بالطيران, لأننا لا نملك طيراناً ولا بالصواريخ, لأن لديهم صواريخاً أقوى من صواريخنا وطيراناً أقوى من طيراننا, ولا بالدبابات لأن ليس عندنا دبابات, إذن السلاح الأبيض جندي مقابل جندي هو المحل الوحيد الذي انتصرنا فيه, السؤال هل تسمح لنا إسرائيل دائماً أن نختار شكل المواجهة? يبدو لم تسمح بذلك. استمرت بقتالنا من الجو وفي الوقت الذي سمحت لنا فيه تكبدت خسائر هائلة. إذاً يجب إعادة النظر في ستراتيجيات المواجهة, وكما قلت ذات مرة لقياديي »حزب الله«. نحن مطالبون بأن يكون »حزب الله« هو قيادة حركة التحرر في الوطن العربي, لأن نهج المواجهة التي قام بها قبل الألفين هي الأساس وبالتالي عليه هو أن يكون قائد حركة التحرر, لا أن يكون جزءاً من حركة التحرر بقيادة سواه وأعني هنا سورية النهج السوري في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لن يكون ناجحاً لا في الجولان ولا في لبنان, في الجولان لا يزال الجولان محتلاً. وفي لبنان وبلسان عبد الحليم خدام كان حافظ الأسد والنظام السوري يبتز إسرائيل في لبنان والمواجهة بالنسبة إليه ليست في التحرير بالإبتزاز, نحن مطالبون لنبني نهجاً للمواجهة لنحرر لا لنبتز من أجل تسوية ما.
هل نستطيع كلبنانيين على الصمود والمواجهة من دون مساعدة الآخرين?
لا.. طبعاً, هذا وهم أن يتخيل أحد في الكرة الأرضية أنه قادر أن يعمل »دون كيشوت«, نحن ربحنا الحرب قبل الألفين بمساعدة سورية وبمساعدة إيران ومن يعتقد خلاف ذلك, يجافي الحقيقة. إذا كان تحرير فلسطين انطلاقاً من لبنان, أيضاً أعتقد بأنها تجربة فاشلة. بإمكاننا أن نساعد القضية الفلسطينية بالحدود التي يتقبل بها الشعب الفلسطيني المساعدة, وبالحدود التي يستطيع فيها الشعب اللبناني أن يتقبل المساعدة وليس بالوهم القديم, في الماضي كان ظهرنا محمياً من هنا إلى الإتحاد السوفياتي, اليوم من يحمينا? سورية? هي الأخرى بحاجة لمن يحميها.. بهذا المعنى علينا أن نعتمد على الآخرين, وعلينا أن نحدد ما هو البرنامج السياسي الذي بإمكاننا أن نطالب الآخرين بمساعدتنا في ضوئه.
لماذا تفرد »حزب الله« بالعمل المقاوم, هل بسبب نقص في وطنية باقي اللبنانيين, أم للإستفادة بالدعم المالي الخارجي الذي أمن له ازدهاراً في كل مناطق تواجده حتى أصبح دولة ضمن الدولة?
في البداية من الصعب على الطوائف أن تقاوم »حزب الله« ليس طائفة, إنه قوة سياسية لها برنامجها. والبرنامج في أصله ينص على قيام دولة إسلامية, مثله مثل كل المجموعات الإسلامية في هذا العالم العربي والإسلامي, على أساس هذا الشعار حصلت معركة في الجنوب. وكان الصراع يومها سوري-إيراني, استقرت الأمور على تسوية يوماً ما قضت بتخلي »حزب الله« عن شعار الدولة الإسلامية مقابل حصته في السلطة السياسية اللبنانية وفي المقاومة على أن تستفيد سورية وإيران من مقاومته. وهذا ما حصل سنة 1989-.1990 قبل ذلك كان »حزب الله« قد استفرد في المقاومة آنذاك, لأن قبل الحزب كانت مجموعة الأحزاب الوطنية بالرغم من تفاوت مساهماتهم. هذه الأحزاب بدأ يتراجع دورها في المقاومة منذ العام 1985 وفي العام 1987 اتخذ قرار بوقفه لأن سورية طلبت من الحزب الشيوعي الانخراط في معركة ضد المخيمات الفلسطينية رفض الحزب الشيوعي ذلك, عوقب على هذا الرفض واستمرت المعاقبة إلى أن انهارت كل علاقات الحزب الشيوعي مع السوريين وحلفاء سورية, خصوصاً مع حركة "أمل" في بيروت أثناء المعركة الشهيرة بين "أمل" و"الشيوعي" حصل على أثرها مجموعة اغتيالات استهدفت قيادات في الحزب الشيوعي. وربما من الصدف أو غيرها أن إسرائيل أغارت على أكثر من مكان قيادي للحزب الشيوعي وتحديداً في مقر قيادته في الرميلة, ولقد قيل للحزب الشيوعي بطريقة من الطرق ممنوع المقاومة لا سيما وأن الحزب كان على استعداد لمتابعة مقاومته باستقلال كامل عن ستراتيجيات التسوية. وفي هذا السياق لا أبرئ »حزب الله« مما حصل وأقله كانت مسؤوليته أن لا يرضى كونه حريص على المقاومة بدليل بعد توقف أعمال المقاومة الشيوعية ضد إسرائيل حاول »حزب الله« حثيثاً أن يستعيد دور الشيوعيين ضد إسرائيل بصيغة معينة وقيادة موحدة وجرت مساعٍ صادقة لإعادة الاعتبار للمقاومة كحركة مسلحة لبنانية الطابع ولم تنجح هذه المحاولات, لأنه كان قد سبق السيف العزل.
في المعركة الأخيرة, لماذا لم تعلم بقية الأطراف اللبنانية بما حصل, لماذا حصل التفرد في القرار بعضهم أطلق عليه مغامرة والبعض الآخر اعتبرها دعسة ناقصة, هل كانت ضرورية هذه المعركة من وجهة نظركم?
جواباً على هذا السؤال كتبت منذ فترة مقالة في جريدة "البلد" تحت عنوان "انتصار بين مزودجين كان يمكن تفاديه". والحقيقة هذا السؤال يجب أن يطرح على »حزب الله«, جوابنا سيكون بالتقديرات واستناداً إلى ما قاله مسؤولو »حزب الله« والسيد حسن تحديداً, لم يكن »حزب الله« يحاول إرباك الوضع السياسي الداخلي في لبنان ويحرك الحوار الداخلي الذي كان على جدول أعماله البحث في ستراتيجية الدفاع, على أساس بعد هذه العملية ينطلق البحث في ستراتيجية الدفاع ينطلق من نصر ما.. يمكن أن يحققه »حزب الله« على إسرائيل وبالتالي زيادة الفرص لتثبيت سياسته بمواجهة إسرائيل. لم يكن »حزب الله« متوقعاً لما حصل كانوا يتوقعون الرد بالقصف ويتوقف بعدها يتدخل فريق ثالث يتولى المفاوضات لتبادل الأسرى. هذا لم يحصل, إذا سألتني لماذا فعل »حزب الله« ما فعله أقول بأنه من الطبيعي بألا يخبر أحداً. ومثل هذه الستراتيجية المبنية على الكتمان وعدم الثقة بالقوى السياسية الأخرى في هذا الموضوع, القوى السياسية الأخرى تبدو مرتبكة أحياناً يتحالفون معها. تحالفوا في الانتخابات وبعدها فرطت السبحة, هذه الثقة المزعزعة لا تستقر على قرار من الطبيعي أن لا يكون »حزب الله« على ثقة بهؤلاء, خاصة وأنه يتهمهم بإدارة آذانهم للصهيونية والاستعمار والمجتمع الدولي.
في رأيك, هل أصبح »حزب الله« أسير الجهة الداعمة له, لدرجة أن قراره لا يستطيع أن يقرره بمفرده, وهل تتوقع أن يطلب بعد فترة القيام بعملية ما?
في تقديري, أصبح من الصعب على »حزب الله« أن يقوم بعملية عسكرية في المدى المنظور, وأنا أستند على التصريحات التي قيلت خلال الحرب: "هذه المعركة هي آخر المعارك بيننا وبين إسرائيل", هذا الكلام للسيد حسن في إحدى كلماته خلال العدوان. إسرائيل أيضاً قالت في أثناء ذلك لن نوقف إطلاق النار مع »حزب الله« لأننا لن نكرر الحرب مرة أخرى ورغبتهم أن تكون هذه الحرب آخر الحروب. كأن ظروفاً موضوعية ما تتجمع في مكان لما لتنضج تسوية لوقف الحرب أو هدنة لا أكثر ولا أقل, والهدنة هي تعبير لموازين القوى. حالما يتغير ميزان القوى عند أحد الطرفين تنكسر الهدنة. من اليوم ولأجل غير منظور ليس هناك احتمال لكسر موازين القوى لصالح »حزب الله« ونهج »حزب الله« ضد إسرائيل, إلا إذا كان كسر الهدنة هو المفتاح لتغيير موازين القوى وهذا يتطلب تغيرات في المنطقة ولست أعرف مدى استعداد المنطقة لهذه التغيرات. يقال مثلاً: إذا سورية كانت محشورة في المحكمة الدولية, يمكن أن تقوم بمعركة في الجولان عندها يكون الأمر مفتوحاً على احتمالات انفجار إذا كان »حزب الله« سيساعد سورية على ذلك, لكن هذا الموضوع مستبعد في الوقت الراهن.
ما الخلاصة التي خرجت بها بعد خطاب السيد حسن نصر الله الأخير?
إذا أجزت لنفسي أن أكرر ما استخلصته منذ أكثر من عام غداة اغتيال الشهيد رفيق الحريري وقلت ما هو مطلوب من »حزب الله« ومن الآخرين, وما هو المطلوب من الشيعة ومن حركة "أمل" و»حزب الله«, وأكرر ذلك اليوم. نحن دخلنا في الجنوب اللبناني وأدخلنا لبنان في مغامرة شاء »حزب الله« ذلك أم أبى, هذه المغامرة بمعنى من المعاني مغامرة تدميرية تدمر »حزب الله« ولا تدمر سواه, لأنها مغامرة من دون أفق, نحن لسنا قادرين بالأسلوب الذي استخدمه »حزب الله« على الانتصار على إسرائيل, فإذا لم نكن قادرين على الانتصار, بمعزل عن النقاش الدائر حول النصر, أقله نحن لم ننتصر, لأن إسرائيل ما تزال موجودة في أراضينا وتخرق الأجواء والمياه, فإذا لم نكن قادرين على الانتصار, لا أقول انهزمنا يجب أن نعترف أن الحرب لم تحقق شيئاً بيننا وبين إسرائيل ولكن في لبنان أقامت شرخاً بين اللبنانيين لم يكن موجوداً قبل الألفين أو إلى ما قبل اغتيال الحريري كان هناك وحدة وطنية بالحد الأدنى. هذه الوحدة أمنت خروج جعجع من السجن, وعودة ميشال عون من الخارج. هذه الوحدة الوطنية تصدعت في الحرب, أضف إلى ذلك هناك شيء غير مرئي ولا يقدر في حساب الخسارة, ويتمثل بزعزعة ثقة اللبنانيين بوطنهم, وهناك عدد هائل من اللبنانيين غادر لبنان أو في طريقه للمغادرة تعبيراً عن يأسه وإحباطه وكلما فتح باب أمل للبنانيين بتعافي هذا البلد تحصل تطورات تزعزع الثقة وهذه الحرب زعزعت ثقة اللبنانيين بوطنهم وببعضهم البعض, وهذه خسائر لا تعوض, من السهل أن تأتي سورية أو قطر أو الاتحاد الأوروبي يقدمون لنا المال لبناء الجسور أو البيوت لكن هذه الخسارة المعنوية لا تعوض وإذا كنا سنعوضها فهذا يتطلب الكثير من الوقت, علينا أن نستفيد من درس أساسي, قبل الشيعة حاول الموارنة أن يقدموا على هذه المغامرة ولم تنته فقط بأنها باءت بالفشل, بل انتهت بأنها دمرت الموارنة وهم اليوم بأسوأ حالاتهم. فالشيعة إذا تكلمنا بمنطقهم منطق الطائفيين يتبين أن ما يقومون به هو خطر على مصالحهم بالدرجة الأولى, وعليهم أن يعودوا ولا مخرج لهم إلا بالوحدة الوطنية وبناء لبنان. الدولة هي الحل.. وليس الإسلام هو الحل.. ولا الاشتراكية هي الحل.. الدولة ما هي الدولة, هي دولة القانون والمؤسسات ومصدر السلطات, دولة العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص, الدولة التي تأسست في معظم دول العالم وهي متحضرة وللأسف نحن رفضنا من مئتي سنة وحتى اليوم أن نؤسس دولة.
بدلاً من محاسبة أولمرت يحاسبون السنيورة وبدلاً من مزارع شبعا يريدون السراي الحكومي, إلى أي مدى تتفق مع النائب سعد الحريري في هذا القول?
أريد الإجابة على هذا السؤال لسبب واحد, هذا سجال سياسي وفي السجال السياسي كل شيء مباح. والمباح المناورة السياسية, قد يستهدفون شيئاً ويصوبون على شيء آخر. يواجه خصومه بالمداورة ليس بالصراحة يواجهه بنقاط ضعفه لكن ما ليس جائزاً هو جزء من لغة التخاطب السائدة في بلادنا وللأمانة فإن النائب سعد الحريري لم ينغمس بمثل هذه الأجواء المشحونة بلغة التخاطب, لم يركز على التعبئة الطائفية, ولم يستخدم الكلام النابي. للأسف بعض القوى السياسية الأخرى تستخدم من الكلام ما يخرج عن آداب الكلام, آداب العلاقات, آداب التخاطب وأنا في إحدى مقالاتي طالبت من الصحافة اللبنانية بأن تكون بديلاً عن هؤلاء الذين لم يتربوا لأنهم أحياناً يتكلمون خارج حدود الأدب باستخدامهم ألفاظ نابية وعبارات نابية, هذه اللغة عيب من الأحذية إلى غيرها.. هذه اللغة المعيبة على اللبنانيين أن يتراجعوا عنها نحو لغة التخاطب السياسي, من حقهم أن يختلفوا داخل الأطر الديمقراطية. عيب الاختلاف على هذه الطريقة... أجدني هنا منحازاً للحريري في لغة التخاطب.
أما بما يخص الخلاف والسجال السياسي برأيي منحاز لقوى 14 آذار في موضوع السيادة والحرية, لكن أساوي بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار كلها في موضوع بناء الدولة, جميعهم إما لا يعرفون ماذا يعني بناء الدولة يتماهى كل واحد منهم بالدولة وكل قوة تعتبر نفسها الدولة, أو أنهم يعرفون معنى الدولة وأنا أميل لذلك ولكنهم يتهربون من بنائها كما ينبغي أن تبنى ولذلك نجد الهم الأساسي عندهم ليس بناء الدولة وبناء الوطن, الهم الأساسي عند كل واحد منهم مختلف ونقيض الآخر, الهم الأساسي عند فريق 14 آذار إخراج السوريين من لبنان طبعاً ينبغي خروج السوريين لكن ليس خروجهم حلاً لمشكلة بلادنا, نحن مسؤولون عن استدراج السوريين وليس الحل بمعاداة أميركا وأوروبا من الصعوبة أن ينقطع عن بعضه البعض بهذا المعنى, نحن مطالبون أن نعود إلى أزمتنا الداخلية, إلى مسؤولياتنا نحن مع إعادة بناء البلد لا يبرأ أحد من القوى السياسية أنه حريص على بناء البلد, ووحدة الدولة أكثر من سواه. أنا أتهم الجميع ليس من موقع الخيانة. لأنهم يغلبون مصالح الخارج على مصالح الداخل, يستقوون بالجيران والأقارب والأعداء على أبناء البلد. وهذا ينبغي أن نقلع عنه, يجب قيام نقد ذاتي حوله, لا أن نستعين بأي كان على أبناء بلدنا.
كيف السبيل لإعادة الثقة المفقودة بين اللبنانيين?
من المؤسف أن القوى السياسية اللبنانية لا تتعلم الدرس إلا بعد أثمان باهظة, قليلاً من التعقل الذي يمثله اليوم الرئيس بري بين الشيعة, ينبغي لهذه المغامرة أن تتوقف, ليعاد النظر في كل المواقف, الحريري و"تيار المستقبل" أعادا النظر.. الحريري اختار لبناء الدولة التسوية والمساومة, لكن هذه السياسة لن تنجح, لأنها تكون لصالح المساوم الرخيص وليس المساوم الكبير, "القوات اللبنانية" أعادت النظر, كانت تطالب بالكانتونات والتقسيم, اليوم تعتبر أنها جزء من لبنان, جنبلاط كان يساوم كثيراً مع سورية خوفاً منهم, وحين تجرأ لأول مرة سنة الألفين فك علاقات المساومة بينه وبينهم هدد واليوم يقول بأنه أعاد النظر والدليل أن حلفاءه الأساسيين هم أعداء الأمس "القوات اللبنانية". علينا أن نرعى مثل هذا التحول بسياسة وليد جنبلاط وسياسة "القوات اللبنانية", وإن علينا أن نرعى هذا اللقاء ونوسع هذا اللقاء ليشمل قوى أخرى من بينها حركة "أمل", »حزب الله«, ميشال عون, وكل القوى السياسية مع حفظ الألقاب, هذا يتطلب حداً أدنى من النقد الذاتي, ما يوفر مستقبلا زاهرا للبنان..
هؤلاء الذي ذكرت كانوا على طاولة الحوار قبل 12 تموز?
لم يكونوا صادقين, وكل واحد منهم عندما ينتهي الحوار يتمسك كل واحد بوجهة نظره, بدليل اتفقوا على موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات واتخذوا قرارات أعلنها الرئيس بري في اليوم الثاني, اختلفوا عليها وعندما حاول الجيش اللبناني التمركز على الحدود الشرقية أطلقت النار عليه, وحصل خلاف حول السلاح الفلسطيني ولم يعودوا متفقين..
الحديث عن 20 ألف صاروخ أخاف اللبنانيين, ما يعني أن السلاح ما زال يتدفق باستمرار إلى »حزب الله«, وأنت كما تقول لا تتوقع معركة بين الحزب وإسرائيل, فلماذا هذا السلاح إذاً?
أعتقد إذا كان من تأثير لمثل هذا الخبر, تأثيره على اللبنانيين وليس على إسرائيل, إسرائيل متحسبة, غيرت قائد الجبهة الشمالية وتقوم بإنشاء تحصينات متطورة وقد تطالب أميركا بمعركة استباقية ضد إيران وسورية و»حزب الله« أو تلجأ إلى عمليات الاغتيال في لبنان. ولكن الذي لا يملك قدرة الرد هو الشعب اللبناني إلا بالتعبئة الطائفية إذا قال السيد حسن أنه يملك 20 ألف صاروخ, 20 ألف صاروخ شيعي, وسيكون الرد من جهة أخرى لديكم 20 ألف صاروخ نحن لدينا تعبئة طائفية أو مذهبية ضدكم... هذه خسارة..
أما الخسارة الثانية فهي قلة الثقة يعني ممكن أن تتكرر الحرب مرة أخرى بحيث تجبر اللبنانيين على النزوح ليس فقط من الجنوب بل من عكار وينبغي أن يسأل الأمن العام عن عدد جوازات السفر ومن هم أصحاب هذه الجوازات, أنا أزعم أن أصحاب هذه الجوازات هم من الكادرات العليا من اللبنانيين وليسوا مواطنين عاديين لأنهم لم يعد عندهم أمل بلبنان. هذه الخسائر الكبرى التي على »حزب الله« التنبه لها ليكون تصريحنا عن مدى قوتنا لا يخيفنا بل يخيف إسرائيل, كان الأجدى ب¯»حزب الله« عدم الكشف عن سلاحه كي لا يعرف العدو حجم هذا السلاح وإلا تبين لنا أن العدو يعرف أكثر من كل اللبنانيين حجم سلاح »حزب الله«.
لماذا »حزب الله« يحاول أن يمنع النقاش حول نتائج الحرب إلا من خلال الاستقواء والاستعلاء والحديث عن النصر بشكل دائم. بينما في إسرائيل هناك نقاش ومحاكمات, إقالات بينما هنا الكلام في هذا الموضوع من المحرمات?
في لبنان نعتز بالنقاشات الديمقراطية داخل إسرائيل هكذا يقولون. دليل عظمة هذا الانتصار, انظروا إلى النقاش الديمقراطي في إسرائيل. أعتقد لو كنت مكان »حزب الله« أقول نفس الكلام الذي يقوله الحزب مع بعض التعديل في اللهجة والنظرة, ولا أقول بأني انهزمت. لأنه أثبت أنه حزب شجاع فيه مناضلون شجعان تحدوا الهيبة الإسرائيلية وكسروها, وبهذا المعنى من حق »حزب الله« أن يتغنى بهذا النصر, ولكن ليس من حقه أبداً أن يقنعنا بما لا يمكن أن نقتنع به, والحروب تقاس بالمقياس السياسي وليس بمقياس القتل وحده.. حتى في هذا المقياس إسرائيل أقوى منا, فهي قتلت أكثر ودمرت أكثر. علينا أن نتواضع ونناقش هذه المعركة بالسياسة. في هذا المعنى أعتقد بأننا خسرنا.. بطولات »حزب الله« بطولات حقيقية, وإسرائيل ستتهيب حكماً من أي حرب يمكن أن تشنها علينا, لكن هذا مكسب جزئي علينا أن نثمنه في الداخل وللأسف السياسة التي يعتمدها »حزب الله« بتخوين الآخرين جعلهم يخافون هذا المكسب.

ذكرى 13 تشرين تعيد فتح سجل طويل من الانتهاكات والجرائم والتواطؤ


ذكرى 13 تشرين تعيد فتح سجل طويل من الانتهاكات والجرائم والتواطؤدير القلعة شاهد على المجازر السورية و"أبطالها" والشهود معروفونعائلتا الأبوين شرفان وأبو خليل: "نريد الحقيقة. كفانا ظلماً"
ان تكتب عن 13 تشرين الاول 1990 يعني ان تفتح سجلا طويلا من حوادث وانتهاكات وجرائم وتواطؤ اقليمي ودولي لضرب لبنان، ويعني ايضا ان تختبر الظلم والمعاناة لعدد كبير من عائلات لا تزال تجهل مصير الأبناء والأقارب، فتسعى الى الاقتراب من حقيقة موجعة، سرعان ما تلامس حجم الاهمال في قضية انسانية يموت أصحابها كل يوم من شدة حرقتهم، ولا مَن يهتم.
تحقيق : منال شعيا
عادة، الحقيقة المرة أفضل ان تُكتب من أن تبقى مدفونة تجرح القلوب والنفوس، وعائلات المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية أفضل شهود على هذه المرارة. فهم لم يكلّوا من كشف الحقائق والمطالبة بأولادهم.16 عاما أمضوها يناضلون في الشوارع والتظاهرات ولا من يقرّ بعذاباتهم. أكثر من سنة وستة أشهر وهم ينامون في خيمة أمام "الاسكوا" الى جانب صور لأقاربهم المعتقلين، ولا من يبالي، حتى اهترأت تلك الصور بعدما مرّ عليها زمن طويل، وهو من زمن معاناتهم وآلامهم. والغريب ان انسحاب الجيش السوري في 26 نيسان 2005 لم يقابله أي تقدم في ملف المعتقلين، والأسوأ ان سلطة ما بعد الوصاية لم تقابل جرأة من تكلم وفضح معلومات، بشجاعة مماثلة، سوى نبش الحفرة في اليرزة في تشرين الثاني 2005 بعد ضغط اعلامي وسياسي، انتهى بانتشال 10 رفات لشهداء كان يظن الأهل انهم لا يزالون في عداد المعتقلين. ولعل "أقذر" ما في جريمة 13 تشرين الاول ان يبقى أبطالها يمارسون النفاق والتواطؤ والمراوغة، والسؤال: الى متى يمكن شعباً ان يستمر بنسيان الماضي وانكاره، وخصوصا اذا كان الماضي من النوع الذي لم يُداوَ؟بعد 16 عاما على العملية السورية المتمثلة باغارة الطائرات السورية للمرة الاولى والوحيدة، على القصر الرئاسي في بعبدا، لأن المطلوب كان اطاحة العماد ميشال عون وبعد أعوام من ذاكرة الموت والاعتقال، لا يزال اعداد من اللبنانيين معتقلين في السجون السورية ومجهولي المصير، رغم ان العسكريين تنطبق عليهم معاهدات جنيف الدولية المتعلقة بالاسرى، وكان من الواجب اطلاقهم فور توقف العمليات.ودير القلعة – بيت مري، كما غيره من المواقع، بات "معلَما" لفظائع السوريين، كما في بسوس وضهر الوحش والحدت، واستمرت تلك الفظائع حتى بعد وقف اطلاق النار صباح 13 تشرين الاول، فوجدت جثث كثيرة مع آثار التكبيل على معاصم أصحابها، ومصابة برصاصة في مؤخرة الرأس، اضافة الى أربع جثث لعسكريين أعدموا شنقا في تلة تمرز قرب بعبدات، وهذا يعني انهم لم يقتلوا اثناء المعركة.وفي الدير، اعتقل السوريون الابوين الانطونيين البر شرفان وسليمان ابوخليل وخادمة الكنيسة فيكتوريا الدكاش، وبين 24 و30 عسكريا، بعضهم كان من اللواء العاشر المتمركز في الدير، وآخرون ممن نقلوا الى الدير من مواقع أخرى. ومنذ 1990 والسلطة اللبنانية لم تتحرك لاجراء تحقيق يكشف ملابسات ما جرى وتحدد هوية الذين قتلوا، ومصير الذين اعتقلوا، علما أن الدير تحول لأعوام مركزا عسكريا للقوات السورية التي أخلته في نيسان 2002.هكذا بقي الاهالي أسرى الكثير من التساؤلات، وبكل بساطة لم تسعَ سلطة ما بعد الوصاية الى ان تحسم الغموض في بعض المعلومات، فظل هؤلاء ينتظرون والصمت يلف قضيتهم الانسانية فيما الروايات تتعدد.الاولى: شهود عيان أفادوا عن وقوع مجزرة ظهر السبت 13 تشرين الاول في محيط الدير.الثانية: صباح 14 تشرين الاول، شوهد الابوان وآخرون احياء في الدير ينقلون في سيارات سورية عبر طرق المتن الاعلى.الثالثة: أفيد عن مستوعب وجد في بيت مري ويقدر انه يحوي جثثا وكانت القوات السورية تمنع الاهالي من الاقتراب للتأكد، ولكن اذا كان هذا صحيحا وقتل هؤلاء او أحرقوهم فأين الرفات؟ وهل يختفي رماد هؤلاء هكذا؟ والأهم ان الجيش اللبناني حفر في كانون الاول 2005، بعد نبش حفرة اليرزة، في محيط الدير والآبار ولم يعثر على شيء، كما ان اللجنة المختصة التي أوكلت اليها متابعة موضوع تحديد هوية الرفات الذي وجد في اليرزة، تمكنت من معرفة هوية عشرة عسكريين، سبعة منهم استشهدوا في 13 تشرين الاول ولم يكن أحد منهم ممن كانوا في محيط الدير، وثلاثة سقطوا في الشحار الغربي عام 1984، وبقيت تسع جثث غير معروفة هوية أصحابها، ولكن يستحيل ان تكون لمعتقلي 13 تشرين الاول لأن أهالي هؤلاء ومن ضمنهم طبعا عائلتا الابوين شرفان وأبو خليل، أجروا فحوص الـDNA كي يقطعوا الشك. لذا، كان المطلب الاساسي للجنة "سوليد" والذي رُفع اخيرا الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، يقضي باجراء فحوص الـDNA لجميع أهالي المفقودين في لبنان ونبش المقابر الجماعية جلاء للحقيقة.واذا كانت الحكومة أخذت على عاتقها في جلسات الحوار متابعة قضية المعتقلين، فانها حتى اليوم لم تبادر الى تقديم أي شيء ملموس يشفي غليل الاهالي، فيما المطلوب منها ان تسعى سريعا الى العمل على ايضاح الكثير من الغموض الذي يكتنف الروايات المتعددة، كي لا تبقى هذه القضية رهن الاهتزازات السياسية. ففترة الاحتلال ولّت وكثر مستعدون للتكلم، وأسماء عدد من المتورطين والشهود باتت معلومة، والأهم ان مأساة المعتقلين لا تحتمل التأجيل لأنهم معرضون للموت في كل دقيقة.مات بحرقتهلعل في قضيتي الابوين شرفان وابو خليل أسئلة كثيرة وحرقة كبيرة كان يفترض ان تهز المجتمع اللبناني بكل مكوناته، وصولا الى الفاتيكان لأنهما ابنا الكنيسة، وهما نموذج عن معاناة كثيرين.وللتاريخ، فان الاباتي سمعان عطاالله أكد أكثر من مرة متابعته القضية، وفي حديث صحافي عام 2000، قال: "(...) التاريخ سيحاكمنا اذا سكتنا، والمداواة الصحيحة تقوم على قول الحقيقة وكشفها، فهي وحدها تشفي، وغير ذلك هو مساومة على هذه القيم التي تبني الاوطان (...)".وللتاريخ ايضا، طالب العماد عون أكثر من مرة قيادة الجيش "باعطاء المعلومات الكافية عن المفقودين، حتى لا تبقى الجريمة متمادية بسبب السكوت عنها".الجديد ان "النهار" حصلت على فيديو مسجل عام 1998، تُعرَض فيه شهادة لفوزي ابو خليل، وهو أخ الاب سليمان، يتكلم فوزي (توفي عام 2000) على شقيقه ويروي جوانب من القضية ويسمي ضباطا سوريين ومسؤولين لبنانيين تأكد منهم ان الاب ابو خليل في سوريا.13 آب 1990 كان تاريخا مفصليا بالنسبة الى أبي خليل، توفيت والدته وهو في الخارج، بقذيفة في منزلها في بعبدا. بعد حوالى شهرين، حضر الاب سليمان الى لبنان ليشارك في قداس على نيتها. عندها طلب منه الرئيس العام الاباتي بولس تنوري ان يبقى فترة اجازة في دير القلعة مع الاب شرفان. يقول فوزي في الفيديو: "خلال تلك المدة، وقعت معارك ودخل السوريون الدير، فانشغل بالنا. يوم 14 تشرين الاول، قصدت الدير العاشرة وعشر دقائق، قبل الظهر. حاولت الدخول ولم أستطع. هناك علمت ان ملازما سوريا يدعى حسن او حسون طلب من سائق الاباتي تنوري ويدعى البر، ان يدخل الدير صباحا مع عناصر من الجيش السوري لتأمين نربيش ماء لتنظيف الموقع. وهكذا حصل، دخل البر صباح 14 تشرين الاول وشاهد الأبوين شرفان وابو خليل. ولاحقا، علمت من المدبر رئيس الدير سمعان عطاالله ان ضابطا سوريا سأله عن الطويل الشايب وعما اذا كان رجل دين او عسكريا، فأجابه انه رئيس دير قب الياس، الاب سليمان ابو خليل، عندها اتصل الضابط بالعميد علي دوبا وأعلمه بذلك. وبعد لحظات، تم نقل الابوين ابو خليل وشرفان بسيارة "رانج روفر" فيما نُقل العسكريون في شاحنة، وهذا ما يؤكده ايضا بعض أبناء بيت مري الذين شاهدوا الشاحنة الـ"رانج روفر"، فيما نقل الي شهود آخرون ان الـ"رانج روفر" أوقف على مفرق قرنايل، ثم نقل الى عنجر وبعدها الى سجن فلسطين، وهكذا فهمنا انهم أصبحوا في سوريا، في سجن بين صيدنايا ومعلولا".يبدو فوزي في الفيديو، قلقا على مصير أخيه، يجلس في بيته في بعبدا، ينفخ النرجيلة وخلفه صورة والدته وشقيقه، ويتابع: "تابعنا القضية ووصلنا الى بعلبك. طرقنا باب عبد الله الحسيني، شقيق رئيس مجلس النواب حينها حسين الحسيني، وكان هناك ضابط من عائلة شكر من مزرعة المشيك، في سوريا، فعرضنا له المسألة، وأذكر انه كان يوم جمعة، فطلب منا إمهاله ثلاثة أيام، قائلا: "أعدك انهما اذا كانا متوفيين، أستطيع ان اؤكد لك ذلك". وبالفعل، اتصل بي يوم الاثنين وقال: "يسلّم عليك عبدالله ويقول لك ان الابوين لا يزالان على قيد الحياة، والقضية صعبة وطويلة. ومرت الاعوام ونحن نقصد المراجع القضائية والسياسية والدينية. ركضنا يمينا وشمالا من دون جدوى، الجميع يهتمون بالمعتقلين في اسرائيل، فيما أسرى السجون السورية مهملون. نحن ننتظر. لم يلتفت الينا أحد، تركونا".ينتهي الفيديو بهذه العبارة: "لم يلتفت الينا أحد. تركونا". والدموع تغلب وجه فوزي المتعب الذي قضى آخر أيام حياته يفتش عن أخيه. هو قال هذا الكلام في 1998، فما عساه يقول اليوم بعد ثمانية أعوام، لو قدّر له الحياة، والاهمال هو نفسه، والغموض يلف القضية؟"لا يشعرون بنا"اليوم، انتقل الكلام الى ابن فوزي: يزيد، الذي ورث الحرقة نفسها. هو ينبش في كل الملفات "كي لا تموت القضية ويضيع الحق".تقصد منزله في بعبدا، فيعود الى 12 تشرين الاول 1990، حين كان في قصر بعبدا وشاهد محاولة اغتيال الجنرال عون. يقول: "رأيت الشاب (فرنسوا حلال) الذي نفذ العملية، لقد كنت الى جانب امرأة وحاولت ان أبعده، لكني شاهدت مرافق عون كيف قتل حينها، والبلبلة التي عاشها المعتصمون في الساحة. تركت القصر، ونزلت لأقرع الاجراس في المنطقة ثم عدت الى المنزل.صباح 13 تشرين الاول، اشتد القصف وشاهدنا الطائرات السورية تقصف قصر بعبدا. حينها ردد أبي عبارة لا أزال أذكرها، قال وهو يبكي: "راحت علينا، لكنهم سيضطرون الى الخروج هربا وبالحجارة".يعتبر يزيد انه "لو كان الابوان توفيا فهل تتبخر الجثث هكذا؟ لا أستطيع ان أنسى انه بعد حوالى عامين على احداث 13 تشرين الاول، أي في 1992، غاب أبي اكثر من 24 ساعة ثم عاد في اليوم التالي وأخبرنا ان عمي سليمان في سجن في سوريا ويده مكسورة. اليوم، من لديه معلومات اخرى فليتكلم، فالى متى سنبقى أسرى الصمت والخوف؟"يحدثك يزيد (35 عاما) كيف ان والده لديه معارف عدة وظفها كلها من أجل جلاء الحقيقة في قضية أخيه، ويخبرك ايضا كيف وهبه والده قرنية عينه. ويقول: "هذه عين والدي وعلي أن أتابع مسيرته". هو ينطلق من ايمان قوي، وخصوصا حين تعلم انه شفي من شلل أصابه اثر حادث سير، اثناء زيارة الاب تارديف للبنان. يروي ذلك وقوة الايمان بادية عليه، وسرعان ما يردد: "لولا الارادة اللبنانية لا نستطيع ان نتابع. المسؤولون لا يهتمون بنا فكيف سيشعرون بالمعاناة التي لا نزال أسراها منذ 16 عاما؟ اذا كانوا لا يشعرون بأي قيمة تجاه شعبهم، فما نفع المطالبة! هل يريدون منا ان نتخلى عن كرامتنا؟ نحن نعاني وهم لا يشعرون، فلماذا أطلب منهم؟"قضيتنا مهملة"تترك يزيد لتنتقل الى مأساة اخرى. تدخل مكان عمل جوسلين شرفان في النقاش، ابنة أخ الاب شرفان، فتسمع تراتيل بصوته الذي يدخل القلب سريعا. تنظر جانبا فتشاهد صورته ومجموعة اسطوانات له، تجلس فتسألك جوسلين: "شو بعد بدي احكي".منذ أعوام وجوسلين تحمل صورة عمها، ترفعها عاليا بين المعتصمين وتردد: "هيدا الاب شرفان". السكون يلف الارجاء، ثم تقطعه عبارات جوسلين التي تقول: "نحن لا نتوهم انه في سوريا، ولا نؤخذ بالعاطفة كما يحلو للبعض ان يردد، لكننا نستند الى شهادات كثيرة ومن مصادر مختلفة أبرزت النتيجة نفسها، ومن لديه اثباتات مغايرة فليخبرنا، لأنه من حقنا ان نعرف. قضيتنا تتعلق بمصير انسان لا بل بمصير كاهن، جريمته الوحيدة انه كان يتكلم باسم الرب، أي باسم العدالة والايمان والحق. واذا كان المفقودون قد توفوا، كما يلفت البعض، فليقل لنا هذا البعض من قتلهم وأين هي الجثث ولتكشف كل الحقائق، لأن طمسها يشكل جريمة ثانية".وعندما تستوضح من جوسلين عن معلومات تملكها وتفيد أن الاب شرفان في سوريا، تبرز لك خمسة اثباتات.الاول: قصة نربيش الماء التي تتفق مع ما رواه فوزي في الفيديو.الثاني: سيارة الـ"رانج روفر" كما رواها ايضا فوزي، والتي شوهدت في قرنايل.الثالث: بيان للجنة "سوليد" عام 2004، وفيه انه "وفق شهادة هيثم نعال، أحد أقدم السجناء السياسيين السوريين الذين أطلقتهم السلطات السورية في 11 آب 2002 بعدما أمضى أعواما طويلة في سجن تدمر الصحراوي، فان المعلومات التي أدلى بها تؤكد أنه شاهد الراهبين الانطونيين في الباحة الخامسة من سجن تدمر حيث كانا معتقلين اعتبارا من مطلع التسعينات مع مجموعة كبيرة من اللبنانيين".الرابع: اللائحة التي سلمها الصحافي السوري المعارض نزار نيوف عن المعتقلين الى البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، وقال انه تعرف اليهم أثناء وجوده في السجن على مدى عشرة أعوام بين 1992 وأيار 2001، وضمن اللائحة اسما الأبوين.الخامس: يعود الى العام 2005 عندما زارت جوسلين السجين صالح عبد الدايم في رومية بحجة المساعدة الاجتماعية، وسألته عن الاب شرفان، كون عبد الدايم كان في سجن في سوريا عام 1998 ثم خرج وعاد اليه عام 2003، قبل ان يغادر نهائيا في 27 شباط 2004، وينقل بعدها الى سجن رومية بتهمة التزوير واساءة الامانة. وفي احدى المرات، شاهد عبد الدايم حلقة "كلام الناس" المخصصة للمعتقلين، ورأى صورة للأب شرفان فتعرف اليه، وبواسطة احد الاصدقاء وصل الخبر الى جوسلين، فعملت جاهدة كي تزوره. في 4 حزيران 2005، قابلته وجها لوجه وسألته عن وضعه في السجون السورية وعما اذا كان معه الأب شرفان فأجابها: "نعم". عندها طلبت منه ان يصفه لها، فقال: "ضعيف وقصير القامة"، وسألته مجددا: "كيف عرفت ان اسمه الاب شرفان؟"، فرد: "هو قال لي. وأعلمني انه كان مع كاهن ثان يوم الاعتقال وأنه لا يعرف عنه شيئا اليوم". فعادت جوسلين وسألته: "متى رأيته للمرة الاخيرة؟" فقال لها: "يوم رحيلي، في 27 شباط 2004. كنا في سجن الحسكة حوالى 250 شخصا في الغرفة نفسها، في فرع الأمن السياسي، مهجع رقم 7، وكنا نتعرض لتعذيب يومي".عندها، أخرجت جوسلين صورة للأب شرفان، فصرخ عبد الدايم: "هيدا هوي".وتسأل جوسلين: "هذا دليل قاطع على وجود الاب شرفان في سوريا، فلماذا سيكذب هذا السجين؟ 16 عاما ونحن نتعرض للابتزاز وندفع الاموال مقابل الحقيقة، لكن هذا السجين لم يطلب منا شيئا بل نحن قصدناه".تصمت جوسلين قليلا ثم تتنهد: "يا الله. عمو البر اصبح عمره 72 عاما. كان يردد دائما: "ربنا بدو صلاة ما بدو أموال، ولكن يا للأسف قضيتنا مهملة".تغمض جوسلين عينيها وترتل "ظمئت نفسي اليك يا الله"، هذه الترتيلة من لحن الاب شرفان، وفي كل مرة تدخل جوسلين الكنيسة ترتلها وتبكي. تترك جوسلين، وصوت الاب شرفان يدخل أعماقك وانت تفكر: هل كان يدرك مسبقا ان نفسه ستكون ظمئة الى كثير من الحرية؟!المفاجأة في قضية شرفان، ما يروى عن شخص فرنسي يدعى فنسنت كيتل كان مهتما كثيرا بمصير الابوين والمعتقلين، وكان يحاول ان يكشف بعض الحقائق. ففي العام 1991، ذهب الى "البوريفاج"، مركز الاعتقال الشهير ليسأل عن الابوين وقابله حينها رستم غزالة ووعده بمتابعة القضية. أما المفاجأة الثانية انه بعد أشهر، وُجد كيتل مقتولا في منزله، وهذا ما نقلته صحيفة "لو فيغارو"!وبعد... هل يُعقل ان تبقى كل هذه الروايات من دون تحقيق رسمي؟ وان تبقى المسؤولية السياسية غائبة عن معاناة كبيرة الى هذا الحد؟ واذا كان الضباط السوريون واللبنانيون معروفين اسميا، فلماذا لا تتم محاكمتهم، وخصوصا ان الجهة التي كانت مسؤولة عن أمن دير القلعة اثناء حوادث 13 تشرين الاول وبعدها، معروفة ايضا، وبالتالي ثمة خيوط وأسماء يمكن البدء منها للوصول الى الحقيقة. والأهم أن ثمة قلوب أمهات تحترق يوميا، ولا يجوز ان تنقل هذه الحرقة من جيل الى آخر. الى متى الانتظار؟ حتى يموت جميع الشهداء ويختفي المتورطون فتطمس الحقيقة ثانية؟ ألا يكفي 15 عاما من اهمال رعاه ما سمي باتفاق "الاخوة والتنسيق"، فكانت نتيجته التنكيل بالشهداء أكثر من مرة ونسيان المعتقلين؟!

Inside the CIA's Secret Prisons Program

Inside the CIA's Secret Prisons Program
http://www.time.com/time/nation/article/0,8599,1546119,00.html
An explosive new book provides a rare glimpse into the full extent of the agency's controversial terror renditions — and the curious coalition of partners who helped the U.S. pull them off

Posted Friday, Oct. 13, 2006In December of 2001, U.S. agents arranged to have a German citizen flown to a Syrian jail called the Palestine Branch, renowned for its use of torture, and later offered to pass written questions to Syrian interrogators to pose to the prisoner, according to a secret German intelligence report shown to TIME on Wednesday. The report is described in the new book Ghost Plane: The True Story of the CIA Torture Program by British investigative journalist Stephen Grey. The complex arrangement was part of the CIA's sprawling practice of extraordinary renditions, the secret transfer of terror suspects to hidden prisons across the world — which has involved the aid of numerous foreign governments and the knowledge of key Western European allies, according to the book, which was shown to TIME by the author. After U.S. officials long refused to confirm the CIA's secret detention of terror suspects abroad, President Bush last month admitted that terror suspects had been transferred abroad to secret CIA facilities, but U.S. officials continue to deny that such prisoners have been tortured, saying that foreign governments assured them that they would be treated fairly.
The prisoner flown to Syria in December 2001 was no ordinary criminal: 42-year-old Mohammad Haydr Zammar, a businessman who had immigrated to Germany and was living in Hamburg, was wanted by U.S. officials on suspicion of helping to recruit some of the 9/11 hijackers, as part of Al Qaeda's Hamburg cell. According to the report, after a U.S. request Zammar was arrested in Morocco by local police. He was questioned in Morocco by CIA officials and then flown to Damascus; the intelligence report does not specify which aircraft transferred him.
The cooperation between an unlikely coalition of intelligence agencies did not end there. The intelligence report gives a rare glimpse into the favors exchanged between governments during the CIA renditions. One day after Germany learned that the Syrians were holding Zammar, the CIA offered the German foreign-intelligence agency BND the chance to put written questions to their prisoner. The intelligence report doesn't make clear whether CIA interrogators had direct physical access to Zammar. In June 2002, Syrian officials offered German interrogators access to Zammar in prison, according to the 263-page report by the BND, marked "Geheim" (Secret). That same day, the BND chief asked Germany's federal prosecutors to drop their charges against Syrian intelligence agents who had been arrested in Germany for allegedly collecting information on Syrian dissidents.
The German intelligence report cites another deal, an "urgent request [by the United States] to avert pressure from the EU side [on Morocco] because of human-rights abuses in connection with [Zammar's]arrest, because Morocco was a valuable partner in the fight against terrorism." Grey, who had the report translated, says he obtained the classified report from a German investigator, who remains anonymous. The German government has acknowledged that they dropped the charges against the Syrian intelligence officers because of their cooperation in anti-terrorism, but they deny that the decision was specifically linked to the Zammar case.
With deep political mistrust between Syria and the United States, the two countries are hardly ready-made partners in the war on terrorism. Yet by the end of 2002, Zammar was one of at least four prisoners jailed in the Palestine Branch cells in Damascus who had landed there as part of the CIA renditions, according to the book, which is being published by St. Martin's Press. It is widely believed that Zammar, who has never been charged with anything, is still being held without trial in Syria at an unknown location. He was last heard from in 2005, when he sent a letter from Syria to his family in Germany through officials of the International Committee of the Red Cross.
In interviews, three former prisoners jailed in the Damascus facility told Grey that they were regularly beaten by Syrian interrogators, and that they had been held in cells barely longer and wider than coffins. While in solitary confinement, they say they communicated with each other in snatched conversations through the walls, and sensed the presence of other prisoners also through their screams during torture sessions. One former prisoner told Grey that he had spoken through the walls with a jailed teenager, who told the man he had been transferred from Pakistan to Syria by U.S.agents. The adult prisoner recalled the teenager as being 15 or 16 years old. A Syrian government spokesman told Grey in Damascus last June that "a number of prisoners had been sent to them," but denied that any were tortured, and declined to discuss individual cases.

In cell 2 of the Palestine Branch was Maher Arar, a Syrian-born Canadian telecommunications engineer, whose tale of captivity has since become a cause celebre in Canada. Arar had left Syria at age 17 and married a Tunisian fellow student at McGill University in Montreal. On his way home from a vacation in Tunisia in September 2002, he stopped to change planes at JFK Airport in New York City. There, FBI agents arrested him at an immigration control desk, and ordered him deported to his native Syria — even though he was traveling on a Canadian passport. He was flown on a chartered Gulfstream jet to Jordan and driven into Syria, to the Palestine Branch prison.
After days of beatings, Arar wrote a false statement saying he had been trained at a terror camp in Afghanistan. "I was ready to accept a 10-, 20-year sentence, and say anything, just to get to another place," he tells Grey in the book. After nearly a year in captivity, Arar was released and flew home to his family in Canada. A 1,200-page Canadian government report last month absolved him of any suspicion. Arar sued the U.S. government, but a New York federal judge dismissed the lawsuit on the ground that the case could not be heard for security reasons; Arar is now appealing that ruling. Last month's report by a Canadian judge rebuked Canadian and U.S. officials for arresting Arar on faulty information. Jordan has not commented on Arar's rendition.
—Grey, a former South Asia correspondent and investigative reporter with the Sunday Times of London, says his interest in the CIA program was sparked in December 2001 by an offhand remark made to him by Porter Goss, the former CIA Director who at the time was still a Republican Congressman from Florida and head of the House intelligence committee. In an interview with Goss in his office on Capitol Hill, Grey asked if President Clinton should have arranged the secret kidnapping of Osama bin Laden. Goss replied that such a program in fact existed. "It's called a rendition. Do you know that?" he asked Grey. Grey did not, so Goss explained that it was "a polite way to take people out of action and bring them to some type of justice."
Grey says he then embarked on basic "shoe-leather reporting," criss-crossing between Washington, the Middle East, Europe and Pakistan over the next few years. Ultimately he detailed 89 renditions involving 87 prisoners, several of whom he says had not previously been documented. But Grey says he believes "hundreds" of others have not been identifed. In interviews, former CIA agents who had worked in the renditions program told Grey the numbers of renditions were "in the low hundreds." Goss told the Senate Intelligence Committee in February last year that with rendered prisoners, "once out of our control, there is only so much we can do" to avoid torture. Goss, who near the end of his CIA tenure led an agency crackdown on leaks and fired an agent for being one of the sources for the Washington Post's reporting on the renditions program, has not directly confirmed his interview with Grey in 2001. His spokeswoman Jennifer Millerwise Dyke said in an e-mail that "although that may have been the first time Mr. Grey heard the term, it certainly is not the first time the U.S. government publicly discussed this decades-old tool." Indeed, then-CIA Director William Webster told the Washington Post in 1989 that the Department of Justice had created the term "renditions" after the shootdown of the Pan Am jet over Lockerbie, Scotland. The process was aimed at capturing those responsible abroad and bringing them back to the United States. Later, his successor George Tenet told the Senate Foreign Relations Committee in 2000 that U.S. agents had, "working with foreign governments worldwide, helped to render more than two dozen terrorists to justice."
Grey says he obtained key evidence from an insider in the aviation industry — whom he has kept anonymous — who faxed him lengthy flight logs to his London home, allowing Grey to trace the paths of hundreds of supposedly secret CIA flights. Still, given the explosive nature of the CIA program, some details were astonishingly easy for Grey to find. The CIA neglected to cover their tracks in key areas. The agency did not request confidentiality on professional aviation tracking websites, which allow certain flights to remain unrecorded for security reasons. The online databases helped fill out the details for Grey, who pieced together thousands of flight legs of CIA planes, and helped to confirm the reports of about 20 of the 89 renditions he detailed.
Some former CIA operatives, and at least one active CIA agent were willing — indeed occasionally eager — to describe the renditions process to Grey, perhaps because they feared that they would be ultimately held responsible while the White House strenuously denied that rendered prisoners were tortured abroad. One former CIA agent told Grey: "Everything we did, down to the tiniest detail, every rendition and every technique of interrogation used against prisoners in our hands, was scrutinized and approved by [CIA] headquarters. And nothing was done without approval from the White House — from Rice herself and with a signature from John Ashcroft," the former agent said, referring to Condoleezza Rice, who was National Security Advisor at the time, and the then-Attorney General. Rice, quoted in Grey's book, told reporters last December that "the United States has not transported anyone, and will not transport anyone, to a country when we believe he will be tortured." Michael Scheuer, the retired head of the CIA's unit on Osama bin Laden and one of the architects of the renditions program, told Grey early last year in an interview that a team of lawyers within the Department of Justice "are involved in one way or another and have signed off on the procedure."
Curiously, according to Ghost Plane, the renditions teams left fingerprints in several places along their globe-trotting trail. They called home from their cell phones. In January 2004, a CIA team flying on a Boeing Business Jet, registered to Premier Executive Transport in Massachusetts — which Grey said appeared to list only one employee, and which has refused comment to Grey and other journalists — bedded down at the five-star Marriott Son Antem resort in Palma on Majorca, the Mediterranean island, after a long, grueling day: they had flown prisoners under cover of darkness from the Moroccan capital Rabat to Kabul, and then on to Algiers, before arriving in Palma.
The hotel bills, under their CIA cover names, show they made use of resort facilities, including the health spa. Later that year, the Milan anti-terrorism prosecutor Antonio Spataro began investigating whether CIA agents had rendered an Egyptian prisoner, Abu Omar-Osama Nasr, illegally from Italy. Spataro told Grey that among the findings that most surprised him was the high-ticket hotel bills in his city; two alleged CIA agents under the names of Monica Adler and John Duffin spent $18,000 in a three-week stay at the Milan Savoy. Spataro has since issued warrants for their arrest, along with that of other U.S. citizens, in connection with the kidnapping of Nasr, who was sent to Cairo from Milan.
More than two years before the CIA agents' stay in Palma, rendition teams had begun to be spotted at the scenes of prisoner transfers wearing black ski masks — a sure sign to onlookers that something odd was happening. Six weeks after the 9/11 attacks, an employee at Karachi International Airport told a Pakistani reporter that a U.S.private jet had arrived to collect a prisoner in a quiet corner of the facility, and was "so mysterious that all persons involved in the operation, including U.S. troops [sic], were wearing masks."
Paul Forrell, a Swedish border official, described to Grey in January 2005 how the Gulfstream V jet N379P, also registered to Premier Executive Transport, touched down at Bromma, an airport used for small aircraft, one night in December, 2001, while he was on duty. They were there to collect two Egyptian asylum-seekers living in Stockholm, whose deportation to Cairo had been approved earlier that day by Swedish cabinet members. On board the jet were American men wearing black ski masks — who joined two men in business suits, who introduced themselves as coming from the U.S. Embassy, in Forrell's office — and two Egyptian officials; a subsequent Swedish parliamentary investigation confirmed the two other men were Egyptian officials. The prisoners were transferred within an hour, and the Gulfstream flew on to Cairo, where the two men were finally jailed. Egyptian prime minister Ahmed Nazif last year told NBC's Meet the Press that between 60 and 70 prisoners had been transferred into their jails by the United States.
Seven months later, the same jet flew into Islamabad near midnight, and extracted three terror suspects. One was Binyan Mohammed, an Ethiopian student living in London, whom Pakistani security officials had arrested in Karachi. The CIA plane then flew the three men to Rabat, touching down at 3:40 a.m., while most people in the Moroccan capital were asleep; Mohammed has since been declared an enemy combatant and moved to Guantanamo, where he remains in legal limbo. Poring over the flight logs, Grey concluded it was 28th time CIA jets had touched down in Morocco since the 9/11 attacks. Last year, Grey asked Morocco's Interior Ministry for confirmation, in written questions submitted through the Moroccan Embassy in London; the e-mailed reply said no CIA flight had ever visited the Kingdom.

عواصم غربية وعربية تدعم انقلاباً في دمشق يقوده آصف شوكت

عواصم غربية وعربية تدعم انقلاباً في دمشق يقوده آصف شوكتخاص - السياسةكشفت مصادر مطلعة لـ»السياسة« النقاب أمس عن مخطط سوري لاغتيال شخصيات سعودية قيادية في اطار العلاقات المتدهورة بين البلدين.وأكدت المصادر ان المخابرات السورية جندت لهذا الغرض متشددين سعوديين وجزائريين ومغاربة يقيمون في سورية والأردن انتقاماً لمحاولة الاعتداء على السفارة الأميركية في دمشق.وكانت القيادة السورية زعمت ان مهاجمي السفارة الاميركية كانوا يقيمون في المملكة وتأثروا بافكار احد رجال الدين السعوديين.ولفتت المصادر ذاتها إلى ان ابرز الشخصيات المستهدفة على لائحة الاغتيالات رئيس جهاز الأمن الوطني السعودي الأمير بندر بن سلطان .إلى ذلك علمت »السياسة« من مصادرها الموثوقة أن الرئيس السوري بشار الأسد وبخ صهره رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء آصف شوكت على فشله في تفجير فتنة داخلية بين قوى »14 آذار« الحاكمة في لبنان وقوى »8 آذار« الموالية لدمشق وأكدت المصادر ان المخابرات السورية كانت خططت لاغتيال النائب علي حسن خليل عضو حركة »أمل« واليد اليمنى لرئيس مجلس النواب نبيه بري واتهام قوى »14 آذار« بذلك الأمر الذي سيؤدي إلى مواجهات داخلية وبالتالي اسقاط الحكومة اللبنانية.في تطور متصل كشفت مصادر في المعارضة السورية مقربة من دوائر صنع القرار في باريس وواشنطن انه بات من شبه المؤكد ان الولايات المتحدة وعواصم القرار الدولية والعربية النافذة مقتنعة ان آصف شوكت هو البديل الأقوى لخلافة بشار الأسد في حكم سورية من خلال انقلاب داخل القصر الرئاسي.وعللت المصادر »الدعم« الغربي والعربي لـ »انقلاب« آصف شوكت بالاسباب التالية:النفوذ القوي الذي يتمتع به اللواء شوكت داخل الجيش وأجهزة الأمن.أصول آصف شوكت السنية ستعطيه قبولاً واسعاً لدى الطائفة السنية التي تشكل أغلبية سكان سورية...إذ أنه من المعروف جداً أن آصف ينتمي للطائفة السنية وقد قطن في قرية »المدحلة« العلوية واتبع المذهب العلوي بسبب مشكلات له مع عشيرته الأصلية إذ أنه من البدو الرحل الذين يتنقلون بين الحدود السورية واللبنانية في منطقة العريضة والمعروفين بـ»عرب وادي خالد«.مسؤولية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ستوجه كاملة إلى بشار الأسد وأخيه ماهر (قائد الحرس الجمهوري) إضافة إلى آخرين منهم رستم غزالي وضباط استخبارات سوريون كانوا في لبنان عند حدوث الجريمة وذلك على أساس أن بشار هو من أصدر الأمر باغتيال الحريري وماهر كان مسؤولاً عن الإعداد والمتابعة أما التنفيذ فكان بأيدي رستم غزالي وضباط آخرين...وآصف لن يحمل أي مسؤولية رغم أنه كان على علم بالمخطط إلا أنه لم يشارك لا في الإعداد ولا في التنفيذ وهو أصلاً كان في فرع أمني آخر لا علاقة له بلبنان عند حدوث الجريمة.يضاف إلى ما سبق صفات آصف الشخصية من كونه رجلاً يحفظ العهود ويحترم كلمته, مثقف, قراراته يتخذها بهدوء وروية من دون انفعالية, منفتح وله علاقات خارجية واسعة وخصوصاً مع المخابرات الفرنسية.وتجدر الإشارة إلى أن نائب الرئيس السوري المنشق عبدالحليم خدام كان أشاد بالصفات القيادية للواء آصف شوكت وتوقع في حديث نشرته »السياسة« أن يخلف بشار الأسد في الحكم.

حسناً

حسناً
زياد الرحباني
ناصَرَ/ أنصار/ نُصرَة/ نًصرَت/ مُناصِر/ نََصائِر/ مَنصورَة/ نَصَّرَ/ إنتصار/ الناصِرَة/ نَصارى/ نَصرانِيون/ عبد الناصر/ الناصِرية/ مَنصُور/ نَصَّار/ أكرم شهيّب/ نصري/ المنصورية/ أنصارية/ معتقل أنصار/ نَصر/ نَصرُالله.تَحَسََّن/ حَسَّن/ يُحسِن1/ يُحسِن2 - المحسنين (وكان الله يُحبهم)/ حسنات/ حسناوات/ حِسان/ أحسَنِين/ الحُسن/ الأحسَن/ إحسان/ حسُّونة/ سمير فرنجية/ تحسين/ حُسني/ حُسين/ حُسنية/ حَسَنين/ حُسينية/ أَحسنت/ حَسّون/ نوايا حسنة/ بالحسنى/ حسناً/ حَسَن: آه حَسَن، إنه حسن نصرالله.ملاحظة: وَرَدَ سَهواً إسمان ليسا مِن مُشتقات الإسم على الإطلاق نتيجة السهو الإلكتروني، فالسهو في بعض المقامات قد يكون مسيئاً للمشتقات الحَسَنَة. لِذا عُذراً مِنَ القُرَّاء... والأمين العام.

لأنني أدمنت

لأنني أدمنت
زياد الرحباني
أدمنت لا شعورياً في منتصف الثمانينات حضور الرئيس أمين الجميل وخطاباته وتصريحاته خاصةً تصريحه الشهير في الولايات المتحـدة والذي هدَّدَ فيه بـ "قصف دمشـــق إذا إضطّرَ"، وظللـــت على هذه الحــــال حتى أُبعِدَ الرئيس عن لبـنان. وأعترف بأنني عانيت ومَرَّت علَيَّ أيــام كالحــة (أي مُرَّة ومُعَتَّقة) وما كان شيء وُصِفَ لي يُغنيني عَنهُ، وأعترفُ أني رُحتُ أتدهور معنويًا حتى أني عاقرتُ الخمور وبتهوّر متصاعد الى أن عاد! فأستشعرتُ أن جسدي سيعود حتماً الى إستقراره السابق وذلك تباعاً مع كل كلمة سيتفوه بها الرئيس. لكن المفاجأة المؤلمة كانت أنه لم يكن له عليَّ المفعول نفسهُ، ربما أنا تغيرت؟ فهو لم يتغير، بالعكس! راجعتُ الأطباء وأجمعوا على أن جسمي إعتادَه فلم يَعُد ينفعني مهما صَرَّحَ أو قال، حتى ولو قصف دمشق. فسألتهم: ما العمل؟ وصفوا لي بيار أمين الجميل، مرة واحدة في اليوم. وبدأت العلاج وها أنا أحاول بكل إنتظام. من الواضح حتى الآن أن عوارضه الجانبية لا تُحصى وأهمّها أنه أيضا وزير الصناعة. حلمت به قبل يومين وقد استدعي الى واشنطن لإدارة شركات "جنرال الكتريك" فغادر اقليم المتن الشمالي على عجل، هو المشهود له باطلاعه العميق على العلاقة المركّبة بين "الكمية والنوعية"، وكيف أنهُ، وفي أسابيع معدودة، تمكن بدهائه من رفع مستوى صرف ليرتنا الوطنية إلى 1500 دولار لليرة الواحدة... فإعتقل فوراً.

الأرجح والأنجح

الأرجح والأنجح
زياد الرحباني
هل سمعت في حياتك يا "مخايل"، ببيت من طابق واحد ينهار؟ أبداً. يُقال عن بيت كهذا أنه تداعى، يُقال، هَوى أو هَبَطَ، وذلك نسبةً لِصِغَرِ حَجمه، فالهبوط يعني التساوي الفوري بالأرض. أمّا "الصروح" التي تَعلو تدريجاً وتتابع صعودها على مَرِّ العقود وعلى الملأ وعلى إغراقنا أرضاً حتى الإبادة أحياناً، فلم يعُد منذ آخر سَكرة لـ"يلتسين" عام 1991 شيء يواجهها. السماء زرقاء في أعلى الصرح. حتى السحاب هو تحته، وثاني أوكسيد الكربون، ولِمَ لا، فهو يقوِّي المناعة في أميركا اللاتينية. إن الصرح يتجه نحو السماوات، أي أبعد ما يمكن عن الأرض كالقديس الرجيم وهنا ورطته. إنَّ طموح الصرح هو من نوع مجاورة السماء والتَشَبُّه بالعُلُو بالعليِّ العظيم (أستَغفِرُهُ الله) والإبتعاد عن الأرض وإزدرائها بما عليها من بشر ضمناً لِصِغَرِ أحجامهم بالنظرة إليهم من عُلىَ و"عَلِ"، هذا الصرح يا "مخايل" هو أرجح وأنجح ما يمكنه أن ينهار!كما أنَّ إنهياره أطول من هبوط منزل في "نيو-أورلينز"، أطول وعلى مراحل، متقاربة جدًا صحيح، لكنها كالدفعات المتماسكة المدكوكة التي بقدر ما هي رافضة للإنهيار، تنهار! إن إنهيار هذا الوهم الطويل مدوٍّ ومرعب حتى لأعدائه، هو الذي أدمن "الأخضر واليابِسَة" في مرحلة صعوده، يأبى إلاّ أن يطالهما وهو ينهار سبحان الله. دعهم يصعدون بعد يا "مخايل". إن تدعيمهم له أصبح هندسياً، لمبالغتهم في الصعود، بالِغَ التعقيد لمصلحة الإنهيار، فهو يستفز قانون الطبيعة. إن المجهول الأكبر المسمّى "تنظيم القاعدة" حاول تسريع الإنهيار، فتحدى الفيزياء هو الآخر، إذ إعتمد مبدأ إختراق أبراجهم "أفقيًا"، علماً بأن الأديان السماوية على إختلافها "عمودية" الوجهة وتوصي بالصبر وتلتقي على الصيام، فأرجوكم وإلى حينه: صوموا تَصُحّوا وأصبروا. إن الله مع الصابرين.

ميشال حايك

ميشال حايك
زياد الرحباني
غيمة صيف وتمرُّ. حتى لو صادَفَ أن حلَّ الصيف مرةً في آذار، ستمرُّ . إن غيوم آذار أسرع الغيوم على الاطلاق فهو الشهرُ الغدّار. إن آذار القادم سيكون غدّاراً وصاعقاً، سيتحول الى ظاهرة مناخية غير مسبوقة. إن آذار القادم قادمٌ وبسرعة فقد خفَّ طولا ً وعرضاً فأقترب "وزنه فارغاً" من "وزنه محمّلاً". لماذا؟ لأنَّ: 1- الآن وقد فقد الأمل بالحوار بين 8 و14 آذار، وَجَب َطرح 8 من 31 (آذار طبيعي و"خشبي"!) والنتيجة: 232- بما أن بيار الجميل لا يمكن أن يخون الطبقة العاملة فهو لن يخون أباه، ولا نسيب لحود يخون بكركي، وصولانج لا تخون الشهيد البشير، حتى الحكيم لن يخونه فكيف بابنه نديم؟ كما ولن يخون أحداً من حلفائه وطبعاً "الستريدا"، وسينسحب كل هؤلاء معاً لأسباب دينية تَنَسُكِيّة لكن جهادية.3- أمّا "اليسار الأممي الديمقراطي" فسينشق هو الآخر إنما لأسباب ماركسية وجودية ويؤسس لحركة آذار تصحيحية.ماذا سَيَحلُّ عندها بآذار المعهود؟ غضب الطبيعة أولاً!!! إن نسبة المنسحبين ومن لون واحد (أزرق) تشكل أقل من النصف بقليل فنطرح 10 من 23، يكون المتبقي 13 يوما! أي بقلب ال31 رأساً على رأس! وسيصبح شهر شباط بمجموعه الشاذ أصلاً، أطول من آذار بمرتين ويومين و3 مرات كل سنة كبيس (13/29). سنشهد تحولات جذرية خيالية، سيبدأ الربيع فجأة بعد طوفانات شباط، سيطلع البحر على المخالفات البحرية ويزيد التصحُّر على المرتفعات، ستتقلص فترة بقاء القوات الدولية المعززة والمكرّمة، سوف يتقارب صيام النصارى من صيام المحمّديين دون معتقداتهم. سيتحالف جعجع مع نصرالله قبل عون، ستزيد العُطَل، لكن ورغم ما سبق سيصبح آذار أخَف، صُحّياً أكثر، قليل الدسم خالياً من غنوة وعيدو والسِكَّر، سيكون diet قاسيا لكن متوازنا للسُنّة، سيكون شهرهم مستقبلاً ومستقبلٌ ومستقبلٍ. شهرُ السُنّةِ حتى دُروزِهِم وخاصةً المسيحيين منهم.

هذا ما يحدث

هذا ما يحدث
زياد الرحباني
أخي المواطن، هناك في العالم كلاب بوليسية وهناك أيضا "بوليسية" كلاب. أنت عادةً ودونما إنتباه، ينحصر كرهك والرعب بالكلاب وتنسى "البوليسية"... إنَّ هؤلاء "البوليسية" هُم من درَّبَها وأدمنها على الشائن والعدائي والإفترائي، على المخدِّر والمُخَدَّر والمنكر والهواش الجمهوري الجهوري، حتى أصبحت تيك الكلاب، فور ما تُسيَّر، تهرع بشراسة فائقة وكلٌّ بحسب حالة إدمانه للبحث عمّا أُعيدَ حَجبُهُ عنه. إن جهازه العصبي ــ الجسدي يعاني في هذه اللحظة عوارض الادمان الشديد لذا تراه يَثِب، يهرول، يهتاج طبعاً، وهل سيمارس رياضة المشي السريع على المنارة؟! العوذ بالله! والبوالسة مربوطون بالكلاب ويلحقونها، تدخل في حقل دبق وعريش، يدخلون وراءها، تنزل في بئر وحول، ينزلون وراءها، تنبطح أمام مجرور... طبعاً! يعني وهل تراهن على الكلاب مهما نَبَغَت؟ انها تبحث عن الحقيقة بغريزة الشم حصراً. إنَّ رائحة سندويش سجق ساخن يا "مخايل"، قريب من ساحة الجريمة، قد يشوش عليها وعلى "الحقيقة". أساساً، يهرعُ شخصان فوراً للهرب بسرعة بنفسجية كُلٌّ باتجاه بعدما هاش عليهما جديًا كلبٌ مدرّبٌ. هل فهم أحدكم يوما على أي اساس يختار الكلب الشخص الذي قرر مطاردته؟ لا يمكن! ربما لأنه لا يستطيع الركض باتجاهين؟ صحيح، لكنه كيف اختار الاتجاه الذي اختاره؟ ما المعطيات؟! هل اختار الأبطأ في الركض؟ إذن فهو اعتمد الغريزة لا الأدلة ولا الحنكة وسيصل إليه والبوالسة من ورائه سيقبضون على روحه وسيحتفي البوالسة والكلب طبعاً (كونه صاحب العيد) بفسحةٍ من التنتيش والعَض واللبط وروح المسؤولية احتفالا بخيوط "الحقيقة" الاولى. يأتي دور "الحمض النووي" ليُكَذِب أدلة خيرة كلاب النخبة، فما العمل؟ لاشيء... كل شيء هادئ وطبيعي. قدً يَتَبَرّز الكلب لا إرادياً، والبوالسة يطمّون.ملاحظة: يُفَضَّل أثناء عملية الطَّم، ألّا يُسَلِّموا أية أدلة "أخرى" عن "الحقيقة"... هذا ما يحدث.

Wednesday, October 18, 2006

خطر على السلم الأهلي في لبنان..


خطر على السلم الأهلي في لبنان..
GMT 21:30:00 2006 الأربعاء 18 أكتوبر
المستقبل اللبنانية
الخميس: 2006.10.19 خيرالله خيرالله
يُعتبر الخطاب الذي ألقاه النائب اللبناني ميشال عون الأحد الماضي برنامجاً يطرح نفسه على أساسه رئيساً للجمهورية. نسي الأستاذ عون أمراً في غاية الأهمّية يتمثّل في أنه يستحيل وصوله ألى سدّة رئاسة الجمهورية نظراً ألى عدم أمتلاكه القدرات العقلية التي تؤهّله لمثل هذا الموقع الذي سبقه أليه أميل لحّود. الأكيد أن لدى لحّود ليس أفضل بكثير من عون لكنّه أمتلك على الأقلّ القدرة على التعاطي مع موازين القوى التي كانت سائدة في لبنان في مرحلة معيّنة وعرف كيف يوظّفها في خدمة طموحاته الشخصية حتى لو كان ذلك على حساب لبنان واللبنانيين. وهذه الميزة المتمثّلة في أستخدام كلّ شيء وعمل أي شيء للوصول ألى الرئاسة من الأمراض المشتركة التي تجمع بين أميل لحّود وميشال عون. ربّما كان الفارق الوحيد بين هذين الشخصين أن أميل لحّود عرف مثلاً كيف يستغلّ هذه الموازين والمعطيات المتوافرة في مرحلة معيّنة، في مقدّمها حقد النظام السوري ممثّلاً ببشار الأسد الذي كان الحاكم الفعلي للبلد في السنوات الأخيرة من عهد والده، على الشهيد رفيق الحريري.لا يزال أميل لحّود في موقع الرئاسة على الرغم من أنّه أفرغه من مضمونه. يكفيه أنه لا يزال يمارس حقده على كل ما كان يمثّله وما زال يمثّله رفيق الحريري، وفي مقدّم ذلك النجاح. النجاح في أعادة لبنان ألى خريطة المنطقة والعالم بعد أعادة بناء ما هدّمته الحرب بما في ذلك أستعادة البلد لبنيته التحتية، أو على الأصحّ لجزء أساسي منها.لم يكن خطاب ميشال عون الذي ألقاه محاطاً بمجموعة من التافهين، بينهم عدد لا بأس به من الصبية حتى لا نقول الغلمان، فيما جلس قبالته عدد من يتامى الأجهزة السورية أو الأنتهازيين الذين يصلحون لكلّ الأجهزة، سوى تعبير عن الأفلاس الذي يعاني منه "الجنرال". ولعلّ أفضل دليل عن مدى عمق هذا الأفلاس النصّ الذي أُلقي بواسطة عون والذي يُظهر أن من يعتبر نفسه زعيماً وطنياً فذّاً على علاقة بكلّ شيء بأستثناء الواقع اللبناني. كيف يستطيع نائب لبناني، يدّعي أنّه يحترم نفسه، الشك في الصفة التمثيلية لمجلس النوّاب من جهة وعدم تقديم أستقالته من جهة أخرى؟ كيف يمكن لنائب لبناني تقديم هذه القراءة المجتزأة للقرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة؟ أنّه يأخذ من القرار ما يشاء ويرفض الأعتراف بأنّه تضمّن بنوداً معيّنة كان على الحكومة اللبنانية قبولها من أجل التوصّل ألى وقف للنار. وقد قبلت الحكومة القرار ككلّ، بما في ذلك البنود التي لا يشير أليها ميشال عون من قريب أو بعيد، بموافقة "حزب الله". وهذا يطرح في طبيعة الحال سؤالاً في غاية الأهمّية هو الآتي: هل قرأ الأستاذ عون نص القرار؟ وفي حال قرأه، هل فهم النص وأبعاده وما يترتب عليه من تصرّفات ومسؤوليات على الجانب اللبناني تحمّلها في حال كان يريد بالفعل حماية البلد والمحافظة على السلم الأهلي؟ ربما في الأمكان فهم ما تضمّنه الخطاب الذي ألقاه"الجنرال" من زاوية أنّه لا يستوعب ما يقرأه لا أكثر ولا أقلّ.لا يمكن أيجاد أيّ أعذار لميشال عون بأستثناء عذر واحد. أنّه أعمى يسيّره الحقد ولا شيء غير الحقد. وهذا الحقد يزداد يومياً عند "الجنرال" كونه أكتشف أن لا مجال لوصوله ألى الرئاسة في ظلّ الأكثرية الحقيقية في لبنان. ولذلك عليه المشاركة في أنقلاب هدفه أطاحة الحكومة الحالية غير مدرك أن الحكومة هي خط الدفاع الأوّل والوحيد عن لبنان الحرّ والسيّد والمستقلّ الذي يرفض بقاء البلد "ساحة" للتجاذبات الأقليمية، "ساحة" يستخدمها المحور الأيراني- السوري الذي تحوّل ميشال عون أداة من أدواته لأبتزاز العالم خصوصاً الولايات المتحدة لعقد صفقات معها يدفع ثمنها لبنان اللبنانيون. تماماً كما حصل في الماضي.لا يصلح الحقد لأن يكون سياسة. لقد أوصل الحقد أميل لحّود ألى الرئاسة، فماذا كانت النتيجة؟ كلّ ما حصل أن لبنان دفع غالياً ثمن الحقد على النجاح والناجحين... حقد النظام السوري أوّلاً الذي يعتقد أن لا مستقبل له في حال كان لبنان حرّاً مزدهراً. الآن تبدو ورقة أميل لحّود وكأنها صارت شبه مستهلكة. لم يعد في الجانب المسيحي من يُستخدم في عملية أستكمال دور أميل لحّود سوى ميشال عون. هل يدرك "الجنرال" معنى الدور الذي يلعبه، أو على الأصحّ الذي رُسم له من خارج لبنان؟ هل يعي ما يفعله أو ما يُجرّ أليه؟ من الصعب الرهان على أمكان أستعادة "الجنرال" وعيه، نظراً ألى أنّه لم يمتلك يوماً حدّاً أدنى من الوعي. ولذلك يشكّل ميشال عون في هذه المرحلة خطراً على السلم الأهلي في لبنان أكثر من أي وقت. أنّه يلعب الدور ذاته الذي لعبه عندما تمرّد على الشرعية وتحصّن في قصر بعبدا متسبّباً بقتل الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوّض بطريقة أو بأخرى. وكانت النتيجة أدخال السوريين ألى القصر الذي فرّ منه قائد "حرب التحرير" ألى منزل السفير الفرنسي. وقتذاك حرّر ميشال عون لبنان من اللبنانيين الذين هاجروا بالآف. اليوم، يبدو في ضوء التهديدات التي أطلقها أنه على أستعداد لأعادة الكرّة. ما هو الثمن الذي سيدفعه لبنان واللبنانيون هذه المرّة بعد الخطاب، الذي خرج به "الجنرال" في الذكرى السادسة عشرة لتسليمه قصر بعبدا ووزارة الدفاع للسوريين، وهو خطاب فارغ ليس ألاّ يمكن القول أنّه في مستوى موضوع أنشاء لتلميذ في بداية دراسته الثانوية...

عون رئيساً يمنح قيادة الجيش لحزب الله

عون رئيساً يمنح قيادة الجيش لحزب اللهمصدر خليجي: "لا حاجة للأسد بأنصاف الرجال"
إيلاف – واشنطن: في فم الرئيس نبيه بري ماء كثير. الرجل العائد من المملكة العربية السعودية يحاول أن يرفع منسوب التفاؤل بالخير عله يجده او يجد بعضه عقب إنتهاء "شبه الهدنة الرمضانية". فما عاد به الرئيس نبيه بري من لقائه الملك عبدالله بن عبد العزيز لم يلامس الحدود التي أمل بها لا سيما ما يتصل منها "بكسر الشر" مع سوريا وهو سيد العارفين بقدرة البعث الدمشقي على زعزة الإستقرار في لبنان.
ترحيب حار ببري… وآذان صاغية له في ملف "الهاجس المشترك" أي العلاقات الشيعية السنية وكرم فائق ترجم إستعداداً لا حدود له لدعم التنمية والإعمار في الجنوب وفق مقتضيات الحاجة التي يحددها مجلس الجنوب والرئيس بري وتفهم لحساسية التنافس جنوباً إذا ما قررت خزائن طهران أن تنهمر في هذا الإتجاه بما قد يضعف عصباً أساسياً من أعصاب زعامته الشيعية.
أما العلاقات اللبنانية السورية وتاليا العربية السورية فقد كان فيها رأي حاسم، إذ قال مصدر خليجي عالي المستوى "نحن انصاف رجال فما حاجته بنا ... الجرح كبير والكرامة السعودية أكثر من مستاءة"، مضيفا "أمنا له غطاء عربياً ليتسلم دفة الحكم في سوريا …. وبعد إغتيال الحريري، إختلفنا مع اللبنانيين الذين تحلقوا حول دم إبننا وفرشنا له السجاد الأحمر على أمل أن نعيده الى الصف العربي فكان ان أهاننا وبالغ في الإتكال على صبرنا وتسامحنا... هذا رجل لا يحترم المواثيق ويخون العهود"….
الكلام أوضح من ان يعوز ذكاء نبيه بري وحنكته… الرسالة واضحة… قطع بشار الأسد مسافات طويلة في الإتجاه الآخر….
أوساط الرابع عشر من آذار يريحها مثل هذا الموقف … ويخيفها. يريحها أن لا تستشعر سوريا قدرة على التحرك بغطاء عربي ويخيفها أن تستشعر دمشق ضيق الخناق….
وفي هذا السياق تلفت مصادر قيادية في حركة الرابع عشر من آذار إلى ان الهدوء الرمضاني القسري لا يطفىء جمر الخلافات المستعرة ولا يلغي المضي في مقدمات إنقلاب محتمل على السلطة في لبنان… فمذكرات الجلب السورية لعدد من الشخصيات السنية وآخرها زيارة رئيس الحكومة السابق عمر كرامي وسليم الحص وربما لاحقا نجيب ميقاتي تثير مخاوف من إحتمال التهيئة لتغيير كبير في الوسط السني قد يترجم تنفيذاً لقرار الإعدام بالرئيس فؤاد السنيورة الذي يبيت في السراي الحكومي تحسبا لهذا الإحتمال. وتلفت مصادر اخرى إلى أن الحملة على الرئيس السنيورة تشبه الى حد كبير برموزها وعناوينها مناخات الحملة التي إستبقت إغتيال الرئيس الحريري.
عون - حزب اللهمن جهة أخرى كشفت معلومات توفرت لبرلماني بارز في قوى الرابع عشر من آذار أن الحليفين الأساسيين لسوريا أي حزب الله وميشال عون يتعاملان مع التهدئة الداخلية كمهبط إضطراري لإنضاج "تفاهم" جديد بشأن الإنقلاب على إتفاق الطائف. وفي التفاصيل أن الجنرال عون طرح على حزب الله ان يتولى قيادة الجيش شيعي يسميه الحزب كما يعطى له منصب نائب رئيس الوزراء بدلا من الأورثوذوكس إذا ما تيسر وصول عون الى سدة رئاسة الجمهورية.
وإذا يحتاج هذا الأمر الى تعديل دستوري وبالتالي حيازة اكثرية برلمانية تشير أوساط قانونية إستشارية للتيار العوني أن الجنرال قد يرتكز على سابقة إسناد الرئيس لحود منصب مدير عام الأمن العام الى شيعي.
غيران ثمة من يشكك في إحتمال التوصل الى صيغة مماثلة كون الجنرال عون لا يمثل بالنسبة لحزب الله الا بوليصة تامين مسيحية فيما مرشحه الاساسي ومرشح سوريا هو الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية. كما أن حزب الله، وفق بعص المطلعين على علاقته بالجنرال، لا يثق تماماً بعون كون سيرته الذاتية سيرة إنقلابات دائمة على تفاهمات تفرضها لحظات سياسية لا تلبث أن تتبدد شروطها.
المخاوف هذه تأخذها المملكة العربية السعودية على محمل الجد وهو ما دفع بملكها الى إمتداح غير مسبوق لإتفاق الطائف جاء لافتاً في توقيته وصياغته.

ذكرى 13 تشرين تعيد فتح سجل طويل من الانتهاكات والجرائم والتواطؤ


ذكرى 13 تشرين تعيد فتح سجل طويل من الانتهاكات والجرائم والتواطؤدير القلعة شاهد على المجازر السورية و"أبطالها" والشهود معروفونعائلتا الأبوين شرفان وأبو خليل: "نريد الحقيقة. كفانا ظلماً"
ان تكتب عن 13 تشرين الاول 1990 يعني ان تفتح سجلا طويلا من حوادث وانتهاكات وجرائم وتواطؤ اقليمي ودولي لضرب لبنان، ويعني ايضا ان تختبر الظلم والمعاناة لعدد كبير من عائلات لا تزال تجهل مصير الأبناء والأقارب، فتسعى الى الاقتراب من حقيقة موجعة، سرعان ما تلامس حجم الاهمال في قضية انسانية يموت أصحابها كل يوم من شدة حرقتهم، ولا مَن يهتم.
تحقيق : منال شعيا
عادة، الحقيقة المرة أفضل ان تُكتب من أن تبقى مدفونة تجرح القلوب والنفوس، وعائلات المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية أفضل شهود على هذه المرارة. فهم لم يكلّوا من كشف الحقائق والمطالبة بأولادهم.16 عاما أمضوها يناضلون في الشوارع والتظاهرات ولا من يقرّ بعذاباتهم. أكثر من سنة وستة أشهر وهم ينامون في خيمة أمام "الاسكوا" الى جانب صور لأقاربهم المعتقلين، ولا من يبالي، حتى اهترأت تلك الصور بعدما مرّ عليها زمن طويل، وهو من زمن معاناتهم وآلامهم. والغريب ان انسحاب الجيش السوري في 26 نيسان 2005 لم يقابله أي تقدم في ملف المعتقلين، والأسوأ ان سلطة ما بعد الوصاية لم تقابل جرأة من تكلم وفضح معلومات، بشجاعة مماثلة، سوى نبش الحفرة في اليرزة في تشرين الثاني 2005 بعد ضغط اعلامي وسياسي، انتهى بانتشال 10 رفات لشهداء كان يظن الأهل انهم لا يزالون في عداد المعتقلين. ولعل "أقذر" ما في جريمة 13 تشرين الاول ان يبقى أبطالها يمارسون النفاق والتواطؤ والمراوغة، والسؤال: الى متى يمكن شعباً ان يستمر بنسيان الماضي وانكاره، وخصوصا اذا كان الماضي من النوع الذي لم يُداوَ؟بعد 16 عاما على العملية السورية المتمثلة باغارة الطائرات السورية للمرة الاولى والوحيدة، على القصر الرئاسي في بعبدا، لأن المطلوب كان اطاحة العماد ميشال عون وبعد أعوام من ذاكرة الموت والاعتقال، لا يزال اعداد من اللبنانيين معتقلين في السجون السورية ومجهولي المصير، رغم ان العسكريين تنطبق عليهم معاهدات جنيف الدولية المتعلقة بالاسرى، وكان من الواجب اطلاقهم فور توقف العمليات.ودير القلعة – بيت مري، كما غيره من المواقع، بات "معلَما" لفظائع السوريين، كما في بسوس وضهر الوحش والحدت، واستمرت تلك الفظائع حتى بعد وقف اطلاق النار صباح 13 تشرين الاول، فوجدت جثث كثيرة مع آثار التكبيل على معاصم أصحابها، ومصابة برصاصة في مؤخرة الرأس، اضافة الى أربع جثث لعسكريين أعدموا شنقا في تلة تمرز قرب بعبدات، وهذا يعني انهم لم يقتلوا اثناء المعركة.وفي الدير، اعتقل السوريون الابوين الانطونيين البر شرفان وسليمان ابوخليل وخادمة الكنيسة فيكتوريا الدكاش، وبين 24 و30 عسكريا، بعضهم كان من اللواء العاشر المتمركز في الدير، وآخرون ممن نقلوا الى الدير من مواقع أخرى. ومنذ 1990 والسلطة اللبنانية لم تتحرك لاجراء تحقيق يكشف ملابسات ما جرى وتحدد هوية الذين قتلوا، ومصير الذين اعتقلوا، علما أن الدير تحول لأعوام مركزا عسكريا للقوات السورية التي أخلته في نيسان 2002.هكذا بقي الاهالي أسرى الكثير من التساؤلات، وبكل بساطة لم تسعَ سلطة ما بعد الوصاية الى ان تحسم الغموض في بعض المعلومات، فظل هؤلاء ينتظرون والصمت يلف قضيتهم الانسانية فيما الروايات تتعدد.الاولى: شهود عيان أفادوا عن وقوع مجزرة ظهر السبت 13 تشرين الاول في محيط الدير.الثانية: صباح 14 تشرين الاول، شوهد الابوان وآخرون احياء في الدير ينقلون في سيارات سورية عبر طرق المتن الاعلى.الثالثة: أفيد عن مستوعب وجد في بيت مري ويقدر انه يحوي جثثا وكانت القوات السورية تمنع الاهالي من الاقتراب للتأكد، ولكن اذا كان هذا صحيحا وقتل هؤلاء او أحرقوهم فأين الرفات؟ وهل يختفي رماد هؤلاء هكذا؟ والأهم ان الجيش اللبناني حفر في كانون الاول 2005، بعد نبش حفرة اليرزة، في محيط الدير والآبار ولم يعثر على شيء، كما ان اللجنة المختصة التي أوكلت اليها متابعة موضوع تحديد هوية الرفات الذي وجد في اليرزة، تمكنت من معرفة هوية عشرة عسكريين، سبعة منهم استشهدوا في 13 تشرين الاول ولم يكن أحد منهم ممن كانوا في محيط الدير، وثلاثة سقطوا في الشحار الغربي عام 1984، وبقيت تسع جثث غير معروفة هوية أصحابها، ولكن يستحيل ان تكون لمعتقلي 13 تشرين الاول لأن أهالي هؤلاء ومن ضمنهم طبعا عائلتا الابوين شرفان وأبو خليل، أجروا فحوص الـDNA كي يقطعوا الشك. لذا، كان المطلب الاساسي للجنة "سوليد" والذي رُفع اخيرا الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، يقضي باجراء فحوص الـDNA لجميع أهالي المفقودين في لبنان ونبش المقابر الجماعية جلاء للحقيقة.واذا كانت الحكومة أخذت على عاتقها في جلسات الحوار متابعة قضية المعتقلين، فانها حتى اليوم لم تبادر الى تقديم أي شيء ملموس يشفي غليل الاهالي، فيما المطلوب منها ان تسعى سريعا الى العمل على ايضاح الكثير من الغموض الذي يكتنف الروايات المتعددة، كي لا تبقى هذه القضية رهن الاهتزازات السياسية. ففترة الاحتلال ولّت وكثر مستعدون للتكلم، وأسماء عدد من المتورطين والشهود باتت معلومة، والأهم ان مأساة المعتقلين لا تحتمل التأجيل لأنهم معرضون للموت في كل دقيقة.مات بحرقتهلعل في قضيتي الابوين شرفان وابو خليل أسئلة كثيرة وحرقة كبيرة كان يفترض ان تهز المجتمع اللبناني بكل مكوناته، وصولا الى الفاتيكان لأنهما ابنا الكنيسة، وهما نموذج عن معاناة كثيرين.وللتاريخ، فان الاباتي سمعان عطاالله أكد أكثر من مرة متابعته القضية، وفي حديث صحافي عام 2000، قال: "(...) التاريخ سيحاكمنا اذا سكتنا، والمداواة الصحيحة تقوم على قول الحقيقة وكشفها، فهي وحدها تشفي، وغير ذلك هو مساومة على هذه القيم التي تبني الاوطان (...)".وللتاريخ ايضا، طالب العماد عون أكثر من مرة قيادة الجيش "باعطاء المعلومات الكافية عن المفقودين، حتى لا تبقى الجريمة متمادية بسبب السكوت عنها".الجديد ان "النهار" حصلت على فيديو مسجل عام 1998، تُعرَض فيه شهادة لفوزي ابو خليل، وهو أخ الاب سليمان، يتكلم فوزي (توفي عام 2000) على شقيقه ويروي جوانب من القضية ويسمي ضباطا سوريين ومسؤولين لبنانيين تأكد منهم ان الاب ابو خليل في سوريا.13 آب 1990 كان تاريخا مفصليا بالنسبة الى أبي خليل، توفيت والدته وهو في الخارج، بقذيفة في منزلها في بعبدا. بعد حوالى شهرين، حضر الاب سليمان الى لبنان ليشارك في قداس على نيتها. عندها طلب منه الرئيس العام الاباتي بولس تنوري ان يبقى فترة اجازة في دير القلعة مع الاب شرفان. يقول فوزي في الفيديو: "خلال تلك المدة، وقعت معارك ودخل السوريون الدير، فانشغل بالنا. يوم 14 تشرين الاول، قصدت الدير العاشرة وعشر دقائق، قبل الظهر. حاولت الدخول ولم أستطع. هناك علمت ان ملازما سوريا يدعى حسن او حسون طلب من سائق الاباتي تنوري ويدعى البر، ان يدخل الدير صباحا مع عناصر من الجيش السوري لتأمين نربيش ماء لتنظيف الموقع. وهكذا حصل، دخل البر صباح 14 تشرين الاول وشاهد الأبوين شرفان وابو خليل. ولاحقا، علمت من المدبر رئيس الدير سمعان عطاالله ان ضابطا سوريا سأله عن الطويل الشايب وعما اذا كان رجل دين او عسكريا، فأجابه انه رئيس دير قب الياس، الاب سليمان ابو خليل، عندها اتصل الضابط بالعميد علي دوبا وأعلمه بذلك. وبعد لحظات، تم نقل الابوين ابو خليل وشرفان بسيارة "رانج روفر" فيما نُقل العسكريون في شاحنة، وهذا ما يؤكده ايضا بعض أبناء بيت مري الذين شاهدوا الشاحنة الـ"رانج روفر"، فيما نقل الي شهود آخرون ان الـ"رانج روفر" أوقف على مفرق قرنايل، ثم نقل الى عنجر وبعدها الى سجن فلسطين، وهكذا فهمنا انهم أصبحوا في سوريا، في سجن بين صيدنايا ومعلولا".يبدو فوزي في الفيديو، قلقا على مصير أخيه، يجلس في بيته في بعبدا، ينفخ النرجيلة وخلفه صورة والدته وشقيقه، ويتابع: "تابعنا القضية ووصلنا الى بعلبك. طرقنا باب عبد الله الحسيني، شقيق رئيس مجلس النواب حينها حسين الحسيني، وكان هناك ضابط من عائلة شكر من مزرعة المشيك، في سوريا، فعرضنا له المسألة، وأذكر انه كان يوم جمعة، فطلب منا إمهاله ثلاثة أيام، قائلا: "أعدك انهما اذا كانا متوفيين، أستطيع ان اؤكد لك ذلك". وبالفعل، اتصل بي يوم الاثنين وقال: "يسلّم عليك عبدالله ويقول لك ان الابوين لا يزالان على قيد الحياة، والقضية صعبة وطويلة. ومرت الاعوام ونحن نقصد المراجع القضائية والسياسية والدينية. ركضنا يمينا وشمالا من دون جدوى، الجميع يهتمون بالمعتقلين في اسرائيل، فيما أسرى السجون السورية مهملون. نحن ننتظر. لم يلتفت الينا أحد، تركونا".ينتهي الفيديو بهذه العبارة: "لم يلتفت الينا أحد. تركونا". والدموع تغلب وجه فوزي المتعب الذي قضى آخر أيام حياته يفتش عن أخيه. هو قال هذا الكلام في 1998، فما عساه يقول اليوم بعد ثمانية أعوام، لو قدّر له الحياة، والاهمال هو نفسه، والغموض يلف القضية؟"لا يشعرون بنا"اليوم، انتقل الكلام الى ابن فوزي: يزيد، الذي ورث الحرقة نفسها. هو ينبش في كل الملفات "كي لا تموت القضية ويضيع الحق".تقصد منزله في بعبدا، فيعود الى 12 تشرين الاول 1990، حين كان في قصر بعبدا وشاهد محاولة اغتيال الجنرال عون. يقول: "رأيت الشاب (فرنسوا حلال) الذي نفذ العملية، لقد كنت الى جانب امرأة وحاولت ان أبعده، لكني شاهدت مرافق عون كيف قتل حينها، والبلبلة التي عاشها المعتصمون في الساحة. تركت القصر، ونزلت لأقرع الاجراس في المنطقة ثم عدت الى المنزل.صباح 13 تشرين الاول، اشتد القصف وشاهدنا الطائرات السورية تقصف قصر بعبدا. حينها ردد أبي عبارة لا أزال أذكرها، قال وهو يبكي: "راحت علينا، لكنهم سيضطرون الى الخروج هربا وبالحجارة".يعتبر يزيد انه "لو كان الابوان توفيا فهل تتبخر الجثث هكذا؟ لا أستطيع ان أنسى انه بعد حوالى عامين على احداث 13 تشرين الاول، أي في 1992، غاب أبي اكثر من 24 ساعة ثم عاد في اليوم التالي وأخبرنا ان عمي سليمان في سجن في سوريا ويده مكسورة. اليوم، من لديه معلومات اخرى فليتكلم، فالى متى سنبقى أسرى الصمت والخوف؟"يحدثك يزيد (35 عاما) كيف ان والده لديه معارف عدة وظفها كلها من أجل جلاء الحقيقة في قضية أخيه، ويخبرك ايضا كيف وهبه والده قرنية عينه. ويقول: "هذه عين والدي وعلي أن أتابع مسيرته". هو ينطلق من ايمان قوي، وخصوصا حين تعلم انه شفي من شلل أصابه اثر حادث سير، اثناء زيارة الاب تارديف للبنان. يروي ذلك وقوة الايمان بادية عليه، وسرعان ما يردد: "لولا الارادة اللبنانية لا نستطيع ان نتابع. المسؤولون لا يهتمون بنا فكيف سيشعرون بالمعاناة التي لا نزال أسراها منذ 16 عاما؟ اذا كانوا لا يشعرون بأي قيمة تجاه شعبهم، فما نفع المطالبة! هل يريدون منا ان نتخلى عن كرامتنا؟ نحن نعاني وهم لا يشعرون، فلماذا أطلب منهم؟"قضيتنا مهملة"تترك يزيد لتنتقل الى مأساة اخرى. تدخل مكان عمل جوسلين شرفان في النقاش، ابنة أخ الاب شرفان، فتسمع تراتيل بصوته الذي يدخل القلب سريعا. تنظر جانبا فتشاهد صورته ومجموعة اسطوانات له، تجلس فتسألك جوسلين: "شو بعد بدي احكي".منذ أعوام وجوسلين تحمل صورة عمها، ترفعها عاليا بين المعتصمين وتردد: "هيدا الاب شرفان". السكون يلف الارجاء، ثم تقطعه عبارات جوسلين التي تقول: "نحن لا نتوهم انه في سوريا، ولا نؤخذ بالعاطفة كما يحلو للبعض ان يردد، لكننا نستند الى شهادات كثيرة ومن مصادر مختلفة أبرزت النتيجة نفسها، ومن لديه اثباتات مغايرة فليخبرنا، لأنه من حقنا ان نعرف. قضيتنا تتعلق بمصير انسان لا بل بمصير كاهن، جريمته الوحيدة انه كان يتكلم باسم الرب، أي باسم العدالة والايمان والحق. واذا كان المفقودون قد توفوا، كما يلفت البعض، فليقل لنا هذا البعض من قتلهم وأين هي الجثث ولتكشف كل الحقائق، لأن طمسها يشكل جريمة ثانية".وعندما تستوضح من جوسلين عن معلومات تملكها وتفيد أن الاب شرفان في سوريا، تبرز لك خمسة اثباتات.الاول: قصة نربيش الماء التي تتفق مع ما رواه فوزي في الفيديو.الثاني: سيارة الـ"رانج روفر" كما رواها ايضا فوزي، والتي شوهدت في قرنايل.الثالث: بيان للجنة "سوليد" عام 2004، وفيه انه "وفق شهادة هيثم نعال، أحد أقدم السجناء السياسيين السوريين الذين أطلقتهم السلطات السورية في 11 آب 2002 بعدما أمضى أعواما طويلة في سجن تدمر الصحراوي، فان المعلومات التي أدلى بها تؤكد أنه شاهد الراهبين الانطونيين في الباحة الخامسة من سجن تدمر حيث كانا معتقلين اعتبارا من مطلع التسعينات مع مجموعة كبيرة من اللبنانيين".الرابع: اللائحة التي سلمها الصحافي السوري المعارض نزار نيوف عن المعتقلين الى البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، وقال انه تعرف اليهم أثناء وجوده في السجن على مدى عشرة أعوام بين 1992 وأيار 2001، وضمن اللائحة اسما الأبوين.الخامس: يعود الى العام 2005 عندما زارت جوسلين السجين صالح عبد الدايم في رومية بحجة المساعدة الاجتماعية، وسألته عن الاب شرفان، كون عبد الدايم كان في سجن في سوريا عام 1998 ثم خرج وعاد اليه عام 2003، قبل ان يغادر نهائيا في 27 شباط 2004، وينقل بعدها الى سجن رومية بتهمة التزوير واساءة الامانة. وفي احدى المرات، شاهد عبد الدايم حلقة "كلام الناس" المخصصة للمعتقلين، ورأى صورة للأب شرفان فتعرف اليه، وبواسطة احد الاصدقاء وصل الخبر الى جوسلين، فعملت جاهدة كي تزوره. في 4 حزيران 2005، قابلته وجها لوجه وسألته عن وضعه في السجون السورية وعما اذا كان معه الأب شرفان فأجابها: "نعم". عندها طلبت منه ان يصفه لها، فقال: "ضعيف وقصير القامة"، وسألته مجددا: "كيف عرفت ان اسمه الاب شرفان؟"، فرد: "هو قال لي. وأعلمني انه كان مع كاهن ثان يوم الاعتقال وأنه لا يعرف عنه شيئا اليوم". فعادت جوسلين وسألته: "متى رأيته للمرة الاخيرة؟" فقال لها: "يوم رحيلي، في 27 شباط 2004. كنا في سجن الحسكة حوالى 250 شخصا في الغرفة نفسها، في فرع الأمن السياسي، مهجع رقم 7، وكنا نتعرض لتعذيب يومي".عندها، أخرجت جوسلين صورة للأب شرفان، فصرخ عبد الدايم: "هيدا هوي".وتسأل جوسلين: "هذا دليل قاطع على وجود الاب شرفان في سوريا، فلماذا سيكذب هذا السجين؟ 16 عاما ونحن نتعرض للابتزاز وندفع الاموال مقابل الحقيقة، لكن هذا السجين لم يطلب منا شيئا بل نحن قصدناه".تصمت جوسلين قليلا ثم تتنهد: "يا الله. عمو البر اصبح عمره 72 عاما. كان يردد دائما: "ربنا بدو صلاة ما بدو أموال، ولكن يا للأسف قضيتنا مهملة".تغمض جوسلين عينيها وترتل "ظمئت نفسي اليك يا الله"، هذه الترتيلة من لحن الاب شرفان، وفي كل مرة تدخل جوسلين الكنيسة ترتلها وتبكي. تترك جوسلين، وصوت الاب شرفان يدخل أعماقك وانت تفكر: هل كان يدرك مسبقا ان نفسه ستكون ظمئة الى كثير من الحرية؟!المفاجأة في قضية شرفان، ما يروى عن شخص فرنسي يدعى فنسنت كيتل كان مهتما كثيرا بمصير الابوين والمعتقلين، وكان يحاول ان يكشف بعض الحقائق. ففي العام 1991، ذهب الى "البوريفاج"، مركز الاعتقال الشهير ليسأل عن الابوين وقابله حينها رستم غزالة ووعده بمتابعة القضية. أما المفاجأة الثانية انه بعد أشهر، وُجد كيتل مقتولا في منزله، وهذا ما نقلته صحيفة "لو فيغارو"!وبعد... هل يُعقل ان تبقى كل هذه الروايات من دون تحقيق رسمي؟ وان تبقى المسؤولية السياسية غائبة عن معاناة كبيرة الى هذا الحد؟ واذا كان الضباط السوريون واللبنانيون معروفين اسميا، فلماذا لا تتم محاكمتهم، وخصوصا ان الجهة التي كانت مسؤولة عن أمن دير القلعة اثناء حوادث 13 تشرين الاول وبعدها، معروفة ايضا، وبالتالي ثمة خيوط وأسماء يمكن البدء منها للوصول الى الحقيقة. والأهم أن ثمة قلوب أمهات تحترق يوميا، ولا يجوز ان تنقل هذه الحرقة من جيل الى آخر. الى متى الانتظار؟ حتى يموت جميع الشهداء ويختفي المتورطون فتطمس الحقيقة ثانية؟ ألا يكفي 15 عاما من اهمال رعاه ما سمي باتفاق "الاخوة والتنسيق"، فكانت نتيجته التنكيل بالشهداء أكثر من مرة ونسيان المعتقلين؟!

جنرالهم هم في الرابية، جنرالنا نحن لا يزال في باريس!!!

جنرالهم هم في الرابية، جنرالنا نحن لا يزال في باريس!!!
الياس بجاني
المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
قد يستغرب البعض معارضتي الصريحة والعلنية والقاسية المستجدة لخيارات دولة الرئيس العماد ميشال عون، تلك التي تبناها خلافاً لكل طروحاته ووعوده والثوابت وعمل في إطارها منذ أن عاد إلى لبنان. وتحديداً في أعقاب تغطيته غير المبررة قيمياً، ولكن المفهومة ورقياً وتفاهمات، لغزوة حزب الله للأشرفية وباقي المناطق المسيحية من بيروت وضواحيها على خلفية حلقة من حلقات برنامج بسمات وطن، فيما البعض الآخر سيتهمني بالخيانة وبالانتقال إلى أحضان القوى التي تقف حالياُ في مواجهة حزب التيار الوطني الحر "الفاهم والمتفهم".

هذا الحزب العلماني الشابك الخناصر "إلاهياً" مع الصديق الوفي العماد لحود والأخوة في النضال والعروبة زاهر الخطيب ووئام وهاب وسليم الحص وفارس بويز وأسامة سعد والمير طلال ونجاح واكيم وعمر كرامي وايلي الفرزلي وناصر قنديل، والمتحالف مع الأحزاب الوطنية المقاواماتية، بدءً بحزب الله، وحركة أمل، والقومي السوري والناصري والشيوعي وانتهاءً بالبعثي وباقي الإخوة الرفاق من أعداء الأمس القريب، شركاء وأدوات حكام دمشق في هجمة 13 تشرين سنة 1990. سبحانك ربي فأنت قادر على كل شيء!!!

نعم لي الفخر أن أكون قد أيدت وساندت العماد عون ودافعت عن طروحاته بكل ما أوتيت من إيمان ومعرفة وإمكانيات وعلاقات وثبات منذ العام 1988 لأنني يومها رأيت فيه تجسيداً لقضية وطني وأهلي التي كان حملها واستشهد من أجلها البشير وآلاف اللبنانيين الأحرار وفي مقدمهم الأبطال الذين سقطوا في معركة 13 تشرين الأول 1990.

تلك القضية المقدسة التي شدتني إلى العماد سنة 1988هي نفسها التي أبعدتني عنه منذ عدة أشهر، بعد أن أبتعد هو عنها بجحود ونكران ناطحين بقرونهما، وتخلى عن طروحاته وثوابته والعهود كافة، منتقلاً دون أن يرف له جفن إلى القاطع الآخر بعد أن استسهل استبدال جلده وناسه. من هنا فأنا وغيري من المؤمنين بقضية البشير هوية وتاريخاً، تميزاً وإنسانا،ً حقوقاً وقيما، إيماناً ورجاء، لم نعد في وجداننا والضمير نرى في الجنرال المقيم حالياً في الرابية المنقلب على ذاته، نفس جنرال القضية والعنفوان الذي كان مقيماً في منفاه الباريسي.

نعم جنرالنا لا يزال في باريس، وإن كنا غير قادرين على التواصل الحسي والملموس معه كما كان حالنا خلال ستة عشرة سنة عجاف، إلا أن تواصلنا الروحي والعقلي لا يزال وسيبقى قائماً مع كل من يحمل القضية، حتى مع الذين انتقلوا إلى دنيا الخلود، تماماً كما هو حالنا مع البشير وغيره من قديسي وأبرار قضيتنا وشلوح الأرز.

وكما كنت صادقاً وأميناً وعقلانياً وصريحاً في دفاعي عن العماد يوم كان يجسّد في"نظري وعلى قدر فهمي" القضية، سأكون أيضاً وبنفس الزخم والقوة معارضاً له بعد أن "وبنظري أيضاً وعلى قدر فهمي"، تنكر للقضية ونقض كل وعوده والطروحات.

لن أقوم بأي جهد تحليلي أو تنظيري ولن أصدر أية أحكام على النوايا. لا، بل سوف أقارن بكل صدق وشفافية بين طرحي الجنرالين، جنرال باريس وجنرال الرابية بكل تشعباتهما والتحالفات تاركاً للقارئ مهمة الاستنتاج وبالتالي الحكم وتحديد المواقف.

في سلسلة من المقالات سوف أتناول مع مجموعة من الكتاب السياديين مواقف الجنرالين، جنرال باريس وجنرال الرابية، بحرفيتها والتناقض دون زيادة أو نقصان تحت العناوين التالية: اتفاقية الطائف، المعتقلون في السجون السورية، اللاجئون إلى إسرائيل، مزارع شبعا، القرارين 425 و520، القوات الدولية، اتفاقية نيسان، حزب الله، السلاح الفلسطيني، الصراع العربي الإسرائيلي ومشكلة لبنان، انسحاب إسرائيل من الجنوب، الحدود السورية اللبنانية، جرائم النظام السوري، منظمات الإرهاب، مفهوم العمليات الانتحارية، ضرب القوات اللبنانية، الشرعية من سيادة وحرية واستقلال، الميليشيات ومفهوم الجنرالين لها، ورقة التفاهم مع حزب الله، القرار الدولي 1559، حرب 12 تموز 2006، علاقة الاغتراب بالوطن الأم، حق الاختلاف دون خلاف، قانون محاسبة سوريا، فورميلا لبنان الكيان، القوى الدولية ومزاوجة المصلحتين، العلمانية، العروبة، الهوية اللبنانية، العلاقة مع سوريا ومواضيع أخرى كثيرة.

البداية اليوم هي مع خطاب جنرال الرابية يوم الأحد الموافق 15 تشرين الأول 2006، فماذا قال وماذا كان قاله جنرال باريس في نفس المواضيع وتحت نفس الظروف؟
بداية أشكر النائب عباس الهاشم العضو المستجد في حزب التيار الوطني الحر الذي بالفعل زاد قناعتي بأن جنرال الرابية "مش هو نفس جنرالنا" وذلك من خلال التصريح البالغ الأهمية الذي أدلى به أمس الاثنين (16/10/2006) حيث قال للمركزية: "ولكن ما نود الإشارة إليه هو أن يوم 15 تشرين هو يوم تاريخي في تاريخ لبنان الحديث، إنها الثورة الحقيقية التي قام بها الشرفاء، فلنعترف أيضا بأنه قبل 15 تشرين كان عون الزعيم الأقوى والآن بعد 15 تشرين اصبح الزعيم الأوحد".

جنرال الرابية هو الزعيم الأوحد، يعني بمفهوم الهاشم الجنرال مثله مثل الأسد وكاسترو وهتلر وستالين والقذافي وصدام وموسوليني. ترى هل هذا هو جنرالنا، نفس جنرال باريس؟ بالطبع لا. فجنرالنا، جنرال الحرية والسيادة والإستقلال كما نعرفه عن قرب هو إنسان ذو خلق، محب، متواضع، ديموقراطي، يعشق الحرية، يقدس شرعة حقوق الإنسان، يعترف بالآخر، يقبل بالخلاف دون اختلاف، وهو القائل أيريد العالم من ضابط يرتدي اللباس المرقط أن يعلمه الحرية؟

لا جنرالنا ليس زعيماً أوحداً، ولو كان كذلك لما سوّق لقانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان، ولما كان حاضر أمام البرلمان الأوروبي عن الحريات وعن ضرورة ملاحقة رموز النظام السوري وحاكمه الأوحد على جرائمهم البشعة بحق اللبنانيين. لا، لا، إن جنرالنا ليس زعيماً أوحد ونحن براء من هكذا زعيم وجنرال.

والأهم إن جنرالنا، جنرال باريس، ما كان ليسمح للهاشم أو لغيره من الذين لم يعرفوا التيار يوماً في شدته والنضال أن يشوه صورته الناصعة ويفتك في مصداقيته ويغربه عن ناسه والقضية، تلك الصورة التي أحبها الشعب اللبناني وعشقها الأحرار واستشهد من أجلها عسكر 13 تشرين الأول سنة 1990 في بسوس وضهر الوحش وباقي ساحات الكرامة. نعم، نعم، نفس العسكر الذي أنكر بجحود غير موصوف جنرال الرابية صلتهم بحزبه ومن على شاشات التلفزة!!
يا الهي ما هذا ولماذا؟

أما ما كان لافتاً في خطاب جنرال الرابية يوم الأحد ومناقض لكل فكر ومنطق وخلفية وطروحات وممارسات جنرال باريس فهو قوله إن سلاح حزب الله هو "مؤقت"، من أجل حماية لبنان أي "شرعي"، ويُزال ضمن إستراتيجية محددة أي "ضروري".

هنا لا أشك للحظة أن جنرال باريس قد تكهرب وغضب وأنزعج عند سماعه هذه المعادلة الفورميولا التي قضى، هو وكل مناصريه ومحبيه في لبنان وبلاد الانتشار، طوال ستة عشرة سنة، ونحن من ضمنهم، بمحاربتها يوم كانت تبرر استمرار وجود الجيش السوري المحتل والغاصب في لبناننا الحبيب.

أما المضحك والمبكي "والبيجنن وبيطيِّر العقل" في آن، فهو أن حبايب جنرال الرابية الحاليين تفاهماً وورقاً وتحالفاً ومخططات وتلفزيونات وإذاعات وبنوك هم من كان يعزف على أنغام "مؤقت شرعي وضروري" ويرقص على شعار "وحدة المسار والمصير". ويضطهد الأحرار تحت راية "شعب واحد في بلدين"!!!
وهنا أيضا سبحانك ربي فأنت قادر على كل شيء ونسألك الرحمة بمصير وطننا وأهلنا.

وحتى أوفر مجهود وردود الذين تربوا على معالف ثنائية الولاءات وعمى البصر والبصيرة، والذين تطبعوا وشبوا على مبدأ "يلي بياخد إمي بيصير عمي"، اعترف خاشعاً وراكعاً أنني ومن يقول قولي لسنا منتسبين لأي حزب أو تيار لبناني، ولا نؤيد أي زعيم أو قائد في لبنان، والأهم من كل هذا وذاك أننا والحمد لله لا زلنا ثابتين على نفس خط ونهج وثوابت وطروحات وقيم وأخلاقيات جنرالنا الذي كما أوردت سالفاً لا يزال في باريس وهو ما عاد بعد من منفاه....
وللحديث تتمة في الحلقات القادمة.
17 تشرين الأول 2006

عنوان الكاتب البريديphoenicia@hotmail.com

يساريو لبنان يجنحون يميناً ... صور «تشي غيفارا» تجاور صور «السيد»

يساريو لبنان يجنحون يميناً ... صور «تشي غيفارا» تجاور صور «السيد»
بيروت - بيسان الشيخ الحياة - 19/10/06//
خلال تظاهرة للحزب الشيوعي اللبناني في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، لم يقتصر تأييد «حزب الله» على جمهوره من الشيعة في قرى الجنوب وضاحية بيروت أو «المتفاهمين» معه سياسياً من «التيار الوطني الحر»، بل تعداهم إلى فئات أخرى من اللبنانيين لم تتخذ شكل التكتل السياسي أو الاجتماعي المحدد المعالم.
تلك الفئات لا يمكن إدراجها في خانات الأحزاب أو التيارات المنظمة لكن يسهل رصدها في مزاج عام للمنضوين تحت عنوان فضفاض هو «اليسار» بمفهومه الواسع. ذاك أن اليساريين و»التقدميين» (على ما تحمل التسميتان من احتمالات) سواء في لبنان او خارجه كانوا من أشد المؤيدين لـ «حزب الله» خلال الحرب، وأول المهللين لـ «انتصاره» بعد وقف إطلاق النار.
وبعيداً من البيان الذي وقعه كل من زياد ماجد والياس خوري القياديان في حركة اليسار الديموقراطي، وأعلنا فيه تأييدهما للمقاومة في ما كاد أن يكون انشقاقاً عن الحركة، وبعيداً من خطابات قادة الدول اليسارية وفي طليعتهم الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، الداعم الدائم لقضايا الشعوب إلا شعبه، ثمة نماذج نصادفها في حياتنا اليومية وأفراد لا يلتزمون قرار الجماعة، لكنهم في المقابل أعلنوا ولاءهم لـ «حزب الله» متجاوزين واقعهم الحالي وماضيهم كيساريين وشيوعيين، ومرة أخرى «تقدميين» مدافعين عن حقوق الطبقات العاملة وتحرر المرأة والعدالة الاجتماعية، وما يفرض عليهم ذلك من مسؤوليات واستحقاقات.
الصحافي الاميركي نير الذي جاء يستقر في لبنان لأن فيه «مقاومين ضد الهيمنة الأميركية وسياسة جورج بوش» يقول إن «حزب الله» قام بما عجزت عنه دول كثيرة» وأنه معجب به لأنه يعيد الى الأذهان نضالات تشي غيفارا. ووجد نير ضالته في شباب لبنان الذين يعلقون على زجاج سياراتهم وفي غرفهم صورة البطل الارجنتيني وشعار «لا للطائفية» الى جانب صورة الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله. يرى نير في هذا التوفيق نكهة جديدة لم تكن متاحة له في أميركا حيث الحدود مرسومة بوضوح تام بين مختلف التيارات السياسية.
زين مثلاً شاب جنوبي وصل لتوه من واشنطن التي يقول إنها مملة وهادئة وبيروقراطية فوق العادة، لا يقبل أي نقاش قد يذهب الى أبعد من التسليم المطلق بـ «النصر الالهي».
جلس زين في مقهى افتتح حديثاً في شارع الحمراء على أمل لم شمل الناشطين والمثقفين اليساريين ممن شردتهم المحال التجارية الضخمة وسلسلة مقاهي «ستارباكس» التي يمتنعون عن ارتيادها. ويضم المقهى مساء عدداً من الشباب والصبايا ذوي المظهر الغربي من شعر مشعث وحلقات في الأنف وألبسة فضفاضة وسجائر نصف مدخنة، يتساجلون في شؤون البلد وشجونه مع اتفاق مسبق على مبادئ لا يحيدون عنها وأولها تأييدهم لقرار الحرب ولـ «حزب الله» من ورائه. ولا يتوقف هؤلاء الشباب والصبايا وبعضهم من طلاب الجامعة الأميركية، كثيراً عند حيثيات الحرب الأخيرة وحساباتها بقدرما يرون فيها مسألة كرامة وعنفوان وضعا على المحك.
زين الذي عاش معظم حياته في الولايات المتحدة، مناضلاً يسارياً ضد سياساتها ومناهضاً للعولمة واقتصاد السوق وناشطاً في مجال البيئة وتطبيق الاتفاقيات المتعلقة بها، يُصر على القول إنه غير ممارس لطقوس دينية وشعائره يتحدث عن «النصر الالهي» بصفته أمراً واقعاً، رافضاً أي طرح يضع سلاح «حزب الله» في خانة المساءلة. فلا الدمار الهائل ولا الضحايا المدنيون ولا الذل والمهانة التي تعرض لها النازحون لا شيء من ذلك كله دفعه مرة لأن يعيد النظر في ثمن هذا النصر. وقد يكون صحيحاً أن بعض الدول دمر كلياً في الحرب العالمية الثانية ولم يهزم في الحساب الاخير، إلا أن المحارب كان الدولة نفسها وليس حزباً في دولة هو ألد المعارضين لها.
وبدا زين أكثر تشدداً في مسألة السلاح من السيد حسن نصرالله نفسه. فلم يقتنع بأن السيد في خطابه الاخير قال أن السلاح قابل للنقاش إذا انتفت الحاجة اليه، ولكنه يبقى ضرورياً طالما ان هناك ارضاً محتلة. أما زين فيجنح الى القول أنه «طالما هناك اسرائيل في الوجود يجب أن يبقى السلاح في يد المقاومة».
روى زين كيف كان يتابع أخبار الحرب من منزله في واشنطن والحماسة التي كانت تتملكه هو وأصدقاؤه عندما كانت صواريخ «حزب الله» ترعب الإسرائيليين وتجبرهم على الهروب من منازلهم، مشدداً على أن «حزب الله» هو الوحيد الذي تحدى إرادة أقوى دولتين في العالم. تحدث زين عن المعارك كأنها جولات متواصلة من لعبة كرة قدم حامية الوطيس، جعلته يقفز من مقعده كلما سجل فريقه المفضل هدفاً.
لكن زين الذي يحلم بالعيش في لبنان قال إنه لن يتخذ قراراً نهائياً بالانتقال قبل أن يكبر ابنه قليلاً. فواشنطن تؤمن له ما لا يمكن أن تؤمنه بيروت، وإن كان هو نفسه قادراً على تحمل أعباء سنة كاملة من البطالة. «عملت ما يقارب 20 سنة متواصلة ويمكنني أن ارتاح قليلاً ريثما أجد عملاً يناسبني هنا» قال بهدوء. لعل الشاب الذي يتحدث العربية بلكنة أميركية وكلمات جنوبية لم ينتبه الى أنه يملك رفاهية ليست في متناول عامة اللبنانيين سواء في البقاء سنة كاملة عاطلين عن العمل أم في اختيار المقاومة المسلحة حلاً وحيداً لمعاداة اسرائيل. إلا أن زين لا يرى تناقضاً في أن يدعم الحرب من جهة وان يختار لنفسه ولابنه حياة السلم من جهة أخرى. ما الضير إذاً والحال على ما هي عليه في أن يدعم «الحركات التحررية» (كما يسميها) في العالم؟
ولزين اليساري الأميركي، «رفاق» كثر من اليساريين اللبنانيين الذين أيدوا الحرب الأخيرة بصفتها ستلقن اسرائيل درس العمر.
سلمى الطالبة في الجامعة الأميركية اكتسبت خبرة في العمل في المجالات العامة بفضل مخيمات الحزب الشيوعي التي كانت تشارك فيها كل صيف، وتطوعت خلال الاعتداء لإسعاف الضحايا ومساعدة النازحين، ترفض مقولة أنها بتأييدها الحرب إنما ساهمت فعلياً في بؤس من راحت تسعفهم. ولا ترى عيناها إلا الذعر الذي رأته في عيون المستوطنين عبر الشاشات والذي قالت انهم «يستحقونه». وهي في الوقت نفسه لم تنتبه الى أن المستوطنين الاسرائيليين نقلوا الى فنادق فخمة في جنوب بلادهم فيما اللبنانيون مشردون تحت أشجار حديقة الصنائع، وتبرر ذلك بالقول إن «للدفاع عن الشرف ثمناً لا بد من أن ندفعه مجتمعين».
وبعد انتهاء الحرب، لم تخف حماسة هؤلاء اليساريين لـ «حزب الله» بحجة أنه لا يمكنهم طعن فريق لبناني في الظهر لا سيما وأن المواجهة مع اسرائيل، على اعتبار أن عدو العدو صديق. وقد يكون في ذلك شيء من صدق المشاعر وحسن النيات فيما القنابل والصواريخ تنهمر على البلاد. لكن المفاجئ في أن يتبنى هؤلاء «العلمانيون» نهج حزب غير علماني لا بل ديني، يفترض أنهم على خلاف عقائدي معه.
كريم، الطبيب الشيوعي الذي كانت تدمع عيناه فخراً كلما سقط صاروخ على حيفا، قال «صحيح أن المقاومة الاسلامية عزلت المقاومة الوطنية التي كان الشيوعيون واليساريون عموماً ركناً من اركانها، لكن الآن لا يسعني إلا أن أؤيد أي جهة تحارب اسرائيل».
جعل الطبيب من «حزب الله» خياراً سياسياً، كأنه يجهل أنه بخياره يؤيد تحويل لبنان ساحة عسكرية مفتوحة للصراع بدلاً من أن يكون وفياً «لتقدميته» يؤثر السياسية على الحرب.
كرر تأييده لـ«حزب الله» بالقول «حتى الموت طالما أنه يقاتل اسرائيل» وتمنى لو أنه يحصل على خيط من عباءة السيد.
ثم استدرك قائلاً: «أما أن يفرض علينا نمطه الاجتماعي كأن يمنع ابنتي وزوجتي مثلاً من ارتياد الشاطئ بثياب السباحة فأمر غير ممكن».
ليست الملاحظة بلا دلالات... إذاً، عدو العدو ليس بالضرورة صديقاً!

أكد أن غازي كنعان كان يعتبره مخبراً غبياً وكاذباً


أكد أن غازي كنعان كان يعتبره مخبراً غبياً وكاذباً
الصديق لـ "السياسة": وئام وهاب
مسؤول عن محاولة اغتيال حمادة
»السياسة«- خاص:انتقد ضابط المخابرات السوري السابق والشاهد الملك في قضية اغتيال الحريري محمد زهير الصديق الوزير اللبناني السابق وئام وهاب بشدة ووصفه بانه »عميل رخيص« للمخابرات السورية.وانتقد الصديق كذلك المؤسسة اللبنانية للارسال »إل بي سي« لعدم اتاحتها الفرصة له للرد على افتراءات واكاذيب وهاب خلال لقاء اجرته معه صباح امس في برنامج »نهاركم سعيد« وهاجم فيه الشاهد الملك.وقال الصديق ل¯ »السياسة« انه تجاه هذا التصرف غير المسؤول من وهاب و»إل بي سي« على حد سواء يجد نفسه مضطراً الى الكشف عن معلومات مهمة كان ابلغه اياها وزير الداخلية السوري الراحل اللواء غازي كنعان قبل انتحاره المزعوم حول علاقة وئام وهاب بالمخابرات السورية ودوره في محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة.ونقل الصديق عن الوزير المغدور غازي كنعان قوله:تلقى وئام وهاب مبلغ خمسين ألف دولار ثمناً لجمع معلومات كافية عن الوزير مروان حمادة وهو الذي اشترى السيارة التي فجرت اثناء مرور موكب الوزير حمادة وهو الذي اعطى الاوامر بتفخيخها.وقال الوزير كنعان ان الوزير وئام وهاب مجرد مخبر غبي وكاذب وكل التقارير التي كان يقدمها له اثناء توليه منصب رئيس جهاز الامن والاستطلاع في لبنان كانت تحريضية ضد وليد جنبلاط وضد مشايخ الطائفة الدرزية وكانت ترمى في الزبالة.واضاف كنعان ان العميد رستم غزالي هو الذي جعل من وئام وهاب رجلاً مخابراتياً للنظام السوري بامتياز, وتم تكليفه بمراقبة الوزير مروان حمادة والوزير غازي العريضي وفيما بعد تمت مكافأته بتعيينه وزيراً ثمناً لجهوده وتعويمه درزياً لضرب وليد جنبلاط.واضاف كنعان انه كلف »اثناء تواجده في لبنان« بزرع زعيم كرتوني ضد كل زعيم لبناني.

Monday, October 16, 2006

أي رابط بين تفجيرات ما بعد 14 آذار للمناطق المسيحية

أي رابط بين تفجيرات ما بعد 14 آذار للمناطق المسيحيةوتفجيرات ما بعد الحرب الاسرائيلية للعاصمة؟ وكيف يكون المدخل الى تجاوز المؤامرة؟
الترويع الأمني غير منفصل عن دخول الأسد على الملف السنـّي
المستقبل - الثلاثاء 17 تشرين الأول 2006 - العدد 2419 - شؤون لبنانية - صفحة 2
فارس خشّان
ثمة من يحاول أن يُخفف من الأهمية السياسية للتفجيرات الترويعية التي تتنقل من شارع الى آخر في بيروت. هذا خطأ، على اعتبار ان القراءة السليمة للتصعيد الامني في لبنان متصلة جوهريًا بالواقع السياسي الداخلي.ما يحصل منذ الثامن من تشرين الاول تاريخ الاعتداء "الصوتي" على ثكنة الحلو مروراً بالحادي عشر منه تاريخ الاعتداء المماثل على ثكنة بربر الخازن وصولاً الى ما تعرضت له بناية العسيلي في وسط بيروت فجر الأحد الماضي، دخل في سياق العمل المنظم الذي لا يستهدف بالترويع ثكنتي قوى الأمن الداخلي فحسب بل المناطق السكنية المحيطة أيضاً وكذلك واحداً من أهم مراكز الاستقطاب التجارية والسياحية في البلاد.ترويع ما بعد 14 آذارانتظام "الخربطة الأمنية" يدفع الى الربط بين المشهد الحالي وبين المسلسل الذي عاشته المناطق ذات الأغلبية المسيحية، بُعيد التظاهرة التاريخية في الرابع عشر من آذار انطلاقاً من محلة نيو جديدة في المتن الشمالي.في قراءة للمسلسل الأوّل تلتقي لجنة التحقيق الدولية في مرحلة رئاسة الالماني ديتليف ميليس كما في مرحلة البلجيكي سيرج براميرتس على التأكيد أن الجهة الفاعلة كانت واحدة وأن الدوافع كانت واحدة وان الهدف كان الترويع.العبوات الناسفة التي استعملت آنذاك، على ضخامتها النسبية، استعملت وفق سلوكية لا تريد ان توقع خسائر بشرية. الاوقات كانت منتقاة بعناية فائقة. أسواق نيو جديدة والكسليك والزلقا كانت نائمة حين أيقظتها الانفجارات والمنطقة الصناعية في سد البوشرية كانت خالية حين تمّ استهدافها.الوضع المسيحي كان يومها كليًا مع حركة الرابع عشر من آذار، وكان مطلوبًا سلخه عنها. أحد زعماء الشارع المسيحي، كان بدأ يتأهب للعودة الى البلاد في سياق صفقة يُعد لها مع أتباع النظام السوري في لبنان. "مسيحيو سوريا" راحوا يندبون أمن المسيحيين مع قرار النظام السوري بالخروج من لبنان. الأمن اللبناني كان عاجزاً عن وضع حد للمسلسل، فاكتفى بتعداد التفجيرات ومسح أضرارها. المسيحيون وجدوا أنفسهم وحيدين، فتعاظمت في صفوفهم شعارات الامن الذاتي، وراحوا يبحثون عن قائد يحميهم، فجاءهم في الوقت الذي تعاظمت فيه الشكوى الطائفية من ذهاب وليد جنبلاط الى حارة حريك ومن دخوله مع "تيار المستقبل" في حكومة المرحلة الانتقالية، ومن الموافقة على اعتماد قانون الانتخابات الصادر في العام 2000 كتسوية للذهاب الى الانتخابات النيابية.الواقع السياسي في تلك المرحلة، كان واقعًا مرعبًا. حكومة عمر كرامي مستقيلة. عمر كرامي الذي أعيد تكليفه بقرار من الأكثرية النيابية المتجمعة في اطار لقاء عين التينة، عاجز عن تشكيل حكومة لا تعود فتسقط في الشارع، "الصمود السياسي" لقوى الأكثرية الشعبية كان بدأ يتخلخل بفعل الخوف على الواقع الأمني، فكانت التسوية بحكومة نجيب ميقاتي وبعدها بقانون الانتخابات.قراءة سياسية في المخطط الترويعي الحاليوثمة من يشبّه اليوم بالأمس. حتى الساعة لم يقدم أحد تحليلاً للواقع الامني الترهيبي الحالي يمكن أن يُسقط صدقية السيناريو الذي يفيد بأن قوى الرابع عشر من آذار باتت مستهدفة بركنها السني، في ظل إعادة البلاد مجدداً الى وضعية فرض التسوية فرضًا، على تخوم استحقاقات عدة بعضها وشيك كتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي ومن ثم تقديم براميرتس لأهم تقاريره على الاطلاق، وبعضها بعيد نسبيًا ولكنه أضحى استحقاقًا داهمًا على الروزنامة السياسية، كانتخاب رئيس جديد للجمهورية.التمهيد لاستهداف سنّة لبنانليس في كل ما حصل أخيرا ما يعين على نفي استهداف الطائفة السنية بالترويع. التمهيد السياسي الذي تولته الفئات المرتبطة بسوريا يكشف ذلك. حاولت هذه الفئات في حملة اعلامية ـ سياسية منتظمة أن تصور قوى الامن الداخلي وكأنها جيش السنّة في لبنان، فجاءت العمليات الامنية الترهيبية على القاعدة نفسها أي استهداف ثكنات هذه القوى في المناطق ذات الأغلبية السنية. لا يخرج وسط بيروت عن تسويق الصورة إياها، فثمة من يحاول اختصاره وكأنه ملك حصري لآل الحريري وثمة من يعتبره انه العاصمة التجارية للطائفة السنية.دور الاسدولا يأتي المخطط الترويعي من خارج سياق سياسي يتولاه النظام السوري بالذات. بشّار الأسد شخصياً يتولى الملف السني. يطلب من أحد المقربين منه ان يبادر في اتجاه تكوين تجمّع سني، فيفعل، ولو معتمداً لغة دبلوماسية هادئة تاركاً "الضرب" لغيره. ينظم استقبالات لشخصيات سياسية سنيّة محرضًا من خلالها، محليًا وعربيًا، على مرجعية "تيار المستقبل". يوفر منابر لإضفاء بعض الجدية على شخصيات لا مكانة لها في الضمير الوطني من أجل ان تسوّق لقطيعة بين الطائفة السنّية والنهج الاستقلالي المعتمد حاليًا."حكومة الوحدة الوطنية": الوعاء يحصل كل ذلك، في ظل توفير الوعاء اللازم للنتائج السياسية المرجوة من افتعال الاضطراب الامني، بحيث يرتفع فجأة شعار حكومة الوحدة الوطنية بالتزامن مع ذهاب البعض الى حد التجرؤ على ذكاء اللبنانيين من خلال القول ان الحكومة الحالية لا تعدو كونها حكومة تصريف أعمال قافزاً كليًا فوق الأدلة التي تبين ان هذه الحكومة تسير قدمًا في مسيرة تسجيل الانجازات الوطنية الكبرى وآخرها تحديد موعد لالتئام مؤتمر باريس­2 الهادف الى انقاذ الاقتصاد اللبناني من المديونية العامة التي ازدادت مخاطرها مع تداعيات الحرب الاسرائيلية الأخيرة.ويدرك الجميع ان الدفع باتجاه اسقاط الحكومة الحالية ليس سياسيًا بالنسبة للنظام السوري بل هو وجودي، على اعتبار انه لم يعد أمامه لتجنب تشكيل المحكمة الدولية سوى سقوط الحكومة اللبنانية والمجيء باخرى تتمكن بثلثها المعطل من تعطيل قيام المحكمة الدولية التي ستعطي التحقيق الدولي القدرة على انجاز آخر مراحل العمل من خلال ايجاد مرجعية حيادية قادرة على تحصين أدلة الملف في ما هي تتخذ قرار توقيف قادة امنيين سوريين تشتبه بتورطهم باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.الترويع والأهداف المرسومةوبهذا المعنى، فان المخطط الامني الجاري تنفيذه حاليًا يهدف الى تحقيق هدفين إثنين، أولهما دفع قوى الأكثرية الى الموافقة على اسقاط الحكومة الحالية لئلا يستمر الاضطراب الامني الذي بدأ يأخذ وتيرة تصعيدية وثانيهما تحضير الأرضية من اجل ان تبدأ الطائفة السنية بالبحث عن ملاذ في تعويم مرجعيات سياسية للوقوف في وجه "تيار المستقبل".ولأن المسألة بهذه الخطورة، تُصبح مفهومة خلفيات الكثير من الظواهر ومنها على سبيل المثل لا الحصر:أولاً، تحول الهجوم المركز على وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت الى خبز يومي لبعض السياسيين والمنابر الاعلامية.ثانياً، وقوف رئيس الجمهورية اميل لحود عائقًا دون تعيين وزير اصيل في الداخلية خلفًا للوزير المستقيل حسن السبع.ثالثاً، تعويق تطوير التنسيق الامني بين الأجهزة الامنية المختلفة لتصبح أقوى من الارهابيين بدل ان تكون أضعف منهم.ما الحل إذاً؟التسوية المطلوبة من شأنها خلق مزيد من الأزمات، لا بل هي تعطي النظام السوري ما يبتغيه، لذلك ثمة من ينصح بالآتي:أوّلا، أن تكون أعصاب القادة السياسيين والأمنيين متينة، بحيث يتجاوزون ما يتعرضون له من هجومات على اعتبار ان التفاعل معها يكسبها النتائج التي ترجوها.ثانيًا، إعادة الهيبة المطلوبة الى العمل الامني في لبنان، من دون خشية الاتهام بإعادة التأسيس لنظام أمني جديد، فالنظام الامني السابق كان في خدمة وصاية احتلالية وليس في خدمة الاستقرار اللبناني، وكان يتدخل بالعمل السياسي توزيراً وتنويباً وتعييناً، ولم يكن يعتمد التدابير الاستثنائية لتفويت الفرصة على مخطط ارهابي آتٍ من وراء الحدود ولو كان منفذوه هم حتمًا من داخلها.

تحدثت عن تجربتها داخل تنظيم الإخوان المسلمين


تحدثت عن تجربتها داخل تنظيم الإخوان المسلمينالروائية ميرال الطحاوي: خلعت الحجاب لأنني لست عورة أو جسدا
علاقتي بالاخوان والحجاب
تمردت على قالب الاخوان
المتساقطون على طريق الدعوة
طلابي المتدينون يخرجون من محاضرتي
الطالبة المحجبة خرجت عن القطيع
الاراء الفقهية تتغير حسب الطلب
البحث عن صكوك الغفران
يجب اغلاق فقه المرأة
المرأة العربية تبتز بمقصلة الدين

دبي - فراج اسماعيل
في حوار مع "العربية.نت"، كشفت الروائية المصرية المعروفة د. ميرال الطحاوي أنها كانت منخرطة تنظيميا في جماعة الاخوان المسلمين وبدأت الكتابة من خلالهم، وكانت ترتدي الحجاب الذي ترتديه الأخوات، لكنها خرجت من جلباب الاخوان وهجرتهم وخلعت الحجاب، قائلة: "توقفت أن أنظر لنفسي باعتباري عورة وجسدا".
وأشارت إلى أن طلابها من المتدينين يتركون قاعة المحاضرات في جامعة القاهرة بمجرد دخولها لأنها كاشفة الشعر، وهم يعتبرونها هدفا من أهدافهم، مشيرة إلى أن هناك محاولات استعادة لها من جماعات محسوبة على التيار الاسلامي ، وهم يكنون لها الاحترام وما زالوا يعتبرونها واحدة منهم.
ورفضت ميرال مقولة الاحتياج إلى فقه جديد، مطالبة بفصل الفقه عن المرأة والابتعاد عن ما اعتبرته ابتزازا لها عبر المقصلة الدينية، مشيرة إلى اعتراضها على تأويل النص الذي تحول من الجماعات الدينية الى التأويل الاجتماعي في رأيها كأن الناس تبحث عن صكوك الغفران بالحصول على الفتاوى.
وكانت قد صدرت مؤخرا الترجمة الدانماركية لروايتها "الباذنجانة الزرقاء" عن دار أندرسكوفن للنشر في كوبنهاجن، وهي دار شهيرة نشرت لكبار الكتّاب في العالم باللغة الدانماركية. ولم تكن اللغة العربية واحدةً من اللغات المعتمدة لديها للترجمة عنها، واختارت مائة وثمانين رواية لكتّاب عرب صدرت أعمالهم بالعربية وبلغات أخرى ، وفي التصفية النهائية وقع الاختيار على رواية واحدة هي " الباذنجانة الزرقاء ".
وقد ترجمت الرواية إلى اللغة الدانماركية عن الألمانية ماريانا ميدلونج، وهذه هي المرة الأولى التي يُترجم فيها عمل لميرال عن لغة وسيطة، وكانت قد ترجمتها إلى الألمانية المستعربة دوريس كلياس التي ترجمت الكثير من أعمال نجيب محفوظ .
هذه الخطوة جاءت بعد قضية الرسوم المسيئة والتي أثارت غضبا في العالم الاسلامي وعنها تقول د. ميرال الطحاوي إن جامعة باسم الرحالة والمستشرق الدنماركي الكبير كاستر نيبور، و تضم قسما للغة العربية وآدابها، فكرت أن تقدم الثقافة العربية الحقيقية إلى الجمهور الدنماركي باعتباره جمهورا معزولا وغير متورط سياسيا، وعلى أساس أن عدم وعي الثقافات ببعضها البعض، هو سبب الخوض في المساحات الشائكة للمقدسات.
وتوضح ميرال أن هذ الرؤية انطلقت أيضا من قاعدة ان تقديم الثقافة العربية سيفيد النظرة الايجابية للمسلمين، وفي نفس الوقت سيقدم للجمهور الدنماركي وجها آخرا لأمور يجهلها في تلك الثقافة، ومن ثم قامت عدة مؤسسات مثل القلم الدولي وجامعة كاستر نيبور وغيرهما من مؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع دور نشر ومكتبات وصالات لعرض الفنون العربية، بعمل مهرجان أطلق عليه "صورة الشرق الأوسط" وهو احتفالية ستستمر عدة سنوات، وتشمل العديد من الأنشطة التي يقوم بها محبو العرب والثقافة العربية، كترجمة النصوص القديمة، ونصوص مختارة جديدة، وتقديم الموسيقى العربية وفنون الرسم والنحت وما إلى ذلك.
وتوضح أنها تلقت دعوة مع عدد كبير من الكتاب العرب لقراءة انتاجهم في تلك الاحتفالية، وتصادف ذلك مع صدور الترجمة الدانماركية لرواية "الباذنجانة الزرقاء" التي "قدمت لها 8 قراءات في الدنمارك، حيث قدم عدد كبير من الكتاب الأتراك والايرانيين قراءاتهم لانتاجهم أيضا".
وتضيف ميرال: أنا من أشد المؤمنين بأن الكتابة تمثل جسرا بين الثقافات المختلفة، والكتابة هي الحل الوحيد ليس فقط لتحسين صورة الشرق الأوسط والمرأة المسلمة، وانما لعبور كثير من المناطق الوعرة بين الثقافات، وتغيير النظرة النمطية السائدة في الغرب للعرب والمسلمين.
وتعكس ميرال الطحاوي في "الباذنجانة الزرقاء" على حد قولها، مؤشرات التغير في المجتمع المصري في فترة معينة، وتمثلت في الاعجاب بالامام الخوميني وانتشار صوره، مثلما يحدث حاليا مع حسن نصرالله، ثم التصادم الذي حدث بين الاخوان وعمر التلمساني (المرشد الأسبق للجماعة) مع الرئيس الراحل أنور السادات، وتتكلم الرواية عن الحياة الطلابية داخل الجامعة في ذلك الوقت، ففي داخل أروقة الطلبة تتردد الكثير من الايديولوجيات.

علاقتي بالاخوان والحجاب
وعما إذا كانت الرواية هي سرد لسيرتها الذاتية ترد ميرال: أنا لا اعتقد أنها سيرة بالمعنى السيري، لكنها محاولة الرؤية الذاتية لما يحدث في المجتمع العربي والمسلم. فيها الكثير من خبرتي داخل الجامعة، نوع من المراقبة للأحداث، خصوصا أنني في ذات الوقت كتبت عن علاقتي بالاخوان المسلمين أو بالحجاب. هذه فترة عشتها في حياتي.
وتضيف: الرواية تتناول بالتفصيل طريقة التفكير السلفي أو اليميني، وتحولات فتاة من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار والخروج والابتعاد عن كل العباءات، ففيها أيضا على الأقل خبراتي الشخصية وإن كانت لا تترجم حياتي.
وتستطرد ميرال الطحاوي: فيها خبراتي خلال فترة التعرف على الجماعات الدينية ومناقشة أفكارهم، ثم الترك والهجر والرغبة في الانفصال عنهم وعن هذه الأفكار.
وتوضح أنها بدأت عهدها بالكتابة من خلال صحف الاخوان المسلمين: كتبت فترة في مجلة "الدعوة" وبعد توقفها كتبت في "لواء الاسلام". وكانت السيدة زينب الغزالي رحمها الله تشرف على باب المرأة، وقد شجعتني كثيرا على الكتابة ثم قدمت لكتابي الأول" مذكرات مسلمة".

تمردت على قالب الاخوان
وتواصل ميرال: أعتقد أن الاخوان المسلمين أهدوني فكرة الكتابة، وبعد ذلك تغيرت عندي أفكار كثيرة فتركتهم. لقد حدثت مفارقات داخل هذا الانتماء فاخترت أن احتفظ فقط بفكرة الكتابة، أي أن أصبح كاتبة ضمن سياقي الأدبي وليس ضمن سياق الاسلام السياسي كما كانوا يرغبون.
وتضيف: كانوا يريدون أسماء نسائية تعمل في الحقل العام ويتم تقديمها بشكل جيد وتستطيع كتابة مفاهيم الأدب الاسلامي. لم استطع أن اعيش طويلا في هذا القالب الذي رسموه لي. تمردت على القالب وليس على الكتابة.
وتنفي أن يكون سبب ذلك خلافها مع رموز اخوانية مثل د. عصام العريان وتقول ردا على سؤال لـ"العربية.نت": لم يكن هناك خلاف على الاطلاق. ما زلت احفظ لهم أنه لم يكن هناك على الاطلاق عنف في التعامل مع حالتي، وان كان هناك شكل من اشكال الرثاء أو محاولة الاستعادة، وحتى الآن الجماعات المحسوبة على التيار الاسلامي وبعضها خرجت من عباءة الاخوان، وتطورت إلى مناقشة تصوراتهم وأفكارهم والاضافة اليها مثل حزب الوسط. هذه الجماعات ما زالت تعتبرني جزءا منها، وما زال هناك الكثير من المودة بيننا.

المتساقطون على طريق الدعوة
وتمضي ميرال قائلة: ولكن كما تعلم، الاخوان هم الجبهة الاكثر لياقة ودبلوماسية، في التعامل مع ما يسمونهم "المتساقطون على طريق الدعوة" وهي عبارة تطلق على من عاشوا في جلباب الاخوان لفترة ثم خلعوه، ولم يستطيعوا استكمال المسيرة بعد أن تعبوا أو ملوا، لكنهم في نفس الوقت لا يعتبرونهم اعداء.
وتضيف: لم اعتبر الاخوان اعداءا في يوم من الايام، فنشأتي دينية لكن من الناحية الفكرية لم أعد متعاطفة أو متعاطية لهذه الأفكار. أنا لا اهاجمهم ولا هم أيضا يفعلون.هناك هامش من الاحترام بيننا، فانا لم استغل فكرة انني تركت الاخوان المسلمين ولم استثمرها اعلاميا، ولم اتحدث بشكل فيه هجوم أبدا. القضية في النهاية هي احترام وجود الآخر واختلافه عنك، فتضطره لأن يحترمك. لم أخرج في يوم من الأيام لأشهر بأحد ولا هم أيضا.
وتتابع ميرال الطحاوي: أنا لست عدوا لهم، لكن هناك مفارقة فكرية رهيبة حدثت بيننا، واعتقد انها كانت تجربة من التجارب الطويلة في حياتي.

طلابي المتدينون يخرجون من محاضرتي
وتقول ان هذا التغير امتد الى الشكل أيضا "كنت أرتدي الحجاب ومنخرطة بشكل تنظيمي في الجماعة وعشت طويلا في هذا الاطار. وطول الوقت تراودني فكرة أن اكتب السيرة الحقيقية لهذا التحول، الباذنجانة الزرقاء كانت عملا روائيا فيه بعض الاشياء، لكني دائما كنت ارجئ السيرة الحقيقية لهذه التجربة، ربما في ضميري بعض مخاوف المواجهة، لكن عندي رغبة أن ارى التجربة بشكل حيادي، خصوصا وأنا أقوم حاليا بالتدريس في جامعة القاهرة فرع الفيوم، فأرى تزمت الجماعات الدينية معي".
وتضيف: كوني أستاذة غير محجبة، عندما ادخل المحاضرة أرى نصف الدفعة من الطلاب المتدينين يخرجون من القاعة، فهم يعتبرونني بشكل مباشر أحد أهدافهم، لذلك لدي مشروع أن اكتب بشكل مفصل عن هذه الخبرة الشخصية.. لماذا في سن معين نعيش هذه الخبرة، هل هي دوافع اجتماعية أم سياسية ام اقتصادية. لم تجب "الباذنجانة الزرقاء" على ذلك، واعتقد ان الكتابة عن تجربة شخصية ستكون أرحب، لأني في الباذنجانة كنت حريصة على العمل الفني وأن تأخذ الشخصية حيزها.

الطالبة المحجبة خرجت عن القطيع
وتواصل ميرال: اعتقد أن تجربتي لم تكتب في الباذنجانة الزرقاء بالشكل الذي أريده الآن، خصوصا أن نفس الطالبة التي كانت تجلس محجبة او منتقبة وتعيش هذه العزلة، أصبحت الآن مع الدورة الزمنية هي الاستاذة التي خرجت عن القطيع، وهي مفارقة عجيبة. كنت ارتدي نفس زي الاخوانيات وهو الرداء الواسع والحجاب الذي لا يغطي الوجه.
وعندما سألتها هل خلعها للحجاب كان تطورا فكريا أم تمردا فأجابت: هذا أحد أسئلتي، لكنني احسست بأن الحجاب اصبح شكلا خارجيا بلا مضمون خصوصا أنه حصلت لي تغيرات فكرية كثيرة، فلم أعد مقتنعة بأنني عورة أو اصلح للتعامل مع نفسي بهذا الشكل. أصبحت أرفض الحجاب وارفض فكرة انني عورة أو أن الجسد هو موضوع للجريمة او للمحرم. توقفت ان انظر لنفسي باعتباري أداة وجسدا.
سألتها: هل رجعت للتراث والموروث الديني لتبحثي عن اجابة لأسئلتك خلال هذه التجربة.. تجيب ميرال: كثير من زميلاتي فعلن ذلك لكني كنت في حالة تصالح بشكل أرحب. ليس مطلوبا مني أن انفذ حرفية الدين أو اكون عبدا للحرف مهما كان ولا للتفسير ولا لتأويل أحد، فكثيرا ما يستخدم تأويل النصوص لمصلحة سياسية خصوصا في الجماعات الدينية، فقد اعطوا لأنفسهم حق التأويل المطلق وحتى حق استخدام المرأة.

الاراء الفقهية تتغير حسب الطلب
وتضيف: هناك علاقة ما بينك وبين احساسك بالمحرم وهي أصدق من الاستخدامات اليومية، فكثير من الاراء الفقهية تغير وتستخدم وتؤجل لأسباب سياسية واجتماعية.سوء استخدام هذا التأويل للنصوص هو الذي ابعدني، واعتقد أن اوروبا مثلا لم تتجاوز مشاكلها إلا بجعل الدين علاقة بين الفرد وربه واعتقاداته ولم تجعله هدفا لمقصلة جماعية او سياسية.
وتقول الطحاوي: من الضروري أن نفعل ذلك، وأن يحدث نوع من الوعي الاجتماعي، فالمجتمع المصري في غيبوبة بكل طبقاته، وهذه الغيبوبة تمتد إلى اشكال وصراعات وموضات الدعاة والتلاعب اللفظي بالآيات القرآنية والتفسيرات والتأويلات.

البحث عن صكوك الغفران
وتوضح ذلك بقولها: اعتقد أن هناك اسرافا ونوعا من الابتذال في التعامل مع المرأة بالذات، وفي تفسير النصوص الدينية وتفسير فكرة الزواج وتعدد الزوجات. حتى العلاقات غير الشرعية اصبحت تحتاج فتوى، وتحل أعقد المسائل اللا أخلاقية بفتوى. وهذا يعني مخالفة روح الشريعة وتغييبها بالفتاوى المفبركة أو المخصصة وهذا محزن.
وتضيف: في البداية كانت الجماعات الدينية تستخدم ذلك لتبرير استراتيجيات معينة. الآن يستخدمه المجتمع كله في سبيل رجل يريد أن يتزوج ثلاث أو أربع مرات أو امرأة تريد ان تعمل علاقة سرية لا تريدها ان تكون حراما يدخلها النار. لقد فتحوا التأويل الاجتماعي للنصوص، فكل أحد عنده مشكلة يبحث عن صك غفران بعيدا عن روح الشريعة.

يجب اغلاق فقه المرأة
ولا تؤيد ميرال مقولة اطلاق فقه جديد "في رأيي يكفي العمل بروح الشريعة، واستخدام المرأة في المسألة الفقهية باب يجب أن يغلق، وان يفتح بدلا منه باب الحقوق المدنية، وتترك التأويلات الفقهية بين العبد وربه. لا معنى للرقابة الفقهية الموجودة حاليا على كل القنوات التليفزيونية التي تحلل وتحرم طول الوقت. نحن لسنا في حاجة لفقه جديد بل لفصل الفقه والتكلم في الحقوق المدنية، وبعد ذلك كل شخص يطبق على نفسه معتقداته الفقهية بشكل يناسبه.
وتضيف ميرال: كان عندي طول الوقت مساحات للتمرد، علاقتي بالاخوان وبالقبيلة فيها كثير من النقد. فالكاتب في نظرته للاشياء عنده كثير من الوعي المفارق للآخرين. لكني على الاطلاق لا استعمل الاعلام او التصريحات في الاساءة لأحد. التمرد ان تكون لديك رؤية مخالفة لرؤية الآخرين واعتقد ان هذا من حقك، وشرف ان تكون متمردا بهذه الطريقة فمعناه رؤية مخالفة للحياة.

المرأة العربية تبتز بمقصلة الدين
وتمضي قائلة: للأسف الشديد المرأة العربية تسير في الاتجاه المعاكس على الرغم من أن هناك بعض الحقوق، لكن التطور الاجتماعي يسير في اتجاه اكثر انغلاقا ولا يتناسب على الاطلاق مع التطور الحقوقي للمرأة. في مصر لا تستطيع المرأة ان تمشي على رجليها لمدة خمس دقائق، فالنظر اليها يتم بشكل فيه دونية وابتذال وابتزاز ايضا. تقوم المرأة بأدوار عديدة ولكنها غير قادرة على الحصول على حقوقها. يتم ابتزازها دائما بمقصلة الدين أو التشريع التي تقضي على كثير من حقوقها الدينية.
وعن عرض تلقته من ناشر سلسلة روايات "هاري بوتر" الشهيرة الخاصة بالناشئة، لنشر روايتها الجديدة قالت ميرال: لقد طلبوا مني أن اعمل كتابا للأطفال أو الشباب في سن 16 سنة عن مغامرات في بلاد العرب، لكي تتعرف الاجيال الجديدة في الغرب على الثقافات العربية بصورة جيدة ولا يكون عندها هذا العداء المسبق، خصوصا ان الظاهرة الاسلامية تواجه هذا الجيل وهو غير قادر على فهمها، ولا يعرف ما هو العربي أو المسلم ويحتاج الى وعي مسالم، خصوصا وأن المخيلة العربية ثرية وفيها الكثير من المغامرات.
وتضيف ميرال: حتى الآن لا زلت افكر، فانا خائفة من التجربة، لأنني اكتب الرواية بلا شروط، وفي الاطارات الاخرى اكون اكثر ترددا لانها خبرة جديدة لابد ان تأخذ وقتها. انها تجربة تستحق التفكير خصوصا ان سلسلة هاري بوتر للاطفال قائمة على المغامرات وعالم السحر في الشرق.
حصلت ميرال على رسالة الدكتوراه عن المقدس في روايات الصحراء، وتقول ان هناك رواية صحراوية تتعامل مع القبائل العربية وقبائل البدو وقبائل الطوارق واليمن والجزيرة العربية والشمال الأفريقي، وقد اخذت كثيرا من هذه النماذج.
وتؤكد ان رواياتها تنتمي الى الثقافة الصحراوية وتناقشها وتتداخل معها ايضا، واسئلة بحث الدكتوراه كانت هي نفس الاسئلة التي اسألها لنفسي.
وعن الاتهام الموجة لها بأن مشروعها الابداعي يغازل الغرب لتترجم اعمالها قالت: الحقيقة ان هذا القارئ المفترض لا يكون في ذهن الكاتب، قد يجئ بعد ذلك، وانا أرى انه ليس هناك عيب في ان يقرأ لك قارئ من ثقافة ثانية مختلفة لأن كل الكتابة الحقيقية تعدت قارئها وكاتبها الى لغات اخرى. انا اكتب لقارئ لا اعرفه وليس عندي اية مواصفات عنه. اكتب عن عالمي فاذا صادف ان أعجب الآخرين بهذا العالم فانا لا اعتبر ذلك سلبيا.
وميرال الطحاوي من مواليد محافظة الشرقية في دلتا النيل بمصر. ابنة لقبيلة تعرف بالهناد، و هي الصغرى بين سبعة أبناء، منهم خمسة أولاد. حصلت على ليسانس من جامعة الزقازيق، وماجستير في اللغة العربية من جامعة القاهرة ثم الدكتوراه، وقد كتبت أعمالا حظيت بتقدير النقاد، منها الخباء، الباذنجانة الزرقاء، نقرات الظباء.